تعد ظاهرة عدم الاستقرار صفة لصيقة ومصاحبة لفترات ما بعد الثورات والانتفاضات الشعبية، ولكن هذه الظاهرة تأخذ أشكالا مختلفة من حيث المظهر، والحدة، والاستمرار من دولة لأخرى، وذلك وفقا لتكوينها التاريخي-الاجتماعي، وشكل النظام التسلطي الذي سقط، ونوع القوى والحركات الاجتماعية التي قادت الانتفاضة أو الثورة، وأولويات إدارة عملية الانتقال. في هذا السياق، تطرح هذه الورقة عددا من العناصر أو العوامل الهيكلية التي ربما تفسر ظاهرة عدم الاستقرار في الحالة العربية، مع الإشارة إلى أن هذه العوامل والعناصر ليست مستقلة أو منعزلة عن بعضها بعضا، ولكنها تتداخل وتتفاعل لخلق المشهد الراهن. وبتحليل أثر هذه العوامل، تخلص الورقة إلى أن عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تشهده دول الثورات العربية يدل على إعادة تموضع العلاقة بين الدولة والمجتمع، وإعادة تعريف للحدود والتداخلات بين الطرفين، وإعادة تشكيل للائتلاف الحاكم الذي يضم أطرافا من الدولة والمجتمع.