مهما يُقَل فى شأن تعقد التطور التكنولوجى فى عالم اليوم، ومهما يتفق العالم على استراتيجية الردع النووى كبديل للحرب الشاملة، فسيظل دائما العنصر البشرى هو الحاسم فى الحرب، فدوره لم يتبدل ولم يعتره تغير أساسى، فهو يتحمل العناء ويضحى بحياته من أجل قضيته التى يؤمن بها.
فقد أثبتت المعارك التى دارت على وجه الأرض منذ فجر التاريخ حتى وقتنا الحاضر أن الروح المعنوية كانت العامل الحاسم فى إحراز النصر، ومن المعلوم لدينا جميعا مدى تأثير الروح المعنوية لأفراد الشعب أو للمقاتلين، سواء فى وقت الحرب أو وقت السلم. إن الروح المعنوية هدف ضرورى ينبغى الحفاظ عليه تحت مختلف الظروف، لأنها سلاح خفى يدفع بالأفراد إلى ساحات القتال والتضحية وتجعلهم لا يهابون شيئا، تملؤهم الشجاعة والإصرار والإقدام فيقهرون عدوهم ويُكتب لهم النصر. وقد أثبتت حرب السادس من أكتوبر 1973 أن الروح المعنوية للمقاتل وتمسكه بقواعد الدين وبما جاء فى الرسالات الدينية، وثقة الفرد بنفسه وقادته وسلاحه، كل ذلك له أثر كبير فيما أحرزته قواتنا المسلحة من نصر مجيد لا يزال حديث العالم ومجال للدراسة فى مختلف الدراسات العسكرية. هنا، يأتى دور القادة فى استمرار دعم روح المبادأة والإقدام للأفراد، وغرس القيم المعنوية والقتالية اللازمة لتحقيق النصر على العدو، وكذا تنمية روح القتال لدى الأفراد بغرس قيم الإيمان بالله وحب الوطن وكراهية العدو، متبعين أسلوب الإقناع وتوفير القدوة الحسنة والعمل الإيجابى، مستغلين مقدرة المقاتل المصرى الذى حقق نصر أكتوبر المجيد، بالإضافة إلى غرس الانضباط العسكرى وروح الفريق فى نفوس الأفراد. أولا- الروح المعنوية والروح القتالية ومتطلباتها: المقصود بالروح المعنوية القوة الكامنة فى عقل وضمير الإنسان، التى تتفاعل مع الأحداث إيجابا أو سلبا، وينتج عن تفاعلها مواد عضوية يفرزها الجسم، وتؤثر فى كل من الجهاز الحسى والنفسى والعقلى، وتكون محصلة هذا التفاعل هى مدى قدرة الإنسان واستعداده لمواجهة حدث ما، ومدى القدرة على التعاون مع الآخرين من أجل تحقيق هدف واحد. كما أن الروح المعنوية هى التى تحدد شجاعة الفرد، أو تخاذله، ويكون ذلك طبقا للمؤثرات المتفاعلة داخل وجدانه، ومدى استجابة الجهازين النفسى والعقلى لتقبلها. الروح المعنوية الإيجابية هى التى تجعل الإنسان مؤمنا بالله تعالى ومقتنعا بمهمته وبعدالة قضيته ومستعدا للتضحية من أجلها، وتجعله واثقا بقادته، وبسلاحه، وبالتالى يكون مقتنعا بالأوامر التى ينفذها. أما الروح القتالية، فتعرَّف بأنها القدرة الكامنة فى عقل وقلب الإنسان، التى تجعله متقبلا للتعامل مع المواقف القتالية الصعبة، ومتقبلا لفكرة الحرب من أساسها، والإيمان بأن القتال هو واجب وطنى لا بد أن يشترك فيه، وهو مؤمن بقضاء الله وقدره لنيل إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة، وذلك يأتى نتيجة لإيمانه بالهدف وثقته بتحقيق المهمة المكلف بها. الروح القتالية هى مبدأ متلازم مع الروح المعنوية، التى تدفع المقاتل إلى تأكيد دوره فى مجتمع القوات المسلحة، وتجعل منه لبنة سليمة فى بناء القدرة القتالية، التى تعتمد أساسًا على الفرد المقاتل، المزود بالعلوم العسكرية الحديثة، والذى يدرك مهامه، ويطورها إلى الأحسن باستمرار، ويتعاون مع زملائه من أجل تحقيق الهدف أيًا كانت صعوبته، فى إطار الولاء والانتماء لوحدته، وللقوات المسلحة، ولمصرنا الحبيبة. الروح القتالية أيضًا هى سمة رئيسية فى المقاتل المصرى منذ عصور سحيقة. لذا، كان الحديث النبوى الشريف: (إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا من أهلها جندًا كثيفًا، فإنهم خير أجناد الأرض) صدق رسول الله صلى الله علية وسلم. ولا شك فى أن هذا الحديث جاء عن طريق الوحى الإلهى، لأنه كان فى مرحلة ظهور الإسلام، حيث كانت مصر تئن تحت وطأة الإمبراطورية الرومانية، ومن قبلها الإغريق، ومن قبلهم الفرس، غير أن كل هؤلاء المستعمرين زالت إمبراطورياتهم، وبقيت مصر شامخة. العوامل النفسية المؤثرة فى الروح المعنوية للمقاتلين:
أ- المساواة فى المنافع والتضحيات (فالجميع يتحمل الحرمان والصعوبات إذا تعرضوا جميعا للظروف نفسها، وعدم استخدام المعايير الشخصية فى العدالة للقائم بالتوزيع عليهم).
ب- المشاركة بإشعار القادة لمرءوسيهم بأهمية جهودهم لتحقيق المهمة والهدف من الحرب.
ج- الشعور بالتقدم والترقى، ليكون دافعا لبذل طاقة أكبر فى العمل.
د- الثقة بالقادة، وذلك بحسن اختيار القادة وتأهيلهم والتركيز على العلاقات الإنسانية.
هـ- ضرورة توافق الفرد مع عمله لضمان ارتفاع معنوياته بغرس إحساس الأفراد بمكانتهم فى الجماعة، والعمل على بناء روح الفريق بين الجنود والضباط.
و- الاقتناع بأهداف الوحدة بإحساس الأفراد بأهمية عملهم، وأنه يلتقى مع الأهداف العامة للمجتمع.
ز- الصحة العامة والصحة النفسية، مع مراعاة الظروف الاجتماعية للفرد والحالة الانفعالية للفرد. ح- الترفيه، حيث من الضرورى تدبير وقت الفراغ للمقاتل وتوفير وسائل لشغله بطرق تسمح له بحرية الاختيار، لجلب المتعة النفسية، وتنمية المهارات الأساسية التى يحبها الفرد، والرياضة البدنية، وغيرها لما فى ذلك من أهمية فى القتال.
العوامل التى تتحكم فى الإعدادين المعنوى والقتالى: هناك العديد من العوامل التى تتحكم فى الإعداد المعنوى للمقاتلين وتختلف من إنسان إلى آخر نتيجة للعديد من الظروف المحيطة، سواء كانت فى الحياة المدنية أو العسكرية للفرد، منها: أ- البيئة التى تربى فيها الفرد: فالمجتمع المدنى، يختلف عن المجتمع الريفى، كما أن مجتمع الجنوب (الصعيد) يختلف عن مجتمع الشمال (الدلتا)، وإن التقى الجميع على القيم المصرية الأصيلة نفسها، غير أن أساليب التطبيق قد تختلف من مجتمع إلى آخر. ب- المستوى الثقافى للفرد: فالجندى الحاصل على مؤهل عالٍ تكون درجة تفكيره واستيعايه أسرع من المستويات الأخرى. فى الوقت نفسه، فإن أسلوب إقناع الجنود العاديين يكون أسرع، إضافة إلى أن استعدادهم الدينى يكون أكبر، والمهم هو أن يقوم القائد بتنويع أساليبه فى العمل المعنوى، بحيث يصل الجميع إلى درجة واحدة من الروح المعنوية العالية. ج- التباين فى القدرة النفسية والبدنية لدى الأفراد: فكل فرد له طبيعته الخاصة طبقا لأسلوب تربيته، وتوجهاته الرياضية لبناء قدرته الجسمية، وكذلك فإن المستوى الاقتصادى له دور كبير فى حالة الفرد النفسية والصحية. فالفرد الذى نشأ فى أسرة محدودة الدخل يختلف عن الفرد الذى عاش فى رغد من العيش، والفرد الذى تتكون أسرته من الكثير من الأفراد، يختلف عن الفرد الذى نشأ فى أسرة منظمة وعددها محدود. مراحل الإعداد المعنوى للمقاتلين: الإعداد المعنوى إجراء متكامل ومستمر، ويبدأ منذ لحظة التحاق الفرد بالقوات المسلحة، ولا تنتهى إلا بإنهاء الفرد لفترة خدمة الاحتياط، ويتم من خلال ثلاث مراحل رئيسية، هى: أ- المرحلة الأولى: هى تأكيد الاقتناع بالانتماء إلى العسكرية لدى الفرد وتوليد الثقة فى نفس المقاتل، وتبدأ هذه المرحلة من لحظة تقديم الفرد نفسه إلى التجنيد/ التطوع/ الكلية العسكرية، وتستمر حتى التحاق الفرد بوحدته المقاتلة.
ب- المرحلة الثانية: هى إزالة حاجز الخوف من نفسية المقاتل، وتأكيد اعتزازه بنفسه، وبكرامته، وتأكيد انتمائه للقوات المسلحة ولوحدته، وهو ما يتم فى الوحدات والتشكيلات، ويشترك فيها القادة على مختلف المستويات.
ج- المرحلة الثالثة: هى الشحن المعنوى، وهى ذات طبيعة خاصة، وتستغرق زمنا محددًا، وتتم قبل تنفيذ عمل حاسم، ويجب أن تكون تلك المرحلة متدرجة، وتستمر مع الحدث وتنتهى بانتهائه. موضوعات الإعداد المعنوى:
أ- موضوعات دينية: من أجل ترسيخ الإيمان فى نفوس المقاتلين، وتشمل سيرة السلف الصالح وجهاده فى سبيل حرية العقيدة، وكذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تحض على الإيمان والتمسك بالعقيدة، والدفاع عن الوطن، وفضل الشهيد عند الله... إلخ.
ب- موضوعات سلوكية: من أجل ترسيخ الانضباط والنهوض بروح الفريق، وتشمل معنى الانضباط العسكرى، وسلوك الفرد فى الوحدة ومع أقرانه. ج- موضوعات اجتماعية: من أجل تأكيد انتماء الفرد لقواته المسلحة، وتشمل مفهوم الحياة العسكرية، وأهمية القوات المسلحة بالنسبة للوطن، وقيمة الفرد فى المجتمع العسكرى، وعلاقة الفرد بالقائد ومفهوم التسلسل القيادى، وكيفية النظر إلى المدنيين والعسكريين.
د- موضوعات تاريخية: من أجل تأكيد الولاء والانتماء، وتشمل الحروب المصرية عبر التاريخ، وتطور القوات المسلحة المصرية.والدروس المستفادة، وخبرات الحروب التى خاضتها مصر.
هـ- موضوعات عسكرية: من أجل إلمام الفرد بتكوين ومهام القوات المسلحة، وتطور نظريات الحرب والخبرات المكتسبة من الحروب الحديثة، وخصائص العدو الذى سيواجهنا، وأوجه التفوق على العدو، والخبرات التى يجب تنميتها فى هذا المجال، وأهمية التدريب وأهمية الحفاظ على الأسلحة والمعدات، وأهمية طوابير الصيانة.
و- موضوعات العمليات النفسية: من أجل توعية الأفراد فى مجال الحرب النفسية، وتشمل أسلوب الوقاية من تلك الحرب التى يشنها العدو.
ز- موضوعات معنوية: من أجل إلمام الأفراد بأهمية الروح المعنوية؛ وكيفية اكتسابها لتصبح عادة لدينا وتشمل تعريف الروح المعنوية، وأسلوب التكيف مع الحياة العسكرية، ومفهوم الثقة، والوقاية من الأمراض النفسية.
ح- موضوعات خاصة بالأمن: بمختلف مستوياته، وما يحقق توعية الفرد.
المهام الرئيسية للإعداد المعنوى:
أ- غرس الولاء للوطن والالتزام الموضوعى بالمبادئ الأساسية التى تقوم عليها الاتجاهاتالوطنية والقومية، والعقيدة القتالية، وتأكيد الاستعداد للدفاع عن الوطن.
ب- غرس الكبرياء القومية فى نفوس المقاتلين، والتعلق غير المحدود بالوطن، والإحساس بالمسئولية، والتمسك بالقيم والأخلاق الفاضلة.
ج- غرس عقيدة الإخلاص والتفانى فى العمل لدى المقاتلين، وتتمية إحساسهم ومسئوليتهم عن رفع الكفاءة القتالية، وتأكيد ولائهم للقوات المسلحة.
د- تأكيد الثقة لدى المقاتلين فى النفس والقادة والسلاح وبالقضاء والقدر، وفى حتمية النصر وتنمية قدرتهم على التعامل مع التكنولوجيات الحديثة.
هـ- توعية المقاتلين بأسباب وطبيعة الحرب، وكيف تنشأ وكيف تنتهى، وأسبابها السياسية والمهام التى تواجه القوات المسلحة، وتتطلب العمل الحاسم لتحقيق النصر.
و- تأكيد الروح الهجومية لدى الأفراد المقاتلين، وغرس مبادئ المفاجأة والمبادأة والسرية والتعاون لديهم، وزيادة قدرتهم على التصرف الشخصى فى المواقف الصعبة.
ز- تأكيد الولاء والانتماء وإبراز القدوة والرمز، من خلال دراسة التاريخ العسكرى والوطنى المصرى الذى يمتد لسبعة آلاف عام، مع غرس مبادئ وقيم روح أكتوبر فى نفوسهم.
ح- دراسة أساليب وأهداف الحرب النفسية وكيفية الوقاية منها.
ط- تنمية الإحساس بالحفاظ على السلاح والمعدات، وتأكيد احتراف الفرد للعمل على سلاحه وما يؤكد ثقته عند استخدامه فى الحرب الحقيقية.
ى- تأكيد متابعة الأحداث الجارية، خصوصا فى المجال العسكرى، والتزود بنظريات الحروب الحديثة (وخاصة حروب الجيل الرابع والحروب غير المتماثلة).
ثانيا- تأثير الروح المعنوية فى نجاح العمليات الحربية وتحقيق النصر:
تعد المحافظة على الروح المعنوية للقوات أمرا حيويا وجوهريا للقوات المسلحة، بحسبانها عصب تحقيق النصر فى الوقت والمكان المناسبين. فالمعنويات الفردية ما هى إلا حالة معينة من الراحة البدنية والعاطفية تسمح للفرد بالتأمل فى الحياة، وبالعمل وفق أسلوب جيد خلال تفاعله مع الأهداف الريئسية للجماعة. أما المعنويات الجماعية، فترتبط بالاندماج الواعى للأفراد فى الأهداف الجماعية، حيث يتوقف نجاح ذلك على الثقة بالنجاح ونبذ الفشل والفرقة، وأيضا على درجة استعداد القادة والضباط على إضفاء مزيد من التفاؤل وإمكانية تحقيقه. تمثل الحياة العسكرية، بما تتميز به من صرامة وخشونة، وبما يحدث فيها من تغيرات حادة وسريعة عند التحول من الحياة المدنية إلى الحياة العسكرية، بالإضافة إلى طبيعة مهامها العسكرية الصعبة، مواقف ضاغطة على الفرد المقاتل كفيلة بأن تعرض تماسك واتزان شخصيته وتكاملها للاضطراب، ما لم يكن لديه اتزان فعلى ومرونة يجعلانه قادرا على مواجهة موقفه الجديد مواجهة سليمة. كما تؤثر الروح المعنوية على الكفاءة القتالية، فهى ذات تأثير فعال وحاسم فى الكفاءة القتالية صحيا وبدنيا وعلميا ونفسيا ليتفاعل ويتكيف مع المجتمع العسكرى الصارم، والمعدات المتطورة والملائمة لقدرات وإمكانيات الفرد المؤهل، ومسرح العمليات، وطبيعة المعركة المنتظرة. وبالمزج الماهر بين هذين العنصرين فى منظومة واحدة وتلاحم مستمر، وفى ظل تنظيم مصمم بكفاءة، تتحقق الكفاءة القتالية العالية للقوات المسلحة كمًا وكيفًا. ترتبط العلاقة بين الكفاءة القتالية والروح المعنوية بالعنصر البشرى بعدِّه المصدر الرئيسى لتحقيق عناصر الكفاءة القتالية. وتؤثر الروح المعنوية فى الانضباط العسكرى، حيث يحتل العمل المعنوى مكانة رئيسية فى التخطيط الاستراتيجى، فهو أحد العوامل الأساسية التى تحدد إصدار القرار ببدء العمليات العسكرية أو تأجيلها، والتاريخ العسكرى حافل بالمواقف التى أجبرت القادة على التخلى عن العمليات الهجومية نظرا لضعف الروح المعنوية لقواتها. يتم بناء الروح المعنوية من خلال بناء الشخصية العسكرية للأفراد على أساس من الإيمان والتوحيد فى العقيدة والأخلاق، وتعميق الولاء والانتماء للوطن وغرس العقيدة القتالية لتنمية الثقة بالنفس والسلاح والقادة والتحصين المعنوى فى الحرب النفسية المعادية. كما يتسم الانضباط العسكرى بتقييد صارم ودقيق لتنفيذ القوانين والتعليمات والتقاليد العسكرية. فإذا اتسمت هذه التعليمات والقوانين بروح العنف وعدم مراعاة الجوانب الإنسانية للفرد، فإنها تنعكس بالسلب على الروح المعنوية وتؤدى إلى إضعافها. إضافة إلى ذلك، تؤثر الروح المعنوية فى إعداد القرار، حيث يؤثر عاملا الروح المعنوية وروح الفريق تأثيرا مباشرا فى الفكر والتخطيط للعمليات الحربية على كل المستويات التكتيكية والمعنوية والاستراتيجية. فالعامل المعنوى يفجر الطاقات البشرية ويحولها إلى قوة عاتية قادرة على قهر الصعاب وإحراز النصر. من هنا، تتضح أهمية تقدير العامل المعنوى تقديرا دقيقا من دون إفراط أو تقليل من أثره حتى لا يؤثر فى القرار بنتائج عكسية. يتم إعداد خطة التوجيه المعنوى للتنفيذ خلال ثلاث مراحل، هى:
1- مرحلة التحضير للمعركة:
أ- مساعدة الأفراد على حصولهم على فهم واضح للمهام المحددة فى المعركة.
ب- إعداد الأفراد معنويا لتنفيذ المهام بكفاءة وحماس، والعمل بجدية وإقبال حقيقيين فى أكمل صورة.
ج- إعطاء أمثلة من تاريخ الحروب التى ثبت فيها المصريون بالرغم من تفوق عدوهم فى السلاح، وكيف حققوا النصر عليه.
د- إبراز صفات الجندى المصرى مثل الشجاعة والإقدام والبطولة والمثابرة والنضال بلا حدود مع الاحتفاظ بقدر عال من الضبط والربط والنظام.
هـ- حث الأفراد وإثارة همتهم حول كيفية انتزاع النصر من بين أنياب العدو.
2- فى أثناء سير المعركة:
أ- وجود القادة وضباط التوجيه المعنوى فى الأماكن المهمة التى يمكنهم منها رفع همة الأفراد المنفذين وتشجعيهم وتقديم النصيحة لهم لتنفيذ المهام بأعلى كفاءة.
ب- الإشادة بالأفراد الذين يظهرون قدرات خلاقة فى الأداء. ج- توافر عنصر التشويق والترويح والقوة الدافعة المتجددة التى تساعد على إتقان المهام.
3- مرحلة ما بعد تحقيق المهمة:
أ- إبراز ما تحقق فى العملية ودرجة النجاح، وأيضا إبراز نقاط القوة ونقاط الضعف وأسبابها وكيفية علاجها لتفادى تكرارها.
ب- تناول الجانب النفسى للأفراد من خلال استطلاعات الرأى والاختبارات النفسية للأفراد والمراقبة لتصرفاتهم وتحليلها.
ج- الإشادة بالأفراد الذين بذلوا جهدا كبيرا.
ثالثًا- إعداد الشعب:
كانت الصدمة فى يونيو 1967 قاسية ومريرة على شعب مصر، بل والعرب جميعا. ولكن فى خضم الكم الهائل من اليأس، انطلقت الإرادة المصرية تعلن رفضها للهزيمة وتصميمها على إزالة آثار العدوان مهما تكن التضحيات. وبات لزاما على مصر أن تواجه قدرها وأن تبدأ فورا فى ترسيخ قواعد وأسس ومبادئ سياسية وعسكرية سليمة لتقود مسيرتها الشاقة المقبلة والإعداد لجولة عسكرية مقبلة لا بديل عنها من أجل استرداد الأرض والكرامة. وأصبح من الضرورى -كخطوة أولى نحو الهدف الأسمى- أن نبدأ بصمود القوات على جبهة القتال، وصمود الشعب فى الجبهة الداخلية وتحمله مسئولياته فى المعركة القادمة. كان الهدف من إعداد الشعب لهذه المرحلة وضع الأسلوب الأمثل لاستغلال قدراته وإمكانياته وإعداده الإعداد المناسب عسكريا ومعنويا، حتى يصبح قوة فعالة مؤثرة فى أى صراع مقبل، سواء كان لائقا لانضمامه للقوات المسلحة، أو صالحا لتنفيذ مهام المقاومة الشعبية وحراسة المنشآت الحيوية، مع العمل على التوازن بين أداء الفرد للخدمة الوطنية وممارسة الحياة المدنية. من ناحية إعداد الشعب سياسيا ومعنويا للجولة القادمة، كان العمل الرئيسى لأجهزة الإعلام والمنظمات الشعبية هو إقناع الشعب بسياسة الدولة وجهودها فى سبيل تحقيق أهدافها، وتهيئة المناخ المناسب للقيادة السياسية وأجهزتها لنيل أقصى جهودهم لتحقيق أهداف الدولة السياسية. وللحق، فقد تحمل شعب مصر الكثير فى هذه المرحلة، خاصة فى أثناء حرب الاستنزاف وصمد وصمم على تكملة المسيرة مهما تكن التضحيات لتحقيق الهدف الأسمى والنصر المجيد. الإعداد السياسى المعنوى للشعب:يُخططلهذا الإعداد ليشمل كل مراحل عمر الإنسان، ليغرس فيه روح الوطنيةوالولاء للدولة، ومبادئها وأهدافها السامية ويتواصل العمل على إعدادالشباب لتنمية روح الانتماء للوطن من خلال وسائل الإعلام المختلفةوبرامج التوعية. فالمؤسسات الدينية لها دور كبير فى التربية الوطنية علىأسس أخلاقية عظيمة، تحث عليها الأديان السماوية. ذلك أن الجهاد المبذول للذود عن الأرض والعرض والممتلكات والنفس شعبة من شعب الجهاد. والإعداد المعنوى عامل مهم، يفـوق الإعداد المادى قـوة، وقـد قال سبحانه وتعالى فى ذلك: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَصَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ. ويمثل العامل السياسى- المعنوى مجموعة من العناصر، يجرى إعدادها، ليتحملالشعب والقوات المسلحة ظروف القتال الصعبة، وتستطيع الدولة أن تواجهالمطالب المادية، والضغوط والمناورات السياسية، وتحافظ، فى الوقت نفسه،على الروح المعنوية لشعبها وقواتها عالية، محققة الصمود ماديا ومعنويا .تشمل مهام الإعداد السياسى المعنوى ما يلى:
أ- تنمية الشعور القومى والوطنى لدى الشعب
.ب- تنمية الوفاء والولاء للوطن، والتضحية وإنكارالذات دفاعا عن الوطن.
ج- توعية الشعب بأهمية ثقته بقواته المسلحة، ومساندتها ماديا ومعنويا
.د- توعية الشعب بعدالة القضية التى سيدور الصراع من أجلها.
هـ- توعية الشعب بأهمية تضحيته وحتمية النصر فىالصراع المنتظر من أجل مستقبل أفضل.
و- بث روح الكراهية والمقت للعدو والتنفيرمنه.
ز- التوعية المضادة لمواجهة أساليب العدو لخفضالروح المعنوية.
التربية العسكرية للشعب:
يتم إعداد الشعب عسكريا فى أثناء السلم، ويستمر الإعداد فى فترة التوتر، ثم فىأثناء الحرب. ويهدف الإعداد العسكرى إلى إيجاد الأفراد اللائقين للعمل فى صفوف القوات المسلحة فى أقصر وقت ممكن، ويتم ذلك من خلال برامجالتدريب للشباب والمواطنين لفترات محدودة دوريا لاكتساب المهاراتالأساسية اللازمة للحياة العسكرية والأعمال القتالية، واكتساب الحجم المناسب من الثقافة العسكرية التى تؤهل الشباب للاندماج السريع فى صفوف الوحدات التى ينضمون إليها، والتنظيمات شبه العسكرية التى يلتحقونبها .يبدأإعداد الشباب عسكريا فى مراحل الدراسة الثانوية، وتستمر عادة حتىالصفوف العليا، ما يخفف العبء عن القوات المسلحة فى أثناء انضمامهمإليها. وبانتقال المجندين إلى قوات الاحتياط، يستمر تدريبهم على فتراتمتباعدة للمحافظة على صلاحيتهم ولياقتهم العسكرية .تخطط معظم الدول للاستفادة من رصيدها البشرى بتكوين هياكل رئيسية لتنظيمات عسكرية وشبه عسكرية تكون عونا للقوات المسلحة عند التعبئة. وقد أثبتت الكوادر شبه العسكرية من المتطوعين والفدائيين جدارتها فىالعديد من الحروب، لعل أقربها وأهمها حرب فلسطين عام 1948، وحرب العدوانالثلاثى على مصر عام 1956. وفى كلتا الحربين، أبلت الوحدات المشكلة منالمتطوعين بلاءً حسنا شهد له كل الأطراف.وتطبق بعضالأمم الإعداد العسكرى على النساء أيضا بتدريبهن تدريبا أولياعلى حمل السلاح، واستخدامه، والتركيز على المهام التى يستطيعن العمل فيها، مثل الأعمال المكتبية والتمريض. وقد يرتقى تدريبهن لمصاف القوات المقاتلة ذاتها للعمل فى بعض الوظائف غير الحيوية (قيادة المركبات الإدارية مثلا) أو فى وظائف شديدة الأهمية (طيارات مقاتلات).
الخلاصة:
يمكن القول إن مصير الصراع يتحدد بقُدرة الدولة على إمداد مسارح العمليات بالتشكيلات والوحدات المقاتلة،وبكفاءة تلك العناصر، وعلى مدى صمود الشعب والمجتمع، وتحمله للمصاعب والخسائر والدمار المادى والمعنوي. وقد أصبح إعداد القوى البشرية (مقاتلين وشعبا)، وتهيئة المجتمع بكل فئاته وطوائفه للدفاع، من أهم الخطط وأكثرها تعقيدا، فى إطار الخطة الشاملة لإعداد الدولة للدفاع عن وجودها. إن المحافظة على الروح المعنوية العالية للشعب، خلال الصراع المسلح هى أحدالأهداف الرئيسية، التى من خلالها يمكن إمدادالقوات المسلحة باحتياجاتها من الأفراد بتعبئة العناصر المؤهلة فى وقت قصير، لتمتعها بالروح المعنوية العالية وتأهيلها بالتخصص والتدريب المناسب، وينعكس ذلك على التشكيلات المقاتلة بالمحافظة على قدراتهاالقتالية العالية، من دون أن يؤثر ذلك فى الحياة اليومية للشعبوالدولة معًا.