هذا هو المحور الجديد في الشرق الأوسط الذي ستتضح ملامحه بقوة في الشهور القليلة المقبلة. بنظرة سريعة إلى الوراء، أقصد فترة حكم أحمدي نجاد، نرى أن سياسة العداء لأميركا لم تكن تستند إلى أساسات قوية تحت الأرض، بل إلى عواطفه شخصيا بالإضافة إلى العواطف الموروثة من الخمينية على المستوى الثوري والشخصي التي تجسدت في تلك التسمية الشهيرة لأميركا وهي «الشيطان الأكبر». وباختفاء نجاد من سدة الحكم، لم يظهر ورثة له يرثون كراهيته لأميركا والغرب بشكل عام. بغيابه سقط حائط الكراهية لأميركا والغرب أو على الأقل بدأت الناس - مع وجود رئيس جديد - تفكر في أنه حتى لو كانت أميركا شيطانا أكبر، فما المانع من التعامل مع هذا الشيطان لتحقيق مصلحة عامة. ليس معنى ذلك أن نجاد كان صاحب توكيل الكراهية الوحيد في إيران، فهناك في الأوطان دائما من سيحارب من أجل ضياع بلاده بدافع من الجهل والعقد النفسية الشخصية، الدليل على ذلك هو واقعة مئات الملصقات التي علقتها وزارة الثقافة في إيران في شوارع طهران تهاجم أميركا، ثم التحرك الفوري لبلدية طهران لإزالتها، المشهد يلخص الرواية بأكملها في إيران وفي مصر أيضا، ثقافة حامضة لم تعد تصلح للاستهلاك الآدمي، في مواجهة ثقافة عملية يحاول أصحابها تحقيق مصالح البشر بعيدا عن الأكاذيب.
هذا التقارب السريع غير المتوقع يمكن تفسيره بشيء واحد، هو أن السيد روحاني اكتشف أن حكاية البرنامج النووي الذي ظل نجاد يهدد به الجميع لسنوات طويلة، خرافة ليس لها وجود. وربما استطاعت الأجهزة الأميركية والإسرائيلية أن تصل إلى نفس النتيجة في نفس الوقت. لسنوات طويلة كانت المخابرات الإسرائيلية تردد مقولة واحدة هي أن إيران على وشك الوصول إلى صنع قنبلة ذرية أو عشر، أو مائة، أما ما عرفناه حقا كحقيقة واقعة على الأرض، فهو تدمير مفاعل ذري على الأرض السورية أنشأته كوريا الشمالية ويعمل لحساب طهران. من المؤكد أن الأجهزة الأمنية والمعلوماتية الإيرانية تعرف أن إسرائيل لن تسمح لها بالوصول إلى صنع قنبلة نووية.
عندما نتكلم عن إيران فنحن لا نتحدث عن دولة ظهرت إلى الوجود في العصر الحديث، نحن نتكلم عن شعب عريق شارك في صنع حضارة البشر بنصيب كبير. الشعب الإيراني ستصله الرسالة الجديدة بسرعة. وسيكتشف بسهولة أنه لا توجد بينه وبين أميركا مشكلات من ذلك النوع الذي يولد الكراهية. نعم هذا الحلف مقبل.. وأنا لست خبيرا في السياسة، أنا فقط مسرحجي أجيد قراءة تحركات الممثلين على المسرح.
-----------------------
* نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية، الأحد 10/11/2013