مقالات رأى

الإجابة: لا للتهجير

طباعة

جاء رد المصريين قيادة وشعبًا على الدعوة الخبيثة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين، قويًا ومزلزلا برفضها بشكل حاسم لا يحتمل التأويل، واعتبروها خطًا أحمر لا يجوز لترامب أو سواه تجاوزه والخوض فيه بهذه الرعونة المتناهية. والرفض الأكبر والأشمل كان لمحاولات واشنطن الدءوبة تصفية القضية الفلسطينية، القضية المحورية للأمة العربية والإسلامية، إرضاء لإسرائيل وقادتها المتطرفين الذين عاثوا فسادًا وتخريبًا في غزة لأكثر من عام، دون أن يهتز رمش الإدارة الأمريكية التي لا تكف عن الحديث عن دفاعها المستميت عن حقوق الإنسان، وتعطى الدول الأخرى دروسًا طويلة عريضة بخصوصها، بينما تغض الطرف عما يفعله الإسرائيليون ويتنافى مع أبسط قواعد حقوق الإنسان.

ولا أدرى من أين يستمد ترامب تلك الجرأة في سعيه الدائم للقفز فوق الخطوط الحمراء دون اكتراث أو مراعاة لمصالح الأمم والشعوب وأمنهم القومي، وأن يبدأ فترته الرئاسية الثانية بإثارة غضب المصريين والعرب أجمعين بدعوته المستفزة لتهجير الفلسطينيين، منكرًا عليهم حقهم الأصيل والمشروع في التمسك بالبقاء في وطنهم بعدما قدموه من تضحيات لا تقدر بثمن من دمائهم وممتلكاتهم، منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الغاشم على غزة؟

ألم ينظر ترامب وأركان إدارته الجديدة إلى زحف الفلسطينيين بالآلاف صوب شمال غزة، حيث بقايا منازلهم التي سواها تقريبا الجيش الإسرائيلي بالأرض، لأنهم لا يريدون مغادرة وطنهم، مهما كانت الضغوط والإغراءات، ولن نعيد ما قالوه عبر شاشات الفضائيات التي تابعت سيرهم على الأقدام عبر طرق وعرة غير ممهدة تعلو وجوههم المتعبة والمرهقة ابتسامة غابت عنهم منذ مدة، وأكدوا من خلاله أنهم باقون ولن يغادروا بلادهم.

ألم ير ترامب ومستشاروه كيف اصطف المصريون وراء قيادتهم التي أعلنت في وقت مبكر موقفها الثابت الرافض لتهجير الفلسطينيين، وأنها لن تدخر وسعًا من أجل إغاثتهم والتخفيف من معاناتهم الإنسانية، ومساندتها ودعمها غير المحدود في المحافل الدولية والإقليمية للقضية الفلسطينية العادلة، وأنه لا حل لها إلا عبر تطبيق حل الدولتين، حتى تنعم المنطقة ومعها العالم بالسلام والأمان، وتتصدى ببسالة لكل المساعى الشريرة الرامية لتصفية القضية الفلسطينية؟

ألم يضع ترامب في حساباته قبل لجوئه لسياسة الصدمات التي تستهويه والمحببة إلى نفسه، أنه بدعوته تلك يفتح أبوابًا لمزيد من المد المتطرف والعنف والإرهاب الذى ربما ستنفذه جماعات دينية متشددة بدعوى نصرة الفلسطينيين ومقاومة تهجيرهم، وعند حدوثها تشكو الولايات المتحدة من أنها مستهدفة ومصالحها تتضرر، وكذلك علاقاتها مع دول عدة، بسبب انحيازها السافر والمرضى لإسرائيل ومنحها دائما صك البراءة مما تقترفه من جرائم تقشعر لها الأبدان، وشاهدنا الكثير منها خلال حربها الجائرة على غزة وبقية الأراضي الفلسطينية وأيضا لبنان؟

ألم يلاحظ قاطن البيت الأبيض الجديد وحواريوه أن بلاده فقدت مصداقيتها على الصعيد الدولي، جراء معاييرها المزدوجة وسوء تصرفاتها وقراراتها غير الحصيفة بشأن النزاعات العالمية المشتعلة، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، وهل هناك دليل على ذلك أكثر من ترديد ترامب خلال حملته الانتخابية وبعد انتخابه أنه سيعيد الاحترام للولايات المتحدة، كيف سيعيده وهو لا يحترم حق شعب محتل في تقرير مصيره والنضال لنيل حريته من المحتل الإسرائيلي الذى يمعن في قمعه واضطهاده وتعذيبه في سجونه ومعتقلاته غير الآدمية، وراجعوا شهادات معتقلين فلسطينيين خرجوا من هذه السجون وما كانوا يتعرضون له من إذلال متعمد وحرمانهم من الرعاية الطبية وترك الأمراض تنهش أجسادهم النحيلة، بخلاف منعهم من التواصل مع ذويهم؟

لقد كانت رسالة المصريين لترامب واضحة وضوح الشمس ولا تحتاج لترجمة، فهم يرفضون رفضًا قاطعًا تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم العادلة، ويدعمون ويصطفون خلف قيادتهم السياسية ومواقفها، ورسالتهم جاءت بعلم الوصول، فهل وصلتك يا سيد ترامب الرسالة؟

طباعة

    تعريف الكاتب

    محمد إبراهيم الدسوقى

    محمد إبراهيم الدسوقى

    رئيس تحرير بوابة الأهرام الإلكترونية