أشارت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى صدق عليها السيد رئيس الجمهورية وقدمها للمجتمع، إلى أنها تذهب إلى تحقيق التقدم والتنمية المستدامة والارتقاء بأوضاع الإنسان، وقد كان من بين مستهدف الاستراتيجية هو الارتقاء بالتعليم وذلك من خلال توفير البنية التكنولوجية لجميع مراحل التعليم، وتفعيل استخدام الوسائل التكنولوجية التفاعلية بين المعلم والطالب، ودعم وتشجيع البحث العلمى، وتطوير مقررات وبرامج التعليم العالى القائمة، وطرح برامج جديدة لتلبية احتياجات التطور التكنولوجى، حتى تضيق الفجوة القائمة بين مخرجات التعليم العالى ومتطلبات سوق العمل، ومن ثم تحسين جودة التعليم العالى بما يتوافق مع المعايير العالمية.
لما كان الهدف الأسمى للمجتمع الارتقاء بالتعليم وتحسين جودته بما يتوافق مع المعايير العالمية، فإن هذا يتطلب الارتقاء بالطالب الجامعى،فعرف الحق فى التعليم بأنه: حق للشخص فى أن يلقن العلم للآخرين، وحقه فى أن يتلقى التعليم، وحقه فى اختيار من يعلمه، فالعلم فريضة على الجميع، والعلم لا نهاية له يمنح صاحبه ثقافات مختلفة وخبرات وعلوم متعددة تتسع لكل الآفاق ويمنح الراغبين فى العلم درجات علمية تساعدهم على خدمة المجتمع، ولا يتكبر أحد على طلب العلم، ويعتقد أنه وصل إلى ما لم يصل إليه غيره، فمهما حصل على العلم فلن يزيد على حجم حبة الرمل فى جبل من الرمال.فلكل شخص الحق فى التعليم بجميع صوره سواء كان التعليم داخل مؤسسات الدولة التعليمية بما فى ذلك التعليم الفنى والمهنى والتعليم الجامعى الحكومى أو الأهلى أو الخاص بما يتفق مع قدراته، ومع رغبته فى استكمال كل مراحل التعليم حتى يتخرج كمواطن صالح فى مجتمعه، أكسبه التعليم المعارف التى ينتفع بها فى حياته العملية.
عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ وَالحِيتَانُ فِى جَوْفِ المَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ "رواه أبو داود والترمذى وابن ماجه والدارمى وأحمد".
تنص المادة 26 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان على أن: لكل شخص الحق فى التعليم، ويجب أن يكون التعليم فى مراحله الأولى إلزاميا مع ضرورة تعميم التعليم الفنى والمهنى.
كما تنص المادة (19) من الدستور على أن: التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية، وفقا للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومى الإجمالى له، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
كما تنص المادة 21 من الدستور على أن: تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعى وفقا لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها، وفقا للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم الجامعى لا تقل عن 2% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتعمل الدولة على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية التى لا تستهدف الربح، وتلتزم الدولة بضمان جودة التعليم فى الجامعات الخاصة والأهلية والتزامها بمعايير الجودة العالمية، وإعداد كوادرها من أعضاء هيئات التدريس والباحثين، وتخصيص نسبة كافية من عوائدها لتطوير العملية التعليمية والبحثية.
التعليم الجامعى منارة للعلم والخلق:
يهدف التعليم الجامعى إلى توجيه الطلاب إلى العلم المفيد للمجتمع وتربيتهم وتوجيههم خلقيا، فالهدف الأساسى للتعليم الجامعى هو إنتاج قوة عاملة قادرة على التكيف مع الوظائف المتغيرة باستمرار وإنتاج المعرفة بشقيها النظرى والعلمى من خلال البحوث الإبداعية ونشر التكنولوجيا والابتكار، وكذا بناء الشباب الجامعى اللازم للعملية التنموية، وتعزيز التقدم الاجتماعى والاقتصادى وتحسين التنمية البشرية المستدامة؛ حيث يوفر هذا التعليم كوادر علمية ومهنية تتمكن من تحقيق النمو المجتمعى المنشود فى جميع مجالات الحياة.
تعد مؤسسات التعليم الجامعى من البقاع التى لها قدسية خاصة فتسمى (الحرم الجامعى) لعلو شأنها ومكانتها العالية فى نفوس روادها والمتعاملين معها فتملكهم الرهبة فى أثناء دخولها ولدورها البارز فى تكوين الأجيال وبناء العقول، ومن ثم فى صناعة النخبة وتخريج الكفاءات وإمداد سائر قطاعات المجتمع المختلفة بالقيادات التى تتكفل بتسيير دولاب الدولة وإدارة مؤسساته.ويخضع كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية لنظام يحكم حياته وينظم العلاقات بين أفراده، هذا النظام هو الذى يُمثل القيم الأخلاقية التى يحتكم إليها الأفراد ويحترمونها، ويشعرون بقداستها، والالتزام بهذه القيم ضرورى فى حياة الناس، أفرادا وجماعات، فلا ريب فى أن الجامعة هى المعنية، قبل غيرها من مؤسسات المجتمع الأخرى، بغرس الالتزام الأخلاقى فى نفوس مرتاديها وقاصديها من الطلبة والباحثين وتكوينهم على أساس من تقديس الأخلاق والقيم وجميع الأسس الأخلاقية التى وضعتها جميع الأديان، وأكدتها قواعد القانون الدولى؛ حيث أشار الإعلان العالمى الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بالإنجليزية (United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization) أو ما يعرف اختصارا بالـيونسكو، الصادر بتاريخ 9 أكتوبر 1998، والمصادق عليه سنة 2009 إلى مهام ووظائف التعليم العالى، فيوصى مؤسسات التعليم العالى بالآتى:
[1] إخضاع جميع أنشطتها لمتطلبات الأخلاق والصرامة العلمية والفكرية.
[2] القدرة على التعبير عن نفسها بشأن المشكلات الأخلاقية والثقافية والاجتماعية فى استقلالية ومسئولية كاملة، وممارسة نوع من السلطة الفكرية التى يحتاج إليها المجتمع لمساعدته على التفكير والفهم والعمل.
[3] التمتع بالحرية الأكاديمية والاستقلال الذاتى، دون قيود، كمجموعة من الحقوق والواجبات، مع كونهم مسئولين وخاضعين للمساءلة تجاه المجتمع.
لكى نبنى طالبا جامعيا صالحا ونافعا لمجتمعه فيجب أن يعرف حقوقه والتزاماته داخل الحرم الجامعى وكذا الأخلاقيات التى يجب أن يلتزم بها، وأثر ذلك فيه، وهذا ما سنتناوله من خلال مايلي:
أولا- حقوق الطالب الجامعى:
تحرص الجامعة على معرفة الطالب الجامعى لحقوقه، وتسعى لتسهيل حصوله عليها داخل الحرم الجامعى من جميع الإدارات الداخلية الأكاديمية والإدارية وفقا لأنظمة ولوائح الجامعة، ومن حقوق الطالب الجامعى:
[1] توفير البيئة الدراسية والمناخ العلمى المناسب للحصول على تعليم ذى جودة عالية بما يتماشى مع الرسالة الجامعية ونظام الدراسة فى كل جامعة واللوائح المنظمة لذلك.
[2] المحافظة على سرية المعلومات والخصوصية التامة فى كل ما يتعلق بالطالب وعدم الاطلاع أو استخدام المعلومات الشخصية، السجل الأكاديمى، الملف الشخصى وكشف الدرجات الخاص به إلا للمصرح لهم فقط داخل الجامعة.
[3] التزام أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بمواعيد وأوقات المحاضرات والساعات المكتبية وفترات الراحة بين المحاضرات، ومنح الطلاب المتعثرين علميا محاضرات بديلة، والنهوض بهم ليصلوا إلى ما وصل إليه أقرانهم.
[4] حق الطالب فى الحصول على البطاقة الجامعية التى تثبت صفته وشخصيته داخل الجامعة وخارجها.
[5] لكل طالب مرشد أكاديمى من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة يساعده على الأمور المتعلقة بسير العملية التعليمية، وتسجيل المواد وتغيير المواعيد بما يتناسب مع حالته.
[6] لكل طالب الحق فى المشاركة فى جميع الأنشطة المقامة فى الجامعة، وبما يتناسب مع قدراته وإمكاناته العلمية والرياضية والفنية وغيرها من الأنشطة الطلابية.
[7] متاح لكل طالب التواصل المشترك مع إدارات الجامعة المختلفة من خلال البريد الإلكترونى أو من خلال المقابلة الشخصية فى الساعات المكتبية.
[8] لكل طالب الحق فى الاطلاع على درجاته فى المقررات الدراسية ونتائج الاختبارات الدورية والفصلية التى أداها بعد الانتهاء من تصحيحها، وكذا مراجعة إجابات لتلك الاختبارات والتعرف إلى الأخطاء التى وقع فيها.
[9] للطالب حق طلب مراجعة نتيجة أوراق الإجابة للاختبارات النهائية فى الفترة المحددة لذلك من قبل الجامعة.
[10] للطالب الحق فى الاستفادة من جميع الخدمات التى تقدمها الجامعة سواء كانت بمقابل أم من غير مقابل مثل (السكن الجامعى، والمكتبة المركزية، والعلاج الطبى، والأنشطة الطلابية والفعاليات التعليمية، المطاعم وأماكن الاسترخاء وغيرها) وذلك وفقا للوائح والأنظمة فى الجامعة.
[11] للطالب الحق فى الحصول على الإعانات أو القروض المالية وتسهيل الإجراءات المالية والخصومات وذلك بعد دراسة حالته المادية وثبوت حاجته إليها وفقا لأنظمة ولوائح الجامعة.
ثانيا- التزامات الطالب الجامعى:
تحرص الجامعة على إيجاد بيئة أكاديمية متميزة تقوم على أساس الاحترام والتعاون بين أفراده من خلال الالتزام باللوائح والضوابط والإجراءات التى تنظم التعاملات بينهم، وبناء عليه فإن الطالب الجامعى على الالتزامات الآتية:
[1] عدم القيام بأى فعل يخل بحسن السيرة والسلوك داخل الجامعة أو خارجها.
[2] عدم تزوير أو تحريف أى معلومات على الوثائق الرسمية للجامعة أو موقعها الإلكترونى.
[3] عدم الإدلاء بأى بيانات تؤثر فى علاقة الجامعة بالآخرين بوصفه منتسبا إلى الجامعة.
[4] الأمانة فى الدراسة والتحصيل والواجبات والاختبارات وعدم الإخلال بهذه الأمانة بالغش أو الشروع فيه أو السرقة الفكرية للأبحاث والدراسات والمشروعات الدراسية.
[5] الالتزام التام بجداول المحاضرات والساعات المعملية وعدم التأخير فى الحضور أو الغياب المتكرر.
[6] المتابعة لكل ما تنشره الجامعة والكلية والقسم من واجبات دراسية وتعليمات إدارية ولوائح وأخبار عن الجامعة.
[7] الالتزام بالتعاون المثمر والفعال فى جميع الأنشطة الطلابية والدراسية، والدراسات البحثية وتقديم كل أوجه المساعدة والتعاون مع الزملاء.
[8] الالتزام بعدم الغياب عن الامتحانات بجميع أشكالها دورية وفصلية ونهائية وعملية وشفوية.
[9] عدم فتح التليفون المحمول فى أثناء الدروس فى القاعات والمعامل وغيرها من الأماكن الدراسية، وعدم إدخاله قاعات الامتحانات وتركه خارج القاعات.
[10] عدم إدخال الطعام والشراب فى أثناء الدروس فى القاعات والمعامل وغيرها من الأماكن الدراسية.
[11] الالتزام بقواعد السلامة فى المعامل.
[12] الالتزام بارتداء الزى المناسب داخل الجامعة الذى لا يثير اهتمام الآخرين.
[13] المحافظة على الأجهزة واستخدامها للأغراض الأكاديمية فقط وعدم تعريضها للتلف، وإعادتها إلى مكانها عقب استخدامها.
[14] حسن استعمال مرافق الجامعة وملحقاتها ومحتوياتها وعدم الكتابة على الجدران أو تشويه إعلانات الجامعة أو لافتاتها.
[15] المحافظة على نظافة القاعات الدراسية والحرم الجامعى بشكل عام.
[16] عدم إصدار أى مجلات أو نشرات دون الرجوع للجامعة.
[17] الالتزام بآداب اللباقة واللياقة فى التعامل بين الطلاب والطالبات داخل الحرم الجامعى.
ثالثا- أخلاقيات الطالب الجامعي:
تعرف الأخلاقيات بأنها التفكير الذى يحلل عمل الإنسان فيما يتعلق بالقيم والمعايير الأخلاقية، ويهتم بالشخص وروحه وبعلاقته بالشخص الآخر وبالمجتمع، فالأخلاق تحدد وتحفز الإجراءات من أجل أداء جيد، ولكل مهنة إنسانية ما يناسبهـا من أخلاقيات، مهمتها ضبط سلوكيات الأفراد المنتمين إلى هذه المهنة، وتوجهها وفق أهداف الجهة التـى ينتسبون إليها، وظهرت الحاجة لرصد أخلاقيات للمهن نتيجة وجود تصرفات غير أخلاقية للعاملين فى بعض المهن، تخرج المهنة من وظيفتها الرئيسية؛ فتؤثر فى العلاقة بين أصحاب المهنة الواحدة وعلاقتهم بعضهم ببعض وعلاقتهم بالآخرين.
الجامعة واحدة من المؤسسات النظامية التربوية التعليمية فى المجتمع، وهى المعنية بتشكيل طلابها وفق أهدافها التى لا تتعارض مع مقاصد التربية فى المجتمع، ومن ثم تشبع حاجات المجتمع من مخرجاتها المؤهلة خلقا وعلما، وحتى تحقق الجامعة غايتها تلك، فإن عليها التزاما بتفعيل أخلاقيات المهنة الجامعية تجاه أعضاء أسرتها بدون تمييز بين جميع المنتسبين إليها من طلاب وأعضاء هيئة تدريس وهيئة معاونة وعاملين، وتوجيههم جميعاً إلى القواعد الأخلاقية الصحيحة.
الطالب الجامعى هو هدف المجتمع من التعليم الجامعى، فهو أمل المستقبل وسر نهضة المجتمعات المتقدمة، ومن سينقل لمن هم أصغر منه ما تعلمه من علوم؛ لذا يجب أن يتمتع بالأخلاقيات التى يكتسبها من مجتمعه العام ومجتمعه الجامعى، بأن يكون مثالا للإنسان المهذب الذى يحترم نفسه والآخرين، الحريص على ألا يصدر منه أى سلوك يتعارض مع مبادئ الأخلاق الكريمة التى لها قداستها واحترامها عند الناس، وما ذلك إلا لما له من مكانة تجعله يتبوأ مقام القدوة فى نفوس من هم أصغر منه فى السن أو من لم يستطع أن ينال من العلم ما ناله الطالب الجامعى، فما درسه من علم وما تلقاه من معرفة يجعله فى مصاف أهل العلم والثقافة والمعرفة، ولا شك فى أن كل ذلك سيجعل سلوكه مهذبا وعلاقته بغيره قائمة على المودة والمحبة والاحترام والتعاون المثمر والمتبادل.ولا شك فى أن تحلل الطالب الجامعى من قيود الأخلاق والقيم، سيكون له تأثيرُه العميق بعد ذلك عندما ينطلق هذا الطالب إلى مجالات الحياة العملية؛ حيث سيظهر ذلك على سلوكه وعلى علاقته بعمله وبالمحيط الذى يعمل فيه.
لما كان الطالب الجامعى هو مستهدف الجامعة، لذا فمن المهم العناية به كعضو أساسى فى المنظومة التعليمية وشريك أساسى نشط فى تخطيط وتنفيذ وتقويم العديد من الفاعليات بوصفه أهم ركن من أركان العملية التعليمية، وبوصفه عنصرا فاعلا فى تقويم أداء مُدرسيه، ورقما صعبا فى صناعة سمعتها وهيبتها فى المجتمع.لذا، بات من المؤكد أن تكون له أخلاقيات متنوعة تتناسب مع مسئولياته داخل مؤسسته التعليمية، لذا تلتزم الجامعة بتكثيف مجهوداتها للرقى الأخلاقى بطلابها وتساعدهم على طلب العلم لتقودهم إلى النجاح وتقودهم إلى سوق العمل بعلم وأخلاقيات وآداب تحفظ للمجتمع السلوك القويم فى مؤسساتها.
يساعد وجود منظومة من الأخلاقيات على وضوح مفهوم سلوك الطالب المثالى فى الجامعة، ومن ثم يسهل تفعيلها، ومحاسبة المقصر، وتُعين الأخلاقيات طالب الجامعة على الارتقاء بسمعة الجامعة التى يدرس فيها؛ إذ إن أعضاء هيئة التدريس ليسوا وحدهم من يصنع سمعة علمية وبحثية للجامعة فى الأوساط الأكاديمية والبحثية من خلال إنتاجهم العلمى وأنشطتهم العلمية، فالطالب شريك فاعل فى منظومة التعليم ومساعد قوى للنهوض بالجامعة، وتحلى الطالب الجامعى بأخلاقيات من شأنه أن يُمكِّن الطالب من الحدِّ من حدوث مظاهر الهدر التربوى على تنوعها وآثارها، فعندما يلتزم الطالب علميا بحضور محاضراته وتلقى دروسه ويتمسك بقيمه الأخلاقية ومبادئ دينه فيكون جاهزا لدخول امتحاناته ونيل الدرجات العالية التى تمكنه من الانتقال من صف دراسى إلى الصف الأعلى وحتى التخرج النهائى من الجامعة.
تُواجه طالب الجامعة اليوم تحديات تؤثر فى روحه وفكره ومنطقه وفعله، وقد تزيِّن له التحلل من الضوابط التى يرتضيها المجتمع وترتضيها الجامعة، ومن ثم يرتكب سلوكيات قد تتسبب فى سوء علاقته بربه، أو تسهم فى تدنى ثقته بنفسه، أو تؤدى إلى ضعف فى دراسته، أو تسبب توترا فى علاقته بأساتذته وزملائه، أو يكون عضوا مزعجا فى جامعته ومجتمعه، ويأتى ذلك بسبب جهله بسمات طالب الجامعة المثالى وواجباته، ومن ثم فإن تصرفات البعض منهم تستند إلى مبدأ المحاولة والخطأ، والبعض الآخر على قلة الاكتراث، لذا نوصى بتحصينه بالأخلاقيات التى يجب أن يلتزم بها فى جميع تفاعلاته فى الحياة الجامعية ليُواجه هذه التحديات باقتدار.
رابعا - الأخلاقيات التى يجب أن يلتزم بها الطالب الجامعى فى التعامل مع زميلاته من طالبات الجامعة:
لا شك فى أن التحلى بأخلاقيات الطالب الجامعى من شأنه أن يُمكِّن الطالب من الحدِّ من حدوث مظاهر الهدر التربوى على تنوعها وآثارها، فعندما يلتزم الطالب فى دراسته ويهتم بتحصيل العلم ويتقرب إلى ربه فهو يبعد نفسه عن جميع مواطن الشبهات والسوء ويحصن نفسه، حيث تُواجه طالب الجامعة تحديات تؤثر فى روحه وفكره ومنطقه وفعله، وقد تزيِّن له التحلل من الضوابط التى يرتضيها الله سبحانه وتعالى والمجتمع الذى يعيش فيه والجامعة التى ينتسب إليها عندما يرتكب سلوكيات تتسبب فى سوء علاقته بربه، أو تسهم فى تدنى ثقته بنفسه، أو تؤدى إلى ضعف فى دراسته، أو تسبب توترا فى علاقته بأساتذته وزملائه، أو يكون عضوا مزعجا فى جامعته ومجتمعه، وهذه الحال لا يرتضيها طالب الجامعة لنفسه، ولا يرتضيها له أهله ومعارفه ومن يهمهم مصلحته، ويرجع ذلك إلى عدم وجود الناصح الرشيد منهم جميعا له، الذى يحرص على حمايته وتأهيله ليكون عضوا نافعا فى مجتمعه بين أقارنه، ويعرفه بسمات طالب الجامعة المثالى وواجباته، ومن ثم فإن تصرفات البعض منهم تؤثر فيه وفى محيطه الخارجى، ومن هذه التصرفات عدم معرفة حدود العلاقة بين طلاب وطالبات الجامعة؛ حيث تثير تلك العلاقة الكثير من التساؤلات حول حدود تلك العلاقة وكيف يمكن أن نسمو بها:
· يجب ألا تخرج العلاقة بين طالب وطالبة الجامعة عن حدود زمالة الدراسة.
· الدراسة الجادة الهادفة لتحصيل العلم وتلقى المعارف والمواد الدراسية وتوصيلها بينهما.
· العلاقة بينهما يجب ألا تخرج عن أسوار الحرم الجامعى.
· تنصب العلاقة على تبادل المعلومات والمعارف العلمية الخاصة بالدراسة والأنشطة المفيدة.
· لا مانع فى أن يساعد الطلاب القدامى زملاءهم الجدد فى معرفة كيفية تحصيل العلم.
· يجب أن يكون التواصل فى الأماكن المسموح للطلبة فيها بالمذاكرة أو المكتبة أو الكافتيريا، وداخل قاعات الدراسة.
· عدم حدوث أى أخطاء بينهما ولو بسيطة لأن الأخطاء البسيطة يمكن أن تتحول إلى أخطاء كبيرة.
· عدم التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعى الضارة أو التى تؤدى إلى الخروج عن الأخلاق.
· منع تبادل الصور الشخصية والفيديوهات حتى لا تستغل من جانب ضعاف النفوس.
قال أحد المتحدثين عن العلاقة بين الشاب والفتاة مخاطبا فيها الشباب: لا تتلاعب بفتاة انحنى ظهر أبيها، لتصل إلى ما هى عليه فتهدم ما بناه، فسيكون لك بناء يهدمه أحدهم يوما، فليكن خوفك على بنات الناس كخوفك على أختك، ولتكن معاملتك لأختك كمعاملتك الرقيقة لبنات الناس، هكذا تليق بك الرجولة أكثر.
خامسا- أثر الالتزام الأخلاقى للطالب والطالبة فى حياتهما ودورهما الاجتماعى:
- إذَا التزما بهذه الأخلاق، وحرصا على التمسك بها فى حياتهما العلمية والاجتماعية، فلا شك فى أن تحصيلهما العلمى سيكون عاليا ومتميزا، والشهادة العلمية التى سيحملانها بعد التخرج ستكون شهادة حقيقية ومفيدة لهما وللمجتمع.
- سيكون خروجهما إلى ميادين الحياة العملية، وبغضِّ النظر عن الوظيفة الاجتماعية والحياتية التى سيمارسانها، سببا فى تقدُّم المجتمع، وتبادل المنافع والتعاون والتضامن.
- إذا تبوآ بعد تخرجهما مكان القيادة فى منصب أستاذ أو معلم مثلا، فلا شك فى أنهما سيبذلان أقصى جهْدهما وغاية وسْعِهما فى سبيل نفع طلابهما وإفادتهم علميا وتوجيههم وتهذيبهم خلقيا.
- إذا تبوآ أى مهنة أخرى كمهنة الطبيب، فإن اهتمامهما سينصب حول مداواة من يلجأ إليهما من مرضى فيبذلان جهدا كبيرا فى علاج المرضى وتوجيههم وتقديم النصح لهم. وإن توليا منصب القضاءِ أو المحاماة مثلا، فلا شك فى أن هدفهما الأول سيكون هو نُصْرَة المظلوم وإنقاذ المقهور والوقوف فى وجوه الظالم، وإحقاق الحق والدفاع عنه ومحاولة إثباته بأى وسيلة.وإن توليا أى وظيفة إدارية ما، فإنهما سيكونان عاملين على حلِّ مشكلات الناس، أو على الأقلِّ مُسَاعِدين لهم على حلها، ولن يَستغلَّا الوظيفة فى تعقيد الأمور وإرهاق الناس وتعطيل مصالحهم.وعلى كل حال، ففى أى منصب يوجدان فيه بعد التخرج سيكون إطلاقا للنافع العام للمجتمع الذى يعيشان فيه.
ختاما:
نرجو أن يدرك طلبتنا واجبهم، وأن يعرف كلٌّ منهم ما يجب أن يلتزم به من أخلاق، وأن يتحلى به من سلوكيات وتصرفات، وأن يستقر فى نفوسهم أن كونهم طلاب علم يفرض عليهم أن يكونوا مثالا يحتذى بهم بين أقرانهم من أفراد المجتمع وفئاته، فلا يسقطوا فيما يشوه سمعتهم أو يجعلهم يُوصَفون بأوصاف يترفع عنها العقلاء من عامة الناس فضلا عن خاصتهم.