من المجلة - كيف يفكر العرب ؟

علاقات مصر مع الحلف الأطلسي بعد الربيع العربي‮ .. ‬معضلة التوازن

علاقات-مصر---داخلي
طباعة
تظل قضية العلاقة بين مصر والحلف الأطلسي "الناتو" من القضايا التي لا تحظي باهتمام عميق وجاد، سواء من قبل الأكاديميين، أو دوائر صنع القرار، إما بسبب وجود تصور، بحسب تعبير أحد الدبلوماسيين المصريين، بأن الناتو "ليس له أهمية ولم يؤثر في السياسات العسكرية المصرية"(1)، أو بسبب أن مستوي التعاون يظل عند مستوي "التعاون الهادئ"(2) الذي لا يستدعي إعادة تقييم.
 
ورغم انتشار هذه التصورات في الكتابات الأكاديمية المصرية عن العلاقات مع حلف الناتو، فإنها لا تقلل من معطيين:
 
أولهما: إن الفترة التالية على الربيع العربي شهدت تحولا في دور الحلف في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما يفيد به تدخل حلف الناتو في ليبيا، وتزايد اهتمامه بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، وبحثه صيغا مختلفة لإعادة بناء المؤسسات الأمنية في ليبيا، فضلا عن تبنيه مواقف سياسية معلنة من التطورات السياسية التي شهدتها مصر في الفترة التالية على 30 يونيو .2013 وبالتالي، لم يعد حلف الناتو مؤسسة عسكرية  سياسية تمارس دورا عسكريا في الشرق الأوسط، وإنما دور سياسي أيضا، على نحو أصبح يؤثر في المصالح الاستراتيجية للدولة المصرية.
 
وينصرف المعطي الثاني والأخير إلي أن الحلف لم يعد يعتمد في توسيع دوره على الأطر المختلفة للتعاون العسكري من الدول الأعضاء أو الدول الشريكة، كما في حالة مصر، وإنما أصبح يعمل على توظيف مراكز الفكر والمؤسسات البحثية في عملية التأثير في التوجهات السائدة حول دور الناتو ومستقبله، من خلال برنامج العلم من أجل السلام والأمن.
 
وفي هذا الإطار، نسعي هنا لتحليل الكيفية التي أدارت بها مصر العلاقة مع حلف الناتو في ضوء تزايد دور الحلف في الفترة التالية على الربيع العربي، على نحو يضمن "التوازن" بين عدم تحولها إلي نافذة يوسع من خلالها الحلف نفوذه في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه تضمن لها الاستفادة من التعاون العسكري والتدريب الفني الذي يقدمه الحلف في مجال مكافحة الإرهاب، وحفظ السلام، وتأمين الحدود، والإتجار في البشر، وعمليات الإغاثة الإنسانية، وعمليات البحث والإنقاذ. وهي مجالات نص عليها اتفاق التعاون الفردي الذي تم التوصل إليه مع الحلف في 9 أكتوبر 2014(3).
 
ويمتد الإطار الزمني لهذه الدراسة ليشمل الفترة من 1995، حين انضمت مصر لآلية الحوار المتوسطي، وحتي عام 2015. وقد تمت الاستفادة في هذه الدراسة من عدة مقابلات تم إجراؤها مع عدد من المسئولين المصريين المعنيين بإدارة العلاقة مع حلف الناتو منذ أن أخذت شكلا رسميا في 2005 بتعيين ضابط اتصال مع الحلف، وكذلك مقابلات مع مسئولين في حلف الناتو، وذلك بهدف التعرف على التصورات السائدة فيه حول العلاقة مع مصر.
 
أولا- البحث عن مصالح وطنية في إطار جماعي:
 
كانت الصيغة المؤسسية المطروحة من جانب الحلف، منذ نهاية الحرب الباردة للتعاون مع دول جنوب المتوسط، هي آلية "الحوار المتوسطي"، التي يتم بموجبها تعاون الحلف كمنظمة مع كل دولة على حدة، فضلا عن ترتيب أنشطة مشتركة في إطار هذه الآلية تضمن خلق "ثقافة" مشتركة بين الدول الأعضاء فيها والدول الأعضاء في الحلف.
 
ويكشف تحليل الكيفية التي تعاملت بها مؤسسات الدولة المصرية مع مسألة انضمام مصر لهذه الآلية عن وجود عدد من القيود:
 
أولها: موقف الدبلوماسية المصرية الثابت منذ عهد الرئيس عبدالناصر، والخاص برفض انضمام مصر الرسمي لعضوية أية أحلاف عسكرية، خاصة تلك التي تدعمها الولايات المتحدة.
 
ثانيها: الحذر في الدخول في أية ترتيبات جماعية تؤدي إلي تطبيع كامل معلن للعلاقات مع إسرائيل على نحو يخرج عن طبيعة "السلام البارد" الذي ميز العلاقات معها طوال عهد الرئيس مبارك، حيث تقاطع توقيت طرح مبادرة الحوار المتوسطي مع الجهود الدولية لإدماج إسرائيل في المجتمع الشرق أوسطي، خاصة بعد عقد مؤتمر مدريد للسلام عام .1993 وهو المعني الذي عبر عنه صراحة الأمين العام لحلف الناتو في فبراير 2011، حين أشار في كلمته أمام مؤتمر هيرتزيليا الحادي عشر بإسرائيل إلي أن "الحوار المتوسطي لم يأت من فراغ. فقد تأسس مباشرة عقب اتفاقية أوسلو ومعاهدة السلام الإسرائيلية -  الأردنية.. وهي حقبة التفاؤل في منطقة الشرق الأوسط"(4). وعُدَّت المبادرة في هذا السياق أداة لـ "التطبيع الأمني" مع إسرائيل عن طريق الحلف(5).
 
ثالثها: إدراك متخذ القرار السياسي أن مشاركة مصر بكثافة في أنشطة الحلف، خاصة ما يرتبط منها بالمناورات والتدريبات والعمليات العسكرية المشتركة، أمر من شأنه أن يثير حفيظة الرأي العام الذي ينظر بسلبية إلي دور حلف الناتو في المنطقة، ويرفض المشاركة في أي ترتيبات سياسية وعسكرية توجد بها إسرائيل(6).
 
وهذه القيود الثلاثة كانت سببا في خلاف "غير معلن" بين وزارتي الخارجية والدفاع حول جدوي المشاركة في آلية الحوار المتوسطي ونطاقها، وهو خلاف كان راجعا -وفق تعبير وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي- إلي رغبة وزارة الخارجية في "الانخراط النشط" في الترتيبات السياسية والعسكرية الموجودة في المنطقة بوصفها أداة أفضل للاتصال والتنسيق، وعدم الانعزال عن الأطر الإقليمية الجديدة، وذلك في الوقت الذي رفضت فيه وزارة الدفاع مشاركة القوات المصرية بجانب القوات الإسرائيلية في أي تدريبات أو مناورات عسكرية مشتركة، خاصة في ظل عدم إمكانية قيام مصر بتحديد حجم اشتراك الدول الأخري، ومن له حق المشاركة من عدمه. واستقر الرأي في النهاية على أن انضمام مصر إلي مبادرة الحوار المتوسطي أفضل من غيابها بشرط الإبقاء على هذا التعاون في حده الأدني على نحو يخدم المصالح الوطنية، وعلى نحو لا يثير الرأي العام. ورأت القيادة السياسية وقتذاك أن مشاركة مصر سوف تؤدي إلي تحجيم جموح بعض دول المنطقة، خاصة إسرائيل(7).
 
ويندرج التعاون بين مصر وحلف الناتو في إطار مبادرة الحوار المتوسطي التي بدأت مشاوراتها في 1994، وتم إعلانها في 8 فبراير 1995 بمشاركة مصر، وتونس، والمغرب، وموريتانيا، وإسرائيل، وانضم لها الأردن في نوفمبر 1995، والجزائر في مارس 2000(8). وانبنت هذه المبادرة على سبعة مبادئ رئيسية، هي عدم التمييز Non Discrimination، والاختلاف الذاتي Self-Differentiation، والشمولية Inclusiveness، والانخراط المتبادل Two-Way Engagement، وعدم الفرض Non Imposition، فكل الدول لها الحرية في اختيار نطاق ومدي تعاونها مع دول الحلف، وليس من حق الحلف فرض أي شيء عليها، والتكاملية Complementarity and Mutual Reinforcement، والتنوع Diversity(9).
 
وتقوم هذه الآلية على فكرة التدرجية، فمن حق أي دولة متوسطية أن تنضم إلي الحوار المتوسطي في أي وقت بدون قيود، وكذلك على التعاون الثنائي. فدول جنوب المتوسط لا تتعامل مع الحلف كمجموعة موحدة، وإنما كدول مستقلة (أي الناتو زائد شريك بدلا من الناتو زائد)(7)، وذلك بما يسهم في تعزيز سيادتها الوطنية، وينأي بالحوار عن التوترات السياسية في المنطقة بسبب تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط.
 
ومن الناحية العملية، أقرت قمة مدريد في يوليو 1997 إنشاء مجموعة التعاون المتوسطي The Mediterranean Cooperation Group لتكون مسئولة عن تنسيق العلاقات السياسية بين الحلف والدول الشريكة، سواء في من خلال نمط المشاورات المنتظمة مع كل دولة على حدة 19+1 حينذاك، أو من خلال نمط المشاورات الجماعية 19+.7 واستمرت هذه المجموعة قائمة في مهمتها التنسيقية حتي .2011  وفي هذا الإطار، وضع الناتو برامج عمل سنوية شملت تنفيذ تدريبات مشتركة، والمشاركة في المؤتمرات، والسيمنارات، وورش العمل، والإصدارات العلمية، والزيارات الدراسيةStudy Visits  لمقر الحلف، والاستفادة من المنح المؤسسية التي يقدمها(10). وتضمنت هذه الأنشطة مجالات المعلومات، وخطط الطوارئ المدنية، والبيئة، والعلم، وإدارة الأزمات، والاستراتيجية، والسياسة العسكرية، والجيوش الصغيرة، والتسليح الخفيف، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، والإرهاب، والبرنامج المتوسطي للحوار العسكري(11). وكانت أول خطوة للتعاون في هذا الإطار هي انعقاد مؤتمر روما حول مستقبل حوار الناتو في نوفمبر .1997
 
وقرر اجتماع وزراء خارجية دول الحلف في قمة لوكسمبورج في 28 مايو 1998 "إنشاء نقاط اتصال في سفارات دول الحوار المتوسطي من أجل تقوية العلاقات"، ورحب الوزراء بـ "التطور التدريجي للجوانب المختلفة للحوار، وتشجيع  الشركاء في الحوار على الاستفادة الكاملة من كل إمكانياتها، بما في ذلك الجانب العسكري"(12). وبعدها بأقل من سنة، انعقد مؤتمر فالنسيا بإسبانيا في فبراير 1999 حول الحوار المتوسطي والناتو الجديد، والذي كان المناسبة الأولي التي يشارك فيها سفراء الناتو والدول الست الأعضاء في الحوار المتوسطي وقتها(13).
 
وفي 2004، وبعد مرور عشر سنوات على انطلاق مبادرة الحوار المتوسطي، قامت كلية الدفاع الوطني التابعة للناتو بعملية تقييم لفعالية هذه المبادرة في تحقيق الغايات التي أطلقت من أجل تحقيقها، وانتهت إلي تأثير الصراع العربي - الإسرائيلي والتعقيدات الإقليمية في الشرق الأوسط في نجاح هذه المبادرة، إلي جانب التنوع، وأحيانا التعارض بين الدول الأعضاء في المبادرة، والصور السلبية السائدة عن حلف الناتو في المنطقة(14).
 
وانعكس هذا المعني في تصريح السكرتير العام للحلف، عقب صدور البيان الختامي لقمة اسطنبول في 28 يونيو 2004، بأن عملية الحوار لم تكن مثمرة بقدر كاف، وكان "ينبغي أن تتمخض عن أكثر من ذلك"(15). وفسر اللواء محمد قدري سعيد، رئيس وحدة الدراسات العسكرية والأمنية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ذلك بعدم وضوح الأهداف الكلية للمبادرة، وباختلاف توقعات كل جانب من عملية الحوار. فبينما أعطت أوروبا والولايات المتحدة الأولوية للحوار السياسي، وتبادل المعلومات من أجل بناء الثقة، والتعاون البناء، ركزت الدول العربية على القضايا الصعبة التي ترتبط بالصراع العربي - الإسرائيلي، ومحاربة الإرهاب، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وهي قضايا لم تكن محل أولوية من جانب دول الحلف(16).
 
وقد نتج عن عملية التقييم هذه أن قرر الحلف في قمة اسطنبول رفع مستوي الحوار بين الناتو ودول المتوسط ليكون "شراكة" حقيقية(17).
 
وتشمل مجالات التعاون التي أقرتها مبادرة الحوار المتوسطي 26 مجالا للتعاون، من حق كل دولة أن تختار ما يناسبها منها. ويمكن تصنيفها في أربعة محاور، هي: الإصلاح الدفاعي، وتأهيل القوات للاشتراك في عمليات الحلف، ودعم الدولة المضيفة Host Nation Support، ودعم الأمن الإقليمي. وهذه المجالات هي: السيطرة على التسلح ونزع السلاح ومنع الانتشار، وإدارة التسلح والتعاون في التسلح، وإدارة المجال الجوي، والأمن والسيطرة على الحدود، والقيادة والسيطرة والتشاور، وتحديات المجتمعات الحديثة، وخطط الطوارئ المدنية، وإدارة الأزمات، وموضوعات اقتصادات الدفاع، وتخطيط الدفاع وإدارة الميزانيات والموارد الدفاعية، وسياسة واستراتيجية الدفاع، والجغرافيا العسكرية، وتدريب اللغة، وإداريات المستهلك، والخدمات الطبية، والأرصاد الجوية والبحرية لدعم قوات الحلف وقوات الدول الشريكة، والاتصالات العسكرية - العسكرية، والدفاع ضد أسلحة الدمار الشامل، والدبلوماسية العامة، والجوانب العقائدية والتخطيطية والعملياتية لعمليات حفظ السلام، وأجهزة الأمن الوقائية والتفتيش، والدفاع ضد الإرهاب، والجوانب العملياتية والمادية والإدارية للتنميط، والأمن والسلام من خلال العلم، والتدريب والمشروعات العسكرية، والتعليم والتدريب العسكري والعقيدة العسكرية(18).
 
ورغم أن انضمام مصر لهذه المبادرة كان يعني نظريا استفادتها من التعاون مع الحلف في هذه المجالات، فإن المبدأ الحاكم لتعاونها مع الحلف، كما تحدث عن ذلك الوزير العرابي، هو عدم حديث وزارة الخارجية كثيرا عن مجالات التعاون مع الحلف، وكان يعني عمليا البحث عن طريقة متمايزة Distinctive للتعاون مع الحلف، تسمح لها باتخاذ قرار التعاون من عدمه في أي من المجالات السابقة في كل حالة على حدة(19).
 
ثانيا- التكيف مع التحولات:
 
منذ دخول مصر آلية الحوار المتوسطي في 1994، ظل التحدي الذي تواجهه هو كيفية الاستفادة من وجودها في هذه الآلية لخدمة المصالح المصرية، أو التي دفعتها ابتداء للدخول في الآلية، دون أن يرتبط بذلك تقديمها تنازلات محددة فيما يتعلق بالعلاقة بين المؤسستين العسكرية والمدنية، والتي تعد من القضايا الرئيسية التي سعي الحلف للترويج لها منذ توقيع اتفاق التعاون الثنائي في 2007(20)، وكذلك دون أن يصاحب ذلك خروج عن مألوف الدبلوماسية المصرية فيما يتعلق بموقفها من الأحلاف العسكرية في الشرق الأوسط بصفة عامة، حيث تظل العلاقة مع إسرائيل متغيرا حاكما لسياسات مصر تجاه الحلف(21).
 
وكذلك واجهت مصر تحديا خاصا بكيفية "تحييد" تأثير التحولات التي شهدها دور الحلف في الشرق الأوسط، خاصة على ضوء الثورات العربية، في مسار تطور علاقة التعاون بينها والحلف، بحيث يظل المحرك الرئيسي لهذا المسار هو المصالح المصرية، وليس ضغوط الحلف، وأولويات الدول الأعضاء فيه.
 
1- مرحلة "أفضل المتاح" .. بناء القدرات العملياتية:
 
تعاملت مصر مع هذه الآلية، طوال الفترة التالية على 1994، على أنها -وفق تعبير وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي- "أفضل المتاح"(22) لتعزيز التعاون على نحو يخدم المصالح المصرية. وقد تمت ترجمة هذا التصور من قبل المؤسسة العسكرية المصرية المعنية بالتعاون مع الحلف إلي صيغة حضور الحد الأدني Very Low Profile في أطر التعاون التي تتضمنها الآلية، على نحو يضمن استفادة انتقائية من البرامج التي يطرحها الحلف، والتي تستجيب مع الاحتياجات المصرية، خاصة في إطار برنامج العلم من أجل السلام، بما في ذلك  الاستفادة من لقاءات التوعية  Briefing، وتبادل المعلومات حول التطورات في الشرق الأوسط(23)، والتحاق الضباط الذين يتم اختيارهم بعناية في الدورات والبعثات التدريبية التي تنفذ بكل من مدرسة الحلف بأوبرا مارجاو بألمانيا، وبكلية دفاع الحلف بروما بإيطاليا، وعدم المشاركة في أي تدريبات ومناورات عسكرية مشتركة يشارك فيها الجنود وصغار الضباط(24).
 
ومن الناحية العملية، حرصت مصر على المشاركة في عدد من البرامج التدريبية والعلمية، فشاركت -على سبيل المثال- في البرنامج التدريبي الأول الذي نظمته كلية دفاع الحلف في روما لضباط العلم Flag Officers، والذي تم افتتاحه في 20 أبريل .1998 وهدف البرنامج الذي شارك فيه 26 ضابطا عسكريا كبيرا ومسئولا مدنيا من خمس دول متوسطية، هي مصر، وإسرائيل، والأردن، وموريتانيا، وتونس، إلي تعزيز الفهم المشترك للاهتمامات الأمنية لكل طرف، وفهم اهتمامات الناتو وقدراته في الإقليم، والتشبيك المهني والشخصي بين المشاركين(25). وتمت دعوة مراقبين من دول الحوار المتوسطي للمشاركة في المرحلتين الأولي والثانية من تدريب الأمن البحري Cooperative Poseidon التي تم تنظيمهما في يونيو وسبتمبر 2001(26).
 
وفي العام نفسه، أعلن حلف الناتو عن حصول كل من مصر والجزائر على منحة مؤسسية كان قد أقرها الحلف لدول الحوار المتوسطي عام 2000(27).  وكانت مصر قد حصلت على صفة مراقب في مجلس برلمان الناتو في 1995، وسبقها كل من المغرب وإسرائيل في .1994
 
ويشير محمد عرفي في كتابه عن دور الناتو في الشرق الأوسط، استنادا لوثائق من الحكومة المصرية، إلي أنه قد تراوح إجمالي أنشطة المبادرة التي شاركت فيها مصر خلال الفترة من 1995 إلي 2001 بين 20 و30 نشاطا(28).
 
2- مرحلة ما بعد سبتمبر 2001 .. التوسيع الأفقي للتعاون:
 
وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001، فرضت علاقات التحالف الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، وحسابات المصلحة الوطنية المصرية أن تنحو منحي أقل حدة في العلاقات مع الحلف. وكان ذلك نابعا من اتساع الجهود الدولية والإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب، ورغبة مصر في التعاون في تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الجهود في هذا المجال، لاسيما في ضوء خبرة مصر المريرة مع الجماعات الإرهابية في عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين.
 
وزاد من دافعية مصر نحو هذا التوجه زيادة دور الحلف في منطقة الشرق الأوسط، ودخول مصر مع غيرها من دول الحوار المتوسطي ضمن مسرح عمليات الحلف. وشملت مظاهر ذلك الدور قوة الدعم الأمني الدولي في أفغانستان ISAF، والتي كانت أول عملية تتم في إطار الاستراتيجية الجديدة التي تبناها الحلف، خلال قمة براغ 2002، بالدفاع عن "مصالح الدول الأعضاء". بدلا من "أراضي الدول الأعضاء"، وتولي الحلف مهام التدريب ورفع قدرات القطاع الأمني في العراق بدءا من 2004، وكذلك اشتراك الحلف في تنفيذ عملية المسعي النشط Active Endeavour لمكافحة الإرهاب، وتهريب الأسلحة عبر البحر المتوسط، منذ ديسمبر 2001، والتي وُجدت من خلالها قطع بحرية، وطائرات هليكوبتر، وطائرات الإنذار المبكر "أواكس"، وهي العملية التي شاركت فيها إسرائيل من 2005 عن طريق وجود طاقم اتصال للبحرية الإسرائيلية في القيادة البحرية للحلف في نابولي(29).
 
وفي 2004، وعقب إقرار قمة اسطنبول تعميق العلاقات بين الحلف وشركائه في المتوسط، تم تدشين مرحلة جديدة من التعاون أعادت الحياة إلي مبادرة الحوار، فاجتمعت اللجنة العسكرية للناتو للمرة الأولي مع رؤساء أركان القوات المسلحة لدول الحوار المتوسطي السبع، أو من تمت إنابتهم عنهم. وركزت المناقشات على ضرورة التبادل الكفء للمعلومات الاستخباراتية حول مكافحة الإرهاب، وتم الاتفاق على عقد لقاءات بين خبراء المخابرات من الجانبين للنظر في كيفية توسيع العلاقات في هذا المجال. وأفصح الحلف في هذا اللقاء عن الإجراءات الخاصة بمشاركة دول الحوار المتوسطي في عملية "المسعي النشط" لمراقبة الملاحة في حوض البحر المتوسط(30).
 
ونتيجة لازدياد رغبة حلف الناتو في رفع مستوي الحوار المتوسطي عن طريق إبرام برامج تعاون فردية Individual Cooperation Programs مع دول المبادرة، يشير اللواء محمد صلاح إلي أنه طلب من مصر أن يدير العلاقة مع الحلف، إلي جانب السفارة المصرية في بلجيكا، ملحق عسكري يعمل كضابط اتصال مع الناتو، ويكون مسئولا عن تعميق مجالات التعاون(31).
 
وبدأت أولي بوادر هذا التعاون ببرنامج التراسل الإلكتروني الذي تضمن تخصيص اسم مستخدم وكلمة سر لضابط الاتصال، والذي بمقتضاه يتم إطلاعه على الأنشطة الأخري غير الواردة في برنامج عمل الحوار المتوسطي Mediterranean Dialogue Work Program، بحيث يمكن للدولة أن تختار من بينها بما يتفق مع أولوياتها من التعاون. وخلال الفترة من 2005 إلي 2007، شارك ضابط الاتصال المصري في الخلية التنسيقية للشراكة Partnership Coordination Cell في قيادة أوروبا الموحدة بقاعدة مونز. وبالرغم من تخصيص مكتب له بمقر القاعدة، فإن الملحق العسكري المصري كان دائم التنقل بين بروكسل ومونز(32).
 
واتساقا مع ذلك، زادت منذ عام 2005 الأنشطة التي نفذها الحلف بالتعاون مع جميع دول مبادرة الحوار المتوسطي في إطار برنامج عمل الحوار المتوسطي  الذي احتوي على ما يزيد على 600 نشاط، تختار كل دولة منها ما يناسبها(33)، وتراوح عدد الأنشطة التي شاركت مصر فيها في 2005 ما بين 30 و40 نشاطا. وطوال الفترة من 2001 إلي 2006، بلغ متوسط الأنشطة السنوية التي شاركت فيها مصر 70 نشاطا، منها 56 ذات طبيعة عسكرية(34).
 
3- مرحلة مأسسة التعاون الثنائي:
 
امتازت هذه المرحلة بقبول مصر مأسسة التعاون الثنائي مع الحلف في إطار آلية الحوار المتوسطي، دون أن يترتب على ذلك انخراط يضمن تأثيرا متبادلا من جانب مصر في توجهات الحلف والدول الأعضاء فيه، بحيث يتوازي مع مساعي الحلف للتأثير في مصر، حيث ظل هذا الانخراط يحدث من جانب واحد فقط.
 
في إطار ذلك، وقعت مصر مع الحلف في 9 أكتوبر 2007 برنامج التعاون الفردي لتصبح مصر ثاني دولة متوسطية تبرم هذا البرنامج بعد إسرائيل. وحددت مصر أهدافها من هذا التعاون في توطئة البرنامج في البند (ج) الذي نص على تنسيق الجهود بين مصر والناتو لتحقيق درجة معينة من العملياتية، خاصة في مجالات الحرب ضد الإرهاب، وعمليات حفظ السلام، وعمليات الإغاثة الإنسانية، والبحث والإنقاذ، وأمن الحدود، ومحاربة الإتجار غير القانوني.
 
وبشأن عمليات حفظ السلام، نصت الفقرة الثانية من البرنامج على أن تتم هذه العمليات في إطار الأمم المتحدة، وفي ظل موافقة المنظمات الإقليمية. وربما يبرز ذلك رغبة مصر في الحفاظ على مسافة ما بينها وعمليات الناتو في هذا الإطار. وتعهد الطرفان في الفقرة نفسها على تبادل المعلومات المخابراتية بشأن الحرب ضد الإرهاب. ومنحت الفقرة الثالثة مصر الحق في المشاركة بصفة مراقب في أنشطة البحث والتكنولوجيا في مجالات الاهتمام الخاصة بالقوات المسلحة. وتم الاتفاق في الفقرة الرابعة على أن يقوم الحلف بمساعدة مصر على تجهيز وإعداد مستشفي ميداني لتقديم المساعدة الطبية لمن يتعرضون لهجمات بأسلحة الدمار الشامل، وتجهيز كتيبة للمشاركة في عمليات حفظ السلام.
 
وفي المقابل، تعهدت مصر بالمشاركة بمحاضرات في كليات الحلف، وبدعم جهود الدبلوماسية العامة التي يقوم بها الحلف، من خلال استضافة اللقاءات الخاصة بها، والتي تهدف لعقد حوار مع الأطراف الحكومية وغير الحكومية في مصر، ووافقت على تبادل الزيارات عالية المستوي بين الجانبين(35).
 
ووفقا للسفير مارتن إيردمان من حلف الناتو، فإن هذا البرنامج سوف "يساعد على صياغة التعاون بين حلف الناتو ومصر بطريقة أكثر موضوعية واستراتيجية more perspective and strategic مقارنة بأسلوب العمل من خلال برنامج العمل السنوي للحوار المتوسطي". ورأي السفير محمود كارم، سفير مصر في الاتحاد الأوروبي، أن مصر قد نجحت في "تطوير برنامج تعاون فردي ممتاز يعكس بدقة أولوياتها"(36).
 
وفي 2009، وقع الجانبان اتفاقية حماية المعلومات التي عَّدها السفير كلوديو بوسينييرو أساسا أقوي لتعزيز علاقات مصر مع الحلف(37). وتهدف هذه الاتفاقية إلي الحفاظ على سرية وثائق التعاون المتبادلة، وعدم إمكانية نشرها دون موافقة الطرفين. وتتضمن هذه الاتفاقية معلومات فنية حول ماهية الوثيقة، وكيفية تصنيفها، والجهات المعنية بتبادل هذه الوثائق ونشرها. ويشير اللواء صلاح إلي أن هذا البرنامج لم يعرض على مجلس الشعب للموافقة عليه، كما اشترط الدستور(38). ويرجح الكاتب أن ذلك كان راجعا إلي خشية الحكومة وقتها من احتمالية تأليب الرأي العام علي هذه الخطوة.
 
وأخذت مظاهر التعاون بين الجانبين خلال الفترة من 2007 إلي 2015 ثلاثة أشكال رئيسية شملت الزيارات المتبادلة، وتعزيز الحوار غير الرسمي مع الحلف، وتكثيف التعاون العلمي.
 
ففي مجال الزيارات المتبادلة، فقد حرص وزراء الخارجية على التواصل مع أمين عام حلف الناتو، في أثناء زياراتهم لبلجيكا. ففي ديسمبر 2008، التقي السيد أحمد أبو الغيط جاب دي هوب شيفر، سكرتير عام الحلف(39). وفي 30 نوفمبر 2009، التقي السكرتير العام الجديد آندرس فو راسموسن(40). وهو نهج استمر عليه وزراء الخارجية بعد ثورة يناير، فالتقي الوزير نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، أندرس فوج راسموسن، سكرتير عام الحلف في 3 أبريل .2014
 
وفي مجال تعزيز الحوار غير الرسمي مع الحلف، فقد استخدمت الحكومة المجلس المصري للشئون الخارجية كأداة للحوار مع الناتو. فمن خلاله، تم التعاون مع قسم الدبلوماسية العامة بالحلف في تنظيم ثلاثة لقاءات دورية في فبراير 2006، ومايو 2008، ومارس 2010. وحرص وزير الخارجية الأسبق أحمد أبو الغيط على المشاركة في هذه المؤتمرات، واللقاء بمساعدي السكرتير العام للحلف، باستثناء المؤتمر الثالث الذي أناب فيه مساعد الوزير للشئون الأوروبية وقتها. وأكدت مصر خلال هذه المؤتمرات المبادئ الحاكمة للحوار، وطرح المبادرات المشتركة، والتي تتمثل في عدم التمييز والتكاملية، ومراعاة الاختلاف في الخصوصيات والمعتقدات بين الدول، وعدم الكيل بمكيالين(41).
 
وفي مجال تكثيف التعاون العلمي بين الجانبين في إطار برنامج العلم من أجل السلام والأمن SPS، استضافت القاهرة، خلال الفترة من 13 إلي 15 أبريل 2010، ورشة العمل المتقدمة تحت عنوان "نظام الأمن الغذائي والأمن في مكافحة التهديدات الإرهابية والكوارث الطبيعية". وشاركت مصر في ورشة العمل المتقدمة التي انعقدت بمدينة هيلا Hella بأيسلندا خلال الفترة من 2 إلي 6 يونيو 2012 تحت عنوان " مدن ومنشآت عسكرية: أثر التغير المناخي على الطاقة والأمن البيئي". وبرعاية حلف الناتو، انتهي الباحثون المصريون والأمريكيون من مشروع حول "الاستخدام الفاعل للتنبؤ بالكوارث الطبيعية وتقليل مخاطرها". كما تعاون الباحثون والخبراء المصريون مع نظرائهم من ألبانيا، واليونان، وكندا في مشروعات لتحسين الأمن البيئي بالتخلص من الأزوت منذ ديسمبر 2007، وفي تطوير قدرة التنبؤ بالتغيرات المناخية المؤثرة في نوعية المياه، والناجمة عن الأعمال الإرهابية، أو تلوث البيئة(42).
 
ويلاحظ أنه في مقابل ازدياد هذه الأنشطة، فقد كانت هناك محدودية في جوانب التعاون العسكري، والتي باتت تقتصر على حضور المؤتمرات بين الجانبين، والمشاركة في الدورات والبعثات التدريبية التي ينفذها الحلف، دون أن يمتد ذلك إلي نطاق التعاون العسكري الشامل(43). ويلاحظ في هذا السياق أن القيادات العسكرية المصرية تفضل التعاون مع بعض الدول أعضاء الحلف -خاصة الولايات المتحدة- دون الحلف نفسه، ويرجع ذلك إلي عدم رغبة مصر في تزويد قوات الحلف بالخبرة العملياتية، وإتاحة أراضيها لمكافحة الأنشطة غير القانونية، وعمليات الطوارئ المدنية التي ينفذها.
 
لكن موقع حلف الناتو يشير إلي حالات محدودة تم فيها التعاون، حيث شارك ممثلون لمصر في التدريب الميداني Exercise  Cooperative Best Effort الذي تم تنظيمه في مدينة لفيف بأوكرانيا خلال الفترة من 19 إلي 30 يونيو 2005، وشمل التدريب أفرادا من 24 دولة، منها مصر وإسرائيل فقط من مبادرة الحوار المتوسطي(44).
 
4- بعد 2011 .. محاولة القفز على الخلاف السياسي:
 
وصمت الفترة التالية على الثورات العربية علاقات مصر مع حلف الناتو بالتوتر المصحوب بالندية، وكان ذلك راجعا إلي عدة أسباب، أولها وجود محاولة من الحلف للتدخل في الشئون الداخلية لمصر، ثانيها ازدياد وتيرة التعاون العسكري المصري - الروسي بعد ثورة 30 يونيو 2013، وهي علاقة لا يمكن فصلها في الإطار الأوسع عن علاقة مصر بالناتو.
 
فبعد شهرين من نشوب ثورة يونيو، وتحديدا في أغسطس 2013، أدي تصريح رئيس أركان حلف الأطلسي بأن "الحلف يتابع الوضع في مصر عن كثب"، وأنه بالرغم من أن الحلف لا يخطط لأي عمل عسكري، فإنه يبحث تأثير هذه التطورات، وأنه "إذا احتجنا فسنقوم بما يتعين القيام به لحماية مصلحة شركائنا في الحلف"(45)، إلي ازدياد التشكك في نيات الناتو، وهو ما استدعي قيام السفير محمود كارم، عضو مجلس إدارة مؤسسة كلية دفاع الحلف بروما، وسفير مصر السابق لدي الاتحاد الأوروبي، بإرسال خطاب احتجاج إلي الحلف، ترتب عليه تراجع الحلف عن تصريحاته. فوفقا لمساعد السكرتير العام للحلف، فإن رئيس الأركان ليست لديه خبرة سياسية، ولم يكن يقصد يقينا ما قاله(46).
 
وفي 14 أغسطس 2013، أعرب أمين عام حلف الناتو عن قلقه البالغ إزاء الوضع في مصر، واستمرار ورود تقارير عن إراقة الدماء، ودعا كل الأطراف لممارسة ضبط النفس، والامتناع عن العنف، والعمل على استعادة العملية السياسية، عادًّا أن مصر شريك مهم للحلف من خلال الحوار المتوسطي(47).
 
وحرصا من الخارجية المصرية على إبقاء علاقات التعاون مع الحلف، فقد نظمت الوزارة، بالتعاون مع برنامج الدبلوماسية العامة بالحلف، زيارتين لوفود إعلامية مصرية إلي مقر حلف الناتو، الأولي تم تنظيمها في مارس 2014 بمشاركة سبعة صحفييين مصريين، وهي الزيارة التي تبعها، كما سبقت الإشارة، لقاء نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق، بسكرتير عام الحلف بمقر الناتو في أبريل 2014، والأخري في يوليو .2015
 
واستخدمت هذه الزيارات كأداة لإبراز التحفظات المصرية على عمل الناتو في المنطقة، لاسيما من ناحية ازدواجية المعايير في التعامل بين دول المنطقة وإسرائيل، وحول الموقف من التعامل مع جماعة الإخوان، وتصنيفها كجماعة إرهابية من عدمه.
 
وفيما يتعلق بمستوي مشاركة مصر في أنشطة الحلف في الفترة التالية على 2011، أوضح الكولونيل روحي باجيران -قطاع التعاون والأمن الإقليمي في الحلف- وجود 1000 نشاط للتعاون مطروحة أمام الدول الشريكة في إطار الحوار المتوسطي في المجال العسكري، وهي موزعة على 37 مجالا،  وأن إجمالي عدد الأنشطة التي نفذت بين الحلف والدول الشريكة، خلال عام 2014، بلغ 223 نشاطا، مقارنة بـ 312 في 2013، و207 في 2012، و149 في .2011 وأشار بياجيران إلي أن هذه الأنشطة يتم تحديدها بناء على طلب من الدول الشريكة، وأن الحكومة المصرية "غير مهتمة بتوسيع نطاق استفادتها ومشاركتها في هذه الأنشطة"، على نحو يجعل مشاركتها تأتي في مرتبة تالية لمشاركة الأردن، والإمارات، والمغرب(48).
 
ثالثا- الحفاظ على التعاون في ظل الخلافات:
 
رغم مضي ما يزيد على 20 سنة على التعاون بين مصر وحلف الناتو، يظل التقدير المنتشر عن هذه المنظمة في الدوائر الدبلوماسية(49) والعسكرية(50) المصرية أنه "أداة" أمريكية هدفها التأثير في المواقف المصرية لتتفق والمصالح الغربية، وهو ما يفسر عمليا الحذر الشديد في التعاون مع الحلف في أي من الأنشطة التي يتم طرحها، خاصة تلك المتعلقة ببرنامج العلم من أجل السلام، ولكن في الوقت نفسه الاستمرار في مأسسة هذا التعاون من خلال اتفاقيات التعاون الفردي.
 
ومثل هذا النوع من التصورات يرتكز إلي اختلاف الجانبين حول فلسفة عملية التعاون ذاتها، ووجود عدد من القضايا السياسية والفنية الخلافية المتعلقة بالدور الذي أصبح يلعبه الحلف في منطقة الشرق الأوسط بعد الثورات، وستتم مناقشة كل من هذه القضايا على حده.
 
1- فلسفة التعاون: ترتبط "ثقافة العمل معا" التي تقوم عليها فكرة الحوار المتوسطي بالفلسفة والرؤية التي يؤمن بها كل طرف، وعدم تشكك كل منهما في نيات الآخر. فرغم إدراك كل من مصر والحلف أهمية التعاون، فإن هناك مجال اختلاف، ومخاوف كبيرة بين الجانبين. ويرجع مسئولو الحلف ذلك إلي سببين:
 
الأول: تشكك مصر وعدم ثقتها -كغيرها من الدول الأعضاء- في مبادرة الحوار المتوسطي، وأن الناتو يبحث منذ نهاية الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي عن "عدو جديد"، وهذا العدو هو "الإسلام"، وأن هذه "الصورة المشوهة"(51) مسئولة عن تخوف هذه الدول من توسيع مجالات تعاونها مع الحلف، مقارنة مثلا بدول شرق ووسط أوروبا التي يرتفع تأييد الحلف في أوساط الرأي العام فيها(52). أضف إلي ذلك التخوف من احتمال تدخل الناتو في الشئون الداخلية للدول العربية.
 
السبب الآخر: اقتصار تعاون مصر مع الناتو على مجالات التعاون التقليدية التي تركز بصورة رئيسية على تبادل المعلومات حول الشبكات الإرهابية، دون أن تشمل مجالات مثل: تحديث المؤسسات الأمنية، والأمن السيبراني، ومحاربة المخاطر الناجمة عن انتشار الدول الفاشلة، وإدارة الأزمات، حيث لم تطلب مصر مساعدة الناتو في مجالات أخري، فالعون الذي يقدمه الناتو يكون بناء على الطلب(53).
 
وفي المقابل، يري الجانب المصري أن الحلف لا يتبني أي موقف سلمي تجاه قضايا المنطقة، خاصة في ظل سيطرة الولايات المتحدة الفعلية على مجريات الأمور فيه، كما أنه يركز على مكافحة الإرهاب دون النظر إلي مسبباته، وأهمها التطرف، واستغلال تيارات الإسلام السياسي لقضية فلسطين لتعزيز شرعيتها في دول المنطقة. ويطالب أنصار هذا الرأي الحلف بأن ينظر نظرة واسعة إلي قضايا المنطقة، وأن يعمل "بمنطق سياسي متقدم"(54).
 
2- الإصلاح الدفاعي: تظل مجالات التعاون مع الحلف المتعلقة بالإصلاح الدفاعي من القضايا الخلافية مع مصر، وتشمل هذه القضايا اقتصادات الدفاع، وتحديات المجتمعات الحديثة، وإلغاء التجنيد الإجباري، ومراجعة العقيدة العسكرية، وإصلاح الميزانية العسكرية، وتحويل الجيش المصري من كونه جيشا تقليديا إلي جيش صغير يحارب الإرهاب(55).
 
ورغم وضوح الموقف المصري من هذه القضايا، خاصة ما يتعلق منها بطبيعة المهام القتالية للجيش المصري، فإنها تطرح في سياقات مختلفة في إطار الأنشطة المشتركة مع الحلف.
 
3- مكافحة الإرهاب: يكتسب هذا المجال أهمية بالنسبة لمصر منذ التوصل لاتفاق التعاون الثنائي. فبحسب مسئول في الحلف، "عرضت" مصر التعاون في هذا المجال(56). ولكن يظل ما يقدمه الحلف لمصر ولغيرها من الدول الشريكة، التي تطلب التعاون، مرتبطا بالأطر الحاكمة المنصوص عليها في سياسة الحلف الخاصة بمكافحة الإرهاب، وهي تتحدد في "تطوير القدرات في مجال منع والتعامل مع وتخطي آثار العمليات الإرهابية"(57)، وذلك من خلال التعاون في مجال تبادل وتشارك المعلومات عن العمليات الإرهابية، والتدريب على تقنيات مكافحة المخاطر غير المتماثلة، وكذلك على التعامل مع المدنيين في مناطق العمليات الإرهابية، والتعاون في مجال التدريب في إطار برنامج العلم من أجل السلام والأمن(58).
 
وتوجد روايات مختلفة حول تقييم التعاون مع الحلف في هذا المجال. فمن جانب مصر، هناك حديث عن "تسييس" الحلف تعاونه معها في مجال مكافحة الإرهاب، وهناك حديث عن  عدم قيام الناتو بتزويدها بالأجهزة المتقدمة التي تحتاج إليها لمكافحة الإرهاب في سيناء، أو فيما يتعلق بعدم فعالية الأجهزة التي قدمها الناتو لها في مجال نزع الألغام(59). وفي المقابل، أكد أحد مسئولي الحلف أن "مصر لم تطلب تعاونا فنيا محددا لمكافحة الإرهاب في سيناء"(60). ولكن هناك تقدير لأهمية التعاون مع مصر في هذا المجال بصفة عامة(61).
 
وفي إطار مناقشات متعددة مع مسئولي الحلف في إدارة الشرق الأوسط، وكذلك مع مسئولي وزارة الخارجية المصرية المعنيين بهذا الملف، تدور القضايا الخلافية بين الجانبين حول ثلاث قضايا رئيسية ترتبط باقتصار التعاون في هذا المجال على وزارة الدفاع، أي أنه ذو طبيعة عسكرية، ولا يتم إشراك وزارة الداخلية فيه، وعدم مشاركة مصر في إدارة الأوضاع بعد العمليات العسكرية في مواجهة الجماعات الإرهابية في أفغانستان 2001، مقارنة بالدور الإماراتي والأردني، على سبيل المثال، والذي اهتم بتقديم الدعم لعمليات الحلف فيما يتعلق بالمساجد، وإعادة تأهيل الأئمة، كذلك عدم اتفاق الدول الأعضاء في الحلف على تصنيف مصر لجماعة الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية منذ 25 ديسمبر 2013(62).
 
وفي مجال تفسير موقف الحلف من عدم تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية، يلاحظ اختلاف اللغة المستخدمة بين العاملين البيروقراطيين في الحلف، وممثلي الدول فيه. فبينما تنحو الأولي إلي تخفيف لغة الخطاب الصدامي بمثل تأكيد جوليت بيرد، مسئولة مكافحة الإرهاب بالحلف، صعوبة الاتفاق على قائمة للجماعات الإرهابية، وأن قضية الإرهاب أصبحت تخضع لتسييس مستمر(63)، أكدت السفيرة الدكتورة ماريان دي كواستينيت، الممثل الدائم لهولندا في مجلس الحلف، أنه "لن يكون مفيدا أن يتخذ الحلف موقفا محددا من هذه القضية"، وأن دولتها لديها إدراك بأن بعض أعضاء الجماعة يستخدمون العنف، وبعضها الآخر يقدمون خدمات اجتماعية، وأنه "رغم وجود خلاف حول ما إذا كانت الجماعة إرهابية أم لا، فإن ذلك لا يعني وجود خلاف حول ما يعد فعلا إرهابيا من عدمه"(64).
 
4- ترتيبات إعادة إعمار ليبيا: ويتعلق ذلك بعدم اضطلاع الحلف بدوره في ترتيبات ما بعد التدخل العسكري في ليبيا في 2011، والتي تشمل إعادة الإعمار، والتصدي لخطر انتشار الجماعات الإرهابية فيها، حيث يلقي الحلف بمسئولية ما حدث في ليبيا على الجامعة العربية التي طلبت منه التدخل، وعلى الطرح بأن أي عمل لاحق في ليبيا يحتاج إلي توافق جميع أعضاء الحلف، وأنه يتم بناء على طلب الدولة المعنية Demand driven، وأن المسئولية الرئيسية في ذلك تتحملها دول الجوار.
 
ولا يجد ذلك الطرح أي قبول من الجانب المصري، ويبرز ذلك بجلاء في تصريحات الرئيس السيسي الذي أكد -خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع رئيس الوزراء الإيطالي في 24 نوفمبر 2014، وفي لقائه مع وزير الدفاع الفرنسي في 16 فبراير 2015، ومع وزير الدفاع اليوناني في 20 أبريل، ومع وفد الكونجرس الأمريكي في 4 مايو 2015، وفي لقاءاته مع عدد من الصحف الأجنبية- أن حلف الناتو اتخذ إجراءات في ليبيا لم تكتمل، وتركها عرضة لتفشي أعمال العنف والإرهاب، وأن ذلك أدي إلي سقوط ليبيا تحت سيطرة الجماعات المسلحة والمتطرفة في غيبة وجود جيش وطني يدافع عنها(65).
 
ويلاحظ أن نكوص حلف الناتو عن القيام بدوره في ليبيا قد تم بالرغم من الأجواء المتفائلة التي كان قد عبر عنها أندرس فو رسموسن، الأمين العام للحلف، في منتدي الدبلوماسية الجديدة الذي استضافة معهد كارنيجي في أوروبا في الأول من يونيو 2011، قبل سقوط نظام القذافي، والذي أوضح فيه دور الحلف في مرحلة ما بعد إسقاط النظام، وأنه سوف يساعد في" بناء وزارة الدفاع الليبية الجديدة، وهيئة الأركان العامة المشتركة، وجهاز الأمن القومي"، وأن "هذه المؤسسات قابلة للمساءلة من جانب حكومة منتخبة بصورة ديمقراطية"(66)، وهو ما لم يحدث حتي الآن.
 
رابعا- تحديات المستقبل:
 
لم يعد التعامل مع مستقبل العلاقة بين مصر وحلف الناتو كافيا لأن يظل عند المستوي الحالي نفسه، أي الانخراط من طرف واحد، كما هو متداول في الدبلوماسية المصرية، بل أن  يتلاءم مع التحول في دور الحلف، خاصة على ضوء تزايد دوره في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، فضلا عن وجوده الحالي، وكذلك المحتمل، في الجوار الإقليمي لمصر، سواء في منطقة القرن الإفريقي التي ينفذ الحلف فيها عملية "درع المحيط Ocean Shield" من أغسطس 2009 للإسهام في الجهود الدولية لمكافحة القرصنة هناك، أو في سوريا، التي من المحتمل أن ينخرط فيها الناتو مستقبلا، أو في مواجهة الهجرة غير الشرعية عبر ليبيا، أو مساعي الحلف لإعادة بناء الجيش الليبي على أسس عشائرية وقبلية.
 
ويظل التوصل لصيغة تضمن استمرار التعاون بشكله المؤسسي، المنصوص عليه في اتفاق الشراكة الفردية IPCP- على نحو نحو يضمن "التوازن" بين عدم تحول مصر إلي نافذة يوسع من خلالها الحلف نفوذه في الشرق الأوسط، وتحجيم ذلك النفوذ، وفي الوقت نفسه استفادتها من البرامج الخاصة بالحلف دون المساس بالسيادة الوطنية -تحديا للدولة المصرية، وصانع القرار الخارجي فيها.
 
ومن خلال مناقشات متعددة مع المسئولين المصريين، يظل التصور السائد هو محاولة الاستفادة من مجالات التعاون المتاحة، والتي هي محدودة بطبيعتها، نظرا لكون مصر ليست عضوا، ولا يمكن أن تكون كذلك، خاصة في ظل التحديات التي يطرحها الإرهاب خلال المرحلة الحالية.
 
وفي هذا الإطار، من المهم التفكير في تفعيل مشاركة مصر في عمليات إدارة الأزمات، وإعادة الإعمار بعد المواجهة العسكرية للجماعات الإرهابية في الدول التي تتماس بصورة مباشرة أو غير مباشرة مع الأمن القومي المصري، خاصة في مجال نشر التفسير الوسطي للإسلام، وتدريب الأئمة، وإعادة إعمار المساجد، وإصلاح المناهج التعليمية، وهي عناصر القوة الناعمة لمصر. كما أنه من المهم الحرص علي التواصل المستمر مع مسئول العمليات داخل الحلف المعني بهذا الملف، وطرح وجهة النظر المصرية في اللقاءات المختلفة مع مسئولي الحلف حول هذه القضية، نظرا لما لها من أهمية بالنسبة للأمن القومي المصري.
 
ومن المهم أيضا توسيع مجالات التعاون في إطار برنامج العلم والسلام على نحو يخدم المصالح المصرية، وأن يصاحب ذلك تشجيع الباحثين والأكاديميين المصريين على الاهتمام بقضية دور حلف الناتو في الشرق الأوسط، والتركيز على تسييس موقف الناتو من القضايا التي تهم مصر، سواء من خلال النشر في الدوريات الأجنبية، أو عن طريق المشاركة في المؤتمرات الدولية ذات الصلة، كذلك تشجيعهم، بالتنسيق مع وزارة الخارجية المصرية، على الاستفادة من برنامج العلم من أجل السلام والأمن، خاصة فيما يتعلق بتمويل برامج الدكتوراه للمتخصصين في مجالات اهتمام الحلف، فضلا عن تشجيعهم على التفاعل مع أكاديمية الناتو في روما التي تعد الذراع الأكاديمية للحلف، وعلى الاستفادة من البرامج الخاصة بها.
 
الهوامش :
 
1- مقابلة مع وزير الخارجية الأسبق، نبيل فهمي، القاهرة، 11 أغسطس .2015
 
2- مقابلة مع وزير الخارجية الأسبق، محمد العرابي، القاهرة، 9 أغسطس .2015
 
3- Mohammed Moustafa Orfy, NATO and the Middle East: The Geopolitical Context Post-11/9 (London: Routledge, 2011), p.132.
 
4- الكلمة التي ألقاها الأمين العام لحلف الناتو، أندرس فو رسموسن، في مؤتمر هيرتزيليا الحادي عشر الذي عقد في هيرتزيليا بإسرائيل، موقع الناتو، 9 فبراير .2011 متاح على رابط
 
http://www.nato.int/cps/ar/natohq/opinions_.70537htm
 
5- مقابلة مع اللواء  محمد صلاح، مدير كلية الدفاع الوطني، أكاديمية ناصر العسكرية، القاهرة، 2 سبتمبر 2015، كما أكد ذلك أيضا عدد من المسئولين في الحلف في مقابلات متعددة معهم، كما هو موثق من قبل محمد عرفي في متابعة العلاقة بين مصر وحلف الناتو. انظر:
 
- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., p.130.
 
6- المقابلة مع اللواء محمد صلاح.
 
7- المقابلة مع وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي.
 
E. Y. B. Ormanci, “Mediterranean Security Concerns and NATO's Mediterranean Dialogue”, Paper Submitted to the North Atlantic Treaty Organization in partial fulfillment of the requirememnts for the individual research fellowship for the academic year 1998/2000, p.23. Available at:
 
http://www.nato.int/acad/fellow/98-00/ormanci.pdf
 
فسر جارث وينرو تأخر الأردن في الانضمام إلي المبادرة -بالرغم من اهتمامه بالمشاركة- بسبب شكوك بعض أعضاء الناتو في مواقفه، خاصة منذ تأييد الملك حسين للعراق أثناء حرب الكويت. وأرجع تأخر مسألة انضمام الجزائر إلي موقف فرنسا التي ضغطت على الناتو لعدم قبول انضمامها بسبب تعقد الموقف الداخلي فيها، وعدم رغبة فرنسا في انخراط الناتو في بلد ترتبط به بعلاقات سياسية، واقتصادية، وعسكرية وثيقة، فضلا عن انقسام موقف الدول أعضاء الحلف حول طريقة تسوية الأزمة الجزائرية. للمزيد، انظر:
 
- Gareth M. Winrow, Dialogue with the Mediterranean: the Role of NATO's Mediterranean Initiative (New York: Garland Publishing, 2000), pp. 170-171.
 
9- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., pp. 94-108.
 
10- Y. A. Stivachtis, B. Jones, 'NATO's Mediterranean Dialogue: an Assessment', Research Paper No. 137, November 2009, p.10.
 
11- Gunter Hauser, the Mediterranean Dialogue: A Transatlantic Approach, Crissma Working Paper, no.9, 2006, p.13.
 
12- North Atlantic Council  Foreign Ministers, M-NAC -1(98) 59, para8., Luxembourg, 28 May 1998.
 
13- Mohamed Kadry Said , Assessing NATO's Mediterranean Dialogue. Available at:
 
http://www.nato.int/docu/review/2004/issue1/english/art.4html
 
14- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., pp. 103-104.
 
15- الناتو يقر مبادرة اسطنبول للتعاون لتعزيز شراكته الأمنية مع دول الخليج والبحر المتوسط، الشرق الأوسط، 29 يونيو .2004
 
16- Mohamed Kadry Said , Op.Cit.
 
17- إطار أرحب وأكثر طموحا للحوار المتوسطي، موقع الناتو، 28 يونيو .2014 متاح على رابط:
 
http://www.nato.int/cps/ar/natohq/official_texts_.59357htm
 
18- دور حلف الناتو في الشرق الأوسط، نص محاضرة دورية للواء محمد صلاح، مدير كلية الدفاع الوطني، في دورة الدراسات الاستراتيجية والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.
 
19- المقابلة مع اللواء محمد صلاح.
 
20- المرجع السابق.
 
21- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., p.130.
 
22- المقابلة مع وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي.
 
23- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., p.130.
 
24- مقابلة مع ضابط الاتصال الخاص بحلف الناتو في وزارة الدفاع المصرية 2005 -2007، القاهرة، سبتمبر .2015
 
25- First Course for Mediterranean Partners at the NATO Defense College, NATO Website, 20 April 1998. Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.25871htmselectedLocale=en
 
26- Submarine Safety Exercise, NATO Website, 17 September..2001 Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.18548htmselectedLocale=en
 
27- NATO-EAPC Research Fellowships Programme 2001-2003, NATO Website, 21 Jun 2001. Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.18657htmselectedLocale=en
 
28- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., p.133.
 
29- دور حلف الناتو في الشرق الأوسط، مرجع سابق.
 
30- NATO's highest military authorities meet at NATO HQ, Brussels, NATO Website, 16 November..2004 Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.20673htmselectedLocale=en
 
31- عُين اللواء محمد صلاح كأول ملحق عسكري يقوم بمهام ضابط الاتصال منذ أكتوبر .2005
 
32- المقابلة مع اللواء محمد صلاح.
 
33- أوضح ألبرتو بين، رئيس قسم الشئون السياسية والأمن في الحلف الأطلسي في 2004، أن عدد هذه الأنشطة قد بلغ 600 نشاط، 80 منها عسكرية، و20 منها إدارية ومدنية. ماذا يريد الناتو من مبادرة الحوار السياسي مع الدول العربية؟، الشرق الأوسط، 26 نوفمبر .2014
 
34- Mohammed Moustafa Orfy, Op.Cit., p.133.
 
35- Ibid., pp. 132-133.
 
36- NATO and Egypt conclude Individual Cooperation Programme, NATO Official Website, 9 October, 2007. Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.7969htmmode=pressrelease
 
37- Keynote address by NATO Deputy Secretary General, Alessandro Minuto Rizzo, at the Conference 'NATO and Egypt: A Dialogue' co-sponsored by the Egyptian Council on Foreign Affairs and the NATO Public Diplomacy.  Division, held in Cairo, Egypt, 13 Feb..2006 Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/opinions_.22579htm
 
38- المقابلة مع اللواء محمد صلاح.
 
39- أبو الغيط يطرح الرؤي المصرية خلال اجتماعاته في بروكسل، وزارة الخارجية المصرية، 3 ديسمبر 2008، الموقع الرسمي لوزارة الخارجية المصرية:
 
http://www.mfa.gov.eg/Arabic/Ministry/News/Pages/NewsDetails.aspxSource=1d5b0202-c337-4794-ab10-342893d069e1&newsID=56a2311e-71bf-4624-82e1-3712ab0e677b
 
40- الناتو: مباحثات ودية بين أبو الغيط وراسموسن، موقع مصرس، نقلا عن اليوم السابع، 1 ديسمبر .2009 متاح على رابط:
 
http://www.masress.com/youm161919/7
 
41- أمين عام الناتو: مصر لاعب أساسي في عملية السلام، الموقع الإلكتروني لليوم السابع، 4 مارس .2010 متاح على رابط:
 
http://www.youm.7com/story/0/0/0000/-/197025#.VfO76iLoTLM
 
42- ملف معلومات حول حلف شمال الأطلنطي ومصر، المكتب الإعلامي بسفارة جمهورية مصر العرية ببروكسل، يونيو 2015، ص ص12-.13
 
43- المقابلة مع السفير محمد العرابي.
 
44- Exercise Cooperative Best Effort in Ukraine, NATO Website, 19 June 2005. Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.21439htmselectedLocale=en
 
بالرغم من إشارة موقع الحلف إلي مشاركة 24 دولة، فإن توزيع الدول المشاركة يشير إلي مشاركة 23 دولة فقط. تنقسم هذه الدول إلي 10 دول أعضاء في الحلف، هي: بلغاريا، وكندا، واليونان، والمجر، وليتوانيا، وبولندا، وإسبانيا، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، و11 دولة شريكة للحلف، هي: النمسا، وأرمينيا، وأذربيجان، وبيلاروس، وكرواتيا، ومقدونيا، وجورجيا، وكازاخستان، ومولدوفيا، وسويسرا، وأوكرانيا، ودولتان من مبادرة الحوار المتوسطي هما مصر وإسرائيل.
 
45- السفير محمود كارم يستفسر عن تصريحات الناتو حول التدخل في الأزمة المصرية، المصري اليوم، 3 أغسطس .2013
 
46- عضو إدارة الناتو: مصر لن تكون جائزة كبري لطموحات إقليمية في المنطقة، المصري اليوم، 20 سبتمبر .2013
 
47- Statement by the NATO Secretary General on the events in Egypt, NATO Official Website, 14 August, 2013. Available at:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/news_.102461htmselectedLocale=en
 
48- مناقشات الكولونيل روحي باجيران -قطاع التعاون والأمن الإقليمي- مع وفد من الصحفيين والإعلاميين والأكاديميين المصريين ببروكسل خلال الفترة من 10 إلي 11 يونيو .2015
 
49- مناقشات متعددة مع دبلوماسيين في الخارجية المصرية معنيين بالملف، أبريل .2015
 
50- مناقشات متعددة مع مسئولين في المؤسسة العسكرية، فبراير .2015
 
51- كلمة الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ياب دي هوب شيفر أمام مؤتمر حول "الدور المتطور لناتو في الشرق الأوسط" مؤسسة كارنيجي، واشنطن، موقع الناتو، 3 يونيو .2005 متاح على رابط:
 
http://www.nato.int/cps/ar/natohq/opinions_.60119htm
 
52- Larrabee, Stephen, Jerrold Green, Ian O. Lesser and Michael Zanini, NATO's Mediterranean Initiative. Santa Monica: Rand, 1998, p.79.
 
53- مناقشات نيكولا دي سانتيس، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مع وفد من الصحفيين والإعلاميين والأكاديميين المصريين خلال الفترة من 10 إلي 11 يونيو .2015
 
54- المقابلة مع السفير محمد العرابي.
 
55- المقابلة مع اللواء محمد صلاح.
 
56- مقابلة مع مسئول في إدارة مكافحة الإرهاب، حلف الناتو، بروكسل، 26 نوفمبر .2015
 
57- “NATO's policy guidelines on counter-terrorism", NATO official website, May 21, 2012:
 
http://www.nato.int/cps/en/natohq/official_texts_.87905htmselectedLocale=en
 
58- NATO prepared a short fact sheet setting out some examples and ideas for cooperation in counterign terrorism.  This is available on NATO's website:  http://www.nato.int/nato_static_fl2014/assets/pdf/pdf_2014_20151029/10_141007-ct-coop-partners-factsheet.pdf
 
59- مناقشات مع دبلوماسي مصري مسئول عن ملف العلاقة مع حلف الناتو، وزارة الخارجية المصرية،  أبريل مايو .2015
 
60- مقابلة مع مسئول في إدارة مكافحة الإرهاب عبر البريد الإلكتروني، حلف الناتو، بروكسل، 26 نوفمبر .2015
 
61- مقابلة مع مسئول في إدارة الشئون السياسية والسياسات الأمنية عبر البريد الإلكتروني، حلف الناتو، بروكسل، 26 نوفمبر .2015
 
62- مناقشات مع دبلوماسي مصري متخصص في الشئون الأمنية، وزارة الخارجية المصرية،  أبريل - مايو 2015، وكذلك مناقشات مع جولييت بيرد، رئيس قسم مكافحة الإرهاب، مقر حلف الناتو ببروكسل، 10 يونيو .2015
 
63- المناقشات نفسها.
 
64- المناقشات نفسها.
 
65- السيسي ملمحا لدور عسكري موسع: عملية حلف الناتو في ليبيا لم تكتمل .. وحان الوقت لتدارك ذلك، سي إن إن بالعربية، 17 فبراير .2015 متاح على رابط
 
http://arabic.cnn.com/middleeast/17/02/2015/elsisi-egypt-nato-libya
 
والسيسي لـ "وفد الكونجرس": عملية "الناتو" في ليبيا غير مكتملة .. والحل الأمني لا يكفي لمواجهة الإرهاب، أ.ش.أ، 4 مايو .2014 متاح على رابط:
 
http://elbalad.it-ventures.net/1518046
 
وقبيل زيارته للندن .. السيسي يدعو الناتو للتحرك بليبيا، موقع العربية، 4 نوفمبر .2015 متاح على رابط
 
http://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/egypt/04/11/2015/%D9%82%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%87-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%88-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D8%A8%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A.7html
 
66- حلف الناتو والربيع العربي، كلمة الأمين العام لحلف الناتو، أندرس فو رسموسن، في منتدي الدبلوماسية الجديدة الذي استضافه معهد كارنيجي في أوروبا، موقع الناتو، أول يونيو .2011 متاح على رابط:
 
http://www.nato.int/cps/ar/natohq/opinions_.74993htm
طباعة

    تعريف الكاتب

    يوسف ورداني

    يوسف ورداني

    خبير في دراسات وبحوث الشباب، باحث دكتوراه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة.