هل لنا أن نلقى نظرة أكثر شمولية قليلا لندرك كشعب ماذا يُخطط لنا من جانب الغرب!
ولماذا توجد مصر دائما على مائدة اللئام (الإعلام الغربى)؟
لا يمر يوما دون أن تجد مقالا بالإعلام الغربى عن مصر! سواء كان ضربا فى الاقتصاد أو فى الأجهزة أو فى الجيش أو فى الرئيس أو غيرها!
ومع اقتراب الانتخابات المصرية، فقد بدأ الغرب فى تجهيز الأرضية المناسبة لمحاولة التأثير فى الشعب المصرى باستغلال الأحوال الاقتصادية وموجة التضخم التى ضربت مصر والعالم بعد الحرب الأوكرانية مع رفع الفيدرالى الأمريكى نسبة الفائدة مرات متتالية!
فما المخطط والمطلوب ولماذا؟
بعد النهضة الإنمائية التى شهدتها مصر منذ بداية حكم الرئيس السيسى وقيادته لسفينة الوطن خلال العديد من الأزمات التى مرت بالبلاد بسلاسة دون أدنى تضاربات أو مواجهات عنيفة وما رآه الغرب من احترافية التعامل مع القوى الدولية المختلفة واستعادة مكانة مصر عالميا وإقليميا، وشعور الغرب بمدى خطورة استمرار هذا الاستقرار فى السلطة والقلق مما يمكن لمصر تحقيقه خلال العقد القادم إذا استمرت الظروف على المنوال ذاته على الرغم من المحاولات العديدة لوضع العراقيل فى طريقها.
يضاف إلى ما سبق تصريح الرئيس السيسى بأن الدولار سيصبح تاريخا كما حدث مع الإرهاب، وكذا تحركات مصر فى الآونة الأخيرة للانضمام إلى مجموعة البريكس بعد الانضمام إلى بنك التنمية الجديد الخاص بالمجموعة واتفاقات التبادل التجارى بالعملة المحلية والتخارج من اتفاقية الحبوب..إلخ.
ماذا فعل الغرب؟
سؤال تجد الإجابة عنه فى مقال صدر منتصف يونيو الماضى عن مجلة الإيكونومست اللندنية بعنوان "المصريون مستاءون من الرئيس عبد الفتاح السيسى"، ادَّعت فيه أنه على الرغم من هذا الاستياء فالمصريون خائفون مما يمكن أن يحدث حال قيام ثورة جديدة! هذا إلى جانب حدوث قلاقل بالجيش المصرى وغيرها من الادعاءات الباطلة، لدرجة قادت هيئة الاستعلامات لاستدعاء مراسل المجلة فى مصر وتنبيهه لاحتواء المقال على مغالطات كثيرة!
ومع كل ما أراد المقال نشره من مغالطات، فإن المقال لم يستطع تجاهل حركة التعمير والإنماء؛ فقد ذكر أن الرئيس السيسى
قد نفذ كل ما وعد به وأكثر، حين أعلن ذات مرة أنه سيخلق "جمهورية جديدة": فقد قام بإنشاء قناة السويس الثانية الموازية للقناة الأولى، بالإضافة إلى عشرين مدينة جديدة، وسكك حديدية بكل ربوع مصر بتكلفة 23 مليار دولار، ومئات الجسور والكبارى وعاصمة جديدة لامعة على مشارف القاهرة بتكلفة 58 مليار دولار يوجد بها أطول مبنى فى إفريقيا الذى قد أوشك على الانتهاء إلا أنه يعيد سيناريو الخديوى إسماعيل حين أراد تحديث مصر ما أدى إلى تراكم الديون ومصاريف خدمة الديون التى تستهلك جزء كبير من الميزانية مع تضخم فى أسعار الغذاء!
إلى هنا تنتهى كلمات المقال، إلا أنهم نسوا أو تناسوا أن يذكروا أن هذه الديون التى قد تستهلك جزءا من الميزانية بمتوسط 16 مليار دولار للسنوات الأربع المقبلة حتى 2027 تمثل ديونا ورثها السيسى عن حقب سابقة، ولكنها التزامات يجب على الدولة المصرية الوفاء بها، فيما تنخفض التزامات القروض بعد 2027 إلى متوسط 2 مليار دولار فقط هذا مع دخل قومى إجمالى نما إلى ما يناهز 480 مليار دولار لسنة 2022، ويتوقع نموه إلى ما يفوق 500 مليار سنة 2023.
يعنى هذا أنه بعد عام 2027 سنكون مطالبين بسداد ما قيمته 4 بالألف من إجمالى الدخل القومى فما أيسرها حينئذ لدرجة قد تنسيك كلمة ديون أو مديونية!
لذا، فلا تجعل للمغرضين عليك من سلطان، فقليل من التحرى والتمحيص سيأتيك بالخبر اليقين الذى تستطيع بناء عليه الرد على كل من يحاول أن يضلك إلى طريق اللا عودة.
لقد كانت هذه المقالة بمنزلة الشرارة التى أطلقتها المجلة البريطانية ليحذو حذوها التابعون لتجعل من الكذبة حقيقة بكثرة ترديدها.
ولك أن تعلم أن الغرب يريد الإبقاء على مصر الضعيفة فلا نهضة وتنمية حقيقية، فقد رأوا على مدى التاريخ ما يجرى من سيطرة ونفوذ مصر حال تعملقها، ولنتذكر مؤتمر لندن فى الخامس عشر من يوليو سنة 1840 لتحجيم محمد على وتقليص نفوذه فيما كان على عتبة الأستانة؛حيث أراد خلق دولة كبرى تشمل مصر والسودان والشام ليس فقط لتنافس الدولة العثمانية، بل كان يأمل أن يضم إليها لاحقا الدولة العثمانية ذاتها، وسميت فى ذلك الوقت باتفاقية "إعادة السلام إلى بلاد الشام"، وكان الغرض الرئيسى منها منع محمد على من الاستيلاء على بلاد تسيطر عليها الدولة العثمانية.
وكما يقال فالتاريخ يعيد نفسه، واليوم فى الذكرى السنوية ذاتها للاتفاقية المشار إليها، نواجه ظروفا مشابهة فيما اختلفت الآليات!
فالآليات الجديدة تتمثل فى الإعلام، لذا وجدنا خلال الأيام القليلة الماضية ثلاثة مقالات تردد بشكل أو بآخر مقال الإيكونومست، منها مقال لجريدة إسرائيلية، وآخر لجريدة روسية، وثالث لجريدة يونانية!
وعلى الرغم من تحفظ الجريدتين الروسية واليونانية، فقد أفردت وأسهبت الجريدة الإسرائيلية ولا يخفى السبب!
أضف إلى هذا كم الترشيحات الهزلية التى يطالعوننا بها بين الفينة والأخرى لأسماء تذكرنا بانتخابات رئاسة 2012 حين ترشح ثلاثة عشر مرشحا للرئاسة!
قرأت فى الآونة الأخيرة عن أسماء أعرف اثنين منهم من كثب لا يمكن تخيلهما فى مثل هذا الموقع بأى حال من الأحوال.
وأما الباقون فليس منهم من شخص يمكنك أن تتوسم الخير فيه!
إلا أنه وبعيدا عن عدم الصلاحية فلدينا مشروعات مخططة اكتمل بعضها ولا يزال العمل جاريا بغيرها يجب أن تنتهى فى مواعيد محددة؛ حيث يترتب عليها العمل فى غيرها فى متتابعة لا تزال طويلة تحتاج إلى نفس طويل، وتحتاج شخص الرئيس الذى بدأها.لذا، يعمل الغرب بكل ما لديه من أدوات الفتنة على خلق جو من الريبة قبل الانتخابات الرئاسية، مع طرح ترشيح أعداد كبيرة من أسماء نعلم جميعنا عدم صلاحيتها لمجرد تفتيت أصوات الناخبين المصريين، مع خلق جو من الإبهام والغموض والتشكيك لعلهم يستطيعون تطبيق النظرية الأبدية "فرق تسد".
لذلك، علينا أن نحذر كشعب مثل تلك الحملات وألا ننساق وراءها!
فاليوم يحتاج إلى تماسك الجبهة الداخلية، والعمل على قلب رجل واحد حتى لا نمهد الطريق للمتربصين بمصر للوصول إلى غاياتهم عن طريقنا.
وليس ما أطلقوا عليه "الربيع العربى" عنا ببعيد!
حفظ الله الوطن..