تحليلات

تحديات العلاقات الأمريكية-الكندية.. تعقيدات ترامب الأمنية والتجارية

طباعة

 

لطالما كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا تتمتع بأسس قوية، تأسست على الروابط الاقتصادية المتينة، والتقارب الثقافى، والمصالح الأمنية المشتركة. فباعتبارهما جارين يمتلكان أطول حدود غير محمية فى العالم، تعاونت الدولتان فى مجالات التجارة والدفاع والدبلوماسية لعقود طويلة. ومع ذلك، شهدت هذه العلاقة تحولات مهمة فى ظل قيادة الرئيس دونالد ترامب، الذى أضاف طبائع جديدة للتوترات بين البلدين، وسط اختلافات فى الأيديولوجيات السياسية والسياسات الاقتصادية، وكذلك الديناميكيات الشخصية بين ترامب وزعماء كندا.

وبالرغم من أن العديد من هذه التوترات كانت ناتجة عن سياسة "أمريكا أولا" التى انتهجها ترامب، فإن قدرة كندا على التكيف مع هذه التحديات أظهرت أهمية الحفاظ على علاقة ثنائية قوية حتى فى أوقات الأزمات. تهدف هذه المقالة إلى استكشاف المحاور الرئيسية للعلاقات الأمريكية الكندية خلال فترة ترامب، من المفاوضات التجارية والمخاوف الأمنية إلى التوترات الدبلوماسية، وسياسات الهجرة، والقضايا البيئية، بهدف تقديم تحليل شامل حول تأثير إدارة ترامب على العلاقة بين هاتين الدولتين فى أمريكا الشمالية.

أولا- العلاقات التجارية..من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) إلى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا :(USMCA)

تعتبر التجارة بين الولايات المتحدة وكندا حجر الزاوية فى العلاقة الثنائية بين البلدين، حيث تشكلت هذه الروابط التجارية من خلال اتفاقيات مهمة ساهمت فى تعزيز التكامل الاقتصادى بين الدولتين. فى عام 1994، تم التوصل إلى اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) بين الولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك، والتى لعبت دورًا محوريًا فى تسهيل حركة السلع والخدمات بين الدول الثلاث، وفتحت الباب أمام تدفق الاستثمارات بشكل أكثر سلاسة. وقد ساهمت نافتا فى تعزيز الروابط الاقتصادية عبر الحدود، وأدت إلى توفير ملايين الوظائف المرتبطة بالتجارة بين هذه الدول. هذه الاتفاقية شكلت بلا شك إحدى الدعائم الأساسية للعلاقات الاقتصادية بين كندا وأمريكا، حيث ضمنت تدفقًا حيويًا للمنتجات من مختلف القطاعات الاقتصادية، مما أثّر بشكل إيجابى على النمو الاقتصادى لكلا البلدين.

ومع بداية الحملة الرئاسية لدونالد ترامب فى عام 2016، بدأ يعبر عن انتقاداته الحادة لاتفاقية نافتا، موجهًا إليها اتهامات بأنها أسوأ اتفاقية تجارية تم توقيعها، معتبرا إياها السبب الرئيسى فى فقدان الوظائف الأمريكية، خصوصًا فى قطاع التصنيع، بالإضافة إلى العجز التجارى الكبير مع المكسيك. وتبنى ترامب فى خطابه الانتخابى سياسة اقتصادية تقوم على مبدأ "أمريكا أولا"، والتى كانت تتضمن تعديل أو إلغاء العديد من الاتفاقيات التجارية، ونافتا كانت واحدة من أولويات برنامجه. من هنا، بدأ ترامب فى الضغط على الدول المعنية لإعادة التفاوض على بنود الاتفاقية، واعتبرت إدارته أن نافتا كانت غير عادلة بالنسبة للعمال الأمريكيين، خاصة فى المناطق التى تأثرت بفقدان الوظائف بسبب نقل الإنتاج إلى المكسيك.

وبمجرد تولى ترامب منصب الرئاسة فى عام 2017، بدأت عملية إعادة التفاوض على اتفاقية نافتا، وهو ما أثار جدلا واسعًا على الساحة الدولية. كانت التهديدات بالانسحاب من الاتفاقية جزءًا من سياسة ترامب الصارمة، حيث أطلق تصريحات عديدة عن رغبة بلاده فى الانسحاب من نافتا إذا لم يتم تعديلها بما يتناسب مع مصالح الولايات المتحدة. فى البداية، تصاعدت التوترات التجارية بين كندا وأمريكا، حيث فرض ترامب رسوما جمركية على واردات الصلب والألومنيوم من كندا بحجة الحفاظ على الأمن القومى الأمريكى، مما أدى إلى رد فعل قوى من الحكومة الكندية التى فرضت بدورها رسومًا انتقامية على المنتجات الأمريكية. هذا التصعيد التجارى بين البلدين كان من العلامات البارزة فى المرحلة الأولى من المفاوضات.

على الرغم من التوترات والتحديات التى واجهتها المفاوضات، استمرت الأطراف الثلاثة فى العمل نحو التوصل إلى اتفاق جديد. وفى عام 2018، بعد أكثر من عام من المفاوضات الصعبة، تم التوصل إلى اتفاقية جديدة لتحل محل نافتا، وهى اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا(USMCA).كانت هذه الاتفاقية موجهة بشكل خاص لمعالجة بعض المخاوف التى عبر عنها ترامب، مثل تعزيز الصناعة الزراعية الأمريكية وإعطاء الأولوية للقطاعات الأمريكية مثل صناعة السيارات. ومع ذلك، كان على كندا تقديم عدد من التنازلات لضمان إبرام الاتفاقية، مثل فتح سوق منتجات الألبان الكندية أمام المزيد من الواردات الأمريكية، بالإضافة إلى القبول بنظام جديد لتسوية النزاعات التجارية بين الأطراف الثلاثة.

وقد تم توقيع اتفاقيةUSMCA فى عام 2018، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا فى عام 2020 بعد سلسلة من الموافقات البرلمانية. أعادت هذه الاتفاقية تشكيل العديد من القطاعات الاقتصادية فى كندا، ووضعت معايير جديدة لحقوق الملكية الفكرية، وأنظمة العمل، والتجارة الرقمية، مما أثر على الوضع الاقتصادى فى كندا بشكل ملموس. على الرغم من أن الاتفاقية ضمنت استمرار كندا فى الوصول إلى السوق الأمريكية الكبيرة والحيوية، إلا أنها أظهرت أيضًا مدى هشاشة هذا الاعتماد، خاصة فى ظل التوترات التجارية المتجددة ومواقف ترامب التى كانت تضع "أمريكا أولا" كأولوية قصوى. وبالتالى، وعلى الرغم من التنازلات التى قدمتها كندا لضمان الاتفاق، فقد كشفت هذه العملية عن نقاط الضعف التى قد تهدد استقرار العلاقات التجارية بين البلدين فى المستقبل.

ثانيًا- الأمن والدفاع.. توترات بشأن العبء العسكرى وأمن الحدود:

خلال فترة رئاسته، لم يتوقف دونالد ترامب عن توجيه انتقادات حادة لحلفائه فى حلف شمال الأطلسى، بما فى ذلك كندا، بسبب عدم وفائهم بالهدف المحدد لإنفاق الدفاع الذى يبلغ 2% من الناتج المحلى الإجمالى. على الرغم من أن كندا كانت دائمًا شريكًا مهمًا فى مهام الدفاع الجماعى لحلف الناتو، إلا أن الضغوط التى مارستها إدارة ترامب على الأعضاء لتسديد "نصيبهم العادل" من الإنفاق الدفاعى أدت إلى توترات ملحوظة داخل الحلف. وقد أثار تركيز ترامب على التكاليف الاقتصادية للتحالفات العسكرية مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تضعف التعاون الأمنى عبر الأطلسى، وهو ما كان له تأثير على العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة وكندا.

فى المقابل، قاوم رئيس الوزراء الكندى السابق جاستن ترودو، الذى يتبنى نهجًا أكثر ليبرالية وتعددية الأطراف، الضغوط التى مارسها ترامب لزيادة الإنفاق العسكرى الكندى. ورغم هذه التوترات، حافظت كندا على التزامها الثابت تجاه حلف الناتو، واستمرت فى لعب دور رئيسى فى عمليات حفظ السلام والعمليات العسكرية الدولية. ومع ذلك، بقيت العلاقات الدفاعية بين كندا والولايات المتحدة، لا سيما فى إطار قيادة الدفاع الجوى الفضائى لأمريكا الشمالية (NORAD)،قوية، واستمر التعاون المشترك بين البلدين فى الدفاع القارى.

أمن الحدود الأمريكية-الكندية.. الجدار وسياسات الهجرة:

أدت اقتراحات ترامب لتعزيز أمن الحدود، خاصة فكرة بناء جدار على الحدود الأمريكية-المكسيكية، إلى إثارة مخاوف فى كندا، خصوصًا بشأن تأثير هذه السياسات على الحدود المشتركة بين البلدين. ورغم أن الجدار المقترح لم يكن له تأثير مباشر على الحدود الأمريكية-الكندية، إلا أن سياسات ترامب المتعلقة بالهجرة، مثل سياسة "عدم التسامح مطلقًا" مع الهجرة غير الشرعية، وضعت ضغوطًا إضافية على أمن الحدود فى كندا.

واجهت كندا تدفقًا متزايدًا من طالبى اللجوء، حيث دفعت التوجهات الصارمة التى تبنتها إدارة ترامب بشأن الهجرة العديد من الأشخاص الذين فروا من الولايات المتحدة إلى محاولة دخول كندا طلبًا للجوء. وقد ازداد هذا الاتجاه بشكل ملحوظ بعد أن فرضت إدارة ترامب حظر سفر مثيرًا للجدل استهدف مواطنى الدول ذات الأغلبية المسلمة، مما أسفر عن زيادة كبيرة فى عدد طلبات اللجوء على الحدود الجنوبية لكندا.

على الرغم من هذه التحديات، واصلت كندا تمسكها بموقفها الإنسانى تجاه طالبى اللجوء، داعية إلى سياسات هجرة أكثر شمولًا وإنسانية. ومع تزايد التوترات على الحدود بين البلدين نتيجة لهذه الضغوط، بقى النهج الكندى فى التعامل مع اللاجئين متناقضًا بشكل كبير مع السياسات المتشددة التى فرضتها إدارة ترامب.

ثالثًا- الدبلوماسية والعلاقات السياسية.. توترات بين ترودو وترامب:

إحدى اللحظات البارزة فى العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وكندا خلال فترة رئاسة ترامب حدثت فى يونيو 2018، خلال قمة مجموعة السبع فى شارلفوا، كندا. تسببت سلوكيات ترامب غير التقليدية وتفاعلاته المثيرة للجدل مع قادة العالم، بما فى ذلك رئيس الوزراء الكندى السابق جاستن ترودو، فى أزمة دبلوماسية حادة. عقب القمة، نشر ترامب تغريدة اتهم فيها ترودو بـ "عدم الأمانة" و"الضعف"، وأصدر تعليماته للمسئولين الأمريكيين بعدم دعم البيان الختامى للقمة.

سلطت هذه الحادثة الضوء على الانقسام الشخصى والسياسى المتزايد بين ترامب وترودو. بينما سعى ترودو إلى الحفاظ على نهج تعاونى ومتعدد الأطراف فى السياسة الدولية، برز أسلوب ترامب الأحادى والعنيف الذى كان فى كثير من الأحيان يتسم بالعداء تجاه حلفائه. وبذلك، أبرزت تداعيات قمة مجموعة السبع هشاشة العلاقة بين البلدين فى ظل سياسة ترامب، التى كانت تضع المصالح الأمريكية فى المقام الأول.

الديناميكيات الشخصية بين ترامب وترودو:

اتسمت العلاقة بين ترامب وترودو طوال فترة رئاسة ترامب السابقة بتوترات علنية حول قضايا عدة، مثل التجارة، وتغير المناخ، والهجرة. بينما اعتبر ترامب سياسات ترودو التقدمية تهديدًا حقيقيًا لأجندته "أمريكا أولا"، سعى ترودو بشكل مستمر إلى الحفاظ على علاقة مستقرة مع الولايات المتحدة من خلال التفاوض والدبلوماسية. ومع ذلك، كانت ديناميكيات العلاقة بين الزعيمين بعيدة عن الانسجام، حيث تكررت الخلافات علنًا فى العديد من القضايا. ورغم هذه التوترات، تمكن الزعيمان من التعاون فى بعض المجالات، مثل مكافحة الإرهاب وتعزيز التحالفات الأمنية بين البلدين، وهو ما يعكس جانبًا من التعاون بالرغم من الخلافات العميقة.

ومع مرور الوقت، أظهرت هذه الديناميكيات الشخصية المتوترة بين ترامب وترودو تأثيرًا سلبيًا على العلاقات الثنائية بين كندا والولايات المتحدة، خاصة فى وقت كانت فيه الحاجة إلى التعاون فى قضايا عالمية أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى.

رابعًا- تغير المناخ والسياسات البيئية.. انسحاب ترامب من اتفاقية باريس:

يعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ فى عام 2017 من أبرز الخلافات البيئية بين الولايات المتحدة وكندا خلال فترة رئاسة ترامب. تم توقيع اتفاقية باريس فى 2015 من قبل 195 دولة، وكان هدفها الرئيسى هو الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. كان قرار ترامب بالانسحاب من الاتفاقية بمثابة تحدٍّ مباشر لجهود مكافحة تغير المناخ على مستوى العالم، وكان يتناقض تمامًا مع التزام كندا القوى بتلك الاتفاقية.

انتقد رئيس الوزراء الكندى السابق جاستن ترودو بشدة قرار ترامب، واصفًا إياه بأنه خطوة إلى الوراء فى العمل الجماعى العالمى للتصدى لتغير المناخ. رغم هذا الانسحاب، واصلت كندا التزامها باتفاقية باريس، مؤكدةً على أهمية تعزيز التعاون الدولى لمكافحة تغير المناخ والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى.

ورغم أن الولايات المتحدة وكندا هما من أكبر منتجى الطاقة فى العالم، فإن مسألة الرمال النفطية الكندية واستخراج الوقود الأحفورى كانت تمثل نقطة خلافية مهمة بين البلدين. أبدت إدارة ترامب دعمًا قويًا لاستخراج الوقود الأحفورى، وخصوصًا فى مشاريع بناء خطوط الأنابيب، مثل خط أنابيب كيستون إكس إل. من ناحية أخرى، كانت حكومة ترودو تواجه ضغوطًا داخلية شديدة بسبب موافقتها على هذه المشاريع، مما تطلب منها الموازنة بين دعم صناعة النفط والاهتمام المتزايد بالمخاوف البيئية.

تزايد التباين فى السياسات البيئية بين البلدين بوضوح، حيث استمرت كندا فى الاستثمار فى الطاقة المتجددة والسعى لتطبيق تسعير الكربون، بينما تراجعت الولايات المتحدة فى عهد ترامب عن العديد من اللوائح البيئية وساندت بشكل أكبر السياسات التى تدعم استخراج النفط. هذا الانقسام الأيديولوجى بين البلدين دفع كندا إلى إيجاد توازن دقيق بين الحفاظ على التزاماتها البيئية من جهة، وضمان مستقبلها فى مجال الطاقة من جهة أخرى.

خامسًا-الهجرة ومراقبة الحدود:

أجندة الهجرة الأمريكية وتأثيراتها على العلاقات مع كندا:

تبنّت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سياسة صارمة فيما يتعلق بالهجرة، مما أدى إلى توترات داخلية وخارجية. فقد تميزت سياساته بإجراءات مثيرة للجدل، كان أبرزها فصل العائلات على الحدود الأمريكية-المكسيكية، وهو الإجراء الذى أثار إدانات واسعة من منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولى. بالإضافة إلى ذلك، فرض ترامب حظر سفر استهدف العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، ما أدى إلى قيود مشددة على دخول مواطنى هذه الدول إلى الولايات المتحدة. كما شنت إدارته حملة قمعية ضد المهاجرين غير المسجلين، مما زاد من المخاوف داخل المجتمعات المهاجرة فى الولايات المتحدة.

انعكست هذه السياسات المتشددة على العلاقات الأمريكية-الكندية، حيث شهدت كندا تدفقًا متزايدًا لطالبى اللجوء الفارين من الولايات المتحدة، بحثًا عن بيئة أكثر ترحيبًا واستقرارًا. وقد أصبحت الحدود بين البلدين، التى لطالما اعتُبرت واحدة من أكثر الحدود انسيابية فى العالم، محورًا للتوتر السياسى والإنسانى. فعلى الرغم من أن كندا تتبع نهجًا أكثر انفتاحًا تجاه الهجرة، فإن تدفق اللاجئين خلق تحديات لوجستية وسياسية، وأثار جدلًا داخليًا حول قدرة البلاد على استيعاب أعداد متزايدة من المهاجرين.فكان لطالبى اللجوء القادمين من دول، مثل هايتى وسوريا نصيب كبير من هذه الأزمة، حيث فضّل كثيرون منهم اللجوء إلى كندا بسبب سياسات ترامب المتشددة. واستغل المهاجرون الثغرات القانونية فى اتفاقيات الهجرة بين البلدين، حيث كانوا يعبرون الحدود إلى كندا عبر نقاط غير رسمية لتجنب الإعادة الفورية إلى الولايات المتحدة بموجب اتفاقية الدولة الثالثة الآمنة. وقد أدى هذا إلى ضغوط متزايدة على السلطات الكندية، التى اضطرت إلى التعامل مع موجات متزايدة من الوافدين، بينما كانت تحاول الحفاظ على سياساتها الإنسانية.

باختصار، مثّلت سياسات الهجرة الأمريكية فى عهد ترامب نقطة خلاف جوهرية مع كندا، حيث سلطت الضوء على الفجوة الكبيرة بين نهج البلدين تجاه قضايا اللاجئين والهجرة.

ختاما- تشهد حاليا العلاقات الأمريكية-الكندية خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الجديدة توترات ملحوظة، حيث تسببت السياسات الحمائية، والخلافات حول الهجرة، والانقسامات الأيديولوجية بشأن قضايا، مثل الأمن وتغير المناخ، فى إحداث شرخ فى واحدة من أقوى الشراكات الثنائية فى العالم. وفى ظل استمرار التوترات والتصعيد الحالى فى القضايا التجارية والأمنية، يبرز تساؤل جوهرى: إلى أى مدى يمكن للبلدين تجاوز إرث النزاعات الماضية واستعادة علاقتهما التقليدية القائمة على الشراكة الوثيقة؟ وهل سيؤدى الوضع الراهن إلى مزيد من التصعيد، أم إن هناك مجالًا لإعادة بناء الثقة من خلال الحوار والدبلوماسية؟ كما أن استمرار الأزمات العالمية، مثل التغير المناخى والتحديات الأمنية المشتركة، يفرض على البلدين التعاون رغم الخلافات، فهل ستدفع هذه التحديات كلا الطرفين نحو تعزيز شراكتهما أم ستزيد من حدة الانقسامات؟

وفى ظل غياب وضوح كامل حول المستقبل، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للعلاقات الأمريكية-الكندية أن تستعيد استقرارها التاريخى، أم إننا نشهد تحولًا جذريًا فى طبيعة هذه العلاقة، قد يؤثر على استراتيجيات البلدين لعقود قادمة؟ الإجابة ستعتمد على القرارات السياسية القادمة، ومدى استعداد الطرفين لتجاوز الخلافات وإيجاد أرضية مشتركة تضمن استمرار المصالح المتبادلة وتجنب مزيد من التصعيد.

 

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. محمد عبد العظيم الشيمي

    د. محمد عبد العظيم الشيمي

    أستاذ العلوم السياسية – جامعة حلوان