لم تبد السياسة الخارجية الأمريكية اهتماما جادا بالإرهاب، وتحركاته، والمنظمات التي تمارسه، إلا بعد أن تعرضت له في أحداث 11 سبتمبر 2001 التي هزت الأمن الأمريكي بشكل غير مسبوق. فقد كانت عملية "بيرل هاربر" علي بعد آلاف الأميال من الولايات المتحدة. أما هجمات 11 سبتمبر، فقد وقعت في القلب الأمريكي، واستهدفت مؤسسات اقتصادية وعسكرية. وقد كان وقع هذه الهجمات علي المجتمع الأمريكي شديدا إلي حد الاعتقاد بأن الولايات المتحدة لن تصبح بعد هذا الحدث كما كانت قبله، لذلك، تبنت إدارة جورج بوش الابن وأعلنت ما عرف بـ "الحرب العالمية علي الإرهاب"، واعترفت بالفعل بما كانت الولايات المتحدة تتجاهله من قبل، وهو أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تقتصر علي دولة واحدة، وأنه يجب أن يعامل كذلك.
وشنت إدارة بوش علي هذا الأساس حربين في أفغانستان والعراق. وعندما نسترجع هاتين الحربين وتأثيرهما في الإرهاب، ومنظماته، فإن ثمة إجماعا بين المحللين علي أن البيئة التي خلقتهما في البلدين شجعت وولدت الحركات والمنظمات الإرهابية، والتي تبلورت في النهاية بعد "القاعدة" في تنظيم "الدولة الإسلامية" التي عرفت بـ "داعش". وقد جاءت إدارة أوباما عام 2008 لكي ترث هذه الأوضاع، وتبني استراتيجيتها علي أساس رفض سياسات جورج بوش "الكارثية" والعمل علي تصحيحها.
وعلي هذا، سوف نناقش هنا نهج إدارة أوباما في التعامل مع الإرهاب، في ظل تطور ممارسات وأساليب المنظمات الإرهابية، وردود أفعال السياسيين، والمحللين، والمؤسسات البحثية تجاه هذا النهج.