مع بداية عام 2012، يجب الإقرار بأن جوانب من قضايا العام الماضي وتطوراته، بدأت قبله ومستمرة لما بعده. خاصة تلك التطورات المرتبطة بقضايا أو ظواهر "عولمية" عابرة للحدود وتخترق الحواجز. من أمثلتها القرصنة الإلكترونية، وتغير المناخ، والجرائم المنظمة. لكن التداخل بين النطاقين الوطني والعالمي ليس جديداً، فهو قائم منذ سنوات. لكنه كان –موضوعياً- يتركز في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. أما جغرافياً، فلم يكن قد امتد بعد إلى المنطقة العربية أو اخترقها بشكل واسع. وهنا الجديد، فقد امتد هذا التداخل إلى النطاق العربي الذي كان حتى وقت قريب محصناً ضد "التدخل في الشئون الداخلية" على الأقل من جانب الدول العربية وبعضها البعض. ودشنت الثورات في المنطقة نمطاً جديداً من التعاطي العربي –رسمياً وشعبياً- مع التطورات الداخلية. نمط يتسم بالشمول وتعدد أدوات وأساليب التدخل بما فيها التدخل العسكري. ويتم بصراحة وبعلنية، بل ويكتسب تدريجياً طابعاً قانونياً ومظلة مؤسسية من خلال جامعة الدول العربية.
هذا التطور في أداء الجامعة، فتح الباب أمام تساؤلات تتعلق بأسس وآليات العمل وطريقة اتخاذ القرار ليس داخل الجامعة العربية وحسب، لكن أيضاً داخل منظمات دولية أخرى، سواء كانت منظمات عامة تنظم علاقات وتفاعلات الدول الأعضاء (كما في حالة الجامعة) أو منظمات نوعية متخصصة كما في حالتي منظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية. فقد كان لافتاً بشدة أن تحصل فلسطين على عضوية يونسكو رغم معارضة شديدة لقيتها هذه الخطوة من دول مؤثرة أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية. كما يسترعي الانتباه صدور تقرير من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الملف النووي الإيراني، يحمل اتهامات نووية لطهران، بعضها محل جدل خصوصاً فيما يتعلق بمعطياته وأسانيده الفنية. في ضوء تلك التشابكات لأحداث وتطورات عام وتشابكاتها مع توقعات عام جديد، حاولت التقارير التحليلية في العدد الجديد من مجلة السياسة الدولية تلمس تلك الاتجاهات وتشريحها أمام القارئ. بدءاً بالظواهر المعولمة، مروراً بتهاوي الحواجز العربية بين الداخل والخارج، انتهاء بالمقابلة بين المهني والسياسي في عمل المنظمات الدولية والإقليمية.