لم يكن صدور العدد الأول من مجلة السياسة الدولية في عام 1965 سوي تتويج للتحولات الهيكلية التي مرت بالنظام الدولي، لاسيما مع بدء الحرب الأمريكية علي فيتنام في 8 مارس من العام ذاته بالتوازي مع مظاهرات حركة الحريات المدنية في الولايات المتحدة، بزعامة مارتن لوثر كينج، وهو ما تبعه الاحتلال الأمريكي لجمهورية الدومنيكان لحسم الحرب الأهلية التي أعقبت الانقلاب العسكري، وتفجر المواجهات العسكرية بين الهند وباكستان في سبتمبر من العام نفسه، فضلا عن تآسيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبرنامج الغذاء العالمي، وصدور قرار الأمم المتحدة بحظر التفرقة العنصرية قبيل نهاية العام.
وفي الذكري الخمسين لصدور المجلة، شهد النظام الدولي تحولات أكثر جذرية ترتبط بصعود دور الفاعلين من غير الدول، وتصاعد موجات تصدع الدول في خضم الصراعات الأهلية، وتماهي الحدود الفاصلة بين الداخلي والدولي، وصعود أنماط للتفاعلات البينية Intermestic بالتوازي مع الطفرة الاستثنائية في ثورة الاتصالات والتدفقات المعلوماتية العالمية، التي باتت تفوق قدرة الدول علي السيطرة عليها وتوجيهها، خاصة مع تبلور المجال الافتراضي كمساحة بعيدة عن سيطرة السلطة، فضلا عن صعود تهديدات عالمية باتت تستوجب جهودا عالمية لمواجهتها، مثل الاحتباس الحراري، والتصحر، وتلوث البيئة، والانتشار النووي، والإرهاب العابر للحدود. أثار ذلك تساؤلات حول أبعاد التحول في بنية وخصائص النظام الدولي خلال فترة خمسين عاما، والمسارات المطروحة لمستقبل النظام الدولي، في ظل الجدل المستعر حول توصيف حالة النظام الدولي في المرحلة الراهنة ( للمزيد أنظر المجلة)