تشكل الحالة الليبية نموذجا لتأثير التغيرات في الأوضاع الداخلية في مناطق الجوار الإقليمي بعد الثورات العربية، إذ إن ليبيا ما بعد القذافي تعاني إشكالات معقدة قابلة للامتداد جغرافيا في محيطها، سواء العربي أو الإفريقي، وذلك بحكم موقعها الجيواستراتيجي كمدخل للعالم العربي علي القارة السمراء.
إن ليبيا التي شكلت استثناء في علاقاتها الإقليمية "المتقلبة" مع دول الجوار، إبان عهد القذافي، دخلت في استثناء من نوع آخر في مرحلة ما بعد الثورات، بفعل معطيات وضعها الداخلي المضطرب الذي يتراوح ما بين انتشار للأسلحة، واشتباكات ذات طابع قبلي، وميليشيات ثورية ترفض الانضواء تحت سلطة الدولة التي تعاني هشاشة سياسية وأمنية، دفعت "برقة" إلى إعلان نفسها إقليميا فيدراليا. علاوة علي كل ذلك، ضعف المجلس الوطني الانتقإلى في تقديم نموذج نظام سياسي مستقر، يجمع تحت مظلته الأطياف السياسية التي شاركت في إسقاط القذافي.