شكل مشروع دستور لجنة الخمسين، كأول عمل للمرحلة الانتقالية التي تلت حكم الإخوان المسلمين، نقطة اتفاق بين مختلف القوى السياسية المشاركة في إعداد الدستور. فقد تضمن مشروع الدستور مواد مستحدثة رأتها مختلف فئات المجتمع اللبنة الأولى للثورتين. ولقراءة أهم هذه المواد وتقييمها، وفقا لما نادت به لجنة التوافق الوطني، نظم المركز العربي للوعي بالقانون ندوة حول "مشروع الدستور المصري الجديد" بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية. وقد حضر الندوة كوكبة من أساتذة القانون، والمستشارين، والإعلاميين، والصحفيين، وشباب المحاماة.
بدأ المستشار الدكتور خالد القاضي، رئيس المركز، كلمته بشكر الحضور وتأكيد عدة ومضات مضيئة في مشروع الدستور، إذ يبلغ عدد نصوص مشروع الدستور المصري الجديد 247 مادة ، موزعة على ستة أبواب: الدولة – المقومات الأساسية للمجتمع – الحقوق والحريات والواجبات العامة – سيادة القانون – نظام الحكم - الأحكام العامة والانتقالية.
أولا- مزايا مشروع الدستور:
في بداية حديثه عن مزايا الدستور، أشار القاضي إلى العديد من مزايا مشروع الدستور، أبرزها:
* الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، وأحكام المحكمة الدستورية العليا هي التي تفسرها.
* شرائع غير المسلمين هي المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية، ولشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية .
* السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، والنظام السياسي يقوم على التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة، وتلازم السلطة مع المسئولية.
* التزام الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وسبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين.
* التزام الدولة بالحفاظ على الهوية الثقافية المصرية بروافدها الحضارية المتنوعة.
* الحق في تكوين الأحزاب والجمعيات والمؤسسات الأهلية وإصدار الصحف بالإخطار.
* منع وتجريم التمييز في الحقوق والالتزامات بين المواطنين على أي نحو، ولأي سبب كان.
* صيانة الوحدة الوطنية ومبادئ المساواة، والعدل، وتكافؤ الفرص بين جميع المصريين.
* الكرامة حق لكل مواطن تلتزم الدولة باحترامها وحمايتها.
* ضمان حقوق الإنسان كافة، وحرية الاعتقاد مطلقة، وحرية الرأي والفكر مكفولة، ومثلها حرية البحث العلمي، وحرية الإبداع الفني والأدبي. وفى ذلك، تلتزم الدولة بحقوق الملكية الفكرية، وكذلك حقوق الطفل وتعليمه ورعايته، وحقوق المواطنين ذوى الاحتياجات الخاصة، وتلتزم مصر بالحقوق والحريات الواردة في الاتفاقيات الدولية .
* العمل على تمثيل المرأة، والعمال، والفلاحين، والشباب، والمسيحيين، والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين بالخارج تمثيلا ملائما في البرلمان.
* تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وتبني نظام شبه رئاسي بتوزيع الاختصاصات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان، مع رقابة قضائية محكمة.
* تحديد مدد حكم رئيس الجمهورية (8 سنوات ) كحد أقصي ، ورئيس البرلمان ووكيليه (10 سنوات) ، والنائب العام (4 سنوات) أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، ولمرة واحدة طوال مدة عمله.
* للبرلمان حق سحب الثقة من الرئيس، وإجراء انتخابات مبكرة ، واتهامه أمام محاكمة خاصة.
* لا يجوز للرئيس حل البرلمان إلا بعد استفتاء الشعب ( مصدر السلطات).
* للرئيس حق إقالة الحكومة بشرط موافقة أغلبية البرلمان، ولا يجوز إجراء تعديل وزاري إلا بعد التشاور مع رئيس الحكومة وموافقة البرلمان بما لا يقل عن ثلث الأعضاء.
* لا يجوز للرئيس إبرام المعاهدات الدولية أو التصديق عليها إلا بعد موافقة البرلمان .
* التزام الدولة بتكريم شهداء الوطن، ورعاية مصابي الثورة .
* التزام الدولة بالحقوق والحريات الواردة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
* التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم ، وحظر التهجير القسرى التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم.
* التزام الدولة بحماية قناة السويس، والحفاظ عليها بصفتها ممرا مائيا دوليا مملوكا لها، كما تلتزم بالتنمية المستدامة لقطاع القناة بحسبانه مركزا اقتصاديا عالميا متميزا تحت إشراف الدولة.
* التزام الدولة بوضع خطة قومية شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات، تشمل توفير البنية الأساسية، والمرافق، وتحسين نوعية الحياة، والصحة العامة، كما تكفل توفير الموارد اللازمة للتنفيذ خلال مدة زمنية محددة.
* مراعاة أن تكون الضرائب على دخول الأفراد تصاعدية ومتعددة الشرائح، وفقا لقدراتهم.
وأكد القاضي غياب النص على المجالس القومية المتخصصة في مشروع الدستور، وعدم عرض المشروع على المحكمة الدستورية العليا.
ثانيا- المواد المستحدثة في الدستور الجديد:
وتحدثت الأستاذة الدكتورة سهير لطفي، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، عن احتواء الدستور على عدة مواد مستحدثة جيدة لم تكن موجودة في الدساتير السابقة كالنص على مكافحة الفقر، ومكافحة العنف، وتمكين ذوي الإعاقة، ودعم الإنفاق على التعليم والصحة، والحفاظ على الهوية وتجريم التمييز، ودعم الشباب والمرأة في المجالس المحلية، ومساواة المرأة مع الرجل في جميع الحقوق، وللمرأة حق التعيين في الجهات والهيئات القضائية، والتزام الدولة بالقضاء على الأمية الهجائية والرقمية. وتدريس اللغة العربية، والتربية الدينية، والتاريخ الوطني مكون أساسي في التعليم قبل الجامعي. وتعمل الجامعات على تدريس حقوق الإنسان، والقيم والأخلاق المهنية للتخصصات العلمية المختلفة، وحق المواطن في الرعاية الصحية الكاملة، وفقا لمعايير الجودة العالمية، بإقامة تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وحماية حقوق المصريين ذوي الاحتياجات الخاصة بإلزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص متحدي الإعاقة والأقزام، وتوفير فرص العمل لهم، وتهيئة المرافق العامة لهم، ومساعدتهم ودمجهم مع غيرهم من المواطنين في ممارسة حقوقهم.
ثالثا- تقييم نصوص القضاء العسكري في مشروع الدستور:
أشار المستشار محمود العطار، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى أن مشروع الدستور أكثر من رائع، وأكد تأييده لنص القضاء العسكري في المشروع. وختم العطار كلمته بضرورة العمل على تطبيق نصوص هذا الدستور، عقب الاستفتاء عليه.
وفى ختام فعاليات الندوة التي تأتي ضمن الحملة الوطنية التي يتبناها المركز لنشر الثقافة الدستورية لجموع المواطنين في مصر المحروسة، ألقي رئيس المركز، المستشار الدكتور خالد القاضي، توصيات الندوة، والتي كان أبرزها:
أولاً- توجيه الشكر للجنة العشرة، وللجنة الخمسين، ولجميع من شارك بفكره، أو أسهم برأيه في صياغة هذه الوثيقة الدستورية.
ثانياً- دعوة المصريين لمباشرة حقهم في صناعة الدستور للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد.
ثالثاً- دعوة رئيس لجنة الخمسين للتوجيه لإتاحة مضابط مناقشات مشروع الدستور للاطلاع عليها على موقع اللجنة على الإنترنت.
رابعاً- دعوة رئيس الجمهورية المؤقت إلى الإسراع في إصدار حزمة من التعديلات الحتمية للقوانين المكملة للدستور، حتى يتوافر الوعي الدستوري والقانوني الكافي للشعب، مصدر السلطات، قبل الاستفتاء على الدستور.
خامساً- دعوة المجتمع المدني إلى القيام بدورها الفاعل في توعية المواطنين بحقوقهم وحرياتهم التي كفلها لهم الدستور، وخلق حالة حوار مجتمعي هادف حولها.
سادساً- دعوة وسائل الإعلام لتكثيف حملاتها التوعوية للمواطنين بإحكام الدستور الجديد، من خلال الوسائط المسموعة والمرئية والإلكترونية.
سابعاً- تناشد الندوة الرئيس المؤقت لبحث مدى إمكانية عرض مشروع الدستور على المحكمة الدستورية العليا لاستطلاع رأيها، لكونها صاحبة الاختصاص الأصيل في تنفيذه، ومراقبة مدى مطابقة القوانين لهذا الدستور، وذلك على غرار دستور جنوب إفريقيا الصادر عام 1996.