عرض: رانيا مرزوق - باحثة متخصصة في الشئون الاقتصادية
بعدما بدأت تونس في الحصاد السياسي لثورتها بتحقيق الاستقرار السياسي، من خلال تشكيل حكومتها المنتخبة، وتسمية رئيس الجمهورية، اتجهت الأنظار إلى كيفية جني حصادها الاقتصادي؛ ليثار تساؤل رئيسي على الساحة الاقتصادية التونسية في الذكرى الأولى لثورة الياسمين، مفاده: كيف يمكن النهوض بالاقتصاد التونسي وتلبية مطالب الثورة الاقتصادية؟ وهو تساؤل يدور في أذهان جميع الشعوب الثائرة وصناع القرار الباحثين عن سبل للخروج من المأزق الاقتصادي الذي تفرضه تحديات الوضع الراهن بدول الربيع العربي.
وفي ضوء الحاجة الملحة لمزيد من الدراسات والإسهامات البحثية التي تقدم توصيات وحلولا مقترحة لتردي الأوضاع الاقتصادية في الدول التي شهدت ثورات أنهت أنظمتها السلطوية، تبرز أهمية عرض دراسة "التحديات الاقتصادية في تونس" لمؤلفها "الحسن عاشي" ، والتي أصدرتها مؤسسة كارنيجى للسلام الدولي في ديسمبر 2011، وهو ما يعد ميزة أولي للدراسة.
وتعد خبرة كاتب الدراسة ميزة ثانية تصقل الدراسة. فقد عمل "عاشي" خبيرا اقتصاديا ومستشارا لدى عدة مؤسسات دولية (البنك الدولي، منظمة التعاون الاقتصادي، برنامج الأمم المتحدة، اللجنة الاقتصادية لإفريقيا)، وهو خبير اقتصادي في قضايا التنمية، والاقتصادات المؤسسية، والتجارة، والعمل. وتتركز أبحاثه على منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا. وتضيف رؤيته للحلول والمقترحات التي تسهم في تخطي الأزمة الاقتصادية لتونس والنهوض باقتصادها، والتي من الممكن أن تمثل إسهاما في كيفية تجاوز اقتصادات الثورة المثيلة لأزماتها بالبلدان العربية ميزة ثالثة، تدفعنا إلى عرض تلك الدراسة في السطور التالية.
بداية، يرى "الحسن عاشي" أنّ على صانعي القرار التونسيين أن يغتنموا الفرصة ليضعوا استراتيجية مبتكرة بغية تخطي أربعة تحديات رئيسة، أجملها في الآتي:
التحدي الأول:ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.
التحدي الثاني:الزيادة الملحوظة في معروض الوظائف الهامشية.
التحدي الثالث:تفاقم التفاوت في مستويات الدخل.
التحدي الرابع:التباين الحاد بين مناطق البلاد الداخلية والساحلية في الحصول على الخدمات الاجتماعية.
الاقتصاد التونسي ما قبل ثورة الياسمين
ألقت الدارسة الضوء على جذور التحديات الأربعة بتوصيف وضع الاقتصاد التونسي قبل ثورة الياسمين في 14 يناير 2011، حيث لم تكن تونس تمثل معجزة اقتصادية ولا قصة نجاح كاملة، ولكنها كانت أفضل حالاً مقارنة ببلدان أخرى في المنطقة. فيشير "عاشي" إلى أن متوسط معدل النمو الاقتصادي بلغ نحو 5% خلال العقد الماضي، وأن تونس حققت نسبة تزيد على 3% لنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي؛ مرجعا ذلك للسياسات الناجحة في مجال تنظيم الأسرة التي أدت لانخفاض في معدل النمو السكاني بشكل حاد إلى 1.1% سنوياً.
وأشارت الدراسة إلى أن الاقتصاد التونسي يتسم بالتنوع النسبي، والى تزايد أهمية دور قطاع الخدمات والتي وصلت إلى أكثر من 62%، في حين انخفضت نسبة إسهام قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي من 13% إلى 8% منذ التسعينيات. وقد نوعت تونس صادراتها بفضل حصة مرتفعة نسبياً من الصناعات التحويلية.
وخلص المؤلف إلى أن تركيز النظام الحاكم في فترة ما قبل الثورة لتأمين شرعيته واستقراره السياسي على حساب دعم النمو الاقتصادي وتوفير المكاسب الاقتصادية والاجتماعية لشرائح واسعة من السكان أدى إلى عجز الاقتصاد عن إتاحة فرص عمل للوافدين الجدد على سوق العمل الحاصلين على الشهادات العليا، وانتشار وظائف متدنية الأجر في القطاع غير الرسمي، وزيادة التفاوت في الدخل، وغياب التوزيع العادل للخدمات الاجتماعية. وكان محصلة ذلك أن أصبح الخاسرون في ظل النظام السابق أكثر من المستفيدين، وهو ما أدى إلى تآكل شرعية النظام والانتهاء بانهياره.
متطلبات عملية التحول الاقتصادي
انتقل المؤلف إلى عرض عملية التحول الاقتصادي التي شهدها الاقتصاد التونسي عقب الثورة، والتي حاول فيها رصد التكاليف الاقتصادية للثورة، والتي تمثلت في الآتي:
1. انخفاض توقعات معدل النمو الاقتصادي ليتراوح بين صفر و1% في عام 2011 ، مقارنة بمعدل نمو اقتصادي يصل إلى 5.4% في عام 2011 ، وهو معدل كان متوقعا قبل أحداث الثورة.
2. ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 17% مقارنة بـ14% قبل أحداث الثورة.
3. نقص السيولة وارتفاع تكلفة التمويل الخارجي، نتيجة لخفض درجة التصنيف السيادي لتونس عقب الأحداث الثورية.
وفيما يتعلق بالقرارات التي اتخذتها الحكومة الانتقالية من قرارات لمواجهة تلك التكاليف المرتبطة بقيام الثورة، فقد حددها المؤلف في مجموعتين أساسيتين من القرارات، هما:
أولاً - البرنامج الاقتصادي والاجتماعي قصير المدى الذي أعلنته الحكومة في أبريل 2011. تألف هذا البرنامج من سبعة عشر إجراء، حيث استهدف هذا البرنامج خلق تأثير اقتصادي فوري دون الإضرار بالآفاق المستقبلية للاقتصاد. وتحددت أولوياته في استعادة الوضع الأمني، وخلق المزيد من فرص العمل، ودعم النشاط الاقتصادي، وتيسير الحصول على التمويل، وتعزيز التنمية الإقليمية من خلال تقديم المساعدات الاجتماعية المستهدفة.
وقد وجه المؤلف انتقاداته للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي قصير المدى، وحددها في غموض الإجراءات السبعة عشر، فيما عدا خلق فرص العمل، ودعم النشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى افتقار البرنامج الاقتصادي لجدول زمني واضح لتنفيذ إجراءاته.
ثانياً- تعديل الميزانية العامة للدولة لعام 2011. وكان التعديل بهدف إعادة تخصيص وتوزيع موارد الدولة، وذلك لاستيعاب الآثار المالية المترتبة على التدابير الاستثنائية التي اتخذت بعد الثورة.
وفيما يتعلق بتقييم أداء الحكومة الانتقالية في تونس، فقد أشار المؤلف إلى أن عملية تقييم الأداء في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي تمر بالبلاد هي عملية صعبة؛ وذلك لوجود محددات وقيود تعمل تحت ضغطها تلك الحكومة، من أبرزها الأفق الزمني الذي اتسم بالضيق، حيث قصر مدة ولاية الحكومة، وكذا مسألة الموارد، والتي مثلت معضلة أساسية واجهت الحكومة الانتقالية، في ظل الاختلال الكبير بين التوقعات الاقتصادية والاجتماعية ، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، بالإضافة إلى محدودية فرص الاقتراض في الأسواق الدولية المانحة، وإلى حساسية وضع الحكومة المؤقتة في تونس، حيث واجهت قرارات تلك الحكومة كثرة الطعون في محكمة الرأي العام، مما أدى إلى دفع الوزراء للتركيز على إدارة الشئون اليومية، وتجنب تقديم أي التزامات يترتب عليها آثار تتجاوز الفترة الانتقالية.
وعلى الرغم من هذه الاضطرابات الداخلية، وضغوط الأحداث الخارجية من جوار إقليمي متوتر، وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية في الأسواق الدولية، فإن الحكومة الانتقالية استطاعت تحقيق الإنجازات الآتية:
1. منع الاقتصاد التونسي من الانهيار.
2. الحفاظ على مستوى لائق من احتياطيات النقد الأجنبي.
3. السيطرة على التضخم.
خطوات النهوض بالاقتصاد التونسي
من ناحية أخرى، استعرض المؤلف رؤيته لكيفية النهوض بالاقتصاد التونسي والمضي قدما في طريق الإصلاح، وتحقيق المزيد من الإنجازات، لافتاً الانتباه إلى أنه على الحكومة المنتخبة حديثاً في تونس بلورة استراتيجية شاملة ومنسقة، وخطاب ذي مصداقية، وأهداف محددة، وجدول زمني لبلوغها. وقد بلور المؤلف الركائز الأساسية لتلك الاستراتيجية في أربع نقاط تتمثل في الآتي:
أولا:- العملية المستدامة لخلق فرص العمل
تحتاج تلك العملية إلى الاعتماد على قطاع خاص قوي وتنافسي قادر على خلق الوظائف التي تستوعب وتناسب المؤهلات والخبرات الموجودة بسوق العمل. وهذه المواصفات تتطلب تشجيع الدولة للاستثمار الخاص، وإطلاق عدد من الإصلاحات الأساسية التي تدعم وتزيد من قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة على المنافسة، وكذلك إلغاء نظام الامتيازات، ومراجعة قانون الاستثمار لتبسيط وترشيد الحوافز الاقتصادية مع ضرورة محاربة الفساد والمحسوبية.
ثانيا: دعم الأنشطة والقطاعات الاقتصادية المنتجة
أرجعت الدراسة سوء الأحوال الاجتماعية إلى سوء ظروف العمل، وتدني الأجور، وذلك نتيجة لأن المعروض من فرص عمل يتبع تلك القطاعات والأنشطة ذات الإسهامات الضعيفة، والإضافة المحدودة للناتج القومي الإجمالي، وبالتالي اتسمت تلك الفرص بالضعف والهامشية، وعدم القدرة على الإسهام في حل مشكلة البطالة.
وعلى الرغم من الانفتاح على الاستثمار الأجنبي المباشر وتحرير التجارة، فإن الاستفادة المرجوة منهما لم تتحقق، وذلك لضعف الروابط والتفاعلات بين الشركات المصدرة الرائدة من جهة، والإنتاج المحلي من جهة أخرى.
وهنا، يبرز المؤلف ضرورة دعم ومساندة الدولة للأنشطة والقطاعات التي تحقق قيمة مضافة، وعائدا ذا جدوى اقتصادية للاقتصاد التونسي، وذلك من خلال توجيه وتخصيص المزيد من الموارد لتلك القطاعات والأنشطة، خاصة في مجالا الزراعة والصناعة والخدمات، حيث تتميز هذه المجالات بالاستخدام الكثيف لرأس المال البشري، وذلك بشرط توجيه سياسات التعليم والتدريب لتلبية الطلب في هذه القطاعات.
كما قدم المؤلف الأمثلة للتحول التدريجي للأنشطة الاقتصادية لتحقيق عوائد إنتاجية مرتفعة القيمة، وذات ثبات نسبي أكبر، مثل التحول في القطاع السياحي من "السياحة الرخيصة" إلى "السياحة عالية الجودة" ،وفي قطاع الاتصالات التحول التدريجي من "مراكز الاتصال" إلى "تطوير البرمجيات وخدمة المعلومات والاتصالات".
يضاف إلى ما سبق ضرورة تنويع الأسواق، واستكشاف أسواق جديدة في جميع أنحاء العالم، وتعدد الشركاء التجاريين، وذلك من خلال إطلاق برامج التسويق، والتواصل والتعريف بالمنتجات والخدمات التونسية للبلدان الشريكة الجديدة.
ثالثا: تحقيق العدالة الاجتماعية والتقاسم العادل للعبء الضريبي
أوضحت الدراسة أن اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء يرجع إلى عوامل ثلاثة، يتمثل أولها في ارتفاع معدل البطالة بين الشباب المنتمين إلى الطبقات الفقيرة والمتوسطة، حيث أصبح العائد المنتظر من التعليم بالنسبة للطبقات الفقيرة والمتوسطة هو الإحباط وخيبة الأمل، نظراً للفترات الطويلة من معاناة البطالة وندرة الوظائف الدائمة، في القطاعين العام والخاص، مما أدى إلى صعوبة الترقي في السلم الاجتماعي، وانتشار المحسوبية والمحاباة.
ويتمثل ثانيها في غياب سياسات التوزيع العادل للعبء الضريبي. فعلى الرغم من أن النظام الضريبي التونسي يفرض الضريبة التصاعدية على الدخل، وضريبة على الشركات بنسبة 30% على الأرباح، فإن هذا النظام يعانى ثلاثة تشوهات رئيسة تزيد من حدة التفاوت الطبقي، وتتمثل فيما يلي:
1- إن محصلة ما تجبيه الحكومة من الضرائب غير المباشرة أكثر من محصلة الضرائب المباشرة، مما يعني وقوع عبء الضرائب غير المباشرة على كاهل الفقراء، لأنهم في العادة يستهلكون دخلهم بالكامل. وفي المقابل، يمكن للأغنياء التخلص من الضرائب غير المباشرة، والاستفادة من المنح الضريبية من خلال الادخار، أو استثمار جزء من دخولهم.
2- تفوق نسبة الممولين للضرائب من الأفراد نسبة الممولين من الشركات ( 65% للأفراد مقابل 35% للشركات).
وترجع محدودية إسهام التمويل الضريبي من الشركات إلى الحوافز الضريبية السخية الممنوحة للشركات الكبرى الممنوحة، وفقا لقانون الاستثمار خلال الفترة من 2000 وحتى 2007 ، حيث تنازلت الحكومة في كل عام بنسبة 50% إلى 60% من الحصيلة الضريبية. ومع هذه التيسيرات والإعفاءات الضريبية، إلا أنها لم تثبت جدواها في تشجيع الاستثمار الخاص، وخلق المزيد من فرص العمل.
3-يدفع الأُجراء الذين ينتمون – الغالبية العظمى منهم – إلى الطبقة المتوسطة ثلاثة أرباع الضرائب على الدخل، مقارنة مع ربع الدخل لغير العاملين بأجر.
وأما عن ثالث تلك العوامل، فقد تمثل في الآثار السلبية الناتجة عن نمط الإنفاق الاجتماعي العام. فانتقدت الدراسة الهيكل العام للإنفاق الاجتماعي الذي أسهم بدوره في انعدام العدالة الاجتماعية في تونس، حيث اتسمت سياسات الإنفاق الاجتماعي بالتمييز لصالح الطبقات غير المستحقة، وتوجهت إلى الطبقات غير المستهدفة، ومن ثم فهي سياسات غير فعالة.
وهنا أكدت الدراسة أهمية البحث عن برامج أكثر فعالية للإنفاق العام، ووجهت النظر إلى إمكانية دراسة تجارب دول أمريكا اللاتينية في الانتقال إلى نظام إنفاق اجتماعي يستهدف الفئات والأقاليم الأكثر فقراً.
رابعا: تنمية الأقاليم والمناطـق المهمشـة
لعب التفاوت في مستويات الرفاهة وتوزيع الخدمات بين مناطق البلاد دوراً رئيسياً في زيادة حدة الاضطرابات الاجتماعية، حيث افتقرت بعض الأقاليم للاستفادة من مشروعات البنية التحتية والتعليم والخدمات الصحية وفرص العمل، وبالتالي استمرار وجود فوارق متزايدة بين المناطق الساحلية والداخلية في البلاد.
وأرجعت الدراسة هذا التفاوت إلى السياسة العامة المتبعة، حيث لا تزال اللامركزية غير مطبقة في تونس، فالإدارة المحلية التونسية تقصر المهام التي تقوم بها على المهام الإدارية والتنفيذية، ولا تقوم بأية مهام على المستوى السياسي، بالإضافة إلى أن المعايير المستخدمة لتقاسم موارد الدولة بين الوحدات الإدارية الإقليمية تؤدي إلى تفاقم الفوارق. كما أن ثلثي الاستثمارات العامة التي تديرها الحكومة متركزة بالمناطق الساحلية للبلاد.
ولكن على الرغم من الحاجة الملحة إلى تحقيق الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في إعادة توزيع وتخصيص الموارد المحدودة، فإنه يجب على الحكومة اتباع سياسات إعادة التخصيص والتوزيع التدريجية، حيث إن التحول المفاجئ والتوجيه إلى المناطق المحرومة يؤدي إلى نتائج عكسية، علاوة على التكاليف المرتفعة.
وهنا، أكد المؤلف أهمية قيام الحكومة باتباع سياسات التخصص الإقليمي للأنشطة الاقتصادية، ودعم القدرة التنافسية، وزيادة الكفاءة الإقليمية، وذلك من خلال توفير مشروعات البنية الأساسية اللازمة لذلك. كما يمكن تشجيع انتقال العمالة عن طريق الاستثمار في البنية التحتية لشبكات النقل والمواصلات، وتسهيل الحصول على السكن، وتطوير التكامل الإقليمي، والذي يؤدي إلى تقارب أكثر استدامة لمستويات المعيشة بين الأقاليم التونسية على المدى الطويل.
وقد راهن المؤلف في خاتمة الدراسة على أن استمرار شرعية النظام الحاكم يرتبط بقدرته على استمرار توفير مكاسب اقتصادية واجتماعية للبلاد كافة، وكذلك أوصى صناع القرار بضرورة بناء ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية، ووضع الأسس اللازمة لسيادة القانون والحكم الرشيد. ووجه الحكومة المنتخبة إلى أهمية تقديم حزمة متناسقة من السياسات التي تعتمد على مصداقية الخطاب، والأهداف الملموسة في ظل جدول زمني لتحقيقها، وأن تكون خاضعة للمساءلة من قبل الشعب التونسي.
ويضاف إلى ذلك تأكيده أن تحقيق التوازن الدقيق بين الكفاءة والعدالة الاجتماعية في السياسات الاقتصادية من جانب، وتهيئة مناخ ملائم للاستثمار وبيئة أعمال جاذبة للاستثمارات من جانب آخر، هما المعضلة الأساسية أمام الحكومة المنتخبة، وأن محور الارتكاز لهذا التوازن هو توجيه مزيد من الدعم للقطاع الخاص ذي القيمة المضافة للاقتصاد التونسي.
في نهاية هذا العرض، يمكن القول إن المؤلف قد استطاع بحق أن يضع بذلك الحكومة المنتخبة أمام تحدياتها، موضحاً المهام التي يجب أن تأخذها بعين الاعتبار. وانصبت توصياته في هذا الاتجاه بما يمكن القارئ من الربط بين التوقعات والآمال المرجوة من الحكومة المنتخبة، وما يفرضه الواقع من حقائق وصعاب، حتى تكون التصورات والتوقعات لأداء الحكومة المنتخبة واقعية وغير مفاجئة.