في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل في تاريخ التنظيمات الجهادية، قام تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) بتنصيب خليفة للمسلمين، هو "أبوبكر البغدادي" زعيم التنظيم، بعد أن أعلن عن قيام "دولة الخلافة"، الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول الرجل وشخصيته، خاصة أن الرجل لم يكن شخصية جهادية مشهورة، مقارنة بشخصيات جهادية كبيرة من الناحيتين التنظيمية والفكرية من أمثال أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، والمنظر الجهادي "أبو محمد المقدسي".
فخليفة دولة "داعش" اسمه الحقيقي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، من مواليد عام 1971 في مدينة سامراء العراقية، له العديد من الأسماء والألقاب: "على البدري السامرائي"، "أبو دعاء"، وأخيرا "أبوبكر البغدادي". هو خريج الجامعة الإسلامية في بغداد، درس فيها البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه، وعمل أستاذا ومعلما وداعية.
ولد البغدادي في عائلة تتبع العقيدة السلفية، ووالده الشيخ عواد من وجهاء عشيرة البوبدري العراقية، وأعمامه دعاة في العراق، حسبما يشاع. بدأ البغدادي نشاطاته منطلقا من الجانب الدعوي والتربوي، إلا أنه ما لبث أن انتقل إلى الجانب الجهادي، حيث ظهر كقطب من أقطاب السلفية الجهادية، وأبرز منظريها في محافظتي ديالي وسامراء العراقيتين. بدأ أول نشاطاته من جامع الإمام أحمد بن حنبل، مؤسسا خلايا مسلحة صغيرة في المنطقة، قامت بعدد من العمليات، وشاركت في حروب الشوارع التي شهدها العراق في السنوات الماضية.
انشأ بعدها أول تنظيم سماه "جيش أهل السنة والجماعة"، بالتعاون مع بعض الشخصيات الأصولية التي تشاركه الفكر، والنهج، والهدف، ونشَّط عملياته في بغداد، وسامراء، وديالي، ثم ما لبث أن انضم مع تنظيمه إلى مجلس شوري المجاهدين، حيث عمل على تشكيل وتنظيم الهيئات الشرعية في المجلس، وشغل منصب عضو في مجلس الشوري، حتي إعلان دولة العراق الإسلامية.
جمعت بأبي بكر البغدادي علاقة وثيقة بأبي عمر البغدادي، وصلت إلى حد أن الأخير أوصي قبل مقتله بأن يكون أبوبكر البغدادي خليفته في زعامة الدولة الإسلامية في العراق، وهذا ما حدث في السادس عشر من مايو 2010، حيث نُصِّب "أبوبكر البغدادي" أميرا للدولة الإسلامية في العراق، بعد مقتل "أبي عمر البغدادي بعشرة أيام على أيدي القوات الأمريكية.
وقد ظل الرجل في زعامة التنظيم، حتى دخل إلى سوريا، بعد أن فرض التحالف على تنظيم "جبهة النصرة" السوري، تحت مسمي تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). وبعد أن عاد التنظيم إلى العراق من جديد، وسيطر على مساحات واسعة من الأراضي العراقية، أعلن عن تغيير اسمه إلى "الدولة الإسلامية"، بعد أن أعلن عن قيام الخلافة الإسلامية، ومبايعة أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين.
(*) هذا البروفيل، جزء من تحليل لعلي بكر، العنف في العراق وصعود النمط "الداعشي"، ضمن ملف " الجيل الثالث للعنف .. فيم يختلف؟ وكيف ينتشر؟" ، مجلة السياسة الدولية، العدد 198 ، أكتوبر 2014