تحليلات

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين في ظل ولاية ترامب الجديدة

  • 13-1-2025

طباعة

في نوفمبر 2024، صرح الرئيس "دونالد ترامب" بأنه سيقوم بفرض رسوم جمركية جديدة علي أغلب الواردات الأمريكية-الصينية بنسبة 60%، بالإضافة إلى زيادة 25% على الواردات الأمريكية. الأمر الذي أثار غضب ليس فقط الإدارة الصينية، بل رجال الأعمال الأمريكيين أيضًا، وبعض الدول المطبق عليها الزيادة في التعريفة الجديدة، مثل كندا والمكسيك، الأمر الذي قد يؤدى إلى زيادة أزمة التضخم العالمية.

منذ سنوات تصاعدت حالة من الحرب التجارية والتكنولوجية، وتنافس النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي، بين الولايات المتحدة والصين، عندما وقع "دونالد ترامب" على المذكرة التنفيذية في عام 2017، لتوجيه ممثله التجاري للتحقيق بموجب المادة (310) في احتمالات سرقة الصين للتكنولوجيا والملكية الفكرية الأمريكية، الأمر الذى اعتبرته بكين فرضًا للهيمنة الأمريكية ورغبة منها في فرض قوانينها الخاصة لتجاوز القوانين الدولية. أدى هذا التحقيق لاحقًا إلى فرض تعريفات جمركية على السلع الصينية في 2018، ما أشعل حربًا تجارية بين البلدين لم تنته بنهاية ولاية ترامب في 2021، بل اتخذت منحى مختلفا.

تُعد الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة انعكاسًا لعوامل مرتبطة بالنظام السياسي الأمريكي. في عقب انتخابات منتصف المدة التي جرت في نوفمبر 2018، برزت هذه الانتخابات كفرصة لتقييم أداء الرئيس الأمريكي بعد عامين من توليه السلطة. في السياق ذاته، سعى الرئيس ترامب إلى ترجمة وعوده الانتخابية إلى سياسات ملموسة، خاصة تلك المتعلقة بمعالجة العجز التجاري الذي يُعد إحدى القضايا المحورية في حملته الانتخابية.

أولًا- ملامح الحرب التجارية:

في عام 2018 بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين حين قام ترامب بالتوقيع على قرار الرسوم الجمركية الذى فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة زيادة 25%، أي ما قيمته 50 مليار دولار أمريكي تقريبًا،على سلع صينية والتي تعد مهمة استراتيجيًا وتستفيد من برنامج "صنع في الصين 2025" والسياسات الصناعية الصينية الأخرى، كانت هذه خطوة البداية لتقييد تصدير البضائع الصينية.

 ومن جانب بكين واتباعًا لسياسة الرد بالمثل، أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانًا رسميًا بفرض تعريفة إضافية على ما يزيد على 500 سلعة مستوردة من الولايات المتحدة بزيادة قدرها 25%. لم يتوقف التصعيد عند هذا الحد فقط، حيث قامت الولايات المتحدة والصين بفرض عقوبات جمركية بشكل متبادل. في تطور سلبي للعلاقات السياسية والاقتصادية للبلدين.

وبعد حرب دامت نحو عامين اتفق البلدان على استبدال بالعقوبات المفاوضات من أجل حماية مستقبل العلاقات التجارية الثنائية. وبعد العديد من المقابلاترفيعة المستوى والمشاورات الهاتفية بين قادة البلدين،تم التوقيع على المرحلة الأولى من "الاتفاقية الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة" في يناير من عام 2020، والتي تضمنت 8 فصول وهى: الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا، وتجارة المنتجات الغذائية والزراعية، والخدمات المالية، وسياسات الاقتصاد الكلي وأسعار الصرف، وتوسيع التجارة، والتقييم الثنائي وتسوية المنازعات، والشروط النهائية.وكان الاتفاق ينص على التزام الولايات المتحدة بإلغاء تدريجي للرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على المنتجات الصينية، مع العمل على تحويل مسار الرسوم من الزيادة إلى التخفيض.

وبموجب الاتفاقية التزمت الصين بشراء 200 مليار دولار من الصادرات الأمريكية الإضافية قبل 31 ديسمبر 2021، لكن أثرت جائحة "كوفيد–19" على تنفيذ الاتفاقية، حيث لم تستطع الصين الالتزام بتحقيق المستويات المستهدفة للمشتريات الأمريكية بسبب تراجع التجارة العالمية.وفي نهاية المدة اشترت الصين 58% فقط من الصادرات الأمريكية التي التزمت بشرائها بموجب الاتفاق،مما أثر على الأعمال التجارية بين البلدين.وعلى الرغم من ذلك كان للاتفاق بعض الإنجازات أهمها: وقف تصاعد الحرب التجارية، بالإضافة إلي التزام الصين بإزالة الحواجز أمام الصادرات الزراعية الأمريكية، والتزامها بحماية حقوق الملكية الفكرية الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن القول إن الاتفاق المبرم في المرحلة الأولى كان بمثابة خطوة غير كافية نحو تحقيق التوازن في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث أدى إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الأمريكي بفعل ارتباطه بالحرب التجارية، دون معالجة جذرية للاختلالات الهيكلية التي تشكل محور التوترات التجارية بين البلدين، على الرغم من تعهد دونالد ترامب بإبرام صفقة أفضل مع الصين تساعد الشركات والعمال الأمريكيين على المنافسة ووضع خطة من أربعة أجزاء وهى: إعلان الصين دولة متلاعبة بالعملة، ومواجهة الصين بشأن مخاوف الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا القسرى، وإنهاء استخدام الصين لإعانات التصدير ومعايير العمل والبيئة المتساهلة، وخفض معدل ضريبة الشركات الأمريكية لجعل التصنيع الأمريكي أكثر قدرة على المنافسة.

وعلى جانب آخر، يمكن توضيح تطورات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في خمس مراحل رئيسية بين عامي 2018 و2022، بداية من الأشهر الستة الأولى من عام 2018، اتسمت الإجراءات بزيادة طفيفة في التعريفات الجمركية، مما يشير إلى بداية متحفظة للصراع. ومع ذلك، تسارعت وتيرة التصعيد بين يوليو وسبتمبر 2018، حيث ارتفعت التعريفات الجمركية الأمريكية من متوسط 3.8٪ إلى 12٪، بينما ارتفعت نظيرتها الصينية من 7.2٪ إلى 18.3٪، مما أدى إلى تصاعد ملحوظ في التوترات الاقتصادية.

وفي المرحلة الثالثة، كانت هناك فترة استقرار نسبي استمرت نحو ثمانية أشهر بين سبتمبر 2018 ويونيو 2019، حيث شهدت التعريفات الجمركية تغييرات طفيفة. لكن الصراع عاد إلى الاشتعال بين يونيو وسبتمبر 2019، مع موجة جديدة من الزيادات في التعريفات من كلا الجانبين. وفي المرحلة الخامسة، وعلى الرغم من توقيع اتفاق المرحلة الأولى، لم تنخفض التعريفات الجمركية بشكل كبير، مما يعكس استمرار حالة عدم الاستقرار في العلاقات التجارية بين البلدين .انظر الشكل التالى:

الأرقام بالنسبة المئوية


الرسوم الجمركية في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في الفترة من (يناير 2018 حتى أبريل 202

Source:US – China Trade War Tariffs: An Up-to-Date chart, PIIE, 2023,

 https://www.piie.com/research/piie-charts/2019/us-china-trade-war-tariffs-date-chart

في أكتوبر 2022، قام بايدن بحظر تصدير رقائق الحاسوب الأكثر تقدمًا إلى الصين، وفي 17 سبتمبر 2024، قامت بفرض زيادات كبيرة في الرسوم الجمركية على الواردات الصينية، بما في ذلك رسوم بنسبة 100% على السيارات الكهربائية،و50% على الخلايا الشمسية، و25% على الفولاذ والألمنيوم وبطاريات السيارات الكهربائية والمعادن الرئيسية، لتعزيز الحماية للصناعات الاستراتيجية من الممارسات الصناعية التي تقودها الصين.كما صرح مكتب الممثل التجاري الأمريكي.وأكد أيضًا على أن الولايات المتحدة ستفرض رسوما نسبتها 50% على أشباه الموصلات في عام 2025. وردًا على ذلك قالت وزارة التجارة الصينية، في بيان لها، إنها "لن تسمح بتصدير المواد ذات الاستخدام المزدوج المتعلقة بالغاليوم والجرمانيوم والأنتيمون والمواد شديدة الصلابة إلى الولايات المتحدة، وأنها ستنفذ ضوابط أكثر صرامة على العناصر المتعلقة بالجرافيت". كما دعتأبرز جمعيات الصناعة في الصين، الشركات إلى التركيز على المنتجات المحلية. وأصدرت تحذيرًا للشركات الصينية من الاعتماد على الرقائق الأمريكية، مشيرة إلى أنها لم تعد خيارًا آمنًا.

ثانيا- تداعيات الحرب التجارية:

نتج عن الحرب التجارية التي بدأت في 2018 تداعيات متعددة شملت كلا من الولايات المتحدة والصين على حد سواء. فبحسب دراسة أجرتها شركة "موديز أناليتيكس" وجدت أن الحرب التجارية كلفت الاقتصاد الأمريكي ما يقرب من 300 ألف وظيفة ونحو 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. ووفقًا لأبحاث أجراها البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك وجامعة كولومبيا أن الشركات الأمريكية خسرت ما لا يقل عن 1.7 تريليون دولار من أسعار أسهمها نتيجة للرسوم الجمركية المفروضة علي الواردات الصينية.

على صعيد آخر، واصل عجز التجارة السلعية للولايات المتحدة مع الصين في النمو، فبعد أن بلغ العجز 419.2 مليار دولار في عام 2018، شهد انخفاضًا في عام 2019 ليصل إلى 345 مليار دولار، وهو مستوى مماثل لما كان عليه عام 2016، ويرجع ذلك إلى تراجع تدفقات التجارة. وعلى الرغم من انخفاض العجز الأمريكي مع الصين، فإن عجزها التجاري الإجمالي لم ينخفض.بدلاً من ذلك، ساهمت التعريفات الجمركية الأحادية التي فرضتها إدارة ترامب في تحويل تدفقات التجارة، مما تسبب في ارتفاع العجز التجاري الأمريكي مع دول أخرى، بما في ذلك أوروبا، والمكسيك، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان.

كان السبب الرئيسي المعلن للولايات المتحدة الأمريكية لبدء هذه الحرب هو أن السياسات الصينية أدت إلي خلل في الميزان التجاري بين البلدين، وتفاقم العجز في الميزان التجاري الأمريكي. ويوضح الشكل التالي حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة من عام 2001 حتى عام 2018.

 

الأرقام بالمليار دولار


التبادل التجاري السلعي بين الولايات المتحدة والصين في الفترة من (2001 – 2018)

Source:congressional Research service, P2.

يظهر الشكل ارتفاعا في حجم التبادل التجاري بين البلدين من 121.5 مليار في عام 2001 إلي نحو 659.8 مليار دولار في عام 2018. كما يتضح أن الولايات المتحدة لديها عجز كبير ومتزايد في حجم تجارة السلع مع الصين، فقد ارتفع العجز من 83.1 مليار في عام 2001، إلى 419 مليار دولار في عام 2018. على الرغم من الزيادة الكبيرة في حجم التبادل التجاري إلا أنها كانت في مصلحة الصين.

فقد ارتفعت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة بين 2010 و2018 بمتوسط سنوي 4.5%، محققة نموًا إجماليًا بنسبة 47.8%. في المقابل، زادت الصادرات الأمريكية إلى الصين بمعدل سنوي قدره 3.3% ونمو إجمالي بنحو 31%، باستثناء عامي 2015 و2018. بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة احتلت المرتبة الثالثة بين شركاء الصين التجاريين في 2018، بنسبة تقدر بنحو 13.7% من إجمالي التبادل التجاري الصيني. وكانت أكبر سوق للصادرات الصينية بنسبة 19.2%، وخامس أكبر مصدر للواردات بنسبة 7.3%.

لذلك، قامت إدارة ترامب باتخاذ قيود عدة على التصدير والاستثمار على الشركات الصينية، رغبة منها في وقف ما سماه دونالد ترامب "أكبر سرقة في تاريخ العالم" بالإضافة إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي،  ففي مايو 2019، أصدر الأمر التنفيذي رقم (13873) لتعزيز قيود حماية سلسلة توريد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الأمريكية من تهديدات أجنبية معادية، مع تقييد استثمارات شركات التكنولوجيا الصينية. كما فرضت إدارته عقوبات اقتصادية وقيودًا على شركات وكيانات صينية.

وفي عامي 2018 و2019، فرضت إدارة ترامب عقوبات على شركتيZTE وHuaweiلانتهاكهما حظر التصدير لإيران. وأدرجتHuawei على قائمة الكيانات الأمريكية لتقييد قدرتها على اكتساب التقنيات المتقدمة وتقليل تنافسيتها دوليًا.وفي عام 2020، صدر أمر بحظر تطبيقاتWeChat وTikTokللحد من تطور شركات الإنترنت الصينية، لكن المحكمة الأمريكية رفضت الحظر.بالإضافة إلى صدورالأمر التنفيذي رقم (13959) في نوفمبر 2020،بحظر استثمارات الأمريكيين في الشركات المملوكة أو المسيطر عليها من قبل الجيش الصيني. كما أثرت إجراءات "الشطب" ببورصة نيويورك على تمويل 35 شركة صينية كبرى.وفي ديسمبر من العام نفسه، تم التوقيع على "قانون محاسبة الشركات الأجنبية" لتشديد الرقابة على مؤسسات التدقيق التابعة لشركات أجنبية مدرجة في الولايات المتحدة، مما صعب عليها جمع الأموال عبر الاكتتاب العام.

وعلى جانب آخر، على الرغم من أن هذه الحرب لم تتطور إلى مواجهة عسكرية، لكنها اتسعت لتشمل مجالات عدة أهمها وأكثرها تأثرًا المجال الاقتصادي. حتى مع نهاية ولاية ترامب الأولى وتولى "جو بايدن" السلطة لم تنته الحرب التجارية، ففي قمة بالى في نوفمبر 2022،التي اجتمع فيها الرئيس جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، لم تعلن الولايات المتحدة أنها ستلغي القيود المفروضة على صادرات التكنولوجيا المتقدمة أو الرسوم الجمركية على الواردات من الصين.بالإضافة إلى قيام "بايدن" بتقديم حزمة من مشاريع القوانين لتقييد صادرات الرقائق إلى الصين، مثل قانون (CHIPS and Science)، وقانون خفض التضخم- تقدم إعانات مربحة للشركات التي تبنى في الولايات المتحدة، وتحتوي على أحكام لحرمان الشركات الصينية من تلك المزايا وحتى منع الشركات التي تأخذ الإعانات من الاستثمار في الصين-.كما قامت الصين ببعض الإجراءات المناهضة لتلك القرارات وسيطرت على المواد الخام لتصنيع الرقائق.

وإن كان تأكيد إدارة بايدن على عدم السعي إلى حرب باردة مع الصين، إلا أن التحركات الأمريكية تشير إلى عكس ذلك. حيث تشمل هذه التحركات تعزيز التحالفات الثنائية والإقليمية، مثل الحوار الأمني الرباعي، والشراكة الثلاثية "أوكوس"، والترويج لتوسيع الناتو شرقًا. كما تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري في مناطق مثل بحر الصين الشرقي ومضيق تايوان، مركزة على جعل قضية تايوان محورًا للتنافس الاستراتيجي مع الصين.

ثالثًا- مستقبل الحرب التجارية:

لم تصل الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى نهايتها بعد، حيث لم تشهد سياسات إدارة بايدن اختلافات جذرية عن نهج إدارة ترامب خلال ولايته الأولى، خاصة فيما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية المرتفعة على السلع الصينية. بل إن إدارة بايدن استمرت في استخدام الأدوات ذاتها، مما يشير إلى أن هذه السياسات ليست مجرد إجراءات مؤقتة، بل هي جزء من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تقليص الاعتماد الاقتصادي على الصين، وتعزيز القدرات التنافسية للولايات المتحدة في القطاعات الصناعية والتكنولوجية الحيوية. يعكس ذلك أن المنافسة بين البلدين أصبحت أكثر تعقيدًا، مع تداخل البعد الاقتصادي مع الأبعاد الأمنية والسياسية.

ومن المتوقع أن لا تشمل هذه الحرب أعداء الولايات المتحدة فقط ولكن الحلفاء أيضًا، حيث صرح الرئيس "دونالد ترامب" خلال فوزه بالانتخابات في نوفمبر2024 بأنه في فترة ولايته الجديدة سيقوم بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25% على صادرات كل من كندا والمكسيك للولايات المتحدة،بالإضافة إلى 60% على واردات الصين، وتشير تقديرات معهد بيترسون، إلى أن هذه الرسوم الجمركية الشاملة ستكلف الأسر الأمريكية من 1700 دولار إلى 2600 دولار إضافية سنويًا لتغطية احتياجاتها الأساسية، اعتمادا على ارتفاع الرسوم الجمركية التي سيفرضها ترامب. وعلى جانب آخر حذرت الصين من فرض رسوم جمركية حتي لا تتصاعد التوترات الاقتصادية ويخسر كلا الجانبان.

وعلى جانب آخر، بدأت الصين باتخاذ إجراءات مضادة لتهديدات ترامب بهدف الضغط على واشنطن لتجنب اندلاع حرب تجارية جديدة والجلوس على طاولة المفاوضات، حيث أكدت وزارة التجارة الصينية في ٢ يناير ٢٠٢٥،إضافة عشرات الشركات الأمريكية لقائمة الرقابة على الصادرات لحماية الأمن والمصالح الوطنية الصينية، كما فرضت الصين تدابير على ٢٨ كيانا أمريكيا وحظرت تصدير عناصر تلك الكيانات ذات الاستخدامات المزدوجة بحسب وكالة أنباء شينخوا. كما فرضت الصين في اليوم ذاته عقوبات على ١٠ شركات دفاع أمريكية بسبب مبيعات عسكرية لتايوان،وتمت إضافتها إلى قائمة الكيانات غير الموثوقة. ولكن من المرجح أن تزيد تلك الإجراءات من حدة التوترات الاقتصادية بين كلا البلدين. ومن ثم، سيكون من الصعب الوصول إلى التفاوض بين الصين والولايات المتحدة قبل تولي ترامب السلطة في ٢٠ يناير الجاري، كما أن إدارة ترامب الجديدة تختلف عن إدارة بايدن بشكل متباين، حيث تقوم سياسات الأخيرة على التفاوض من أجل تحقيق المصلحة الوطنية، وذلك على عكس إدارة ترامب، وظهر ذلك بشكل واضح من خلال فريق الإدارة الجديدة، حيث اختار ترامب في منصب وزير الخارجية "ماركو روبيو" الذي قام بشن حرب ضد النفوذ الصيني كما أيد فرض إجراءات صارمة ضد شركات التكنولوجيا، مثل Huaweiخلال ولاية ترامب الأولي، كما اختار"مايكل والتز" الذي يعتبر الصين تهديدًا وجوديًا،مستشارًا للأمن القومي.لذلك، من المرجح أن تفشل المفاوضات بين واشنطن وبكين مما سيسهم في تطور الحرب التجارية، ولكن على جانب آخر، وضع ترامب لولايته الجديدة فريقا اقتصاديا لديه آراء مختلفة حول التعامل مع الصين، البعض يروج لمعاقبة الصين من خلال فرض رسوم جمركية ودعم خيار الحرب التجارية، والبعض الآخر يرى في التفاوض وإبرام الصفقات مع الصين الحل الأمثل لتجنب خطر نفوذ الاقتصاد الصيني وتجنب حرب تجارية جديدة. ومن جانب الصين،فإنها تؤكد على استعدادها لاستكمال وتصعيد الحرب التجارية المقبلة، لكنها أيضًا تحاول بكل السبل الرجوع لطاولة المفاوضات لتجنب التوترات الاقتصادية المتوقعة.

وختامًا، يمكن القول إن الحرب التجارية تصل أضرارها إلى جميع الأطراف سواء الولايات المتحدة والصين أو الشركات الأمريكية والصينية، والتي تعد أكبر متضرر في تلك الحرب. ولكن من المتوقع من سياسات ترامب التي صرح بها خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه توضح أن الحرب لن تقتصر على الولايات المتحدة والصين فقط، وإنما ستكون حربا تجارية شاملة متعددة الأطراف سواء من منافسي الولايات المتحدة أو حلفائها لذا من المرجح أنها ستؤثر على الاقتصاد العالمي بشكل عام.

المصادر:

1- Chad p. bown, China bought none of the extra $200 billion of US exports in Trump's trade deal, PIIE, July19.2022, Available on: https://www.piie.com/blogs/realtime-economics/2022/china-bought-none-extra-200-billion-us-exports-trumps-trade-deal

2- U.S. -China trade Issues, congressional Research service, updated march 11,2019, pdf.، chrome-extension://efaidnbmnnnibpcajpcglclefindmkaj/https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF10030/39

3- Chad P. Bown, US-China Trade War Tariffs: An Up-to-Date Chart, PIIE, April 6, 2023, Available on: https://www.piie.com/research/piie-charts/2019/us-china-trade-war-tariffs-date-chart

4- Section 301 Investigation Fact Sheet, office of the united states trade representative,https://ustr.gov/about-us/policy-offices/press-office/fact-sheets/2018/june/section-301-investigation-fact-sheet.

5 - Ryan Hass and Abraham Denmark, More pain than gain: How the US-China trade war hurt America, Brookings, August 7,2020, Available on: https://www.brookings.edu/articles/more-pain-than-gain-how-the-us-china-trade-war-hurt-america/

6- David Lawder, US locks in steep China tariff hikes, some industries warn of disruptions, Reuters, September, 2024, , Available on:https://www.reuters.com/business/us-locks-steep-china-tariff-hikes-many-start-sept-27-2024-09-13/?utm_source=chatgpt.com

7- Alan Wm. Wolff, Trump's tariff threats amount to a game of chicken with trading partners, PIIE, September 16.2024, Available on:https://www.piie.com/blogs/realtime-economics/2024/trumps-tariff-threats-amount-game-chicken-trading-partners

8- 中美离战争最近的时刻!中美贸易战究竟为何开打?, 辽宁, Bai du, 14-10-2024, Available on:https://baijiahao.baidu.com/s?id=1812867184060936296&wfr=spider&for=pc

9- Section 301 Investigation Fact Sheet, office of united states trade representative, June 2018, Available on:https://ustr.gov/about-us/policy-offices/press-office/fact-sheets/2018/june/section-301-investigation-fact-sheet

10- 中美重塑经贸关系的重要一步——中美第一阶段经贸协议文本解读, 新华社, 16-1-2022,Available on:https://www.gov.cn/xinwen/2020-01/16/content_5469774.htm

11- وكالة: الصين ستعفي بعض المنتجات الزراعية الأمريكية من رسوم جمركية إضافية،  Reuters،13 سبتمبر 2019، متاح عبر: https://www.reuters.com/article/business/--idUSKCN1VY15U/

12- بيير غانم، العجز التجاري الأمريكي مع الصين يصل إلى 350 مليارا سنوياً، العربية، 20 مايو 2020، متاح عبر:https://tinyurl.com/22x3carm

13- شيماء خليل محمد،الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، جامعة قناة السويس، العدد الثالث، يوليو 2022، pdf.

14- الصين تعترض على رفع أمريكا لرسوم جمركية وتتعهد بحماية شركاتها، العربية، 14 سبتمبر 2024، متاح على: https://tinyurl.com/272te5f4

15- صابر بلول، أسباب الخلل في الميزان التجاري بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والسياسية. 13 سبتمبر 2021.

16- أبرز 10 نقاط للصراع الاقتصادي بين أمريكا والصين، الجزيرة، 11 يوليو 2023، متاح عبر: https://tinyurl.com/2d2j9lg8

17-حرب تجارية وشيكة.. الصين وكندا تحذران ترامب!، العربية، 26 نوفمبر 2024، متاح عبر: https://tinyurl.com/225gfkg2

18- نيفنغ،ملامح التنافس الاستراتيجي للولايات المتحدة مع الصين، عمان، 5 مايو 2024، متاح عبر:https://www.omandaily.om

19- الحرب التجارية تشتعل.. الصين تحذر شركاتها من شراء الرقائق الأمريكية، العربية، 4 ديسمبر 2024، متاح عبر: https://tinyurl.com/2ygxupkg

20- تهديدات الحرب التجارية تقترب.. هل يفاوض ترامب الصين؟، العربية، يناير 2025، متاح عبر: https://2u.pw/LGZdBtMl

- مروة جابر

باحثة اقتصادية

- هشام حمدي

باحث فى العلوم السياسية

طباعة