القوات المسلحة المصرية هي درع الوطن وسيفه. وسيشهد التاريخ لها أنها خاضت حروباً متعددة دفاعاً عن الوطن، وحماية له من الهجوم الخارجى الذي قامت به دول كبرى كما حدث في العدوان الثلاثي عام 1956 الذي قامت به فرنسا وإنجلترا وإسرائيل عام 1956 عقابا لمصر حين أصدر «جمال عبد الناصر» قراره التاريخي بتأميم قناة السويس، وكما حدث عام 1967 حين شنت إسرائيل هجومها على مصر.
في هذه المعارك وقبلها عام 1948 حين خاضت مصر الحرب ضد العصابات الصهيونية عام 1948 دفاعاً عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، خاضت القوات المسلحة المصرية معاركها الباسلة، والتي استشهد فيها آلاف المقاتلين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن.
ولم تكتف القوات المسلحة بدورها التاريخى في الذود عن الوطن من هجمات الخارج، ولكنها لم تتردد دقيقة في الدفاع عن البلاد من المخاطر الداخلية. وأبرز هذه الحالات هو دورها التاريخي في ثورة 25 يناير حين انتصرت لإرادة الشعب، وضغطت على الرئيس السابق «مبارك» حتى يتنحى عن الحكم، وقاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة البلاد في مرحلة انتقالية بالغة الخطورة كانت مزدحمة بالصراعات الدامية بين أطراف سياسية شتى. وظن العالم أن القوات المسلحة التي أدت دورها بالكامل في الحفاظ على الدولة بعد 25 يناير، التي سلمت السلطة لرئيس منتخب هو الرئيس المعزول «محمد مرسي» أنها ستتفرغ للدفاع عن أمن البلاد، إلا أن الإرهاب في سيناء اشتدت حدته وانبرت القوات المسلحة لمواجهته في بطولة نادرة وسقط فيها شهداء كثر دفاعاً عن الشعب. غير أن التطورات المعقدة التي تلت وصول جماعة «الإخوان المسلمين» إلى السلطة، وخصوصاً بعد تولي «محمد مرسي» رئاسة الجمهورية وتفريطه في ثوابت الأمن القومي جعل القوات المسلحة تراقب الموقف الداخلي عن كثب في الوقت، الذي كانت فيه تحارب الإرهاب في سيناء. وحين قامت حركة «تمرد» التي دعت المواطنين إلى إسقاط حكم "الإخوان" الديكتاتوري ونزول غالبية الشعب إلى الشوارع والميادين في 30 يونيو، لم تتوان القوات المسلحة ممثلة في وزير الدفاع آنذاك المشير «عبدالفتاح السيسي» في دعم الإرادة الشعبية كما تجلى ذلك في 3 يوليو، وإعلان خارطة الطريق والتي أدى تنفيذها إلى وضع الدستور الجديد، وانتخاب «السيسي» رئيسا للجمهورية بمعدلات قياسية تعكس مدى شعبيته الجارفة.
غير أن جماعة «الإخوان المسلمين» الإرهابية باشرت -بعد فشلها السياسي وسقوطها التاريخي- القيام بمظاهرات تخريبية سرعان ما تطورت لتصبح مظاهرات مسلحة، بالإضافة إلى زرع القنابل، ومحاولات تفجير أبراج الكهرباء والمقار الأمنية والإدارية. وكان لافتاً للنظر حقاً تصريح أحد قادة «الإخوان المسلمين» المعروفين بعد سقوط الجماعة أنه لو أعيد «مرسي» إلى الحكم، فإن الإرهاب في سيناء سيتوقف فوراً. وذلك يدل على الحلف غير المقدس بين جماعة «الإخوان المسلمين» والتنظيمات الإرهابية في سيناء المدعومة من جهات أجنبية متعددة لوقف المسيرة الديموقراطية المصرية بعد 3 يوليو. ولو راجعنا خطاب «السيسي» في دافوس لوجدناه يعالج موضوع الإرهاب معالجة شاملة، ويركز على الأبعاد الأساسية للمشكلة.
فقد أكد «الرئيس» أن الحرب التي تخوضها مصر ضد الإرهاب لن تثنيها عن بناء مؤسسات الدولة المدنية، واستكمال خارطة الطريق عقب الإطاحة بمحمد مرسي في 3 يوليو 2013. وأضاف: «الإرهاب يحارب جميع دول العالم، ويحاول فرض رؤيته عليها لأنه يرى فيها ما يناقض فكره، منوهاً إلى أن الدماء التي يريقها الإرهابيون في مصر والعراق وفرنسا لها نفس اللون. وتابع قائلاً : "لا يجب عقاب الإسلام والمسلمين بذنب حفنة من المجرمين القتلة، وأنه ينبغى على المسلمين ألا يسمحوا لقلة منهم أن تشوه صورتهم أمام العالم". وأشار الرئيس إلى ضرورة أن تتعاون كافة دول العالم للقضاء على آفة الإرهاب وأن تمنع المنظمات الإرهابية من استخدام مواقع التواصل الاجتماعى لنشر الكراهية في العالم». وقد كان الرئيس محقاً حين أشار إلى ظاهرة الإرهاب المعولم الذي لا تقتصر جرائمه على مصر، لأن القوى المتطرفة الداعمة له لديها مشروع أممي يتمثل في الانقلاب على الدول المدنية.
--------------------------
نقلا عن الاتحاد الإماراتية، الخميس، 5/2/2015.