29 مارس 2015
توقع الأستاذ محمد حسنين هيكل أن تعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى مصر حين تستعيد قوتها ودورها الإقليمي، وأكد على أهمية العلاقات مع روسيا، منبهاً في الوقت نفسه إلى أن موسكو فتحت حسابا جديدا لمصر، ولكن الحساب القديم لم يغلق تماما لأننا ذهبنا بعيدا مع أمريكا لمطاردة الروس في الصومال وأنجولا وفى أفغانستان.
وقال هيكل في حوار أجرته معه هيئة تحرير مجلة السياسة الدولية، وينشر في العدد 200 الذي يصدر أول إبريل 2015 بمناسبة الذكرى الخمسين لإصدارها، إن مصر تستطيع القيام بدور أكثر فاعلية في المنطقة والعالم عندما تبنى قاعدة داخلية قوية ومتماسكة، وأن موقعها يفرض عليها إما أن تقوم بهذا الدور، أو أن يتدخل آخرون في شئونها.
وحذر هيكل من أن قضايا العرب الأساسية خرجت من أيدي أصحابها إلى قوى إقليمية ودولية، وأن الوضع المضطرب في سوريا، والعراق، وليبيا قد يطول إلى ما لا نهاية لأن هناك قوى تدفع في هذا الاتجاه، بما ينطوي عليه ذلك من عوائق أمام تفعيل دور مصر الدولي لأن العالم العربي هو القاعدة الأساسية لهذا الدور.
إعادة توزيع القوة
وتحدث هيكل عن صراعات القوى على المستويين الإقليمي والدولي، والتفاعلات المرتبطة بإعادة توزيع القوة في العالم، ملاحظاً أن النظام العالمي يبدو كما أنه في حالة حمل قد تتمخض عن خمسة أو ستة توائم. وتطرق جانب من هذا الحوار إلى تجربة هيكل في مؤسسة "الأهرام"، ودوره في تطوير الصحافة المصرية والعربية، ومغزى تفكيره في إصدار مجلة السياسة الدولية عام 1965 في وقت لم يعرف العالم العربي هذا النوع من المطبوعات.
وأكد هيكل أن مؤسسة "الأهرام" ظلت مستقلة، ولم تتبع أجندة النظام السياسي طوال فترة رئاسته لها، وأن دورها كان يقتصر على تقديم المشورة إلى الرئيس جمال عبد الناصر عن الأولويات في ظروف الحرب من خلال وحدة صغيرة داخل مركز الدراسات.
وكشف أن الرئيس عبد الناصر كان يحلم برئاسة تحرير "الأهرام" بعد أن يترك رئاسة الجمهورية، لافتاً إلى صورة معلقة في مكتبه لعبد الناصر جالساً على مقعد رئيس التحرير خلال الزيارة التي قام بها إلى "الأهرام" بعد افتتاح مبناه في شارع الجلاء.
كما تحدث عن العصر الذهبي لـ "الأهرام"، وروى قصة طلب نقابة الصحفيين في لبنان عدم توزيع "الأهرام" فيها قبل الساعة الخامسة صباحا بسبب اكتساح السوق هناك. وقال إن المؤسسة تعرضت لظروف صعبة، وتراكمت مشاكلها، موضحا أن الصحافة تتأثر بانكماش السياسة.
وأوضح هيكل أيضا أن مجلة "السياسة الدولية" كانت في بدايتها مهتمة بالعالم الإفريقي والآسيوي، ومواكبة لعصرها وفاعلة فيه، لأن مصر كانت فاعلة وقتها في قلب حركات التحرر، والعالم الثالث، ومنظمة الأمم المتحدة. قائلا: "لا أبالغ حين أقول أن مجموعة الدول الآسيوية والإفريقية سيطرت في ذلك الوقت على منظومة الأمم المتحدة فانصرفت الدول الكبرى عنها لتدبر أمورها في منابر أخرى. وكانت مجلة "السياسة الدولية" تعبيرا ومرآة عكست ذلك التحرك".
وأكد أن الصحافة المطبوعة ستستمر، مشيرا إلى شواهد تدل على ذلك، وموضحا أن أكبر مشكلة تواجه الصحف المطبوعة المصرية هي تعدد قراء النسخة الواحدة بمعدل 6 و8 قارئ لكل نسخة، فضلاً عن ضعف قدرتها على منافسة الوسائل الإعلامية الأخرى. وقال إن استمرارها مرهون بقدرتها على الوصول إلى حيث لا تستطيع الكاميرا أن تصل.
(*) التفاصيل الكاملة لحوار هيئة تحرير مجلة السياسة الدولية مع الأستاذ محمد حسنين هيكل في العدد 200 ، إبريل 2015