تحليلات

موقف الجهود الأمريكية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله قبل الانتخابات الرئاسية

طباعة

 نشرت وسائل إعلام إسرائيلية مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، وتنص هذه المسودة على تنفيذ وقف إطلاق النار خلال مدة ستين يوما، ووفقا لتلك المسودة ستخرج قوات الجيش الإسرائيلى فى غضون سبعة أيام وستحل محلها قوات الجيش اللبناني مع تسهيل انتقال قوات اليونيفيل، كما يبقى لإسرائيل الحق بالتحرك عسكريا فى لبنان بالتنسيق مع الولايات المتحدة ويحمل هذا المقترح الجيش اللبنانى مسئولية تطبيق اتفاق وقف القتال والانتشار فى مناطق الجنوب وذلك بمساعدة من الولايات المتحدة والمجتمع الدولى، ولكن الجهود الأمريكية لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله اللبنانية فشلت بعدما صاغت واشنطن مقترحا غير واقعى لوقف إطلاق النار، وكذلك بسبب إصرار إسرائيل على أن يكون بإمكانها إنفاذ هدنة بشكل مباشر، لذلك من المتوقع أن يستمر الصراع لأشهر فى ظل عدم وجود مقترح قابل للتطبيق على طاولة المفاوضات قبل الانتخابات الأمريكية اليوم.

موقف الحكومة اللبنانية بشأن مقترح وقف النار:

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانى نجيب ميقاتى أن التصريحات الإسرائيلية والمؤشرات الدبلوماسية التى تلقتها لبنان تؤكد العناد الإسرائيلى لرفض الحلول المقترحة والإصرار على نهج القتل والتدمير، وقال عبدالله أبو حبيب وزير الخارجية اللبنانى إن بيروت تؤكد على التزامها بالقرار 1701 وبتطبيقه بشكل شامل ومتوازن بما يعيد الهدوء ويؤمن استقرار للجميع، كما أكد رئيس البرلمان اللبنانى نبيه برى أن إسرائيل أهدرت منذ سبتمبر الماضى أكثر من فرصة لوقف إطلاق النار، من جهته اعتبر نجيب ميقاتى أن توسيع إسرائيل لقصف لبنان مؤشر على رفض مساعى وقف إطلاق النار، وأوضح ميقاتى فى بيان صدر عن مكتبه بعد لقائه القائد العام لقوة الأمم المتحدة فى جنوب لبنان أن استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت مجددا بغارات تدميرية هى مؤشرات تؤكد رفض إسرائيل لكل المساعى التى تبذل لوقف إطلاق النار تمهيدا لتطبيق القرار 1701 كاملا، كما نفذت إسرائيل ما يقرب من عشر ضربات جوية على الأقل فجر وصباح الجمعة والتى قد استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت لأول مرة منذ ما يقرب من أسبوع، وقد أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى أفيخاى أدرعى أن هذه الأهداف هى منشآت ومصالح تابعة لحزب الله، وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن 30 شخصا لقوا حتفهم فى هجمات إسرائيلية على لبنان خلال اليومين الماضيين مما يرفع إجمالى قتلى هذه الهجمات إلى 2897 شخصا على الأقل.

استهداف صور وبعلبك:

فى صباح يوم الخميس الماضى استهدفت سلسلة من الغارات الإسرائيلية مدينة صور ومناطق قريبة منها فى جنوب لبنان ومحيط مدينة بعلبك فى شرق البلاد، بالإضافة إلى سلسلة من الغارات على منطقة الحوش قرب مدينة صور الساحلية فى أعقاب إنذارات أصدرها الجيش الإسرائيلى بإخلاء تلك المناطق، حيث كانت إسرائيل أصدرت أوامر إخلاء لسكان عدة مناطق لبنانية منها الحوش، ومخيم الرشيدية، والحميرى جنوب لبنان، من جهته أعلن الجيش الإسرائيلى فى بيان أنه قصف مراكز إرهابية وبنية تحتية تابعة لعدد من وحدات منظمة حزب الله، بما فى ذلك وحدة عزيز وقوات الرضوان فى منطقة الحوش بجنوب لبنان حيث يعتبر المخيم الواقع على بعد خمسة كيلومترات من مدينة صور من أكبر المخيمات فى لبنان وأكثرها اكتظاظا بالسكان ومنذ أسابيع تكثف إسرائيل ضرباتها الجوية على مناطق تعتبر معاقل لحزب الله قرب مدينة بيروت وفى جنوب البلاد وشرقها، وبدأت هجوما بريا محدودا فى جنوب لبنان بعد تبادل للقصف على مدى سنة مع حزب الله عبر الحدود، على الجانب الآخر اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان نجيب ميقاتى أن إنذارات الإخلاء هذه التى تطلقها إسرائيل تعد جريمة حرب إضافية، وقال ميقاتى إن التهديدات التى يطلقها العدو الإسرائيلى ضد المدنيين اللبنانيين بإخلاء مدن بأكملها والنزوح عن مناطقهم ومنازلهم جريمة حرب تضاف إلى سلسلة الجرائم التى يرتكبها العدو، موضحا أنه أبلغ هذا الموقف إلى الهيئات الدبلوماسية الفاعلة مطالبا بتكثيف الضغط على إسرائيل لوقف ذلك العدوان.

نتنياهو يحبط آمال المتحمسين لوقف إطلاق النار فى لبنان أو غزة:

لم تدم الأنباء المتفائلة حول قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى لبنان واتفاق آخر لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة أكثر من 24 ساعة، حضر خلالها إلى المنطقة ثلاث مسئولين كبار فى الإدارة الأمريكية وهم كبير مستشارى الرئيس لشئون لبنان آموس هوكستين، ومستشار الرئيس لشئون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، وأيضا رئيس المخابرات المركزية وليم بيرنز، وإذا برئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يحبط آمال كل المتحمسين لوقف إطلاق النار بقوله إن الظروف الناشئة لا تكفى وهناك حاجة للمزيد من القتال حتى تستطيع إسرائيل أن تفرض شروطا أفضل للاتفاقات، وقد وضع نتنياهو شروطا جديدة للاتفاق مع لبنان وأبدى إصراره على أن يتضمن الاتفاق بندا يحفظ لإسرائيل حرية العمليات فى لبنان فى إطار أى تسوية لإنهاء الحرب، وقال نتنياهو خلال لقائه مع هوكستين وماكغورك حول المبادرة الأمريكية (إن الأمر الأساسى ليس أوراق اتفاق كهذا أو آخر ولا الأرقام 1701 و1556 وإنما قدرة وإصرار إسرائيل على ضمان تنفيذ الاتفاق وإحباط أى تهديد من لبنان على أمنها وبشكل يعيد سكاننا إلى بيوتهم آمنين).

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال فى لبنان نجيب ميقاتى، قد صرّح، الأربعاء الماضي، بأنه يأمل فى الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل فى غضون أيام بعد أن نشرت وسائل إعلام إسرائيلية ما قالت إنه مسودة اتفاق تنص على هدنة أولية لمدة 60 يوماً بين إسرائيل وحزب الله فى لبنان وكان هناك إجماعاً يكاد يكون مطلقاً فى جهاز الأمن الإسرائيلى على أن الحرب على غزة ولبنان قد استنفدت نفسها، وآن لها أن تتوقف باتفاق سياسى يحوّل الإنجازات العسكرية الكبيرة التى تحققت وخصوصا تصفية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسى لحركة حماس يحيى السنوار وتصفية معظم القدرات العسكرية للتنظيمين إلى إنجازات سياسية واستراتيجية، لكن قيادة الجيش حرصت على الإشارة إلى أن الأضواء يجب أن تسلط على نتنياهو الذى يصعب معرفة نواياه، وقال ضابط فى هيئة الأركان العامة الإسرائيلية إن نتنياهو لا يعطى إجابات يسمع ويصمت ويشعرك بأنه يريد فقط كسب الوقت مع أن الوقت ليس فى صالحنا دائما وقد يأخذنا إلى حرب استنزاف لا يعرف آخرها، وقد أكد بعض قادة الجيش الإسرائيلى أنه كلما ابتعدوا عن الاتفاق السياسى بشروط مريحة لإسرائيل سيضطرون إلى تعميق العمليات العسكرية، ولذلك هناك بعض الإمكانيات أن يتلقوا التعليمات بمواصلة الاجتياح بشكل أكبر من الخطة الأصلية، لذلك فإن هوكستين أكد صعوبة إيجاد مسئول واحد فى لبنان يوافق على اتفاق ينص على حق إسرائيل فى مهاجمة لبنان بالطيران أو بالاجتياح البرى.

فى هذه الأثناء تطالب إسرائيل فى المفاوضات مع لبنان بوساطة المبعوث الأمريكى، بأن تكون للجيش الإسرائيلى حرية عمل فى لبنان بزعم تطبيق اتفاق إذا لم يفعل ذلك الجيش اللبناني وقوات يونيفيل بأنفسهم، وتوسيع تفويض يونيفيل، وأن يعمل الجيش اللبنانى على تدمير البنية التحتية العسكرية التى أقامها حزب الله فى الجنوب، وإرغام قواته على الانسحاب إلى ما وراء نهر الليطانى، كما أن هناك شرطا آخر تطالب به إسرائيل هو أن تعمل بنفسها على منع نقل أسلحة من سوريا إلى لبنان ومنع تسلح حزب الله، حيث أكدت الحكومة الإسرائيلية أنه من الصعب على لبنان أن توافق على تلك الشروط التى فرضتها إسرائيل لذلك فقط هبطت روح التفاؤل باحتمال نجاح هوكستين فى هذه الجولة.

المصادر:

1-   https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.reuters.com/world/senior-biden-advisers-visit-israel-try-end-war-lebanon-axios-reports-2024-10-30/&ved=2ahUKEwjD8LXU0cGJAxVFRKQEHcLZCCMQFnoECBwQAQ&usg=AOvVaw0X8MYey6gETPPnXp9QBwNb

2-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.bbc.com/news/articles/c14ln6kkkg7o&ved=2ahUKEwjD8LXU0cGJAxVFRKQEHcLZCCMQFnoECCcQAQ&usg=AOvVaw1ogXulN5lEj9XfHgbGgcIi

3-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://www.timesofisrael.com/liveblog_entry/israeli-official-says-ceasefire-in-lebanon-possible-within-two-weeks/&ved=2ahUKEwjD8LXU0cGJAxVFRKQEHcLZCCMQFnoECCkQAQ&usg=AOvVaw1GX-Aj2EBwXTTDQjfWQqSC

4-https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&opi=89978449&url=https://apnews.com/article/lebanon-israel-gaza-hamas-hezbollah-us-ceasefire-negotiations-4fdcf546eb73faf26717b76b4bb3a919&ved=2ahUKEwjD8LXU0cGJAxVFRKQEHcLZCCMQFnoECCoQAQ&usg=AOvVaw2Jga-bEmbhfxRHjAlTqu-A

طباعة

    تعريف الكاتب

    مازن محمد

    مازن محمد

    باحث فى العلوم السياسية