غدا (الأربعاء) من المفروض أن تعقد الجلسة الأولى للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة في الكويت، بعد معركة انتخابية لم تبق ولم تذر، وحتى عصر الأحد (وقت كتابة المقال) لم يتبين شكل الحكومة الجديدة التي يقرر القانون أن تكون قد ولدت خلال أسبوعين على الأكثر من إعلان نتائج الانتخابات، وأن تكون جاهزة في الغد (الأربعاء) لمواجهة الجلسة الأولى للبرلمان.
الاحتمالات كثيرة وهي ألا يكون هناك تشكيل حكومي حتى موعد الانعقاد، فنكون قد دخلنا في أزمة سياسية مبكرة ومن جديد، والاحتمال الثاني أن تولد الحكومة في اللحظة الأخيرة، كمثل سوابقها، حكومة ائتلافية على عجل (دون ائتلاف حقيقي) ونكون قد هيأنا الظرف الموضوعي للدخول في أزمة سياسية أخرى منه اعتراض البعض على بعض أسماء الوزراء.
صعوبات التشكيل الحكومي أن المجلس المنتخب، وأمام عدم وجود تنظيمات سياسية، تقوم التكتلات الصغيرة بفرض آرائها على أسماء المرشحين للوزارة، فيكون لدينا تواهة حقيقية لا تعرف من أين نخرج منها، فالبعض يرشح أسماء قريبة منه في التفكير أو الاصطفاف السياسي أو العلاقات الشخصية للدخول في الوزارة، فيعترض آخرون على الأسماء، وبعضهم يشهر الفيتو القاطع عليها، ومن ثم يرشح أسماء جديدة، فيعترض البعض الآخر عليها، ثم يرشح أسماء، فيعترض عليها طرف ثالث وهكذا، وإذا انتهت العملية في نهاية المطاف يأتي إلى الوزارة - في الغالب - من ليس لديهم موقف سياسي وربما لا دراية لبعضهم بالإدارة العامة، وسرعان ما ينقلب عليهم أو على بعضهم فئات من التجمعات السياسية في المجلس، ومرة جديدة يدخل الجميع في أزمة تتفاقم.
الأسبوع الماضي، وهو أسبوع (الفكرة) بعد (السكرة) كما يقال، أي هدوء بعد زوبعة الانتخابات يعض البعض على نواجذه، كيف لمنطقتنا أن تكون قد انتخبت فلانا أو علانا؟ ولو عاد البعض إلى مرحلة زمنية سابقة - أسبوع لا أكثر - لغير رأيه الذي صوت به لهذا أو لذاك من المرشحين، وقد قيل في زمن غابر إن أسبوعا في السياسة هو زمن طويل!
يسترجع الناس في ديوانيات الكويت بعض خلفيات من استطاع أن ينجح في الانتخابات الأخيرة، ويضعون فيه ما وضعه أعداء قيصر في امرأته، ويستشهد أحد المتحمسين في ديوانية قائلا: كيف أن بريطانيا في الانتخابات الأخيرة، قد نزعت عضوية أحد أعضاء البرلمان فيها، بل وكان قد دخل الوزارة لأنهم اكتشفوا أنه في المعركة الانتخابية قد اتهم منافسه بأنه يعضد ويتعاطف مع المسلمين (الإرهابيين) ولما تأكد عدم صحة قوله ذاك بالوثائق وهو قول غير صحيح، تم نزع العضوية منه وطرد من الوزارة وتمت انتخابات تكميلية على مقعده الذي شغر؟ يكمل صاحبنا: لماذا لا يتم هذا في الكويت، وقد تبين أن بعض من نجح قد استخدم طرقا في إثارة الكراهية غير مسبوقة، قال له أحد الحاضرين ببساطة يحسد على بروده فيها، ائت لي بمجتمع مثل المجتمع البريطاني ومؤسسات تشابه ما عندهم أقم بتنفيذ رغبتك! وكان جوابا شافيا أسكت صديقنا المثالي دون أن يتكلم من جديد.
في الغالب، سوف يكون هنا صراع كبير ومحتدم على كرسي رئاسة المجلس، فالرئيس القديم، والذي حاز ثقة زملائه لفترة طويلة، هو الأستاذ جاسم الخرافي لم يعد موجودا في الصورة، لقد قرر أن يترجل من عند نفسه لأسباب قد يفصح عنها في وقت لاحق، ولكنه بفعله ذاك قد ترك المنافسة مفتوحة على رئاسة المجلس وأيضا هيئة المكتب التي سيكون لها في الغد (الأربعاء)، إن عقدت الجلسة وتشكلت الحكومة، معركة لها ما وراءها من معارك كثيرة يتوقعها المجتمع السياسي الكويتي.
يبدو أن ربيع الكويت الطبيعي مقدم على الكثير من الزوابع السياسية التي تتشكل غيومها الآن وخلال الأسبوع المقبل، فإما أن تمطر خيرا وإما يأتينا (الطوز) مبكرا هذا العام!
آخر الكلام:
قرر السيد علي عبد الله صالح رئيس اليمن السابق أن يعود إلى اليمن للاشتراك في الدعوة والترويج لانتخاب خليفة له كما أعلن، ونسي الرئيس السابق أن خليفته لا منافس له، إنه المرشح الوحيد في الساحة، فلماذا العودة المبكرة إذن؟! المنطق بالضبط يماثل ما قاله المرحوم القذافي، لو كنت رئيسا لكم لاستقلت! أليس ذلك من عجائب السياسة العربية؟!
----------------------
* نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية الثلاثاء 14/2/2012.