مقالات رأى

باكستان وسياسة ترامب فى غزة.. بين الرفض الدبلوماسى والتصعيد الدولى

طباعة

اتسمت سياسة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجاه القضية الفلسطينية عامة وغزة خاصة بانحياز واضح لإسرائيل، ما أثار ردود فعل قوية فى العديد من الدول الإسلامية من بينها باكستان، فقد رأت إسلام آباد أن نهج ترامب لم يكن مجرد استمرار للسياسة الأمريكية التقليدية الداعمة لإسرائيل، بل كان تحولا جذريا يهدد أسس الحلول الدبلوماسية للصراع الفلسطينى-الإسرائيلى.

-إدانات باكستان وتحفظات استراتيجية:

منذ أن نقلت إدارة ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس عام 2018 م أعربت باكستان عن رفضها القاطع لهذا القرار، معتبرة أنه يقوض أى فرصة لحل عادل للقضية الفلسطينية، لكن الخطوة التى عززت الموقف الباكستانى المعارض كانت "صفقة القرن" التى رأت فيها باكستان محاولة لشرعنة الاحتلال وتقويض حق الفلسطينيين فى دولة مستقلة، وفيما يتعلق بغزة فإن الدعم الأمريكى غير المشروط لإسرائيل شجعها على شن عمليات عسكرية متكررة على القطاع ما أدى إلى تفاقم الأوضاع.

- موقف باكستان خلال التصعيد فى غزة:

خلال المواجهات العنيفة التى اندلعت فى مايو 2021 لعبت باكستان دورا نشطا فى الساحة الدبلوماسية، حيث استنكرت الهجمات الإسرائيلية ووصفتها بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولى، وكان لوزير الخارجية الباكستانى شاه محمود قريشى دور بارز فى تسليط الضوء على معاناة الفلسطينيين، حيث طالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولى باتخاذ إجراءات صارمة. فى الوقت نفسه انتقدت باكستان موقف واشنطن الداعم لإسرائيل معتبرة أن استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو ضد قرارات مجلس الأمن بشأن غزة يعكس ازدواجية المعايير الدولية.

- بين الخطاب السياسى والواقع الجيوسياسى:

رغم الانتقادات العلنية لسياسة ترامب فإن باكستان، نظرا لوضعها الجيوسياسى، لم تتخذ خطوات تصعيدية مباشرة ضد الولايات المتحدة. فالعلاقات الأمنية والاقتصادية بين البلدين خاصة فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب والمساعدات المالية فرضت قيودا على مدى التصعيد الباكستانى، ومع ذلك حرصت إسلام آباد على التأكيد فى المحافل الدولية، مثل منظمة التعاون الإسلامى والأمم المتحدة على ضرورة احترام قرارات الشرعية الدولية ووقف الانتهاكات فى غزة.

ومن ثم فقد نظرت باكستان إلى سياسة ترامب فى غزة باعتبارها عاملا مساعدا فى تصعيد العدوان الإسرائيلى وإضعاف أى محاولات لحل سلمى شامل. وبينما سعت إسلام آباد للحفاظ على علاقتها مع واشنطن فإنها لم تتردد فى إدانة سياسات ترامب فى الشرق الأوسط، معتبرة أن دعم الولايات المتحدة غير المشروط لإسرائيل يقضى على فرص السلام ويؤدى إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار فى المنطقة.

طباعة

    تعريف الكاتب

    د. منى حندقها أحمد

    د. منى حندقها أحمد

    أستاذ الدراسات الهندية-الباكستانية