شهدت فرنسا في13نوفمبر2015أحداثها الأكثر دموية منذ أكثر من نصف قرن،حيث تحولت عاصمتها باريس في أقل من ساعة إلي مسرح لهجمات إرهابية،هي الأعنف في أوروبا بعد تفجيرات مترو مدريد في11مارس.2004لقد راح ضحية أحداث باريس130قتيلا،ومئات الجرحي، وتبني تنظيم "داعش" مسئوليته عن العمليات. وانتظر الجميع آنذاك ما سيتمخض عنه الموقف الرسمي من إجراءات علي الصعيدين الداخلي والخارجي. وعندما صدرت هذه الإجراءات. حاز الصعيد الداخلي علي أهمها،ولم تحظ السياسة الخارجية لفرنسا تجاه الإرهاب في منطقتي الشرق الوسط وإفريقيا بجديد نوعي يذكر. وحتي علي الصعيد الداخلي،يري الملاحظون أن الإجراءات المتخذة لا تعد آليات فعالة لمواجهة الإرهاب بقدر ما هي بالأساس لخدمة مصالح لها علاقة بالخريطة الحزبية لفرنسا،وبالانتخابات الرئاسية لعام.2017
أولا- المحددات الفرنسية تجاه الإرهاب قبل أحداث باريس:
يمكن قراءة السياسة الفرنسية تجاه الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا،قبل أحداث باريس، بجملة من العوامل المؤثرة والمحددة. وبغض النظر عما تريد هذه السياسة أن تحدد به نفسها، نجدها في مقام أول محددة بالعوامل الآتية:
أ- الخضوع للنفوذ الصهيوني - الإسرائيلي:
تخضع السياسة الخارجية لفرنسا في كل قضاياالشرق الأوسط أساسا،وإفريقيا بدرجة أقل، للنفوذ الصهيوني والمنظور الإسرائيلي، سواء أكان هذا النفوذ متأتيا من داخل الحكومة الفرنسية،أم من الدوائر القريبة منها. وهذا ليس أمرا جديدا ولا خفيا في هذه السياسة، بل تقره الجهات الرسمية الفرنسية(1). وعندما كتب فيليب دي فيي، وهو سياسي سابق(2)،عن هيمنة الصهيونية علي توجهات السياسة الداخلية والخارجية لفرنسا،وعلي مؤسساتها الإعلامية، في كتاب صدر قبل أحداث باريس بأسابيع قليلة، ضمنه مذكراته،بعنوان "حان الوقت لأقول ما رأيت"(3)،لم يكن مبالغا في قوله،ولا ذاتيا في حكمه. ثم عندما نشرت مجلة "ليكسبريس" الفرنسية في عدد20مايو2015تحقيقا صحفيا،استغرق منها عدة أسابيع، عن العلاقة الوطيدة لرئيس الحكومة مانويل فالس بالماسونية، لم يكن ذلك بغرض تجاري فحسب، بل للكشف عن موضوع رأته وثيق الصلة بتوجهات سياسة حكومته خاصة في مسائل "الإرهاب"،و"مفهوم العلمانية"،و"جهود فرنسا في إطار الحلف الدولي ضد داعش في سوريا"، أي من باب الحرص علي ألا تحيد الحكومة عن تحقيق مصالح الفرنسيين(4).
وحتي عندما أصر فابيوس،رغم كل النداءات المتصاعدة، علي توجيه السياسة الشرق أوسطية لفرنسا طيلة أربع سنوات بمدركات خاطئة للمهددات الحقيقية،هنالك من تكلم عن وقوع سياسة فرنسا تجاه الأزمة السورية تحت هيمنة منظور الثنائي "نتنياهو - ماكين"،والمحافظين بصفة عامة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل،وذلك عبر فابيوس، لتجد فرنسا نفسها تنفذ أجندات إسرائيلية،وأهدافا للحركة الصهيونية علي حساب مصالحها الحقيقية في الداخل والخارج(5). والملاحظ أن ما كتب عن هذه الهيمنة من قبل شخصيات فرنسية بارزة تنتميغالبا لتيار "السياديين"(Les souverainistes) لم يسبق أن كتب في وقت مضي، وعيا من هؤلاء بأن مصالح أطراف عديدة،منها "الحركة الصهيونية"،و"الاتحاد الأوروبي" من جهة،و"الأمة الفرنسية" من جهة أخري، لم تعد واحدة مع مستجدات المرحلة الراهنة، ومن هنا جاءت مدركاتهم الأمنية الجديدة. فبعد إعادة صياغة محددات الهوية والمواطنة الفرنسية علي مستوي الأحزاب والدوائر التي ينشطون فيها، يري "السياديون" ضرورة إعادة النظر في محددات مصالح الأمة الفرنسية بعيدا عن أي تداخل مضر لمصالح أخري معها(6).
وبهذا العامل المحدد للسياسة الشرق أوسطية لفرنسا، يمكن فهم العداء الكبير الذي يكنه مقررو هذه السياسة للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد، عداء يفسرون دوافعه في العلن بحرصهم علي مواجهة الاستبداد،وعلي نشر الديمقراطية،والتكريس لدولة القانون، لكنهم متأكدون من أن عداءهم له يجئ في حقيقة الأمر من مواقفه ضد إسرائيل أولا وأخيرا(7).
ب- السعي إلي المحافظة علي النفوذ بتفتيت دول المنطقة:
ما يحدد أيضا السياسة الشرق أوسطية والإفريقية لفرنسا تجاه الإرهاب حرصها،تحت ضغط متغيرات المرحلة، علي إعادة رسم موازين القوي الإقليمية والمحلية في الشرق الأوسط وإفريقيا علي حد سواء، بطريقة تحفظ لفرنسا المصالح والنفوذ في هذه المناطق. وهكذا،يتداخل في هذه السياسة الهدف المعلن مع الهدف الخفي الذي يستشف منها، والذي يتطلب منها في كثير من الحالات إيجاد ولاءات جديدة،والدخول في تحالفات وعداءات قد لا تكون دائما مفهومة بمعيار الأهداف التي تفصح عنها فرنسا،والقيم التي تكرس لها علنا. يمكن فهم مختلف التحالفات والعداءات التي تقيمها فرنسا في منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة، ومن ثم فهم التناقض الذي يبدو فيها من حيث إنها تتحالف مع دول،وتدعم فواعل في المنطقة لا تتبني في خطابها وممارساتها القيم التي تكرس لها فرنسا علنا.
ج- حسابات المصلحة الاقتصادية:
تحتل المصلحة الاقتصادية الفرنسية،علي حساب المبادئ والقيم، مرتبة مهمة كعامل مؤثر،ومن ثم محدد لتوجهات السياسة الخارجية الفرنسية،بما فيها سياسة مكافحة الإرهاب، بحيث لا يتردد السياسيون الفرنسيون - إذا ما رأوا هناك مصلحة اقتصادية مهمة لفرنسا - في التضحية إذا اقتضي الأمر، بالمبادئ،والقيم،وبالشروط المعيارية التي يضعونها لعلاقة فرنسا بمختلف دول منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، ويلجئون بذلك إلي الكيل بمكيالين. ولقد أصبح العامل الاقتصادي عاملا مهما علي حساب مبادئ السياسة الخارجية لفرنسا، منذ سنتين تقريبا،نتيجة التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية،وسياسة التقشف المفروضة عليها من بروكسل. ويمكن بهذا العامل قراءة مختلف الصفقات التجارية المهمة التي أبرمتها فرنسا عام2015مع مصر،والمملكة العربية السعودية، وأخيرا مع إيران، دول توجه فرنسا لسياسة كل واحدة منها انتقادات حقوقية. لكن بمجرد ما إن تصبح هذه الدولة أو تلك عميلا محتملا لأحد منتجاتها الصناعية الاستراتيجية، حتي تتخلي فرنسا -وإن كان مؤقتا- عن انتقاد سياسة هذه الدولة، وتسرع لإبرام ما تراه مفيدا من صفقات تجارية معها(8).
وفي هذا المجال،باعت فرنسا،خلال عام2015،لمصر24طائرة مقاتلة من طراز "رافال"،ومعدات عسكرية أخري بصفقة تزيد قيمتها علي خمسة مليارات يورو (5.7مليار دولار)،بالإضافة إلي حاملتي الطائرات المروحية من طراز "ميسترال" بصفقة تبلغقيمتها950مليون يورو، كما باعت للسعودية طائرات من الطراز نفسه، ومن المنتظر أن تبيع لإيران طائرات "إيرباص" لتجدد بها أسطولها الجوي للنقل المدني. ولقد كانت فرنسا منذ أقل من عام من أكثر أعضاء مجموعة "5 + 1" تشددا تجاه إيران في المفاوضات بشأن برنامجها النووي. لكن بمجرد ما تم الاتفاق،ورفع جزء من العقوبات الاقتصادية والمالية عن إيران بدخول الاتفاق حيز التنفيذ، حتي سارعت فرنسابعد إيطاليا لتستقبل الرئيس روحاني،ولتبرم مع إيران صفقات تجارية مهمة.
د- مراعاة ضرورة البقاء في صف الحليف الأمريكي:
تحاول السياسة الفرنسية تجاه الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا أن تظل قدر الإمكان قريبة في مواقفها من السياسة الأمريكية. وقد أوجدت الولايات المتحدة الأمريكية،منذ ما بعد شيراك، آليات تحقق بها النفوذ والسيطرة علي فرنسا،ابتداء بالانتخابات الرئاسية إلي المواقف التي تحكم السياسة الخارجية لفرنسا. وقد سعت الولايات المتحدة الأمريكية لهذا، حتي تتفادي تكرار ابتعاد فرنسا عنها،كما حدث خلال الحرب الأمريكية علي العراق في.2003وفي هذا السياق،قال جان بول شانيولو،مدير مجلة "كونفليونس ميديتيراني" (Confluences Mditerrane) عن فرنسا: "آليات القرار في السياسة الخارجية تظهر تعدد صناع القرار، ولا يوجد خط محدد ولا كلمة قوية لباريس، في حين كنا في وقت معين نعرف كيف نسمع كلامنا"(9).
وإذا كانت مسألة إبقاء السياسة الخارجية لفرنسا قريبة من السياسة الأمريكية قد طرحت سابقا في نطاق جدال كان يضع دعاة هذا الرأي في مقابل من يحددون أنفسهم بالديجوليين، فإنها أصبحت تطرح في هذه المرحلة بين من يسمون أنفسهم بـ "السياديين"،مقابل من يسميهم هؤلاء بـ "العولميين" (Les mondialistes) و"الأوروبيانيين" (Les europanistes) علي أساس اقتناعهم بأن بروكسل،عاصمة أوروبا،تسترشد في كل مواقفها وقراراتها بما يملي عليها من واشنطن، وأنها علي هذا الأساس تصادر سيادة الأمم الأوروبية لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، مما يعني أن "السياديين" يلتقون في مسائل معينة مع من يصطلح عليهم بـ "المشككين في المسار الأوروبي"(10).
هـ- حسابات سياسية داخلية:
يلاحظ في السياسة الفرنسية،تجاه الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا، محاولة واضحة لصناعة قرارات فيها، بحسابات حزبية وانتخابية داخل فرنسا. فعندما تم علي سبيل المثال الإعلان في13يناير2015 - بعد أيام علي أحداث شارلي إبدو- عن توجه حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديجول نحو الخليج العربي لتنخرط في الجهد العسكري الفرنسي ضد "داعش"، هنالك من السياسيين الفرنسيين من رأي أن ذلك يأتي بحسابات تتعلق بالانتخابات،وبكسب رضا الرأي العام الفرنسي.
و- محاولة تصدير الأزمات الداخلية لفرنسا:
ويسجل أيضا توظيف مسائل وسياسات محاربة الإرهاب في منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا بغرض تصدير أزمات فرنسا الداخلية، وتحويل الرأي العام الفرنسي عن المشاكل التي أصبح يتخبط فيها المواطن الفرنسي بسبب الأزمة الاقتصادية،وسياسات التقشف، وتحويل اهتمامه نحو مسألة الإرهاب الذي يضرب في الداخل والخارج،مستهدفا مصالح فرنسا،والقيم التي تدافع عنها في العالم، ومحاولة إقناعه بأن الأولوية هي محاربة الإرهاب.
وهكذا،يمكن القول إن السياسة الخارجية لفرنسا تجاه الإرهاب،قبل أحداث باريس13نوفمبر2015،لم تكن تركز علي أولويتها الأمنية "محاربة الإرهاب" في منطقتي الشرق الأوسط وإفريقيا، بل تهاونت في ذلك لحسابات خاطئة. لقد مارست لعبة صفرية في إدارة الأزمة السورية بتأكيد رحيل نظام الأسد بكل الطرق، كشرط لا بد منه قبل الشروع في تنظيف المنطقة من الإرهاب، فتركت تنظيمات وشبكات الإرهاب تنمو حتي داخل فرنسا نفسها. لقد كانت سياسة فاقدة لبعد النظر،وغير رزينة، وتبدو مترددة ومتناقضة، من حيث عدم التطابق فيها بين الأقوال المؤكدة علي مكافحة الإرهاب،والأفعال المتهاونة عن ذلك.
ومثل هذه الملاحظات أشار إليها سياسيون فرنسيون من خارج الحكومة،وحتي أكاديميون،وإعلاميون،وخبراء في شئون الشرق الأوسط وإفريقيا. ويذكر من هؤلاء،وهم كثيرون جدا، رئيس الحكومة الأسبق فرانسوا فيون في رسالة مفتوحة وجهها إلي رئيس الحكومة مانويل فالس،بتاريخ14سبتمبر2015عنونها "سوريا: استراتيجية يعاد فيها النظر" يدعوه فيها إلي مراجعة هذه الاستراتيجية في كل جوانبها،قبل أن يفوت الأوان(11). وغير بعيد عن هذه الآراء،تشير آنياس لوفالوا(Agns Levallois) مستشارة متخصصة في الشرق الأوسط والمسائل المتوسطية،إلي أن "سياسة باريس انتهازية جدا، الأمور المعلن عنها لا تتبعها دائما أفعال.."(12).
كما تساءل وزير الشئون الخارجية الفرنسي الأسبق هيبرت فيدرين من جهته في مداخلة بتاريخ12أكتوبر2015،في إطار ملتقي بعنوان "هل مازال لفرنسا سياسة شرق أوسطية"، عن مصلحة فرنسا من قلب نظام الأسد،ولاحظ في هذا الإطار أن ترتيب الأهداف لم تقم به لا فرنسا،ولا أي طرف آخر، مشيرا إلي أن "الفارق بين الفكرة التي تكونها فرنسا عن دورها ومسئولياتها من جهة، ومقدرتها الفعلية علي التحرك من جهة أخري، لأمر مثير للسخرية وللحزن في الوقت نفسه"(13).
ثانيا- فلسفة السياسة الفرنسية تجاه الإرهاب:
تنحصر التدخلات العسكرية الفرنسية في الخارج،خلال السنوات الأخيرة، في أربع مناطق، اثنتان منها في إفريقيا، هما مالي وجمهورية إفريقيا الوسطي، والأخريان في منطقة الشرق الأوسط،هما العراق وسوريا. وبعد أحداث باريس13نوفمبر2015،والتي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وجدت الحكومة الفرنسية نفسها مضطرة إلي أمرين مترابطين، الأول: تصحيح منظورها وموقفها في الأزمة السورية من أطراف النزاع،من حيث من يشكل منها أولوية أمنية عاجلة بالنسبة لفرنسا، فتحول الموقف الفرنسي عن النظام السوري وشخص الرئيس بشار الأسد، وأصبح يري في تنظيم "داعش" كل الخطر. ورأت فرنسا أن من الضروري أن يتوج هذا التغير في مدركاتها الأمنية بأمر ثان هو ضرورة تكثيف ضرباتها الجوية ضد التنظيم في سوريا،بعد أن كانت محدودة.
أ- التدخل في مالي: يمكن أن نميز في التدخل العسكري الفرنسي في مالي بين عمليتين متتاليتين لفرنسا، هما عملية "سيرفال"،وعملية "بارخان".
1- التدخل من خلال عملية سيرفال: بدأت عملية التدخل العسكري الفرنسي الأولي "سيرفال - Serval" في مالي في11يناير2013،بتعبئة وصلت إلي4500عسكري فرنسي علي تراب دولة مالي التي تساوي مساحتها ضعفين ونصف ضعف مساحة فرنسا، وجاءت بهدف "مواجهة تقدم قوات الجهاديين التي تحتل شمال البلاد"، وكذا ضمان أمن نحو خمسة آلاف مواطنفرنسي كانوا موجودين في مالي. وصوت البرلمان الفرنسي في22أبريل2013لمصلحة تمديد العملية(14).
2- التدخل من خلال عملية "بارخان": جاء إطلاق عملية "بارخان - Barkhane" بقيادة الجيوش الفرنسية في1أغسطس.2014وما يميز هذه العملية هو منطق الضم والتقاسم للوسائل التي كانت إليغاية هذا التاريخ موجهة لعمليتين منفصلتين،هما عملية "سيرفال في مالي"،وعملية "إيبرفيي"، في تشاد التي انطلقت في فبراير1986(15)،لتصبح هذه الوسائل من هذا التاريخ فصاعدا مشتركة مع البلدان الرئيسية للشريط الساحلي الصحراوي(La bande sahlo-saharienne BSS) ،الذي يضم كلا من موريتانيا،ومالي،والنيجر،وتشاد،وبوركينا فاسو، والمجتمعة منذ فبراير2014في نطاق إطار مؤسسي يطلق عليه اسم "مجموعة5الساحل"، وهي مجموعة قررت التنسيق فيما بينها لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية،بما فيها تهديدات الجماعات المسلحة الإرهابية، قبل أن تدخل في شراكة استراتيجية مع فرنسا(16).
تحتفظ فرنسا من خلال هذه الشراكة بوجود قواتها العسكرية في مالي،كما في تشاد، لكن الوسائل الموجودة في هذين البلدين توضع من هنا فصاعدا تحت التصرف المشترك. وقد توسعت مناطق التدخل إلي كل شريط الساحل والصحراء. ويقود العملية ضابط برتبة جنرال انطلاقا من مركز قيادة مشتركة وحيد
(Poste de commandement interarmes de thtre - PCIAT)
مقره نجامينا في تشاد(17).
تضم عملية "بارخان" ثلاثة آلاف عسكري، موزعين علي نقطتي ارتكاز دائمتين، واحدة فيغاو بمالي،والأخري في نجامينا بتشاد، وعشرين طائرة هليكوبتر، و200سيارة لوجيستية، و200مدرعة، و6طائرات مقاتلة، و3طائرات دون طيار،و10طائرات نقل. واستطاعت قوة "سيرفال" لوحدها أن تستفيد من سند ثمانية بلدان في مهمات النقل الجوي أو التموين في الجو هي: ألمانيا،وبلجيكا،وكندا،والدنمارك،وبريطانيا العظمي،وإسبانيا،والولايات المتحدة الأمريكية،وهولندا(18).
ب- التدخل في إفريقيا الوسطي: عملية التدخل العسكري في جمهورية إفريقيا الوسطي "سانكاريس" (Sangaris)، أطلقها الجيش الفرنسي في5ديسمبر2013لتعزيز الجهاز العسكري لفرنسا في البلاد من أجل "تفادي كارثة إنسانية"(19)،وصوت البرلمان في25فبراير2014لمصلحة تمديد العملية.
ج- التدخل في العراق وسوريا: وجاء التدخل العسكري الفرنسي في العراق وسوريا في إطار عملية عسكرية واحدة هي عملية "شامل"(20)،ضمن الحلف الدولي ضد "داعش" المشكل من أكثر من20دولة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد جاء التدخل علي مرحلتين، الأولي اقتصر فيها التدخل العسكري الفرنسي علي العراق فقط. أما المرحلة الثانية،فقد شمل التدخل فيها سوريا إلي جانب العراق. وقد أعلن الرئيس فرانسوا هولاند عن هذا التدخل في18سبتمبر2014،خلال ندوته الصحفية الرابعة. وسنعرض لهما بقدر من التفصيل:
1- المرحلة الأولي من التدخل: جاء التدخل العسكري الفرنسي في العراق من باب الدعم الجوي للسلطات العراقية لإلحاق ضربات بالتنظيم الإرهابي "داعش"(21). وقد كانت أولي الضربات الجوية الفرنسية في العراق في اليوم الموافق (19سبتمبر) ليشهد البرلمان أياما بعد ذلك (حتي24سبتمبر) نقاشا دون تصويت علي التدخل الفرنسي في العراق.
ويتمثل هدف عملية "شامل" والقوات الحليفة في مرحلة أولي،حسب ما جاء في بيانات قيادة أركان الجيوش الفرنسية،في: "وضع عناصر "داعش" في متناول القوات المسلحة العراقية، بمعني قلب موازين القوي، من خلال قيام القوات الفرنسية بتقديم دعم جوي للقوات المسلحة العراقية، وتنجز هذه العمليات في وقت طويل"(22).
أما حصيلة مهمات هذه الوحدات الجوية،خلال سنة كاملة تقريبا من المشاركة الفرنسية في الحلف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراق وسوريا، فنجدها لا تتجاوز،من منظور المراقبين، الحد الأدني المفترض من دولة كبري. ويمكن تقديمها كالآتي: "إليغاية يوليو2015،قامت الوحدات الجوية الفرنسية بما يزيد قليلا علي ألف مهمة جوية استطلاعية، وقامت بتاريخ17أغسطس2015بتوجيه الضربة الجوية رقم200،لتقوم طائرة "أطلانتيك2" بالاشتراك مع دورية من طائرات "ميراج2000" بتاريخ19أغسطس2015بأول عملية إطلاق لقنابل موجهة بالليزر، وكانت قد استهدفت بها ليلا بناية لتنظيم "داعش". وكل هذه المهمات اقتصرت علي العراق دون سوريا، حرصا من فرنسا علي "عدم القيام بأي شيء من شأنه أن يحافظ أو يوطد بشار الأسد.."(23).
2- المرحلة الثانية من التدخل: لم يتم الشروع في إجراء مهمات استطلاعيةفرنسية في الأجواء السورية في إطار الحلف الدولي إلا في7سبتمبر2015،لتأتي أولي الضربات الفرنسية ضد "داعش" في سوريا في27سبتمبر، وعُدَّهذا الحدث تطورا استراتيجيا وسياسيا بطيئا، لأن الوسائل الجوية لهذه المهمات هي نفسها وسائل عملية "شامل" التي توظف منذ عام في أجواء العراق. كما ظل أمر الطرائق والأهدافغامضا،خاصة عندما تم مباشرة بعد ذلك التأكيد رسميا علي أن فرنسا لن تنضم إلي مجموعة الحلف ضد "داعش" في سوريا، لتبدو فرنسا كما علق بعض الملاحظين آنذاك "داخل الحلف لكن خارجه.."(24).
ويبدو وجود فرنسا ضمن الحلف الدولي مميزا جدا، بحيث لا تشارك في الضربات التي يخطط لها مركز العمليات الجوية للحلف الدولي في قاعدة "العديد" في قطر، لكن تقوم بإعلام الولايات المتحدة بالمهمات الجوية الاستطلاعية المستقلة التي تقوم بها طائراتها، لأن الأمريكيين هم من يراقب المجال الجوي في المنطقة العراقية - السورية(25). وفي هذا السياق،وكرد علي مختلف التعليقات المشككة بالدور الفرنسي في الحلف الدولي ضد "داعش"، علقت قيادة أركان الجيوش الفرنسية من جهتها بالقول إنه إذا كان شعار العملية الأمريكية في الحلف الدولي ضد "داعش" هو "مهمة واحدة وعدة أمم" One mission many nations ،فإن شعار الوسائل الجوية الفرنسية في عملية "شامل" في الحلف نفسه يمكن أن يكون "أمة واحدة وعدة مهمات" une nation plusieurs missions(26).
ثالثا- أحداث باريس وتغير الموقف الفرنسي:
ثم جاءت أحداث باريس لتحدث تحولا واقعيا في الموقف الفرنسي من الأزمة السورية،ومن موضوع الإرهاب الذي يرتبط بها. فبعد أن كان هذا الموقف الذي أكده وزير الخارجية فابيوس منذ أربع سنوات من أن التهديد المباشر هو في بقاء الرئيس الأسد علي رأس الدولة السورية، وكان مصرا علي ذلك،حتي بعد أحداث شارلي إبدو، في مواجهة آراء وزير الدفاع جان إيف لودريان، الأكثر واقعية من حيث تأكيدها أن التهديد الملموس والمباشر للأمن الفرنسي والأوروبي في هذه المرحلة هو تنظيم "داعش"- أصبح الموقف الفرنسي الرسمي،بعد أحداث باريس،يؤكد بقوة،كما جاء في خطاب رئيس الجمهورية الفرنسية بتاريخ16نوفمبر2015أمام المؤتمر الاستثنائي الموحد لغرفتي البرلمان في قصر فرساي الذي استدعاه تطبيقا للمادة18من الدستور الفرنسي، "تكثيف العمليات الفرنسية في سوريا". وبالفعل،كان هذا التكثيف قد بدأ في يوم15نوفمبر2015قبل تصريح الرئيس هولاند بمضاعفة الطلعات الجوية ليصبح المتوسط الأسبوعي هو63طلعة، أي ما يمثل نسبة44من طلعات باقي قوات الحلف الدولي دون حساب النشاط الجوي الأمريكي. كما طالب هولاند،في خطابه أمام المؤتمر، بعقد اجتماع لمجلس الأمن في أقرب الآجال لتبني"لائحة بمكافحة الإرهاب"(27).
وإذا كان قد تم تحديد الغاية من عملية مشاركة فرنسا في الحلف الدولي فيما قبل أحداث باريس في نوفمبر2015بمصطلحات وعبارات "تأمين الدعم الجوي للقوات العراقية في الكفاح ضد التنظيم الإرهابي داعش"،و"ضربات ضد داعش في سوريا"،كما صرح بذلك الرئيس فرانسوا هولاند،خلال ندوته الصحفية السداسية بتاريخ7سبتمبر2015،فإن التحول في الموقف السياسي الفرنسي الرسمي إزاء الإرهاب في الشرق الأوسط،وفي العراق وسوريا علي وجه الخصوص،عقب أحداث باريس، لم يترافق بجديد نوعي يذكر علي هذا الصعيد، ليظل توظيف عبارات "الحرب ضد الإرهاب"،و"التنظيمات الجهادية"،و"الجماعات الإرهابية المسلحة" دون تمييز بين هذه التنظيمات والجماعات، حيث سياسة فرنسا في منطقة الساحل والصحراء، وربما أيضا سياسة فرنسا الداخلية ضد الإرهاب، دون سياستها الشرق أوسطية،حيث التحفظات فيها كثيرة(28).
فعلي الصعيد الداخلي مثلا، لم يتوان الرئيس هولاند،عقب أحداث باريس،وتبني تنظيم "داعش" لها، عن توظيف مصطلح "إرهاب الحرب" (Le terrorisme de guerre) الذي ومن أجل مواجهته،لم يكتف بفرض حالة الطوارئ،بل أعرب عن رغبته في مراجعة الدستور الفرنسي أيضا(29). وهكذا،لا تسجل السياسة الخارجية لفرنسا إزاء الإرهاب في العراق وسوريا،بعد أحداث باريس،تحولا نوعيا،وإنما تكتيكي،فقط، بحيث أصبح "عدو العدو" من منظور فرنسي "عدوا مؤجلا أمره إلي حين التفرغإليه". وتم من جهة أخري التشديد علي تكثيف الضربات الجوية ضد تنظيم "داعش"، الذي كان قد انطلق في العراق،ثم في سوريا،قبل أحداث باريس،لكن بوتيرة ضعيفة جدا.
أما الجديد علي الصعيد اللوجيستي،فيتمثل في دعم القوات الفرنسية المنخرطة في عملية "شامل"، بمهمة جديدة "آرومانش2" لحاملة الطائرات شارل ديجول (1900بحار)،وفوج الطيران البحري "لا تاكس فورس473" (la Task Force)، في18نوفمبر2015،أي بعد أيام قليلة بعد أحداث باريس. ومن شأن هذا الفوج أن يسمح،في إطار الجهد العسكري للوسائل الفرنسية المنخرطة في الحلف الدولي ضد "داعش"، بزيادة تقدر بثلاث مرات ما كان عليه هذا الجهد. وبالفعل،زادت الإسهامات الفرنسية في الحلف الدولي بعد أقل من شهر من إعلان المهمة الجديدة، بنسبة20عما كانت عليه(30).
وعقب اجتماع في باريس يوم20يناير2016لوزراء دفاع سبع دول من الحلف الدولي، لتقييم تدخل دولهم في العراق وسوريا،والحديث عن استراتيجيتها العسكرية بدراسة احتمال "تسريع الوتيرة"، صرح وزير الدفاع الفرنسي،في ندوة صحفية مشتركة مع نظيره الأمريكي،بأن "الوقت قد حان لزيادة جهودنا المشتركة بوضع استراتيجية واحدة متسقة"(31) مما يعني رغبة فرنسا في العمل وفق شعار"مهمة واحدة وعدة أمم".
ويمكن تحديد دوافع تكثيف ضربات القوات الفرنسية ضد "داعش" في سوريا والعراق في العوامل الآتية:
1- السماح لفرنسا بأن تظل داخل اللعبة في منطقة الشرق الأوسط، والحفاظ علي ما يمكن من مصالح لها هناك، خاصة عقب تدخل روسيا عسكريا في سوريا،وبداية تغيير موازين القوي علي أرض الواقعلغير مصلحة الفواعل المحلية التي تؤيدها القوي الغربية.
2- في ظل تغير موازين القوي في الساحة السورية لغير تنظيم "داعش"، فإن التهاون عن ضربه،كما كان الأمر قبل أحداث باريس، لم يعد يجدي. بل إن الوضع أصبح يهدد بهروب عناصر التنظيم الإرهابي بسبب القصف الروسي نحو مناطق النفوذ الفرنسي في الساحل عبر ليبيا،ونحو أوروبا نفسها. وعليه،فإن إضعافه في سوريا والعراق يكون من منظور فرنسي،وأوروبي بصفة عامة،أفضل وأسهل من ملاحقة عناصره خارجهما.
ورغم الجدية التي أصبح عليها الموقف الفرنسي في حربه علي "داعش"، ورغم ما يمثله ذلك التنظيممن تهديد خطير لأمن فرنسا،وأوروبا،والعالم كله فإن الإسهامات العسكرية الفرنسية ستظل عند الحدود الدنيا لما يفترض أن تكون عليه، وذلك بسبب العوامل الآتية:
1- ضغط سياسة التقشف علي فرنسا،حيث إنها مطالبة في هذا الإطار بتخفيض عملياتها العسكرية في الخارج والإنفاق الحكومي بصفة عامة، لتدخر علي مدي ثلاث سنوات،ابتداء من سنة2015،قيمة خمسين مليار يورو كان قد وعد بجمعها رئيس الوزراء فالس(32).
2- كثافة وتيرة العمليات العسكرية الخارجية منذ2013،وما تتطلبه من تكاليف إضافية بسبب الحاجة الملحة فيها لأعداد كبيرة من الرجال والعتاد في ظروف مناخية وتضاريسية صعبة، وما تتسبب فيه من ضعف في التحضير العملياتي.
وأخيرا،يمكن القول عن أبعاد المشاركة الفرنسية في الحرب علي "داعش" إنها ستكون مشاركة جادة نسبيا، لكن الجدية هنا لا تعني من منظور الحكومة الفرنسية وحدة الأهداف مع روسيا في الحرب علي "داعش"، ولا هدف القضاء التام علي هذا التنظيم، ولا حتي هدف التمكينللديمقراطية ودولة القانون في سوريا والعراق. وحتي إذا اقتضت بعض المسائل من فرنسا التنسيق مع نظام بشار الأسد، فسيظل موقفها يبحث عن فرص لإسقاط هذا النظام،وأن تفتيت المنطقة إلي دويلات عرقية وطائفية متناحرة سيكون هدفا لفرنسا دون أن تري منه هي نفسها الفائدة التي يمكن أن تجنيها. وبهذا،ستبقي السياسة الفرنسية تجاه الإرهاب في الشرق الأوسط وإفريقيا لفترة أخري مشدودة إلي تناقضاتها بين أهداف أكبر من وسائل تحقيقها، في وقت هي مدعوة فيه إلي إبداء قدر كبير من الواقعية.
الهوامش والإحالات:
1- SENAT, (Le Moyen-Orient l'heure nuclaire -Chapitre Vi- La France Et L'europe Au Moyen-orient), http://www.senat.fr/rapinf.html, 7 February, 2016
2- شغل فيليب دي فيي سابقا منصب كاتب دولة للثقافة،وكان لمدة طويلة نائبا في البرلمان الأوروبي، كما ترشح لمنصب رئيس الجمهورية مرتين. يستقطب "دي فيي" حوله عددا كبيرا من المثقفين،ويكفي أن كتابه المذكور حقق مبيعات خيالية في فترة قصيرة جدا (أكثر من70ألف نسخة).
3- Philippe de Villiers, Le moment est venu de dire ce que j'ai vu, Editions Albin Michel, 2015.
- Vivien Vergnaud - leJDD, (Philippe de Villiers, un outsider droite pour 2017), http://www.lejdd.fr/Actualite, Dernire mise jour: 14 November, 2015.
4- IBID.
5- Didier Billion, (Quelle politique franaise au Moyen-Orient), http://www.iris-france.org/analyses/, 22 septembre, 2015.
6- Vivien Vergnaud - leJDD, op.cit.
7- La Voix du Nord, (Syrie: des vols de reconnaissance avant des frappes contre Daech), http://defense.blogs.lavoixdunord.fr/ 7 Septembre, 2015/
8- Marie-France Chatin, (La France a-t-elle encore une politique au Moyen-Orient), http://www.rfi.fr/auteur/marie-france-chatin/, Modifi le, 9 Octobre, 2015.
- AFP, (A Bruxelles et Paris, la France dans une partie serre sur les rformes), http://fr.finance.yahoo.com/actualites/, mar. 14 Octobre, 2014.
9- Marie-France Chatin, op. cit.
10- Vivien Vergnaud - leJDD, op. cit.
11- Franois Fillon, (Lettre ouverte au Premier ministre franais, Manuel Valls - Syrie: une stratgie revoir), http://www.voltairenet.org/fr, 14 septembre, 2015.
12- Marie-France Chatin, op. cit.
13- Franoise Feugas, (Le point de vue de Hubert Vdrine), http://orientxxi.info/magazine/la- france- a-t-elle-encore-une-politique-au-moyen-orient-collogue, 12 Octobre, 2015.
14- la Direction de l'Information Lgale et Administrative, (Du Tchad l'Irak: les interventions extrieures de l'arme franaise depuis 1981), http://www.vie-publique.fr/chronologie/, mis jour le 25 September, 2014.
- Etat-major des armes, (Opration Barkhane), http://www.defense.gouv.fr/operations/sahel/ , Mise jour: 30 November, 2015.
15- جاءت هذه العملية في إطار طلب مساعدة عسكرية وجهتها تشاد إلي فرنسا، عقب استئناف المعارك في شمال تشاد بين قوات الرئيس التشادي حسين حبري،المدعومة من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وقوات حكومة الاتحاد الوطني الانتقالية(gouvernement d'union nationale de transition - GUNT) للرئيس السابق كوكوني وداي،المدعومة من ليبيا. انظر:
- la Direction de l'Information Lgale et Administrative, op. cit.
16- Etat-major des armes , op. cit.
- Etat-major des armes, (Oprations: point de situation au 21 janvier 2016), http://www.defense.gouv.fr/operations/irak-syrie/actualites , Mise jour: 29 January 2016.
17- Etat-major des armes (Opration Barkhane), op. cit.
18- IBID.
19- la Direction de l'Information Lgale et Administrative, op. cit.
20- عملية "شامل" هي التسمية التي تطلق علي الإسهامات العسكرية الفرنسية في نطاق الحلف الدولي ضد "داعش". وتسمية "شامل" المأخوذة من اللغة العربية هي للإشارة بها،حسب البعض،إلي "الدفاع الشامل"(La Dfense Globale) الذي ترد هذه العملية العسكرية في إطاره. وهناك من يري أن هذه التسمية هي لريح "الشمال" التي تهب بالعراق في فصل الصيف.
21- La Direction de l'Information Lgale et Administrative, op. cit.
22- La Voix du Nord, (Syrie: des missions ariennes " en coordination et en complment avec la coalition ", dedans mais dehors...), http://defense.blogs.lavoixdunord.fr/archive/11/09/2015/
- Etat-major des armes, (Chammal: Premire frappe en Atlantique 2), http://www.defense.gouv.fr/operations/irak-syrie/actualites , Mise jour:2015/08/21
- Etat-major des armes, (Opration Chammal), http://www.defense.gouv.fr/operations/irak-syrie/dossier-de-presentation-de-l-operation-chammal, Mise jour:2015/01/23
23- Etat-major des armes, (Chammal: Premire frappe en Atlantique 2), op. cit.
- La Voix du Nord, (Syrie: des vols de reconnaissance avant des frappes contre Daech), op. cit.
24- IBID.
- La Voix du Nord, (Le porte-avions Charles-de-Gaulle s'engage dans l'opration Chammal), http://defense.blogs.lavoixdunord.fr/archive /24/02/2015/-.138057html
- La Voix du Nord, (Le Charles-de-Gaulle et le groupe aronaval vers le golfe persique), http://defense.blogs.lavoixdunord.fr/archive /13/01/2015/-.13684html
- La Voix du Nord, (Syrie: des missions ariennes "en coordination et en complment avec la coalition", dedans mais dehors...), op. cit.
- Guillaume Belan, (Premires frappes franaises en Syrie), http://www.air-cosmos.com/actualite/defense/, Publi le 2015/09/27 12h.02
- Ambassade de France Bagdad, (Retour sur l'opration Chammal), http://www.ambafrance-iq.org/-Actualites-de-l-ambassade, Dernire modification: 2015/07/16
25- La Voix du Nord, (Syrie: des missions ariennes "en coordination et en complment avec la coalition", dedans mais dehors...), op. cit.
26- Etat-major des armes, (Chammal: Premire frappe en Atlantique 2), op. cit.
27- Communaut vie publique, (Trente ans de lgislation antiterroriste), http://www.vie-publique.fr/chronologie/, mis jour le 23 11 2015
28- La Voix du Nord, (La France pays en guerre: les questions qui fchent) http://defense.blog.lavoixdunord.fr/ archive/16/11/2015/-.14352html
- Etat-major des armes, (Chammal: Premire frappe en Atlantique 2), op. cit.
- La Voix du Nord, (Syrie: des vols de reconnaissance avant des frappes contre Daech), op. cit.
- Etat-major des armes, (Oprations: point de situation au 21 janvier 2016), http://www.defense.gouv.fr/operations/irak-syrie/actualites , Mise jour:2016/01/29
29- Communaut vie publique, op. cit.
30- Etat-major des armes, (Mission Arromanches 2: Dploiement du GAN en Mditerrane orientale et dans l'Ocan Indien) , http://www.defense.gouv.fr/ , Mise jour:2015/11/18
- La Voix du Nord, (Focus en Mditerrane sur le groupe aronaval), http://defense.blog.lavoixdunord.fr/archive/04/12/2015/gan-.14388html
31- AFP et Reuters, (Coalition contre l'EI: "Nos efforts conjoints portent leurs fruits"), Premire publication: 01/20/2016.
32- AFP, (A Bruxelles et Paris, la France dans une partie serre sur les rformes), http://fr.finance.yahoo.com/actualites/, mar. 14 oct 2014