منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، خلص أنصار الليبرالية الجديدة إلي كون التحرير، والسعي نحو عدم توجيه الاقتصاد هو الآلية الأساسية لبناء نموذج اقتصادي ناجح. وكانت النتيجة الطبيعية لذلك اقتناع كثير من دول العالم بضرورة وضع صيغ لتحرير التجارة والتبادل التجاري. وتمحورت البحوث الأكاديمية حول تعزيز الدراسة في بنيات مقبولة للاندماج، وبدا التراكم الذي أحدثه الكثير من المنظرين والاقتصاديين مؤثرا، ومن ذلك مثلا، بلاسا وفاينر، وميد، وباي، وليبسي، وغيرهم، لكن كان التعبير العملي عن ذلك التوجه هو السعي الحثيث لبناء فضاء أوروبي مندمج.
وفي ثمانينيات القرن الماضي، كان الأمل، الذي خلقته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والذي ارتبط باقتراب بدا جديدا آنذاك، وهو العولمة، كبيرا في دفع المشروعات الاندماجية في العالم انطلاقا من مقومات أكثر سلمية. وساعد علي اعتناق هذا الأمل وجود بنية نظرية تترقب التغيرات السياسية والأيديولوجية في النظام الدولي، والتي تحققت فعلا بعد عشرية من التدافع بين المعسكرين الشرقي والغربي. ولم تكن هذه البنية النظرية سوي نظرية "الاندماج الاقتصادي". وقد تعزز ذلك بالحلول التي قدمت في ظل التوافقات التجارية الكبري، في إطار المنظمة العالمية للتجارة في عام .1994
لقد كان الاتجاه الاندماجي في العلاقات الدولية قويا وواعدا، وقد أعطي لذلك تفاسير متعددة، منها ضيق الإطار الوطني، وإعادة النظر في السيادة الوطنية، مقابل التحدي المزدوج المتمثل في العولمة، وتراجع المد الهوياتي، وأيضا الرغبة في تجاوز العجز الذي أبانت عنه أدوار المنظمات الدولية الحكومية، وكذلك الدور المتجدد للجهود الدولية في تلطيف التحولات الدولية التي كانت مرتقبة مع انتهاء الحرب الباردة.