في الخمسينيات من القرن الماضي، وبالتحديد عام 1956، استشرف عالم الجيولوجيا الأمريكي المعروف ماريون كينج هوبرت مستقبل النفط في العالم من منظوره الخاص، ومن خلال نظرية ذروة الإنتاج التي تسمى نظرية قمة هوبرت، استنتج بأن إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية سيبلغ ذروته بحلول عام 1965، وكحد أقصى عام 1970، ولكن هذا لم يحدث على أرض الواقع بأي شكل من الأشكال، حيث كان العقد الأخير استثنائيًا في صناعة النفط الأمريكية، بل وارتفع إنتاجها بما تقرب من 144%.
مما لا شك فيه أن العالم كان وما زال وسيبقى متعطشًا طوال دورة الحياة المستمرة لجميع أنواع ومصادر الطاقة دون استثناء، فالعالم ينمو في شتى المجالات بشكل ملحوظ وسريع، والنمو السكاني والصناعي في الدول الناشئة خير شاهد على ذلك.وبصفة عامة، فإن أي نمو سكاني واستهلاكي يقابله نمو واضح وسريع في الطلب على الطاقة التي لها تطبيقات واستخدامات كثيرة جدًا، ولذلك فإن موضوع أمن الطاقة العالمي وموثوقية الإمدادات ليست قضية هامشية، بل قضية جوهرية وحيوية وترتقي لتصبح قضية وجودية.
إن إشكالية أمن الطاقة في العلاقات الدولية بين طاقة المحروقات والطاقات البديلة كثيراً ما تطفو على الصعيد العالمي، لكن الحرب الروسية-الأوكرانية دقت ناقوس الخطر لهذه الإشكالية بدون سابق إنذار. فتحولت مشكلة ارتفاع أسعار الطاقة ونضوبها إلى أزمة تتطلب تدخلاً سريعاً من الاتحاد الأوروبي، وتزايد الطلب على الطاقة مع نقص الاستثمار في قطاع الطاقة الأحفورية في دول القارة الأوروبيةبالإضافة إلى أن التغيرات المناخية أدت إلى تراجع مخزون الاتحاد الأوروبي من الطاقة التقليدية، فالدول الأوروبية لديها عدد هائل من البنى التحتية باهظة الثمن المرتبطة بإمدادات الطاقة الخارجية، فلا هذه الدول يمكنها ببساطة إنشاء بنى جديدة كاستراتيجية للتنويع في مجال الطاقة، ولا يوجد بدائل متاحة للتعويض فى الوقت الراهن.
ولعل وجود أزمة طاقة في بلد ما أو إقليم ما يعني أنه بدأ يعاني تراجعاً في إمدادات الطاقة أو زيادة في الأسعار بما يهدد الاقتصاد والأمن القومي لتلك الدولة أو الإقليم. من هنا، عاد الحديث عن أمن الطاقة بقوة ليتصدر المشهد، ولم يعد من الممكن تجاهل مفهوم ومبدأ أمن الطاقة.
ظهور مفهوم أمن الطاقة:
في عام 1911، دار نقاش طويل بين رجال البحرية الملكية البريطانية عن نوعية الوقود اللازمة لسفن الأسطول، وكان الفحم هو الوقود الأساسي للبحرية لوفرته بكثرة. بينما كان النفط من المصادر الشحيحة في ذلك الوقت وليست قريبة إلى قواعد الأسطول الإنجليزي، لذا تركزت كل الآراء على الإبقاء على الفحم وعدم الاعتماد على مصادر أخرى. إلا أن السير ونستون تشرشل الذي كان يشغل قائد الأدميرالية وقتها كان له رأى مختلف عن الجميع، فهو ينظر لسيادة وتفوق الأسطول الإنجليزي وقوة بريطانيا ولضمان تحقيق ذلك كان من الضروري التحول نحو النفط.
قوبل قرار تشرشل بالتهكم وزادت حدة الانتقادات ووصف بالقائد المتهور، وذلك لأن إيران كانت المصدر الوحيد لتزويد بريطانيا بالنفط في ذلك الوقت. ووقف تشرشل أمام البرلمان البريطاني مدافعًا عن قراره قائلًا لا يجب الاعتماد على نوع واحد، ولا على طريق واحد وعلى بلد واحد لتأمين إمداداتنا، وأن التنوع في مصادر الطاقة هو الضمان الوحيد لوصول النفط إلينا.وشكل خطاب تشرشل مبدأ أساسيًا في وضع استراتيجيات أمن الطاقة ولا يزال متبعًا حتى الآن في فنون الاقتصاد والسياسة، وبعد سلسلة طويلة ومتصلة من الاضطرابات والأزمات العالمية والسياسية والانقطاعات في سلاسل الإمداد والأزمة الروسية-الأوكرانية والتلويح بسلاح النفط والعقوبات.
وتعرف وكالة الطاقة العالمية مصطلح أمن الطاقة على أنه توافر مصادر الطاقة دون انقطاع وبأسعار يمكن تحملها. ولأمن الطاقة أسس وأوجه مختلفة فمن الممكن أن يكون طويل أو قصير الأجل أو يكون على المستوى الدولي أو المحلي. عادةٍ يتسبب أي نسب نقص أو انقطاع في عمليات إمدادات الطاقة لمدة قصيرة في إحداث تقلبات قوية في أسعار الطاقة مما يتسبب في هزات عنيفة في عمليات العرض والطلب. وفى حالة استمرار تلك الحالة من ضعف الإمدادات لمدد طويلة تنعكس آثاره على معدلات النمو بالسلب، وللتغلب على قضية انقطاع أو نقص الإمدادات قصيرة الأجل يجب ضرورة بناء الخزانات الاستراتيجية في الدول المستهلكة والمنتجة أيضًا والسحب منها وقت الأزمات.والوجه الآخر لأمن الطاقة هو طويل الأجل بهدف تأمين مصادر الطاقة بمعدلات كافية من أجل تلبية الطلب المستقبلي، خاصة وقت الأزمات.
يُعد مفهوم أمن الطاقة في معناه التقليدي هو (أمن المعروض)، وذلك من خلال التركيز على سبل توفير الإنتاج الكافي من مصادر الإنتاج وبأسعار مناسبة في متناول الجميع. وأمن الطاقة لأي دولة يتحقق حال توافر لديها مورد مستدام للطاقة وبأسعار مناسبة، ولهذا السبب كان للدول الكبرى تدخلات عسكرية وسياسية في الدول المنتجة للطاقة لتحقيق هذه المطالب.وبالتالي يركز مفهوم أمن الطاقة على أمن المعروض من الطاقة، لأن انخفاض بند العرض في الأسواق الدولية سيؤدي بالضرورة إلى زيادة ملحوظة في أسعار الموارد المختلفة من الطاقة، مثل البترول والغاز، وبالتالي سينعكس على الأمن القومي الاقتصادي للدولة المستهلكة.
والمفهوم التقليدي لمصطلح أمن المعروض يثير الكثير من التساؤلات حول كيفية إيجاد آليات واضحة لسعر ملائم. ومن يحدد ويتحكم في هذا السعر، وكيفية الوصول إلى سعر ملائم يلبي رغبة كل من الدول المنتجة والدولة المستهلكة. فالسعر المناسب لدولة مستهلكة قد لا يناسب الدول المنتجة التي تطمح دائمًا إلى زيادة الأسعار، خاصة لو أن الدول المنتجة بالفعل هي الدول النامية التي عادة تكون معتمدة بشكل رئيسي على عائدات تصدير تلك الموارد في أمنها القومي الاقتصادي. في حين ترغب الدول المستهلكة في سعر منخفض، وذلك لأن السعر المرتفع يثقل أعبائها الاقتصادية، فالسعر المنخفض أو المرتفع لموارد الطاقة يشكلا عاملًا مهمًا لأمن الطاقة.
بنظرة عامة، فإن حالات ارتفاع أسعار الموارد المختلفة من الطاقة على المدى الطويل لا يصب دائمًا في مصلحة الدول المنتجة، لما له من آثار سلبية على التكامل التجاري الدولي، خاصة فإن ارتفاع أسعار الموارد سوف يؤدي بالتبعية إلى ارتفاع تكاليف تصنيع السلع القابلة للتبادل التجاري الدولي، مما يؤثر فى الدول المنتجة لموارد الطاقة المختلفة التي تستورد تلك السلع من الأسواق العالمية. وهذا ما حدث في عام 2008 والأزمة المالية العالمية في الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد العالمي، وكشف عن تلك العلاقة التأثيرية التبادلية بين الدول المستهلكة والدول المنتجة.
اختلاف مفهوم وتعريف أمن الطاقة:
تتمحور كل مفاهيم أمن الطاقة حول لاعبين أساسيين هما مستهلكي ومنتجي الطاقة، مستهلكي الطاقة من جميع الدول الصناعية الكبرى تدور حول أولوياتها لتجنب نقص أو انقطاع إمدادات الطاقة، بالإضافة إلى ضرورة تنويع مصادرها، والعمل على تأمين البنية التحتية للدول المنتجة للمساعدة في توصيل الطاقة إلى الأسواق العالمية. في حين يرى منتجو الطاقة بمصادرها المختلفة أن أمن الطاقة يكون من خلال الوصول إلى أسعار ملائمة للجميع في أسواق الطاقة العالمية، مع وجود أسواق مستهلكة، وتطوير البنى التحتية للمنشأة النفطية.
مفهوم الاتحاد الأوروبي:
حددت المفوضية الأوروبية أربع دعائم رئيسية يستند إليها أمن الطاقة الأوروبي، هي:
· العمل على التنويع في مصادر الطاقة، وهو الأمر الذي من شأنه التقليل من التبعية لمورد أو لدولة معينة.
· إدارة بند الطلب عن طريق طرح مفاهيم مختلفة تتعلق بمبدأ كفاءة استخدام الطاقة بهدف خفض استهلاك الطاقة قدر الإمكان.
· إدارة قوية والتحكم بالعرض الخارجي عن طريق الدخول في شراكات قوية مع الدول الرئيسة التي يعتمد عليها الاتحاد الأوروبي في تأمين متطلباته من النفط والغاز.
· العمل على تجنب الأزمات في سوق الطاقة عن طريق قناعة، مفادها أن تحقيق أمن العرض يتطلب بالضرورة بأن تكون الأسواق منتظمة بصورة قوية مما لا يسمح بحدوث أزمات.
المفهوم الأمريكي لأمن الطاقة:
يتمثل المفهوم العام لأمن الطاقة الأمريكي في العمل على خفض الاعتماد على موارد الطاقة التي يتم استيرادها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك عن طريق عمليات الترويج لأنواع مختلفة من الوقود المنتج محليًا، مثل الإيثانول، والعمل علي خفض المخاطر والصدمات السعرية عن طريق تنوع الموردين. وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاعتماد على البدائل البيولوجية للطاقة البديلة للوقود الأحفوري أحد أهم مقومات الأمن القومي الأمريكي.
المفهوم الروسي لأمن الطاقة:
يستند مفهوم أمن الطاقة الروسي إلى مبدأ تحقيق أمن الطلب، وأسعار مرتفعة، والتزامات وإمدادات طويلة الأجل بشكل مستدام، والوصول الآمن إلى الأسواق العالمية، خاصة القارة العجوز دون الإعاقة من دول العبور. والعمل على مد أنابيب الطاقة والغاز إلى قلب الاتحاد الأوروبي، والعمل بقوة على خلق توازن في أسواق الطاقة الروسية لمنع تقييد الدب الروسي بسوق واحدة.
المفهوم الصيني لأمن الطاقة:
يتبلور مفهوم أمن الطاقة الصيني فى ضرورة تأمين واردات الطاقة بالتحرك على المسارين الداخلي والخارجي بهدف تنويع الإمدادات وتحقيق أمن الطاقة.
ومن خلال تحليل تلك المفاهيم السابقة حول أمن الطاقة واختلاف مفهومها من دولة لأخرى، فمن الممكن صياغة تعريف مناسب لمفهوم أمن الطاقة، وهو توافر الكميات المطلوبة في الأسواق العالمية بأسعار مناسبة ومستقرة ومستدامة، مع ضرورة العمل على تنمية مصادر الطاقة المتاحة من خلال التكنولوجيا، ومع البحث عن مصادر جديدة تلبي الحاجة المتزايدة للطاقة، إلى جانب ضرورة ترشيد استخدام الطاقة، مع توافر الضمانات المناسبة للحفاظ على البيئة.
تحديات أمن الطاقة:
بصفة عامة،أمن الطاقة يرتبط بالعديد من التحديات التي لها آثارها الواضحة على استراتيجية أمن الطاقة العالمية والإقليمية، وهو الأمر الذي يدفع بالدول الكبرى إلى تبني سياسات العمل على امتلاك أدوات متنوعة تتفق مع الأوضاع الراهنة على الصعيدين الداخلي والخارجي. ومن أهم تلك التحديات:
· حدوث تغيرات جيوسياسية وأمنية جوهرية في الدول المنتجة للطاقة والنفط.
· التحديات التي من الممكن أن تواجهها شركات النفط العالمية، وهذه التحديات يمكن تلخيصها في ثلاث نقاط رئيسية، والتي من الممكن أن تحد من قوة وفاعلية تلك الشركات، وبالتالي قدرتها على التصدير إلى السوق العالمية، وهي:
- التهديدات الأمنية التي قد يتعرض لها موظفوها ومنشآتها.
- التهديدات التي قد تنتج عن مصالح سياسية، وذلك عن طريق تغير في قوانين عقود الاستثمار.
- الصورة السلبية عند الشعوب بحق الشركات العالمية، والتي توصف بأنها شركات عدوة للشعوب وسارقة لخيراتها.
· حدوث اختلال في توازن عمليتي العرض والطلب في أسواق الطاقة العالمية، بسبب التزايد المستمر في استهلاك موارد الطاقة، خاصة البترول والغاز، بالإضافة إلى النمو السكاني العالمي في دول شرق القارة الآسيوية، مثل دولتي الصين والهند، وبالتالي فإن موارد الطاقة المتاحة بكل مصادرها مازالت غير كافية على تلبية الطلب العالمي المتزايد وبقوة الذي يشهد ارتفاعًا ملحوظًا سنويًا.
· القيود المفروضة على إمدادات الطاقة المختلفة، وتم تصنيفها إلى أربعة أنواع أساسية بحسب تصنيف بول هورسنل، وهي:
- إعاقة الحظر، وهي التي تنشأ من فرض دولة مستهلكة قيود على استيراد من دولة منتجة معينة.
- إعاقة من خلال فرض قيود على الصادرات، وتنشأ عندما ترغب دولة منتجة أو مجموعة من الدول المنتج في فرض قيود على صادراتها لأسباب سياسية أو استراتيجية.
- إعاقة لأسباب قهرية، وتنشأ عندما لا يستطيع المنتج أو المورد تصدير إنتاجه من الطاقة نتيجة لظروف داخلية أو خارجية، مثل الحرب والأوبئة العالمية.
- استهداف المنظمات الإرهابية لمصادر الطاقة وبناها التحتية وإمداداتها الرئيسية.
ووفقًا لكل ما سبق من مفاهيم وتحديات لمبدأ أمن الطاقة، هل أخطأت دول الاتحاد الأوروبي فى كيفية التعامل مع ملف أمن الطاقة:
لم تكن أزمة الطاقة في أوروبا وليدة اللحظة أو حتى بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، وإنما كانت بسبب توجهات صانعي القرار بوضع أمن المناخ على حساب أمن الطاقة. وتعود جذور أزمة الطاقة الأوروبية إلى أكثر من عقود. والحرب الأوكرانية فاقمت هذه الأزمة، ودول القارة الأوروبية وقعت ضحية قرارات قادة الدول فيما يتعلق بأمن الطاقة، لأنه منذ عام 2010 أحدث صُناع القرار الأوروبي تغييرًا جذريًا فى معادلة الطاقة الأوروبية، ونقصد هنا عناصر الطاقة العالمية الأبرز، وهى الغاز الطبيعي والنفط الخام والفحم، وكانت عمليات التسريع نحو التحول الأخضر ومحاولة التحول الي الطاقة المتجددة والنظيفة،وذلك من خلال تقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي والنفط والفحم أو بمعني أدق مكونات الوقود الأحفوري، حيث كان انخفاض الإنتاج الطاقوي فى مخارج الطاقة التقليدية على النحو التالي:
· انخفاض إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة نحو 62%.
· انخفاض إنتاج النفط الخام بنسبة نحو 35%.
· انخفاض إنتاج الفحم بنسبة نحو 43%.
وفى المقابل، ارتفعت مستويات إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة بنسبة نحو 39% وهو ما جعل حصتها تصل إلي نحو 43% من إجمالي إنتاج الطاقة فى القارة الأوروبية (تلك الأرقام تُمثل الفترة بين أعوام 2010 إلى 2021).
من هنا، تتضح المشكلة من حيث متطلبات أو تحديات الطاقة المتجددة، وهي:
· تحتاج إلى استخدام واسع للأراضي.
· الإنتاج يعتمد علي عوامل الطقس والمناخ.
· تحتاج إلى أنظمة تخزين مكلفة على كل المستويات.
وبدلًا من الاعتماد علي مصادر الإنتاج المحلي مثل الغاز الطبيعي، فهي تعتمد على استيراد نحو 58% من الطاقة فيما يصل هذا المعدل إلي أكثر من نحو 80% من الغاز الطبيعي. لذلك، أصبحت دول الاتحاد الأوروبية عرضة للمخاطر وتقص الإمدادات النفطية والغاز الطبيعي، حيث كانت الأزمة الروسية-الأوكرانية أكبر مثال على ذلك، بالإضافة إلى الضغوط الكبيرة من المراكز البيئية لدرجة إحجام بعض الدول الأوروبية عن شراء العقود طويلة الأجل (عقود تأمين الاحتياجات لمدد طويلة وقد تمتد لسنوات) واضطرت من الشراء من السوق الفورية بهدف تأمين احتياجاتها من السوق الفورية.
من هنا، نستطيع استنتاج أن الحرب الروسية-الأوكرانية ليست السبب الوحيد فى أزمة الطاقة الأوروبية، بل القرارات التي تم اتخاذها خلال السنوات الماضية هي المحرك الأساسي لأزمة الطاقة الراهنة وجعل أزمة التغيرات المناخية تسبق أهمية أمن الطاقة وضرورة تنويع مصادرها وتطبيق المفهوم الحقيقي لأمنه العالمي.
خلاصة القول، تتعرض مصادر الطاقة عالميًا لتحديات ومخاطر عدة، مما ينعكس على إمداداتها. لذلك يجب أن يتحد العالم كله من أجل حماية مصادر الطاقة وسلامة إمداداتها عن طريق صياغة اتفاقيات ومواثيق دولية، ووضع آليات وخطوط عريضة لتفعيلها مع الضوابط والعقوبات المناسبة لمخترقيها. ولا بد أن يتحمل الجميع مسؤولية حماية مصادر الطاقة وضمان سلامة نقلها، خاصة أن هناك علاقة واضحة وتكاملية ذات طبيعة تأثيرية بين الأمن القومي وأمن الطاقة.
فأمن الطاقة أصبح مكونا رئيسيا وركنا أساسيا من مكونات الأمن القومي لأي دولة من دول العالم، وأصبحت حماية أمن الطاقة لا تقل أهمية عن حماية أراضيها ضد أي عدوان خارجي، وهو الأمر الذي دفع الدول الكبرى إلى وضع استراتيجيات واضحة لتحقيق أمن الطاقة، وأيضًا دفع العديد من دول العالم إلى الصراع والتنافس من أجل السيطرة على الحصة الكبرى من موارد الطاقة والنفط والتحكم في منابعه والسيطرة على مراكز إمداداته.
ختاما، إن استراتيجيات الطاقة في الدول المستهلكة للنفط، خاصة الكبرى تمتلك رؤية للمستقبل وذلك مقارنة بالدول المنتجة، لاسيما التي تفتقر إلى التخطيط الاستراتيجي فى كيفية إدارة مواردها النفطية، مما يقود إلى أن أبعاد ومحددات أمن الطاقة تصبح ذات تأثير مباشر في بناء سياساتها واستراتيجياتها الدولية.