أثار التدخل الروسي في سوريا العديد من التساؤلات البالغة الأهمية حول خلفية هذا التدخل بمعني هل هو مبادرة روسية خالصة. أم أنه جري بمستوي معين من التنسيق مع الولايات المتحدة؟ وما هو مداه الزمني والنوعي؟ أي ما هي المدة التي سيستغرقها؟ وهل سيظل مقتصرا علي الضربات الجوية مع الاستعانة بقوات الجيش السوري علي الأرض، أم سيتسع نطاق التدخل الروسي ليصل إلي القوات البرية؟ أو ما مدي تأثيره في القوي المتصارعة علي الساحة السورية وعلي واقع القوي الإقليمية، ومستقبل الصراع الجاري في المنطقة، وكذلك مدي تأثيره في حل الأزمة؟
تساؤلات متعددة تعكس في حقيقتها مدي التعقيد، والتداخل، والتشابك الذي وصل إليه المشهد السوري. ويري الباحث أن الإجابة عليها تكشف عن الجوانب المختلفة لتأثير هذا التدخل وتداعياته.
أولا - خلفيات التدخل الروسي في سوريا:
1- يصعب القول، استنادا إلي العديد من المؤشرات، إن التدخل الروسي في سوريا كان مفاجئا للولايات المتحدة، لأن أجهزة الاستخبارات والمعلومات الامريكية تتابع بدقة ما يجري علي الساحة السورية لحظة بلحظة، ومن ثم فهي تستطيع أن تتوقع إمكانية حدوث شيء ما، وهو ما قامت به بالفعل مراكز التفكير والبحوث الأمريكية. فمتابعة ما نشرته وتوقعته هذه المراكز حول التحركات الروسية علي الأراضي السورية، قبل الإعلان الرسمي عن بدء الضربات الروسية، تؤكد ذلك .
2- لا يعني هذا وجود تنسيق استراتيجي مسبق بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية حول هذا التدخل، لوجود العديد من التناقضات الاستراتيجية بين الدولتين التي يصعب في ظل استمرارها حدوث هذا التنسيق علي هذا المستوي، ولكن هذا لا يمنع من وجود تنسيق عملياتي، بحيث يتم تجنب أي حادث أو أي مواجهات بين القوات الجوية للبلدين، خاصة أن الولايات المتحدة تقوم بعمليات جوية في سوريا في إطار التحالف الدولي لمحاربة "داعش" والنصرة .