تأثر الاقتصاد المصرى بالعديد من التغيرات والأحداث منذ نكسة 1967 حتى انتصار أكتوبر 1973، حيث شهدت مصر تحولات اجتماعية وثقافية، بعد تلك الأحداث الجوهرية فى تاريخها السياسى. فقد كانت فترة ما بعد الانتصار فى حرب أكتوبر 1973 من أكثر الأحداث تأثيرًا فى بنية الشعب المصرى ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا؛ وأعقبتها فترة الانفتاح التى تسببت فى زيادة اختراق العولمة للمجتمع المصرى مع نشر ثقافة الاستهلاك، رغم أنها أسهمت فى إخراج الدولة من الظروف الصعبة التى مرت بها عقب حرب أكتوبر وما سبقها من حروب. يضاف إلى تلك الأحداث المؤثرة أيضا فى حياة الشعب المصرى بعد حرب أكتوبر تنامى موجات هجرة المصريين بشكل خاص إلى دول الخليج العربى، من أجل العمل، ما أسهم فى تغييرات اجتماعية وثقافية أحدثها هؤلاء المهاجرون بشكل أكبر من نظرائهم الذين هاجروا إلى الدول الأوروبية والأمريكية.
فيما يلى عرض موجز لأبرز المراحل التى مر بها الاقتصاد المصرى منذ عام 1967 والفترة التى أعقبت انتصار أكتوبر 1973.
أولًا- مرحلة اقتصاد الحرب والتراجع الاقتصادى:
لجأت مصر إلى ما يسمى اقتصاد الحرب(1) خلال الفترة من 1967 إلى 1973، حيت اتخذت مجموعة من التدابير وإجراءات الطوارئ بغرض الحفاظ على رصيد النقد الأجنبى وتوفير الموارد للمجهود الحربى وتسليح الجيش خلال تلك الفترة. فبعد هزيمة 1967، اتخذت بعض الإجراءات من أجل بناء الجيش المصرى وتوفير الموارد المالية لتسليح الجيش والاستعداد للحرب التالية، كان أهمها ما يأتى:
• إعادة النظر فى خطة الاستيراد والتصدير بسبب تفاقم العجز فى الميزان التجارى. • الاعتماد على المنتج المحلى. • تأجيل تنفيذ المشروعات الطويلة الأجل. • تخفيض الإنفاق الحكومى ومعالجة الجهاز الإدارى للدولة. • تقليص عدد الوزارات.
بعبارة أخرى، تضافرت على الاقتصاد المصرى منذ عام 1965 مجموعة من العوامل الخارجية التى أنتجت أداء اقتصاديا ضعيفا. فبـدءا مـن عـام 1966 لم تنفذ خطط الاستثمار، ولـم تـتحقق زيـادات فـى دخول الأفراد بسبب أعباء حرب 1967 واسـتمرار أعـباء التسـليح بعـدها، فضلا عن تفاقم الضغط السكانى الذى تآكلـت معه ثمار التنمية، وزيادة الاستهلاك الخاص والعام، بالإضافة إلى تزايد الاتجاه نحو خفـض تكالـيف المعيشـة، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم، واختلال ميـزان المدفـوعات، ومـا اسـتتبعه مـن زيـادة فـى المديونية، خاصة الديون القصـيرة الأجل مع قصور موارد الدولة من العملات الأجنبية بسبب إغلاق قناة السـويس، وتوقـف الموارد السياحية، واستيلاء العدو على حقول البترول فى سيناء. (2) خـلال هـذه المـرحلة، حاولـت الدولـة التوفـيق بـين اقتصـاد التنمـية واقتصـاد الحـرب، إذ إن الدولـة لم تقطع التزاماتها تجاه الأفراد ممثلة فى التعيين المضمون للخريجين واستمرار دعم السلع التموينية. من ناحية أخـرى، حاولـت الدولـة بـناء قـدرات الجيش من خلال الإنفاق على التسليح. نتـيجة لأعباء ومشكلات ميـزان المدفـوعات وقصـور الموارد من النقد الأجنبى، فضلا عن تصاعد المديونية، اضطرت الدولة إلى التخلى عن الخطة الخمسية الثانـية 64/1965 - 69/1970 التـى كانـت تسـتهدف بـناء الصـناعات الثقيلة واستكمال ما تم خلال الخطة الخمسية الأولى، واستبدلت بها خطة ثلاثـية، ثم خططا سنوية لتسريع وتيرة الإنجاز.نتيجةً لذلك، تراجع معدل النمو فى الناتج المحلى خلال الفترة من 1966 إلى 1971 ليصبح الإجمالى المحلى نحو 2٫9%.(3) هكذا، مر الاقتصاد القومى بفترة ركود تصل إلى ثمانى أو تسع سنوات ما بين 64/1965 و1973، استنادا إلى ذلك الانخفاض الكبير فى معدل نمـو الدخل القومى (أقل من 3٪ خلال هذه الفترة) الذى لم يكن يتجاوز كثيرا معدل النمو السكانى. وفـى عام 66/1967، لم يزد الدخل القومى على الإطلاق، الأكثر من ذلك أن الدخل القومى تناقص فى السنة المالية التالية 67/1968 بنسبة 2%. وخـلال السـنوات الخمـس التالـية للخطـة الخمسـية الأولـى، انخفضـت نسبة الـزيادة فـى الـناتج المحلـى الإجمالـى لتصل إلى 17٪ بعد أن كانت 37٪ خـلال سـنوات الخطـة الخمسـية الأولـى.كان السبب فى هذا التدهور فى مسـتوى الـناتج هـو تدهور حجم الاستثمار، حيث هبطت نسبته من 18% فـى أواخـر سنوات الخطة الخمسية الأولى إلى 12٪ عام 1972، كما هبطت نسبة الادخار من 14٪ إلى 8٪ خلال الفترة نفسها. ومـع انـتهاء حقبة الستينيات، كانت سياسة الإحلال محل الواردات قد تجـاوزت إمكانـياتها ولـم يـنجم عـنها سوى إحلال نوع معـين مـن الـواردات محـل نوع آخـر، ورغم ذلك لم تخفف العبء على ميزان المدفوعات، بل زادته.(4) رأى بعض الخبراء الاقتصاديين أنه من غير المتصور أن يكون بمقدور أى سياسة اقتصادية إنقاذ الاقتصاد المصرى من الانحدار ثم الركود طوال السنوات العشر من عام (65إلى1975). يمكن القول إن استخدام تعبير «النكسة» لوصف ما حدث للاقتصاد المصرى لم يكن فى الواقع بعيدا عن الحقيقة، فقد كان يحمل بالفعل إمكانيات الدخول فيما سمى وقتها «مرحلة الانطلاق»، ثم تراجعت الآمال فجأة ودخل الاقتصاد المصرى بدلاً من ذلك فى مرحلة من الركود الطويل.
ثانيًا- محاولات الصمود بعد التأثيرات المتفاقمة للنكسة:
كانت الدول العربية المصدر الأساسى للمعونات المقدمة إلى مصر، خلال السنوات التالية لحرب 1967، حيث حصلت القاهرة بناء على اتفاقية الخرطوم الموقعة عام 1968، من المملكة العربية السعودية والكويت وليبيا على منح قُدرت فى المتوسط بنحو 286 مليون دولار فى السنة، وهو مبلغ لا يمكن الاستهانة به، إذ كان يساوى تقريبا المتوسط السنوى لمعونات الكتلتين الغربية والشرقية معاً فى سنوات ما قبل عام 1968. يعنى ذلك أننا إذا رأينا أن المعونات العربية قد أتت لتعويض النقص فى المعونات الخارجية، فإنه كان لا يزال على مصر أن تواجه بعد عام 1967 كل الآثار الاقتصادية المترتبة على إغلاق قناة السويس، وفقدان بترول سيناء، ونقص إيرادات السياحة، ونفقات توطين المهجَّرين من منطقة القناة، فضلاً عن الإنفاق العسكرى الجديد، بالإضافة إلى ما كان يجب على مصر دفعه لخدمة الديون التى حل موعد استحقاقها فى السنوات التالية لحرب 67. فقد بلغت قيمة أقساط الديون المستحقة الدفع خلال الفترة من عام 67 إلى1972 نحو 240 مليون دولار فى السنة فى المتوسط، وهو ما كان يلتهم وحده الجزء الأكبر من كل ما تلقته مصر من مساعدات وقروض وتسهيلات خارجية خلال هذه الفترة. فكأن مصر فى السنوات اللاحقة على حرب 1967 كان عليها، ليس فقط مواجهة ظروف اقتصادية وسياسية جديدة غاية فى القسوة، بل كان عليها أيضا أن تتحمل جزءا كبيرا من أعباء التنمية السريعة السابقة على 1967.(5) من أسوأ سمات هذه الفترة أيضا، توقف الاتجاه إلى تصحيح هيكل الاقتصاد المصرى توقفا تاما. فبعد النجاح الكبير الذى تحقق خلال سنوات الخطة الأولى فى إحداث تغيير جذرى فى هيكل الجهاز الإنتاجى لمصلحة الصناعة والكهرباء، فقد ظل نصيبهما فى الناتج القومى الإجمالى ثابتا طوال الفترة من عام 65 إلى 1972 بسبب الانخفاض الشديد فى معدل الاستثمار. بل أصابت النكسة أيضاً نمط توزيع الدخل فتوقفت الحركة نحو تصحيح توزيع الدخل لمصلحة فئات الدخل الدنيا توقفاً شبه تام بسبب تراخى معدلات التصنيع والتشغيل من ناحية، والقيود السياسية التى فرضتها الهزيمة على حركة عبد الناصر فى هذا الاتجاه من ناحية أخرى. من المؤشرات الدالة ذلك عودة نصيب الأجور الزراعية فى إجمالى الدخل الزراعى إلى الانخفاض من 32% إلى 25% فيما بين 1965 و1972، وانخفاض نصيب الأجور الصناعية فى الدخل الصناعى من 33% إلى 31% خلال الفترة نفسها، بعد زيادة كل منهما زيادة طفيفة فى السنوات الخمس الأولى من الستينيات. هذه التضحيات بالتنمية لم تمنع تدهور ميزان المدفوعات، فقد كان النقص فى إيرادات مصر من قناة السويس والسياحة، والانخفاض الشديد فى معونات الدول والمؤسسات الغربية، والزيادة الكبيرة فى الإنفاق العسكرى، وفى أقساط تسديد الديون، أكبر من أن تستطيع تعويضه الزيادة الطفيفة فى معونات الكتلة الشرقية، ومنح الدول العربية، وتخفيض الاستثمار. فقد ارتفع المستوى السنوى لعجز ميزان العمليات الجارية بنسبة 86% (من 202 مليونا دولار عام 59 إلى 1966 إلى 375 مليونا عام 67 إلى 1972)، وزاد المدفوع تسديدا لأقساط الديون الطويلة والمتوسطة الأجل من 56 مليون دولار إلى 250 مليوناً فى السنة، ومن ثم كان على نصر أن تجد مصادر لتمويل عجز إجمالى فى النقد الأجنبى قدره 625 مليون دولار فى السنة. اعتمدت مصر فى تغطية هذا العجز، على المنح المقدمة من بعض الدول العربية، طبقا لاتفاقية الخرطوم (286 مليون دولار)، ثم قروض الكتلة السوفيتية (140 مليونا)، وتمت تغطية الباقى بالسحب من احتياطى العملات الأجنبية (30 مليونا) وبتسهيلات الموردين من الدول الغربية (133 مليونا)، وبالاقتراض القصير الأجل من البنوك التجارية (37 مليونا).(6)
ثالثًا- ملامح التغير فى النظام الاقتصادى المصرى بعد انتصار أكتوبر 1973:
كان للتضامن العربى الاقتصادى خلال حرب أكتوبر تأثيرا فعال فى اكتشاف القدرات العربية وتأثيرها فى الأحداث الإقليمية وتغيير بعض المفاهيم الاقتصادية العالمية. بالإضافة إلى النتائج السياسية للانتصار العظيم فى حرب السادس من أكتوبر، فقد كانت له أيضا انعكاسات اقتصادية كبيرة أظهرت روح التحدى لدى الشعب والحكومة المصرية.ففى البداية، كان تحول مصر اقتصاديا نحو المسار الليبرالى عام 1974، وجاءت «ورقة أكتوبر» لرسم إطار نظرى لهذا التحول من خلال محورين، أكد الأول ضرورة تنقية التجربة المصرية من السلبيات التى أعاقت حركتها. فيما طالب والمحور الآخر بضرورة المواءمة بين حركة العمل الوطنى فى المجال الاقتصادى والظروف الجديدة التى يعيشها العالم. وبعـد الإعـلان الرسـمى عـن سياسـة الانفتاح الاقتصادى عام 1973، أعـدت وزارة الاقتصـاد مذكـرة إيضـاحية فـى 19 مايـو 1974، لبـيان ماهية السياسة الجديدة، ولتأصيل خطة الانفتاح الاقتصادى فى تغيير توجهات الاقتصاد المصرى. فقد صدر القانون الشهير رقم 43 لسنة 1974 الخاص باستثمار رأس المال العربى والأجنبى والمناطق الحرة، ثم توالت بعد ذلك القوانين والتعديلات على جميع الجبهات لكى تتوافق مع سياسة «الانفتاح الاقتصادى». اسـتهدف هذا القانـون توفيـر الضـمانات والحوافـز ومـنح الامتـيازات وتهيئة المناخ الملائم لجذب رءوس الأموال العربية والأجنبية للاستثمار فى مصر، مع إطلاق حرية القطاع الخاص فى ممارسة نشاطه. وقـد حدد القانون 43 لعام 1974 مجالات الاستثمار العربى والأجنبى فـى التصـنيع، والـتعدين، والطاقـة، والسـياحة، والـنقل، واستصـلاح واسـتزراع الأراضــى، وتنمــية الإنــتاج الحيوانــى، والثــروة المائــية، والإســكان والتعميــر، والمقـاولات، وبـيوت الخبـرة، وشـركات الاسـتثمار، وبـنوك الاسـتثمار، وبـنوك الأعمال ، والبـنوك الـتجارية المشـتركة. كمـا قرر القانون منح أولوية خاصة للمشـروعات التـى تهـدف إلى التصدير أو تنشيط السياحة أو التى تؤدى إلى تخفـيض الـواردات مـن السـلع الأساسـية والمشـروعات التـى تحـتاج إلـى تكنولوجـيا مـتقدمة. تـزامن تطبـيق القانـون الجديد بالعودة إلى نظام الاسـتيراد بـدون تحـويل عملـة، مـع تطويـر السـوق الموازية للنقد الأجنبى. فـنظام الاسـتيراد بـدون تحـويل عملة طبِّّق لفترة من الزمن عام 1968، ثم أعيد العمل به عام 1974، وبموجبه يستطيع المصدرون بيع حصيلة صادراتهم بالأسعار التشجيعية أو الاحتفاظ بها فى حساب خاص لتستخدم بعد ذلك فى تمويل الاستيراد من السلع التى يصدر بها قرار من الوزير المختص. أمـا بالنسبة للسوق الموازية، فقد أنشئت بموجب القرار الجمهورى رقم 137 لسـنة 1974، ولكـن السـلع المسـموح باستيرادها فى إطار السوق الموازية حُددت فى القرار الوزارى رقم 64 و286 لعام 1974.(7) كان عام 1976 حاسمًا فى تاريخ سياسة الانفتاح الاقتصادى، حيث عكست المؤشرات الاقتصادية تفاقم عجز ميزان المدفوعات، وتراكم الديون، لا سيما المصرفية، وانخفاض معدل الاستثمار المباشر. وفيما كانت مصر تتورط أكثر فأكثر فى الديون، لم تبدِ القوى الخارجية التى شجعت القاهرة على السير فى هذا الطريق أى استعدادات لوضع حد لتفاقم مشكلات الاقتصاد المصري. فالولايات المتحدة ودول الخليج والهيئات المالية الدولية اشترطت إعادة هيكلة الاقتصاد المصرى، وفق شروط صندوق النقد الدولي كشرط للحصول على المساعدات المالية. المشكلة الأعمق فى هذا الصدد هى أن الشروط التى وضعها صندوق النقد كانت قائمة على نموذج مفرد للتنمية، لا يأخذ فى حسبانه التنوع الكبير فى المؤسسات والبنى وتوجهات السياسات فى الدول النامية. كما ينطوى هذا النموذج على مجموعة من الأحكام القيمية المنحازة للتنمية القائمة على توجهات السوق، والمناهضة لتدخل الحكومة فى الاقتصاد.(8) فى هذا الصدد، قامت الحكومة المصرية بالتحالف الاستراتيجى مع الولايات المتحدة الأمريكية والاندماج فى الاقتصاد الرأسمالى والسوق العالمية. تجلت مظاهر ذلك فى افتتاح فروع البنوك الأجنبية الدولية فى مصر. فى الوقت نفسه، أقدمت هذه البنوك على منح التسهيلات المصرفية وتسهيلات الموردين. ونتيجة لأزمات السيولة النقدية فى عامى 1976 و1977، تم التعاون مع الصندوق بوضع برنامج للإصلاح الاقتصادى وهو أول برنامج بالاتفاق مع صندوق النقد الدولى يستهدف استكمال معالم النمط الرأسمالى الليبرالى الذى بدأته سياسة «الانفتاح الاقتصادى». ونتيجة للمشكلات الاقتصادية المتتالية، انتهجت مصر سياسة الإصلاح الاقتصادى بداية من عام 1991، وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولى من خلال الخطط الخمسية فى عقد التسعينيات وتحقق الاستقرار الاقتصادى النسبى خلال هذه الفترة.(9) بعبارة أخرى، يمكن القول إن الانفتاح الاقتصادى أدى إلى نمو خدمى بالدرجة الأولى، لم تكن الأولوية فيه للقطاعات السلعية كالزراعة والصناعة، وإنما للقطاعات غير السلعية كالتجارة والإسكان الفاخر والنقل الخاص وما إلى ذلك. ففيما ارتفعت معدلات النمو فى القطاعات الخدمية من 12٪ إلى 14٪، لم يزد معدل نمو الزراعة على 2٪ على أكثر تقدير، ولم يتعد معدل النمو فى قطاع الصناعة والتعدين 6٪، طبقا للإحصاءات الرسمية. ولم يستند هذا النمو إلى عناصر القوة الذاتية للاقتصاد المصرى بقدر ما يستند إلى حسابات طبيعية كالطفرة فى استخراج البترول وتصديره، أو حسابات خارجية، مثل حركة الملاحة العالمية وتأثيرها فى إيرادات قناة السويس أو الأوضاع الخاصة بدول الخليج وتأثيرها فى استيراد العمالة المصرية، أو تدفق الاستثمارات الخارجية.الأخطر من ذلك القروض والمعونات الخارجية، وهو نمو لا يستمر لأمد طويل، فضلا عن أنه نمو «مرهون» بالأجانب، فهو مثقل من البداية بعبء دين خارجى ضخم اتجه للتزايد خلال سنوات الانفتاح.(10)
ختامـــًا:
يمكن إيجاز ملامح التغيرات التى مرت بها مصر خلال فترة اقتصاد الحرب فى نمو الاقتصاد المصرى بسرعة معقولة فى أوائل الستينيات، لكنها توقفت خلال الفترة من عام 1967 إلى 1974، ففى هذا العام، بدأ تطبيق سياسة التحرير الاقتصادى التى عُرفت بسياسة الانفتاح، وإصدار القانون 43 لسنة 1974 الذى كان يهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبى الخاص. إلا أن هذه الإصلاحات كانت متواضعة وغير كافية، ولم تسهم سوى بالقليل فى تغيير التوجه الأساسى لسياسة التصنيع الحكومى، وقد نما الاقتصاد المصرى بشكل ملحوظ فيما بين عام 1974 و1981 نتيجة الزيادة الهائلة فى الإيرادات بالعملة الأجنبية؛ التى تعزى إلى ارتفاع الدخل من البترول وإيرادات قناة السويس والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج. غير أن هذا النمو والرواج الذى حدث سرعان ما بدأ يتراجع فى بداية الثمانينيات، وبدأ الاقتصاد مرة أخرى فترة طويلة من الركود. (11)
-