لعقود طويلة، اعتمد التحليل العلمي في دراسة الظواهر السياسية علي مداخل القوة بأشكالها المختلفة، بالتركيز علي نطاق الدولة، وأطرها المؤسسية والدستورية، في محاولة لفهم أسباب التغير في النظم السياسية. ولعل المدخل التقليدي لديفيد إيستون، والمعروف بين الأكاديميين العرب باسم "تحليل النظم"، من أقدم المداخل التي أعلت من شأن الاقتراب المؤسسي، كمحاولة لفهم التفاعل بين مؤسسات النظام السياسي، ومطالب الجماهير، والتي تنعكس في شكل تأييد أو عدم تأييد النظام بحسب استجابته لهذه المطالب. إلا أن هذا الاقتراب أضحي عاجزا بشدة عن تحليل التغيرات العنيفة في النظم السياسية، والمتمثلة في الثورات، والتي تشمل ببساطة انقطاعا تاما عن النظام ومؤسساته، ومحاولة تغييره بأساليب غير تقليدية.
وعلي مدي العقود الخمسة الأخيرة، تطورت اقترابات أكثر ديناميكية من اقتراب تحليل النظم في محاولة فهم هذه التغيرات، لعل أهمها اقتراب العلاقات المدنية - العسكرية، الذي يحاول فهم عمليات التحول من النظم الديكتاتورية إلي الديمقراطية، في ضوء فهم طبيعة التنافس بين المدنيين والعسكريين، والذي ينتهي إما إلي سيطرة مدنية، أو عسكرية، أو بخليط من المكونين المدني والعسكري، فضلا عن اقترابات أخري حاولت التقليل من أهمية المداخل المؤسسية لمصلحة مداخل الجماعات والحركات الاجتماعية الاحتجاجية، كتعبير عن مظهر جديد من مظاهر العمل السياسي الاحتجاجي المنظم خارج إطار المؤسسات التقليدية.