عقدت القمة المصرية الأوروبية فى مصر، التى افتتح الرئيس السيسي فعالياتها الأحد 13 مارس الجاري، وأسفرت عن اتفاقات منها التوقيع على الإعلان السياسى بين مصر والاتحاد الأوروبى لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، قمة هى الأولى من نوعها وغير مسبوقة ونقلة نوعية فى العلاقات بين الجانبين وتاريخية لترفيع العلاقات بين الجانبين، قمة جاءت لتعكس التقدير الأوروبى لدور مصر المحورى فى المنطقة، فمصر تعد ركيزة للاستقرار فى الشرق الـوسط وبوابة إفريقيا، اتفاقات وتفاهمات جاءت فى القمة التى  كانت بمنزلة شهادة دولية، قمة تؤكد دور مصر التاريخى والمحورى فى المنطقة والعالم  ومكانتها التى يتسابق عليها الجميع بفضل الرئيس عبد الفتاح السيسى الذى جعل لمصر هذه المكانة التى تليق بها، قمة عقد فيها الرئيس لقاءات ثنائية منفصلة مع كل القادة الأوروبيين، قمة عكست دور قوة مصر كدولة إقليمية كبرى ومؤثرة ودورها المهم فى حل المشكلات. قمة بحثت سبل الشراكة وسبل تعزيز العلاقات الثناية بين الجانبين على جميع الأصعدة ومناقشة المستجدات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الحرب فى غزة.

دلالات وتوقيت القمة:

جاءت هذه القمة تزامنا مع مرور 20 عاما على توقيع اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية عام 2004.

قمة تأتى لتلبية الطموحات الأوروبية للشراكة الاقتصادية مع مصر فى ضوء نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى.

قمة تعكس عمق العلاقة المصرية الأوروبية الممتدة عبر التاريخ.

قمة تعكس حالة الزخم التى تشهدها العلاقات خلال الفترة الأخيرة على كل الأصعدة السياسية  والاقتصادية والثقافية.

قمة تأتى لمحورية الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبى بما يدعم الأمن والسلام فى المنطقة.

توقيع الإعلان السياسى بين الجانبين لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية.

قمة تمثل نقلة نوعية فى التعاون والتنسيق بين الجانبين.

قمة تأتى بعد الانتخابات الروسية وفوز الرئيس بوتين، ورغم العراقيل الغربية للانتخابات فهى انتخابات تعد الأولى من نوعها، والتخوف من التقارب الروسى لمصر.

تفاصيل الشراكة:

أعلنت رئيسة الاتحاد الأوروبى أورسولا فون ديرلاين تقديم دعم مالى لمصر فى مجالات التجارة والاستثمار بقيمة 7.4 مليار يورو.

اتخاذ حزم تشمل التعليم والثقافة والشباب والاستثمار.

تعزيز التعاون فى مجالات تشمل الطاقة المتجددة والتجارة والأمن مع تقديم المنح والقروض لدعم الاقتصاد المصرى.

تشمل حزمة المساعات خمسة مليارات يورو فى شكل مساعدات كلية.  

1.8مليار يورو استثمارات.

600 مليون يورو منحا.

التعاون فى مجال توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا والتدريب والطاقة وإنتاج الغاز الطبيعى.

مناقشة العلاقات السياسية ومكافحة الإرهاب.

الاستفادة من الفرص الواعدة التى تقدمها مصر فى مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر.

التعاون المشترك بين مصر وإيطاليا فى قطاعات الأمن الغذائى والإنتاج الزراعى واستصلاح الأراضى.

الشراكة بين مصر وإيطاليا فى إطار المشروعات القومية الكبرى.

تبلغ صادرات مصر نحو الاتحاد 11.8 مليار دولار فيما بلغت الواردات نحو 19 مليار دولار.

يبلغ حجم استثمارات الاتحاد الأوروبى فى مصر نحو 38 مليار يورو.

يصل حجم الاستثمارات الأجنبية فى السوق المصرية إلى 30%.

قمة اهتمت أيضا بالتركيز على الحرب على غزة؛ حيث تصدرت أجندة مباحاثات قادة الاتحاد والرئيس عبد الفتاح السيسى، وشدد الرئيس على رفض مصر للتهجير القسرى للفلسطينيين واجتياح مدينة رفح الفلسطينية واضطلاع المجتمع الدولى بمسئولياته فى الدفع تجاه الوقف الفورى لإطلاق النار، وإدخال المساعدات بكميات كافية إلى القطاع لحمايته من الكارثة الإنسانية، وأن أى عملية عسكرية فى مدينة رفح الفلسطينية ستكون لها تداعيتها الجسيمة على أمن المنطقة ككل، وضرورة الالتزام بحل الدولتين.

وأكد أيضا الوفد الأوروبى إنهاء الكارثة الإنسانية التى يعيشها قطاع غزة والتى تصل إلى حد المجاعة، وذلك من خلال تكثيف الضغوط للتوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار.

قمة تأتى فى وقت تشهد فيه الدول تحولات سياسية وجيوسياسية غير مسبوقة، وهذا التحول فرضته ظروف العصر وأحواله.

تقارب يأتى بعد الجهد المبذول من القيادة السياسية لاستعادة مصر دورها الإقليمى، ويمثل التقارب اعترافا دوليا بقوة مصر ومكانتها، وجهد السيسى لتحقيق التنمية والاستقرار لها، والتزام مصر التاريخى تجاه العالم، فمصر دائما سباقة بدورها المحورى والإقليمى والعالمى منذ عهدها، ولها دور تاريخى تجاه المنطقة والمسئولية السياسية مع المنطقة والأشقاء العرب والعالم.

 أيضا ما قام به السيسى تجاه الدول يعكس مكانة مصر كقوة مؤثرة ومكانتها المعهودة وهو ما وضع مصر فى مكانة عالمية تليق بها.وهو ما عكس تقارب الشعوب مع مصر بصورة أفضل عما سبق وتعزيز ثقتهم بقدرة مصر.

انتهاج الرئيس للدبلوماسية الناعمة وتفعيل روابط الصداقة مع شعوب الدول الأخرى والاهتمام بالدبلوماسية الشعبية وآلياتها من الدبلوماسية الناعمة أو القوى الناعمة، هذا وقد ظهر مصطلح القوة الناعمة لأول مرة عام 1990 من قبل المفكر الأمريكى جوزيف ناى، وتعرف بأنها برنامج سياسى يتضمن القدرة على تحقيق المنافع والمصالح دون اللجوء إلى القوة العسكرية (الخشنة) على أن يتضمن هذا البرنامج أولويات الآخرين من خلال الإقناع وجاذبية القيم الثقافية والفنية للدولة ومثلها السياسة، فعندما تبدو سياسة الدولة مشروعة فى عيون الآخرين تتسع قوتها الناعمة، فلكل دولة عناصر أساسية تمثل مصادر رئيسية للقوى الناعمة مثل الثقافة والفن والرياضة والقيم السياسية للبلاد والسياسات الحكومية (طبيعة النظام السياسى، والتفاعل الدولى، والحكم الرشيد).

الدبلوماسية فى جوهرها اتصال يستهدف تنفيذ السياسة الخارجية للدول، فوسائل الاتصال إحدى الأدوات المهمة للدبلوماسية الشعبية لتكوين علاقات بين شعوب الدول شريطة طريقة الاتصال الجيد والتأثير عند عرض الأفكار والآراء المتنوعة فى القضايا الحيوية ومختلف القضايا التى تشكل وعى الجمهور لكسب التأييد الشعبى، فمثل هذه الإجراءات التعزيزية تستطيع مقاومة الأفكار الهدامة، وتصحيح الصورة الذهنية للشعوب عن الدول بل توحيدها والوعى بالتدخلات الخارجية والحفاظ على الأمن القومى.

فالدبلوماسية بكل آلياتها هى أهم مكاسب للسياسة الخارجية للدول تسعى إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدول خارجيا حتى تتمكن من أداء رسالتها بصورة أفضل من خلال مجموعة من البرامج التى تتركز فى خدمة مصالح الدولة لدى الدول الخارجية وتنفيذ سياستها الخارجية، وهذه البرامج تعمل على تعزيز السياسة الخارجية وتفعيلها، وتعد صلة مباشرة بين الحكومة والمواطن تجاة المواطنين فى الدول الأخرى.

فى وقت تشهد فيه الدول تحولات سياسية وجيوسياسية غير مسبوقة، وهذا التحول فرضته ظروف العصر وأحواله التى أسهمت أيضا فى تنامى الدور الشعبى غير المسبوق الآن فى تحديد مصير دولهم سياسيا وجغرافيا، لذا لا بد من أن تحرص الدول على أن تكون القوة الناعمة بآلياتها الدبلوماسية الشعبية والإنسانية ضمن وسائل سياستها الخارجية لما لها من دور وقدرة على خلق رأى عام دولى وإقليمى وإحلال السلام بين الشعوب وخاصة فى آونة قاتمة لا تتضح فيها مؤشرات السلام بل نجد دول العالم سادها الصراعات والنزاعات والحروب والتردى الاقتصادى والغذائى والكوارث والأزمات ليس فقط على مستوى الدول ولكن داخل الدولة الواحدة. لذا فالدبلوماسية الناعمة لها من القوة من حيث تأثيرها فى السياسة الخارجية لتحقيق المصلحة الوطنية للدول والشعوب وتحقيق السلام.

وهو ما يحرص عليه الرئيس السيسي من رفع شأن وطننا على الصعيدين الداخلى والخارجى، فعلى الصعيد الخارجى أصبحت لمصر مكانتها التى تليق بكونها صاحبة حضارة عظيمة، وحوَّل نظر الدول الكبرى إلى احترام مصر وجعل لها دورا عالميا كقوى كبرى، وهذا ما وضح جليا فى التقارب الدولى لمصر بانضمام مصر إلى تجمع بريكس،واليوم بهذا التقارب الاستراتيجى مع الاتحاد الأوروبى.