21 إبريل 2014
عرض: باسم راشد، باحث في العلوم السياسية
أسهم انتهاء الحرب الباردة في 1989، والانهيار اللاحق للاتحاد السوفيتي بعدها بعامين، في بروز الولايات المتحدة الأمريكية كأقوى دولة في العالم، وهو ما دفع العديد من المحللين إلى الجزم بأننا نعيش في نظام أحادي القطبية لأول مرة في التاريخ، تسيطر عليه الولايات المتحدة. وإذا كان ذلك الأمر صحيحًا، فليس هناك مجال للحديث حول سياسات القوى العظمى، لأنه لم تعد هناك قوى عظمى، بل قوة واحدة وحيدة مسيطرة على العالم.
وحتى إذا اعتقد البعض بأن الصين وروسيا تُعدان قوتين عظميين، فإنهما لا تزالان أضعف بكثير من الولايات المتحدة، بل ويمكن القول إنهما ليستا في موقع يخوِّل لهما تحديها بطريقة جادة. لذلك، فإن التفاعلات بين القوى العظمى في النظام الدولي لم تعد كما كانت قبل 1989، حيث كانت هناك قوتان أو أكثر تتنافس فيما بينها.
فبعد عام 1989، لم يكن على صُنَّاع السياسة الأمريكيين أن يقلقوا بشأن محاربة القوى الكبرى المنافسة، الأمر الذي أعطى الولايات المتحدة قدرًا من الحرية في شن حروب على الدول الصغرى دون أن تهتم كثيرًا بمواقف الدول الكبرى. وبالفعل، فقد دخلت الولايات المتحدة الأمريكية 6 حروب متتالية منذ انتهاء الحرب الباردة، فضلا عن حربها ضد الإرهاب منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، وهو ما يؤكد أنه منذ ابتعاد الاتحاد السوفيتي عن الساحة الدولية، لم يعد هناك اهتمام كبير بالحديث عن سياسات القوى العظمى.
يؤكد الدكتور جون ميرشايمر في مقاله بدورية "National Interest" نشر في الثامن من أبريل 2014، فى الفصل الختامي من كتابه "تراجيديا سياسات القوى العظمى"، أن الصعود الصيني من شأنه أن يغيِّر من هذا الموقف، لأن هذه التنمية لديها القدرة على إحداث تغيير جذري في هيكلية النظام الدولي. فإذا استمر الاقتصاد الصيني في نموه المطرد في العقود القادمة، فإن الولايات المتحدة ستواجه، من جديد، منافسا قويا، وسيعود كذلك الحديث عن سياسات القوى العظمى. إلا أنه سيظل السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة الاقتصاد الصيني على تحقيق قدر من الاستمرارية لهذا المعدل المذهل من النمو، أو حتى المتواضع.
لكن إذا كان هؤلاء المتفائلون بالصين على حق، فإنه من المؤكد أن أهم تنمية جيوسياسية في القرن الحادى والعشرين تتمثل في تحوُّل الصين إلى دولة عظمى لها ثِقلها في النظام الدولي. وهنا، يثور التساؤل: هل يمكن للصين أن تصعد بسلام؟.
"الواقعية الهجومية".. نظرية لتفسير الصعود الصيني
تقدِّم نظرية الواقعية الهجومية Offensive Realism التي يسلط الكاتب الضوء عليها رؤى مهمة لتفسير الصعود الصيني، وينطلق في نظريته من افتراض مؤداه أنه: "إذا استمر الاقتصاد الصيني في النمو، فإنها ستسعى للسيطرة على آسيا بالطريقة نفسها التي تسيطر بها الولايات المتحدة على نصف الكرة الغربي. وبالطبع، ستسعى الولايات المتحدة بكل السبل لمنع الصين من تحقيق تلك الهيمنة الإقليمية، بالتعاون مع معظم جيران بكين من الهند، واليابان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية، وروسيا، وفيتنام، وذلك من أجل احتواء القوة الصينية. وستكون النتيجة متمثلة في منافسة أمنية مكثفة مع احتمالات كبيرة لنشوب حرب. باختصار، لن يكون الصعود الصيني هادئًا بأي حال.
ولم يَفُت الكاتب تأكيد أن نظريته لا تتعامل مع الوضع الحالي للصين في النظام الدولي، ولا حتى مع مستقبلها القريب بقدر ما تتعاطي مع سلوكها على المدى البعيد، ومدى تنامي قوتها العسكرية والاقتصادية، بالإضافة إلى قدرتها على اجتذاب حلفاء جدد. وتؤسس النظرية لفكرة أن "كل الدول في النظام الدولي تسعى لامتلاك القوة من أجل منافسة الدول الأخرى، بل ويتمثل هدفها الأساسي ليس فقط في تعظيم قوتها، بل منع الدول الأخرى المنافسة من امتلاك القوة". لذا، تقوم نظرية الكاتب على خمسة افتراضات أساسية، أولها أن الدولة هي الفاعل الرئيسى في السياسات الدولية، ولا توجد سلطة أعلى منها.
ويتعلق الافتراضان الثاني والثالث بالقدرات والنيات. وبالنسبة للقدرات، تؤكد النظرية أن كل الدول تتفاوت في إمكانياتها وقدراتها العسكرية، وهو الأمر القابل للقياس، وتحديد أُطره، وحجمه، ومداه، بعكس النيات التي لا يمكن قياسها، لأنها تكمن في رءوس القادة وصناع القرار.
كما أكدت النظرية في افتراضها الرابع أن بقاء الدولة هو أهم هدف على الإطلاق، وهذا لا يمنع أن يكون للدولة طموحات وأهداف أخرى، لكن المقصود هنا هو أنه حتى تلك الأخيرة لن تتحقق إذا تهدد بقاء الدولة نفسه. لذا ترى النظرية، خامسًا، أن الدول فواعل عقلانية تتميز بالرشادة التي تجعلها قادرة على البقاء.
وكل هذه الافتراضات مجتمعة تجبر الدول على اتباع سلوك معين في نظام دولي يتميز بالفوضى، ولا يعترف إلا بالمصلحة كمبدأ حاكم لدولة، وهو ما يجعل كل الدول تسعى لتحقيق البقاء، وأن ذلك لن يتحقق إلا بحيازة وامتلاك القوة. والمنطق في هذا الأمر هو أنه كلما أصبحت الدولة قوية أمام منافسيها، فلن يكون بقاؤها في خطر. فلا توجد دولة في نصف الكرة الغربي، على سبيل المثال، تجرؤ على تحدي الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لكونها أقوى من كل جيرانها، وهذا المنطق هو الذي يدفع الدول العظمى لاستغلال كافة الفرص التي تُحيل ميزان القوة لصالحها، بالإضافة إلى منع الدول الأخرى من امتلاك وحيازة القوة. لذا، فإن الهدف النهائي لكي تصبح المهيمن هو أن تكون القوة العظمى الوحيدة في النظام الدولي.
وفي المثال نفسه، يؤكد الكاتب أن أقصى ما يمكن أن تحققه الدولة العظمى هو الهيمنة الإقليمية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تتمتع بالهيمنة الإقليمية على نصف الكرة الغربي، لكنها لا تهيمن على العالم كله، لكن يمكن تعويض هذا الأمر من ناحية أخرى. ففي حالة استطاعت الدولة تحقيق الهيمنة الإقليمية، فإن هدفها في هذه الحالة يتحول إلى ضرورة منع أي دولة داخل النظام من تحقيق هيمنة إقليمية موازية على بقعة أخرى من العالم، لأن ذلك من شأنه أن يقتطع من سيطرة ومصالح الدولة العظمى على الدول الأخرى.
الصين على خُطى أمريكا
أشار الكاتب إلى أنه إذا استمر الاقتصاد الصيني في تحقيق هذا النمو، خلال العقود القادمة، فإن هذا من شأنه أن يعطي لها الفرصة لمزاحمة ومضايقة الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق نفوذها، وفقًا للواقعية الهجومية، حيث ستسعى الصين إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية على آسيا، بما يهدد النفوذ الأمريكي في تلك المنطقة، كما أنه من شأنه أن يضمن بقاء الصين في النظام الدولي الفوضوي. بالإضافة إلى ذلك، فإن الصين متورطة في العديد من النزاعات الإقليمية المتنوعة. وكلما كانت أكثر قوة وهيمنة، استطاعت السيطرة على تلك النزاعات لمصلحتها في النهاية.
ويؤكد الكاتب أنه على عكس الولايات المتحدة، التي بدأت دولة صغيرة، وكان لا بد لها من الحصول على القوة، وغزو جيرانها لتحقيق الهيمنة، فإن الصين دولة كبيرة وقوية بالفعل، وليست بحاجة إلى إثبات ذلك، سواء بغزو جيرانها، أو بمحاولة تمديد رقعتها. إلا أن معطيات الواقع أحيانًا قد تجبر الدولة على اتباع سلوك معين من شأنه حل النزاعات التي لم تجد لها طريقا من خلال الدبلوماسية. فالصين لديها 6 نزاعات كبيرة داخل إقليمها، وعلى رأسها مشكلة "تايوان"، التي كثيرا ما أكدت الصين أنها جزء منها، وأنها ترغب في إعادتها تحت عباءتها مرة أخرى، لدرجة جعلت الحكومة التايوانية الحالية تخشى تأكيد أن تايوان دولة مستقلة، برغم أنها كذلك بالفعل، خوفًا من رد فعل الصين، فضلا عن نزاعات الصين مع كل من فيتنام، وبروناي، وماليزيا، والفلبين، وجزر باراسيل، وكذلك النزاعات الحدودية مع الهند، وبوتان. فكل تلك النزاعات التي فشلت الدبلوماسية في شق طريق لحلها من خلالها، لن يتم حسمها إلا بالقوة، وهو ما يدفع الصين أكثر لأن تكون قوة مهيمنة على إقليم آسيا.
ولن يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل ستسعى الصين، كما فعلت الولايات المتحدة، إلى أن تكون لها مصالح عسكرية على مستوى العالم، وخصوصًا في مناطق النفوذ الأمريكي، وأهمها منطقة الخليج العربي التي تعتمد الصين بشكل كلي على دولها لتزويدها بالبترول، خصوصًا في ظل التكلفة المرتفعة والمجهود الشاق الذي تبذله الصين من أجل نقل حافلات البترول من دول الخليج إليها عن طريق البحر. كما ستسعى الصين بشكل كبير لتحقيق قدر من التعاون العسكري مع تلك الدول بما يؤكد أن المستقبل سيشهد منافسة محمومة بين الطرفين لتحقيق مصالحهما مع دول هذه المنطقة.
وعلى صعيد متصل، فإنه من مصلحة الصين أن تخلق مشكلات للولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي، بُغية تحجيم التحرك الأمريكي العسكري في الأقاليم الأخرى، وبالتحديد آسيا. فيؤكد الكاتب في هذا الصدد أن العلاقات، على سبيل المثال، بين الولايات المتحدة والبرازيل قد تسوء في المستقبل بما يعطي للصين أرضية خصبة لاستثمار هذا الأمر، ومدَّ أواصر التعاون بينها وبين البرازيل، وكذلك الحال مع كندا والمكسيك بما يُضعف من سيطرة الولايات المتحدة على أمريكا الشمالية. فليس الهدف أن تهدد الصين الولايات المتحدة في أرضها مباشرة، بل أن تشتتها وتجبرها على التركيز في مشاكلها الإقليمية مع جيرانها، حتى لا تتطلع إلى الخارج.
لماذا لا تستطيع الصين التمويه على صعودها؟
وهنا، أشار إلى أنه ما من شك فى أن الصين تسعى إلى الهيمنة الإقليمية على آسيا، لكن من خلال استراتيجية ذكية تضمن تحقيق ذلك الأمر بسلام، حيث تتجنب الصين قدر الإمكان التورط في أي مشكلات دولية، وتسعى في الوقت نفسه لتنمية اقتصادها بشكل ملحوظ بما يجعل هيمنتها على آسيا أمرًا واقعيًا، حيث تدرك الصين أن فكرة دخولها حربا ممتدة، أو سباقا عسكري مع الولايات المتحدة سيرهق اقتصادها بشكل كبير، بما يؤثر فى نموه، وبالتالي فمن الأفضل لها أن تنتظر حتى تصبح في وضع يُخوِّل لها القدرة على المواجهة مع نظيرتها الأمريكية.
ومن ناحية أخرى، يجب أن تبث الصين رسالة للعالم كله، بما فيها جيرانها، تؤكد فيها حسن نياتها، وعدم تخطيطها أو رغبتها في استخدام القوة، أو حتى التهديد باستخدامها لحل النزاعات، بحيث تصبح الرسالة مُركزة في أن تلك النيات الحسنة هي التي ستجعل الصين تصعد بسلام بفضل ثقافتها الكونفوشية الغنية، وفي الوقت نفسه تحاول تحجيم قادتها من استخدام لغة عدائية، سواء تجاه جيرانها، أو تجاه الولايات المتحدة. وتستلزم تلك السياسة أن تكون الصين حذرة تماما في إحداث أية أزمات مع جيرانها لما من شأنه أن يؤثر فى مسار ذلك النمو، والصعود الهادئ له.
إلا أن الكاتب يؤكد أن الولايات المتحدة، بجانب جيران الصين، ليسوا بهذه السذاجة لكي يقفوا ينظرون إلى النمو الصيني المطرد دون حراك، بل إنهم، إن لم تكن في استطاعتهم التحرك لتحجيم هذا النمو، فإنهم على الأقل لديهم بدائل قوية لاحتوائه، بما يعني أنهم سيراقبون، بحرص، النمو والتحرك الصينيين، ليتحققوا منه، عاجلا وليس آجلا.
الاحتواء حل بديل:
وتحقيقًا لمسعى الاحتواء الحتمي للصعود الصيني، ستسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على إبعاد بكين قدر الإمكان عن فكرة غزو أحد جيرانها، أو امتداد نفوذها في آسيا بشكل عام، حتى لا تصبح قوة إقليمية مهيمنة على هذا الجزء من العالم، وذلك عن طريق: تشكيل أكبر عدد ممكن من التحالفات مع جيران الصين من أجل تقييد حركتها، كما حدث مع الاتحاد السوفيتي لاحتوائه من خلال تشكيل حلف الناتو. إلا أن المعضلة التي ستواجه الولايات المتحدة في هذا الأمر أن الدول المحيطة بالصين ليست بنفس قوتها، ولن تكون يوما، وبالتالي فلن تستطيع المواجهة إذا وُضعت فيها، فضلا عن أن المسافات بين تلك الدول وبعضها كبيرة جدا. لذا، سيصعب على الولايات المتحدة أن تكون حاضرة بالشكل الذي ترغبه. ومن ثم، فإن أمام القادة الأمريكيين ثلاثة بدائل أساسية، يتمثل الأول والثاني في ضرورة تخييب كل مساعي الصعود الصيني، سواء من خلال شن حرب وقائية ضده بكين، وهو البديل الصعب تحقيقه، أو فرض سياسات من شأنها أن تبطئ من النمو الاقتصادي الصيني. وبرغم جاذبية هذا البديل، فإن تحقيقه سيضر بالجانب الأمريكي أيضًا، كما سيضر بنظيره الصيني. فإذا أوقفت الولايات المتحدة استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الصين، فإن العديد من دول أوروبا ستسعى لاحتلال مكانة أمريكا في التعاون مع الصين وإمدادها بما تحتاج إليه، ما دام ذلك يحقق ذلك مصلحتها. بالإضافة إلى ذلك، فحتى لو آتت تلك السياسات ثمارها، فإنها فقط ستبطئ النمو، ولن توقفه.
أما البديل الأخير، فيرتبط بفكرة تشتيت الخصم وإضعافه من خلال قلب أنظمة الحكم الموالية له، أو حتى إثارة القلاقل داخله. فالنظام الحالي في باكستان- على سبيل المثال- موال للصين، وبالتالي ستسعى الولايات المتحدة للدفع نحو قلب هذا النظام، كي تضع على رأسه قائدا مواليا للولايات المتحدة. واستمرارًا للاستراتيجية نفسها، ستسعى الولايات المتحدة إلى الحفاظ على سيطرتها على المحيطات الدولية، حتى تصعِّب من إمكانية وصول الصين للمناطق البعيدة كمنطقة الخليج العربي، أو نصف الكره الغربي بالتحديد من ناحية. ومن ناحية أخرى، فإن هذه السيطرة ستضمن لها ولاء الدول المجاورة للصين التي تسعى لإيجاد حليف دولي يضمن بقاءها في حالة الاعتداء عليها من قِبَل الصين.
هل احتمال الحرب قائم؟
وبرغم كل تلك البدائل التي أشار إليها الكاتب، فإنه أكد أن احتمال الحرب يظل قائمًا، مع العلم بأن كلا من الولايات المتحدة والصين لديهما ترسانة أسلحة نووية قد تقلل من احتمالات دخول الحرب لما لها من أضرار، حيث دحض الكاتب هذا الطرح، مؤكدًا أن النظام ثنائي القطبية هو الفاصل في احتمالية نشوب حرب من عدمه، بمعنى أن الصين ليست كالاتحاد السوفيتي أيام الحرب الباردة الذي كان يسيطر على نصف الكرة الشرقي، حيث إن الصين ليست القوة العظمى الوحيدة في آسيا، بل هناك روسيا ومحاولتها لاستعادة دورها في الساحة الدولية، وكذلك اليابان التي اقتربت من امتلاك ترسانة نووية، وكذلك الهند. وبالتالي، فالنظام العالمي سيكون متعدد القطبية بما يمهد من احتمالية نشوب حرب بين القوى المسيطرة عليه.
كذلك، انتقد الكاتب وجهة النظر التي تشير إلى أن الصين مختلفة عن غيرها من القوى العظمى، لأنها تتبع الثقافة الكونفوشية التي تسمح لها بتحقيق نمو متسارع تجنبًا للدخول في منافسة عسكرية مكثفة، سواء مع جيرانها أو الولايات المتحدة، حيث أشار إلى أنه ليس من المنطقي الاعتماد على هذا الأمر في تفسير سلوك الصين في المستقبل، خصوصًا أن ثمة شواهد قليلة للغاية في التاريخ الصيني تشير إلى اتباعها للثقافة الكونفوشية، وأن معظم تاريخها كان يؤكد أنها تسلك مسلك دولة عظمى كغيرها من الدول، وتسعى لتحقيق مصالحها من خلالها.
أما فيما يتعلق بفكرة الاعتماد الاقتصادي المتبادل، وما يحققه من رخاء لجميع الدول، والذي استبعد بعض المحللين إمكانية نشوب حرب بسببه، فقد أشار الكاتب إلى أن الحرب لا تقضي بالضرورة على العلاقات بين الدول، مؤكدًا أن الدول تستمر في التبادل التجاري فيما بينها، حتى لو كانت في أوقات الحرب. لذا، يؤكد أن كل هذه الأسباب لا تضمن أن يتم الصعود الصيني في آسيا بسلام، إلا أنها من الممكن أن تُعيق، نسبيًا، الاندفاع نحو الحرب.
إجمالا للقول، أكد الكاتب أن الصورة التي رسمها، في حالة استمرار الصين في صعودها المنشود، صورة محبطة، وتؤدي في النهاية إلى نتائج غير مرغوبة، واصفًا السياسات الدولية بأنها عمل خطير، وأنه مهما تكن االنيات الطيبة، فإنها لا تقلل من المنافسة العسكرية التي تحدث عندما تظهر قوة مهيمنة طموح، سواء في أوروبا أو آسيا. كما أنه ليس من المعقول أن نصدق أن الصين لن تسعى في النهاية إلى الهيمنة الإقليمية.