نعم، نقدر ونثمن عاليًا جهود الدولةالمصريةوحكوماتها منذ قيام ثورة 30 يونيو بتوجيه ودعم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالذهاب المباشر والفعلي لدعم حراك فكري وعلمي وثقافي يحرك الركود الذي استهلك سنوات من عمر بلادنا، وكذلك الاهتمام بمراكز البحوث المتقدمة، وعمل أقسام متخصصة في الجامعات للدراسات التقنية الهامة، والعمل الفعلي لتوطين التكنولوجيا، وتشييد الصروح العلمية والبحثية المعاصرة، والإيمان والوعي بقدر المعرفة والأفكار الحية الديناميكية المتطورة، وتنمية الوعي النقدي، حيث طريقنا الوحيد لمواكبة عصرنا، وامتلاك قوة وسلطة حقيقة تمكننا من تطوير بلادنا، وتأمين مؤسساتها ونظامها، وصنع حاضرها ومستقبلها.
أعتقد أنه لا يصح ولا يفيد أن نقدم في منطقتنا العربية أي اعتذار عن تغييب العقل عبر العديد من حقب وأزمنة الماضي، إلا بالعمل الجاد والحقيقي والفاعل على استدعاء العقل، العقل المبتكر والناقد والمتفاعل مع معطيات الحضارات المعاصرة.
نعم، لقد اكتفينا وبسعادة ونفس راضية ــ للأسف ــ بكتابة العلوم على جدارايات القدماء دون البناء عليها أو إنشاء حضارات جديدة، وفي ظل أجواء عامة غيبنا العقل المبدع عبر حقب التاريخ الحديث، عبر قراءات تفتقر الوعي بتاريخ الإبداع الإنساني وتراث البشر المستنير؛ قراءات خاطئة للنصوص الدينية وتوظيفها لصالح منهاج وأهداف وخطط وأطماع جماعات التديين القسري وسماسرة الاتجار بالأديان، ومن ارتدوا عباءات التدين القشري.
من منا لم يتابع عبر كل وسائط الميديا الحملات المتوالية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية على شركة هواوي الصينية، خوفاً من وصول شركة هواوي إلى تقنية(G5) أو الجيل الخامس من تقنيات الاتصال الخلوي فائق السرعة، التي سوف تغير وجه العالم بأكمله.إنها عزيزي القارئ قوة وسحر ومكانة " المعرفة " في زماننا، حيث المعرفة المتقدمة صارت قوة وسلطة حاكمة تمتلكها الصين، وتمكنهم من التحكم والسيطرة عالميًا.
لفد أسعدني كمواطن متابعة المداخلة الرائعة للرئيس عبد الفتاح السيسي التي أجراها سيادته على هواء برنامج تليفزيوني موجهًا رسالة داعمة إلى الروائي وكاتب السيناريو "عبد الرحيم كمال" الذي قدم مؤخرًا المسلسل التليفزيوني الهام " القاهرة كابول " ومن بعدها قدم " جزيرة غمام" خاصة بعد تشابه سيطرة " طالبان " على أفغانستان مع أحداث مسلسل " القاهرة كابول " الذي عرض في شهر رمضان منذ عامين، قال الرئيس للمؤلف الفذ : " أنت شخصية رائعة تتحدث بشكل يعكس حجم من المعرفة ورقي الفكر والثقافة، وعاوز أقول لك : جهز اللي أنت عايزه وأنا معاك، قضايانا كتير ".
وأردف بقوله: "لفت نظري حديثك عن تجديد الخطاب الروحي وحديثك عن التاريخ، أنت تستهدف قضية وتطرحها على الناس بصرف النظر عن فكرة الربح بالنسبة لك، لكن أنا مش هطلب من المخرجين والمنتجين والكتاب إنهم يطرحوا قضايا قد لا تحقق أرباحًا، لكن دعمي للإبداع موجود ومجهز له كويس، وبطلب منك إنك تعمل عمل تحشد فيه كل المواهب في أسرع وقت ممكن لبناء الوعي الحقيقي ". وكان رد الكاتب على الرئيس عبد الفتاح السيسي: "هذه ثقتنا في حضرتك ورؤيتك، أنا بشكر حضرتك، ودي الرؤية اللي إحنا مستنيينها، وأنا حسيت بالفخر وثقتي في نفسي وبلدي زادت، وأنا مستعد أقدم أي عمل مجانًا، لأنه مكسبي أكبر بكتير من أي أجر آخر، وعندنا مواهب كتير جدًا والله يا فندم".
لقد كان رد فعل المشاهدين للمداخلة بشكل عام ولدى أهل الفن والإبداع بشكل خاص رائعًا، وهم يرون هذا الإحساس العالي والمتدفق المقدر لدور الفنون، وعلاقتها بالهوية، وبالوعي الجمعي، وبالاستنارة، وبالمسئولية الوطنية، وبالأمن القومي، وبمسيرة الإصلاح والتغيير والتطوير.
لقد كانت مداخلة الرئيس مع كاتب رائع بقامة " عبد الرحيم كمال " تعني رسالة فحواها أننا شعب يستحق الأفضل والأروع كبلد صاحب تاريخ حضاري عظيم في كل مجالات الإبداع، كان لدينا نحت ورسم على جدران الكهوف تشي بحالة إبداعية متميزة عن كل حضارات الدنيا، كان لدينا سينما وإنتاج سينمائي منذ أكثر من قرن من الزمان، كان لدينا إنتاج درامي رائع منذ أكثر من نصف قرن. نعم، نحن شعب يستحق المزيد، ورئيس يستحق بما قدم ويقدم من إنجازات وصور إبداعية على أرض الواقع أن تشهد البلاد طفرات في كل مجالات الإبداع في عهده. وإذا كان لنا أن نطلب في هذا الإطار، أن تعود الجهات الحكومية المعنية بالانتاج السينمائي والتليفزيوني لإنتاج كل ما هو مميز، والذي قد يصعب على القطاع الخاص تقديمه في مجال الإبداع الفكري غير التجاري، ولتقديم المزيد من الموهوبين من شبابنا الرائع، وخصوصًا أننا نمتلك بنية أساسية ضخمة ورائعة، ولعل مدينة الإنتاج الإعلامي خير شاهد على ذلك. ونحن في أمس الحاجة لتقديم فنون طاردة لأهل التطفل من منتجي الفنون الرديئة عملًا بفكرة أن العملة الجيدة قادرة على طرد العملة الرديئة.