واجهت أوروبا ثورتين متزامنتين مع نهاية القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر: الثورة الفرنسية، والثورة الصناعية والتكنولوجية. وكانت الثورة الأولي هي التي استهدفت عمدا ومباشرة تحطيم الهياكل والنظم السياسية للدول الأوروبية بأفكارها عن "الحرية"، و"الإخاء"، و"المساواة، وهي أفكار حملها معه نابليون بونابرت، حينما توسع شرقا حتي وصل إلي موسكو علي الأرض الروسية. ولكن الثورة الثانية كانت هي التي أصلت عملية تغيير أوروبا، ومن بعدها العالم اقتصاديا، واجتماعيا، ثم سياسيا. كلتا الثورتين علي أي الأحوال كانت وراء تكوين العالم المعاصر كما نعرفه الآن، حتي بعد أن تمت هزيمة نابليون في عام 1815. وعقب الهزيمة، قادت أربع من القوي المحافظة، روسيا والنمسا وبروسيا وبريطانيا، عملية لإدارة التغيير، والحفاظ علي توازن القوي في القارة الأوروبية لقرابة مئة عام، حتي نشبت الحرب العالمية الأولي في 1914. وفيما بعد أضيفت فرنسا إلي القائمة ، وشكلت القوي الخمس ما أصبح معروفا باسم "منظومة أوروبا Concert of Europe' أو "كونجرس فيينا" لإدارة التغيير، ومواجهة إمكانية نشوب ثورة أخري.