شهدت الساعات الأخيرة توترات كبيرة حول قضية الدروز، حيث ظهرت مشاهد لوفد من الموحدين الدروز، وهو يعبر من بلدة حَضر السورية إلى الأراضي المحتلة في فلسطين من أجل زيارة دينية لمقام النبي شعيب، مرددين "طلع البدر علينا". من ناحية أخري نرى محاولات عديدة للدروز في الأراضي الفلسطينية المحتلة وهم يبذلون أقصى ما لديهم للانسجام في المجتمع الإسرائيلي أو النفور منه. ويبقى السؤال الأهم قائماً: من هم الدروز؟ ما مواقفهم السياسية في الصراع العربي-الإسرائيلي؟
تعريف الدروز أو الموحدين: هم عرقية دينية عربية تدين بمذهب التوحيد ذي التعاليم الباطنية، وقد ظهروا في عهد الدولة الفاطمية في مصر مؤسسها "حمزة بن علي الزوزني". وتعود سميتها إلى محمد بن إسماعيل الدرزي، وغالبيتهم موجودة في سوريا و لبنان و الأردن وفلسطين المحتلة وعددهم نحو مليون حول العالم، وهي طائفة مغلقة لا تسمح لأحد بالانضمام إليها. ويعتقد الدروز بأن الله واحد أحد وهو المتحكم الأزلي في الكون. ويُعتقد أن هذه الطائفة انشقت عن الإسماعيلية خلال المرحلة الفاطمية في القرن العاشر.
الدروز داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة: يشكل الدروز في الكيان الإسرائيلي رابع جماعة دينية، وهي أقلية إثنية دينية بين المواطنين العرب وعددهم 120 ألف درزي وفرض عليهم الاحتلال الجنسية الإسرائيلية عام 1948. وفي أثناء الانتداب البريطاني لفلسطين 1939، انقسمت الجماعة إلي عدد مهتم بالقومية العربية وآخرين تحالفوا رسمياً مع الميليشيات اليهودية والهاجانا. وفي أثناء المذابح التي تعرضت لها القرى الفلسطينية في ذلك الوقت لم تتعرض أي قري درزية للتدمير أو التهجير. وبعد تأسيس دولة الاحتلال تم سن قانون مع زعيم الطائقة الدرزية عام 1956 على تجنيد الدروز الذكور إجباريا في جيش الاحتلال علي عكس المسلمين والمسيحيين. وداخل جيش الاحتلال، أنشئت كتيبة "حيرف" الدرزية، وهي قوة برية في عداد القوات النظامية لجيش الاحتلال، وتأسست سنة 1974، ويؤدون خدمتهم العسكرية في "المهام الداعمة للقتال- الاستخبارات- سلاح الطب- الكليات العسكرية- التكنولوجيا واللوجستيات".
من ناحية أخرى، قامت حركات كثيرة رافضة للتجنيد في جيش الاحتلال، حيث قامت مجموعة من الناشطين بالتحرك الفعلي ضد التجنيد مثل مجموعة "ارفض شعبك بيحميك" و"نحن حراس الأرض مش حراس حدود"، و"ميثاق المعروفين الأحرار" وغيرها. وهناك نشطاء آخرون من الدروز عبروا عن رفضهم لممارسات الاحتلال تجاه الفلسطينيين، وعبر الكثير منهم عن استيائهم الشديد من أبناء طائفتهم الذين يخدمون في الجيش ويشاركون في الحروب ضد المقاومة والشعب الفلسطيني.
الدروز في الأراضي السورية: يرجع تاريخ الدروز في سوريا إلى مئات الأعوام، وقد لعبوا دورا مهما في بلاد الشام عبر مراحل تاريخية مختلفة، حيث شاركوا في معركة حطين ضد الصليبيين عام 1187. وفي عام 1925، لعب الدروز دورا محوريا في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا، إذ رفضوا مشروع تأسيس دولة درزية، وأشعلوا شرارة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش. ويبلغ عدد الموحدين الدروز في سوريا اليوم نحو 700 ألف نسمة، يعيشون في السويداء، وصلخد، وشهبا، والقريا في جبل العرب، إضافة إلى جرمانا قرب دمشق، ومجدل شمس في الجولان السوري المحتل. وقد بدأت اختلافات الدروز في سوريا منذ 1946. وفي ذلك الوقت كان هناك شائعات بأن أهالي جبل الدروز يريدون الانفصال عن سوريا بعد إجلاء الانتداب الفرنسي عن سوريا. وبعد قيام الثورة السورية طالب الدروز بإسقاط بشار ورفضوا التجنيد الإجباري في الجيش السوري. في ذلك الوقت، تعرضت بعض مناطقهم لهجمات على يد مجموعات (داعش) وجبهة النصرة بشكل خاص بين 2012 و2015.
تعود قصة جبل الدروز اليوم إلى الواجهة بعد تصريحات الاحتلال حول عزمه حماية الدروز إذا لم تتفق مع سوريا الجديدة؛ تفتح هذه التصريحات المجال لتساؤلات جديدة حول موقف الدروز في الأراضي السورية، خاصة بعد زيارة دروز سوريا إلي الأراضي المحتلة بعد نحو خمسين عامًا. وبالرغم من أنها زيارة دينية وليست سياسية فإنها أثارت جدلاً وتوترا مع حكومة دمشق الجديدة.
وفي النهاية، تظل قضية الدروز في الصراع العربي- الإسرائيلي مثيرة للجدل، قضية شديدة التعقيد وعدم الوضوح، تجمع بين الدين والسياسة والهويات المتعددة في ظل تحولات تاريخية وجغرافية معقدة.