الأثنين 19-3-2012
أخذت التيارات الدينية المصرية مواقف متقاربة من عودة العلاقات المصرية- الإيرانية بعد ثورة 25 يناير، فجميعها وافق على مبدأ عودة العلاقات ، لكن درجة القبول اختلفت من تيار ديني لآخر. فالتيار السلفي حدد عدة شروط لعودة العلاقة، ربما يكون الجانب الإيراني قد وافق على أغلبها من خلال تصريحات مسئولين إيرانيين لوسائل الإعلام، لكن دون صفة رسمية.
بينما ظل موقف تيار الإخوان المسلمين متذبذبا بين استمرار العلاقات على ما عليها " تثبيت العلاقات مؤقتا "، والرغبة في عودة علاقات كاملة قد تؤجل إلى بعد استكمال بناء النظام السياسي المصري الجديد، وتحديد حجم الدور الفعلى لهم في مؤسسات الدولة القادمة.في حين أبدت الجماعة الإسلامية الموافقة الكاملة لعودة العلاقات، معتبرة طهران مستقبل شريك سياسي واقتصادي قوى في المنطقة. بينما بدا التيار الديني المتمثل في الصوفية ونقابة الأشراف أكثر تقبلا لعودة العلاقات الكاملة بين البلدين، معتبرا إيران هي المنقذ من سيطرة التيارات الدينية المعادية لهم .
أولا - موقف التيارات الدينية المصرية خلال المرحلة الانتقالية:
1-الموقف السلفي :
ظهر موقف التيار السلفي المصري من عودة العلاقة مع إيران متوافقا مع باقي التيارات الدينية المصرية، من منطلق أن مصر تقيم علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، واضعا عدة شروط طالب بتفعيلها من قبل الطرف الإيراني قبل أن تبدأ العلاقات، تمثلت في : عدم التدخل الإيراني في شئون دول الخليج ،خاصة العراق ، وتوقف إيران عن اضطهاد التيار السني في الداخل الإيراني ، وأن تقوم العلاقات المصرية- الإيرانية على مبدأ الندية، وتوقف الجانب الإيراني عن فكرة المد الشيعي لمصر.لكن الملاحظ على الموقف السلفي المصري من عودة العلاقات مع إيران أن جميع طوائفه أقرت بالموافقة المبدئية، سواء التيار التقليدي في الشارع، أو جناحه السياسي المتمثل في حزب النور وهيئته البرلمانية .
فقد اتفق ياسر برهامي، رئيس جمعية الدعوة السلفية، الذي قال في تصريحاته لوسائل الاعلام إنه " إذا كانت لنا علاقات مع دول غير إسلامية، فالأولى أن تكون لنا علاقات مع كل الدول الإسلامية، وإن كانت مخالفة لنا في المنهج "، مع نادر بكار، البرلماني السلفي والمتحدث الرسمي باسم حزب النور، الذي أكد أيضا في تصرحاته للصحف المصرية قائلا " إن حزب النور سيسعي لاستعادة مصر لدورها إقليميا، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في إفريقيا أو العالم الإسلامي ككل. وحيثما كانت مصلحة مصر متحققة في التعاون مع دول العالم المختلفة، فسنبذل قصارى جهدنا لأجل تحقيقه ". وأيضا اتفاق جميع قوى التيار السلفي المصري على عودة العلاقات المشروطة مع إيران، والتي ستؤدي إلى حل كثير من المشاكل والأزمات المعلقة بين البلدين، وربما يؤدي ذلك التفاهم المشروط إلى التوصل إلى تعاون مشترك.
فالمؤكد أنه في حالة موافقة إيران على شروط التيار السلفي المصري، سيستمر الحذر الشديد من تمديد العلاقات، خصوصا بعد مطالبات السلفية بوضع أنشطة الدبلوماسيين الإيرانيين تحت المراقبة، واقتصار دورهم في الداخل المصري على التمثيل الدبلوماسي، وعدم التغلغل في الحياة المصرية. إضافة إلى أن السلفيين لن يتوجهوا بشكل دافئ تجاه طهران على حساب علاقاتهم الطبيعية مع منافسي إيران " المملكة العربية السعودية ".
ففي حين أعلنت وزارة السياحة المصرية في يونيو 2011 عن تفعيل إجراءت لتسهيل عودة السياحة الإيرانية إلى مصر، قام السلفيون برفض ما أكدته وزارة السياحة، وحينها أعلن خالد السيد، أحد القيادات السلفية، أن " السياحة الإيرانية ستنشر الفساد في مصر عن طريق نشر مبادئ الفكر الشيعي التي تخالف مبادئ الفكر السني " بالإضافة إلى مهاجمة التيار السلفي للأحزاب الصوفية المصرية، واتهامها بالعمالة لصالح إيران ودور قيادتها بالدعوة للتشيع ، حيث صرح دكتور خالد سعيد أيضا لوكالة أنباء الشرق الأوسط " بقيام قيادات حزب التحرير المصري الصوفي بالدعوة للتشيع ".
2- الموقف الصوفي :
يقف التيار الصوفي على النقيض تماما من التيار السلفي من حيث الإصرار الشديد على عودة العلاقات ، والذي تسبب في هذا الإصرار أخيرا هو إحساس بعض مشايخ الطرق الصوفية "جبهة الإصلاح الصوفي " بالإخفاق في الانتخابات البرلمانية، وكذلك سيطرة القوى الإسلامية الأخرى "التيار السلفي والاخوان المسلمين "على الشارع المصري.
فمنذ سفر 14 قيادة من التيار الصوفي إلى إيران قبيل الانتخابات البرلمانية والتقائهم بشخصيات إيرانية على أعلى مستوى، تمثلت في الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وعلى أكبر صالحي، وزير الخارجية، وكذلك مدير الإذاعة الإيرانية، ونائبه ، تحاول إيران عودة علاقاتها مع مصر، من خلال دعم التيار الصوفي المصري، وكسب وده للتفاوض مع الحكومة المصرية نيابة عنها.
وتضمن اللقاء الذي دار بين الطرق الصوفية المصرية والمسئولين الإيرانيين، في منزل الإمام الراحل الخميني، اتفاقا على إقناع الحكومة المصرية بعودة العلاقات مع إيران، مقابل إرسال طهران للملايين من الإيرانيين لتنشيط السياحة المصرية للاستغناء عن الأمريكيين والأوربيين، إضافة إلى مبادرة إيران بتطوير أضرحة آل البيت في مصر، وتحويلها إلى عتبات مقدسة .
وبالنظر للتحرك الصوفي المصري بعد تلك الزيارة وتأثيره فى موقفهم من ايران أخيرا، يتضح أن الصوفية تحركت مرتين تأكيدا على إصرارهم على عودة تلك العلاقات، الأولى : تصالح الطرق الصوفية فيما بينهما ، وكذلك الاعتراف الرسمي من جبهة أبوالعزايم أخيرا بالسيد عبدالهادي القصبي كرئيس للمجلس الاعلى للطرق الصوفية. والأخرى : الإعلان الرسمي من الطرق الصوفية بتوحد موقفها مع الموقف الإيراني تجاه الأزمة في سوريا، فرأت تلك الطرق- وفقا لتصريحات شيخ الطريقة العزمية علاء أبو العزايم- أن " قوى خارجية وإقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في سوريا "، متعارضين في ذلك مع موقف الرسمي للجنة الشئون الخارجية بالبرلمان التي يترأسها القيادي الإخواني الدكتور عصام العريان.
3- موقف الجماعة الإسلامية :
رغم أن الجماعة الإسلامية من أكثر التيارات الدينية المصرية رغبة في دعم التقارب المصري- الإيراني حاليا، فإن قيادتها حددت آلية لعودة العلاقات، تمثلت في أن تبتعد العلاقات بين البلدين في البداية عن مناطق الخلاف " المركز الثقافي بين البلدين"، وأن تبدأ العلاقات أولا بعودة العلاقات الاقتصادية والسياسية .وظهر موقف الجماعة الاسلامية من إيران في تصريحات القيادي بالجماعة الإسلامية، الدكتور ناجح إبراهيم، لوسائل الإعلام المصرية والعربية بأن " الجماعة الإسلامية تؤيد العلاقة مع إيران بكل قوة ، وأن الشعب المصري يكن كل الحب والتقدير للشعب الإيراني ، مؤكدا أن الدولة الإيرانية الآن في حالة نضج وفي حالة اكتمال فكري، وأن إيران لا تستطيع أن تضيع علاقاتها مع مصر بسبب المذهب الشيعي ".
ويرجع موقف الجماعة الإسلامية الداعم لعودة العلاقات المصرية- الإيرانية في الوقت الراهن إلى العلاقة القديمة بين الجماعة الإسلامية وإيران، والتي وصلت جميعا إلى الجوانب المادية واللوجيستية ، حيث احتضنت إيران بعض قيادات الجماعة بعد مقتل السادات في 1981 ، وسهلت لهم سبل الإقامة ومواصلة الصدام مع النظام المصري ، وكذلك بسبب محاولة إيران الآن فتح صفحة جديدة مع الجماعة الإسلامية بعد ثورة يناير، وإطلاق سراح مائة أسرة من المعتقلين داخل أراضيها، بعد تحولهم من مطاردين إلى فاعلين في الساحة السياسية المصرية.
فمن هذا المنطلق، يأتى تحفظ قيادات الجماعة الاسلامية الجميل لإيران، وستبرر لباقي التيارات الدينية المصرية دعمها لعودة العلاقة بأن إيران ستفصل بين مذهبها وسياستها، وأنها ستتعامل من جانب السياسة بالمصلحة ، ولا تصدر التشيع، ولا تتدخل في شئون مصر .
4- موقف الإخوان المسلمين :
ظلت رغبة الإخوان المسلمين فى التقارب مع إيران متذبذبة طوال الوقت، فقد رحبت جماعة الإخوان المسلمين كثيرا بالثورة الإيرانية بعد سقوط الشاه، وتشككت في الوقت نفسه فيما يخص القواعد الفكرية للنظام في إيران.ففي يناير عام 1982 ، صرح عمر التلمساني، مرشد الإخوان لوسائل الإعلام المصرية، قائلا " لقد دعمنا الخميني سياسيا، نظرا لأن شعبا مضطهدا استطاع الخلاص من حاكم مستبد واستعاد حريته. إلا أنه من الناحية العقائدية، فإن السنة شىء، والتشيع شىء آخر". فعلى الرغم من سيطرة الإخوان على المشهد السياسي المصري بعد ثورة يناير، فإن دعوتهم لعلاقات مع إيران سترتبط بالتخوف من ارتباطات إيران مع الأقليات الشيعية وغيرها من المجموعات السنية الرديكالية في الإقليم، وستتوقف أيضا على حساباتهم مع التيار السلفي الذي يشكل الشريك الثاني في المشهد السياسي الآن.
فمن المحتمل أن يرتبط الدعم الإخواني لعودة العلاقات مع إيران بالموقف السلفي منهم، حتى لا يبدأ العداء مبكرا بين الطرفين في الموقف من الخارج . وقد ظهر الموقف الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين من عودة العلاقات مع إيران، بعد بدء البرلمان المصري أعماله، قائما على حسابات إقليمية ، متمثلا ذلك في توصيات لجنة الشئون الخارجية التي يرأسها الدكتور عصام العريان، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، والتي أوصت بضرورة وضع وزارة الخارجية لرؤية يتبناها البرلمان بخصوص العلاقات مع إيران، في ضوء العلاقات المصرية بدول الخليج، وفي ضوء الموقف الإيراني من الثورة السورية، وبما يتماشى مع الحالة الثورية التي تعيشها مصر الآن .
فالمؤكد أن موقف الإخوان المسلمين من عودة العلاقات المصرية- الإيرانية، بعد أكثريتهم البرلمانية، يتوقف على عدة عوامل تتمثل في : تحول الإخوان في مصر من الطرف المعارض إلى قيادة المشهد السياسي المصري، الذي يتطلب علاقات مرنة مع الولايات المتحدة والعالم الغربي المعادي لطهران.وبالتالي فموقف الطرف الإخواني المصري من العلاقة من طهران قد يكون أكثر حرصا، وبالتالي تكون جماعة الإخوان غير راغبة بتوسع التأثير الإيراني في مصر. العامل الثاني : تخوف إيران من المد الشيعي في مصر. العامل الثالث : استمرار الدعم الإيراني لنظام الأسد وتجاهل إيران للقمع الوحشي في سوريا .
من هنا، يبدو أن الإخوان المسلمين يريدون التقارب مع إيران لصالحهم ، ولكنهم يتفقون مع التيار السلفي في رفضهم إفساح المجال أمام الشيعة في مصر، سواء في ممارسة شعائرهم أومعتقداتهم، وبالتالي سيكون الملف الشيعي نقطة تباعد بينهم وبين إيران مؤقتا .
ثانيا- المسارات المحتملة لعلاقة التيارات الدينية مع طهران:
يختلف مسار العلاقات المحتملة بين القوى الدينية المصرية وإيران باختلاف المرحلة التي تمر بها البلاد. ففي المرحلة الانتقالية، يكاد يسيطر على العلاقة مسار الثبات أو التقارب المشروط، أي بقاء العلاقة على ما هي عليها.لكن بعد تبلور ملامح النظام السياسي، وانتخاب رئيس جمهورية ، إضافة إلى معرفة طبيعة الدور الذي ستلعبه القوتان الكبيرتان في الشارع المصري " الإخوان والسلفية "، واحتمالات تشكيلهما لحكومة ائتلافية، أغلبيتها من القوتين، سيسيطر على العلاقة مسار التقارب المشروط " التقارب الحذر" .
المسار الأول- ثبات الموقف :
يقوم هذا المسار على استمرار العلاقة التي تركها النظام السابق، واقتصار عملية التفاوض على التقارب بين البلدين على مغازلة صحفية فقط، أي " تصريحات من مسئولين تنشرها الصحف ووسائل الإعلام من الطرفين " ، بما يعني التخوف من حدوث تغيير في المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد، إلى حين اكتمال مؤسسات الدولة المصرية المتمثلة في رئيس منتخب، ومجلس وزراء يعبر عن ائتلاف من بين القوى السياسية.
وبذلك، يتوقف الانتقال من هذا المسار" تثبيت العلاقات " إلى مسار جديد أكثر مرونة على عدة محددات، لعل أهمها توازن القوى السياسية في الحكومات الجدية ومؤسسات الدولة التي ستشكل قريبا بالتحديد حجم التيار الليبرالي والتيار القومي فيهما ، إضافة إلى مدى قدرة الحكومات الجديدة على مواجهة الضغوط الخارجية عليها ، وحجم الضغوط الدولية والإقليمية على تلك الحكومات لمنع انتقال العلاقات بين مصر وإيران من مرحلة الثبات إلى مراحل أكثر اقترابا .
المسار الثاني - تقارب مشروط :
ويعني انتقال العلاقات إلى مستوى التعاون الاقتصادي والسياسي دون التقارب الثقافي، وهذا المسار تحدد أبعاده ضغوط التيار السلفي على التيار الإخوانى والتيارات الدينية الأخرى الممثلة في النظام السياسي المصري الجديد.
ويقوم هذا المسار على عدة شروط، كما حددها التيار السلفي المصري، وهي الالتزام الإيراني بعدم تصدير التشييع في مصر، كما قال النائب بكار لوسائل الإعلام إنه " لا نمانع فى عودة العلاقات مع إيران بشرط وقف المد الشيعي في مصر "، ومدى تجاوب طهران مع الشروط السلفية، حيث أكد رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة، مجتبي أماني- في حوار نشر في جريدة الأهرام- أن " طهران على استعداد لوضع مواطنيها إذا جاءوا لمصر تحت أعين الأمن، حتى تطمئنوا ونثبت حسن النوايا ". وهذا التجاوب بين الموقف يعني أن هذا المسار في العلاقات هو الأقرب بعد استقرار النظام السياسي المصري .
ثالثا- تحديات ومعوقات التقارب:
1- يتوقف دعم الإخوان المسلمين لعودة العلاقة مع إيران على مدى استمرار الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد ضد الثورة السورية ، لأن موقف الإخوان المصريين مقترن بموقف حركة حماس من الثورة السورية، والتي قررت الدعم الكامل للثوار، كما ورد في تصريحات إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس لجريدة الأهرام " بدعم الحركة للثورة السورية "، وكذلك بدء هجرة القيادات الفلسطينية من دمشق، وتوافد قيادات حماس على القاهرة . وبالتالي، فإن سعى حزب الحرية والعدالة- الجناح السياسي للإخوان المسلمين- لفتح مكتب لحركة حماس بالقاهرة، كما ورد في تصريحات رئيس حزب الحرية والعدالة، الدكتور محمد مرسي لجريدة الأهرام، يؤكد توحد موقف الإخوان المصريين مع حماس ودعمهم للثورة .
وبالتالي إذا لم تغير إيران موقفها من نظام بشار، فسيكون الدعم الإيراني لعودة العلاقات المصرية- الإيرانية يسير في الاتجاه المعاكس. وأيضا ما يؤكد ارتباط عودة العلاقات مع إيران بموقف إيران من الثورة السورية هو قول الدكتورعصام العريان، القيادي الإخوانى، لوسائل الإعلام المصرية، أثناء اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب التي يترأسها " إن الغالب أن هذه المنطقة تتجه إلى تغيير سيصل إلى عمق كل الدول العربية خلال سنوات، والسؤال الآن هو: كيف تقود مصر هذا التغيير الذي قد يصل إلى إيران نفسها؟ " .
2- التقارب السلفي السعودي، الذي بدا واضحا في تبني بعض نواب السلفية في البرلمان المصري للموقف السعودي من الثوار السوريين، والعداء من التقارب المصري- الإيراني، حيث طالب النائب ممدوح إسماعيل، عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب، بالإعلان صراحة عن إدانة التدخل الإيراني في سوريا، وانتقاده لمرور سفينتين حربيتين إيرانيتين من قناة السويس إلى سوريا، و كذلك معدل الدور التحريضي لشيوخ الوهابية ضد إيران .
3- مدى استمرار تعطل نمو مصر الاقتصادي، وتشكيل التيار الديني لحكومة ائتلافية، وتحملهم مسئولية إدارة شئون البلاد اقتصاديا قد يجعلهم في البداية يفكرون جيدا في مصادر الاستثمارات الاجنبية الدائمة، المتمثلة في الولايات المتحدة ودول الخليج والمنظمات التي يقودها الغرب " صندوق النقد الدولي "، والتي تمانع فى عودة العلاقات المصرية- الإيرانية.
فالولايات المتحدة وبعض دول الخليج قد اتخذت إجراءات نشطة لإحباط أي نوع من التقارب مع إيران، وستستمر في القيام بذلك. ونظرا لأن مصر ستزداد تبعية اقتصادية خلال فترة قد لا تكون قصيرة ، وسعي الإخوان المسلمين و التيار السلفي لتشكيل حكومة ائتلافية باعتبارهما الأكثرية البرلمانية ، فإنهما لا يستطيعان المجازفة بالعلاقات مصر مع مصادر دعمها الدائمة والحالية أو المستقبلية في سبيل إعادة العلاقات مع إيران التي قد لا ترضي تلك الأطراف.
4- حالة التنافس الإقليمي، حيث إن تركيا تشكل عامل تهديد لإيران في المنطقة، وكذلك نمط السياسة الخارجية التركية الجديدة في منطقة الشرق الأوسط ، مما سيلقى بظلاله على مستقبل العلاقات المصرية - الإيرانية .
5- التخوف السلفي من الموقف الإخوني المتذبذب قد يلعب دورا رئيسيا في استمرار حالة القطيعة مع النظام الإيراني، ويتوقف ذلك على مدى موافقة الطرف الإيراني واستجابته لكافة شروط التيار السلفي الذي يشكل الطرف الثاني في المشهد السياسي المصري بعد الثورة، وأيضا مدى استجابة الطرف الأمريكي والإسرائيلى لحسم الخلاف حول ملف تسوية النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي .
6- لا توجد قوة علمانية واضحة تشكلت في مصر بعد ثورة يناير، قد تسعى بشكل نشط لإعادة العلاقات مع إيران. فجميع الأحزاب المصرية التي تسعى لعودة العلاقات مع إيران صغيرة، ولم تحصل على تمثيل برلماني يشكل قوة ضاربة ضد التيارات الإسلامية التي قد تمنع أو تؤجل التقارب .
مصادر اعتمد عليها التحليل:
(1) جريدة الأهرام ، في 23 فبراير ، 2012 م .
(2) جريدة الأهرام ، في 17 فبراير ، 2012 م .
(3) جريدة اليوم السابع ، في 17 فبراير ، 2012 م .
(4) جريدة المصري اليوم ، في 18 فبراير 2012 م .
(5) أبوالفضل الإسناوي ، لماذا فشلت الحركات الصوفية في الانتخابات البرلمانية؟، الموقع الإلكتروني لمجلة السياسة الدولية ، نوفمبر 2011 م .
(6) التداعيات الإقليمية للتغيير السياسي في مصر، مجلة شرق نامه ، العدد رقم 14 ، لسنة 2012 م .