يعود البعض إلي انتهاء الحرب الباردة مع مطلع عقد التسعينيات من القرن المنصرم ليؤرخ لمرحلة جديدة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط، أيا كان التعريف الذي نتبناه لهذا التعبير، وأيا كانت الحدود التي نضعها للمنطقة المشمولة به. إلا أن البعض الآخر يرجع إلي تواريخ أخري، سواء ما هو سابق علي انتهاء الحرب الباردة، مثل هزيمة دول خط المواجهة العربية أمام إسرائيل في حرب يونيو 1967، أو اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في منتصف عقد السبعينيات من القرن العشرين، أو الغزو السوفيتي لأفغانستان في نهايات 1978، وحادث اقتحام الحرم المكي في توقيت شبه متزامن من جانب جماعة دينية إسلامية متطرفة، وما أعقب ذلك مباشرة من انتصار الثورة الإيرانية في فبراير 1979، أو اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات علي يد جماعة دينية إسلامية متطرفة أخري في أكتوبر 1981، أو الغزو الإسرائيلي للبنان في يونيو من عام 1982، أو الغزو العراقي للكويت في أغسطس 1990، وهو تاريخ قريب نسبيا من الناحية الزمنية، وإن كان بعيدا من الناحية المكانية من تاريخ انتهاء الحرب الباردة.
بل إن هناك من يذهب بعيدا في أعماق القرن العشرين ليؤرخ للصراعات في الشرق الأوسط بمرحلة الحرب العالمية الأولي، وما تخللها من اتفاق سايكس - بيكو الاستعماري علي تقسيم الشرق الأوسط بين الدول الاستعمارية الرئيسية آنذاك، وكذلك وعد بلفور البريطاني الخاص بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وهناك علي الجانب الآخر من يؤرخ لتلك الصراعات ارتباطا بإنشاء دولة إسرائيل في مايو 1948، أو بتأميم الزعيم الإيراني الراحل الدكتور محمد مصدق لصناعة النفط في بلاده، أو تأميم الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر لقناة السويس في خمسينيات القرن العشرين، أو اتصالا بما يسمي تاريخيا بـ "الحرب الباردة العربية"، فيما بين المعسكرين "التقدمي" و"المحافظ" فيما بين الدول العربية والتي دارت رحاها بين عامي 1956 و.1967
إلا أنه من جهة أخري، فهناك من يؤرخ للصراعات في الشرق الأوسط بتواريخ تالية لانتهاء الحرب الباردة عالميا، وأعني هنا القياس علي أحداث مست بشكل مباشر المنطقة، وفي مقدمتها أحداث 11 سبتمبر 2001، وما أعقبها من غزو أمريكي لأفغانستان في العام ذاته، وللعراق في عام 2003. وأخيرا، هناك من تكون مرجعية المقارنة لديه ما يعرف بـ "الربيع العربي" بثوراته، أو انتفاضاته، وتفاعلاته، وتطوراته.