تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وتجاوز عقدة وزارة الطاقة التي اعطيت لحليف الجنرال ميشال عون ينبغي ان يكونا فرصة لدفع طلب لبنان الى الأمم المتحدة للإسراع في قضية ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل. فحكومة نجيب ميقاتي كانت نجحت في تحديد المياه البحرية بين قبرص ولبنان. وهذا ايجابي بالنسبة للتنقيب عن الغاز مستقبلاً. اما فيما يخص الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان فلم يحدث اي شيء علماً انه تم تشكيل هيئة كان الديبلوماسي الأميركي فريديريك هوف يفاوض للتوصل الى اتفاقية حول موضوع الحدود البحرية بين البلدين. فإسرائيل بدأت تنتج الغاز السنة الماضية من حقلي لوفياتان وتمار. وإنتاجها من الغاز للاستهلاك الداخلي حالياً. اما لبنان فيتطلع الى التنقيب عن الغاز في مياهه واحتمال اكتشاف كميات الغاز التي تتيح له بعد سبع سنوات من التنقيب توفير فاتورة استيراد الطاقة وهي اساسية لاقتصاد لبنان. الا ان عدم ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل يطرح مشكلة مستقبلية كما انه ذريعة لهجوم اسرائيلي آخر على لبنان وذريعة لحرب. فبإمكان إسرائيل البدء بالتنقيب في المياه الحدودية التي هي ليست مرسومة بين البلدين اذا لم يسرع لبنان والأمم المتحدة على العمل لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وإسرائيل غير موقعة على معاهدة قانون البحر. فهي كالعادة وبفضل حليفها الأميركي معفية من معاهدات القوانين الدولية ان كان بالنسبة للنووي او للبحار. ومجلس الأمن لن يجبر إسرائيل على ترسيم هذه الحدود البحرية ولكن بإمكان الإدارة الأميركية ذلك وقد أوكلت للديبلوماسي الأميركي فريديريك هوف المهمة المعقدة للتوصل الى اتفاقية بين لبنان وإسرائيل بهذا الشأن. فالمؤسسة الأميركية للمسح الجيولوجي قدرت الموارد النفطية والغازية في شرق البحر المتوسط بأنه يحتوي على ١.٧ بليون برميل من النفط و ١٢٢ تريليون قدم مكعب من الغاز. ويقول الخبير النفطي الفرنسي بيار ترزيان ان كل عناصر الخطر موجودة في هذه المنطقة حيث هناك تنافس كبير على الموارد الضخمة في هذه المنطقة التي تشمل لبنان وسورية وإسرائيل وقبرص وغزة. ويشير الصحافي الأميركي كريستوفر ديكي في مقال على موقع «الديلي بيست» ان اسرائيل انشأت الأسطول البحري الأكثر تقدماً تقنياً في شرق المتوسط وأن «حزب الله» يملك صواريخ بحرية استخدمها في الماضي عندما ضرب ناقلة بحرية إسرائيلية في حرب ٢٠٠٦. وروسيا رغم الحرب في سورية توسع وجودها التجاري والبحري في المياه السورية واستثمرت ٩٠ مليون دولار في اتفاقية تنقيب في سورية في نهاية السنة الماضية. اذن هناك ضرورة ان يسرع لبنان في الطلب من الأمم المتحدة وخصوصاً من الإدارة الأميركية ان يجري ترسيم حدود بحرية بين لبنان وإسرائيل قبل ان تبدأ الدولة العبرية بالتنقيب في المياه المشتركة وقبل ان تسيطر على الحصة اللبنانية.
ان اولويات الحكومة الجديدة عديدة بعد عشرة اشهر من تعطيل الدولة، وأول الأولويات التوافق على بيان وزاري لا يأخذ عشرة اشهر اضافية. وبعد ذلك ينبغي التنبه بسرعة الى مسألة ترسيم الحدود البحرية وإلا فكل التنافس والخلافات على وزارة الطاقة لن يكون لها اي معنى اذا تذرعت اسرائيل بالخلاف على الحدود البحرية لشن اي عملية عسكرية على لبنان.
-----------------------
* نقلا عن الحياة اللندنية، الأربعاء، 2014.