تشهد الدول الإفريقية الفرانكوفونية أو ما يعرف بالمستعمرات الفرنسية القديمة تنامي مشاعر العداء ضد الوجود الفرنسي في المنطقة، تحول -في بعض الدول- إلى أعمال عنف استهدفت المصالح الفرنسية.
لم يعد الوجود العسكري الفرنسي في المنطقة محل ترحيب مثل السابق ، بل بات مرفوضاً من قبل شعوب المستعمرات الفرنسية القديمة، إذ يكفي الاطلاع على رسومات الكاريكاتير على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تنتقد الوجود العسكري الفرنسي في الإقليم وتسخر منه خصوصاً فيما يتعلق بنتائج الحرب على الإرهاب في الساحل، لندرك حجم سخط الرأي العام في تلك الدول على الإستراتيجية العسكرية الفرنسية في الإقليم.
بيد أن النخب الحاكمة في فرنسا رفضت في بداية الأمر الاعتراف بحقيقة تراجع النفوذ الفرنسي في القارة، وفضلت بدلاً من ذلك إتباع سياسة الهروب إلى الأمام. إلا أن انتشار موجة العداء لكل ما هو فرنسي عبر كامل الدول الفرانكوفونية جعل الفرنسيين يدركون خطورة الوضع في مناطق نفوذهم التقليدية، ويقفون على حجم الأضرار البالغة التي لحقت بصورة بلادهم في مستعمراتها القديمة.
كانت شرارة انطلاق موجة الغضب الإفريقي على السياسة الفرنسية من إفريقيا الوسطى سنة 2013، ثم السنغال (2015)، والنيجر (2019) وأخيراً مالي (2020)؛ فقد شهدت هذه الدول مظاهرات غاضبة ضد الوجود الفرنسي، ورفع المتظاهرون شعارات معادية لفرنسا مثل " فرنسا ارحلي"، و"تسقط فرنسا"، كما تم حرق الراية الفرنسية، وتعرضت مقرات الهيئات الفرنسية للتخريب.
ويبدو أن فرنسا تواجه معضلة حقيقية فيما يتعلق بسياستها الإفريقية، فهي حاضرة عسكرياً في مالي والساحل وإفريقيا الوسطى من جهة، لكن وزنها التجاري والاقتصادي في تراجع مستمر من جهة أخرى. كما أن حصتها من السوق الإفريقية تقلصت لمصلحة الصين وفواعل دولية أخرى كروسيا.
ومرد هذا التراجع أن باريس تجد صعوبة بالغة في صياغة استراتيجية جديدة وواضحة مقارنة بالقوى الدولية الأخرى التي أنفقت مليارات الدولارات على مشاريع ضخمة في القارة. مقابل ذلك، تعاني فرنسا من شح الموارد المالية اللازمة لتنفيذ مأمورية السياسة الخارجية لأي دولة. ومن ثم فهي غير قادرة على مجاراة تيارات العولمة المتسارعة في القارة، وعاجزة عن استيعاب التحولات الاجتماعية العميقة في مستعمراتها القديمة. والأهم من ذلك، لم تستطع التخلص من إرث ماضيها الاستعماري في تعاملها مع تلك الدول.
والسؤال الذي يثار هنا هو : ما هي أسباب تنامي مشاعر العداء ضد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل؟ وهل يملك صانع القرار الفرنسي خيارات بديلة للحفاظ على مصالحها في مناطق نفوذها التقليدية؟
أولاً - العلاقات الفرنسية – الإفريقية أو عقدة "فرانسافريك" الأبدية:
يعتبر الرئيس إيمانويل ماكرون آخر الرؤساء الفرنسيين الذين تعهدوا بإنهاء ظاهرة "فرانسافريك"، وإجراء مراجعة شاملة للعلاقات الفرنسية الإفريقية. ففي خطاب ألقاه في واجادوجو سنة 2017، أبان الرئيس الفرنسي عن رغبة طموح وجريئة في الوقت ذاته لمراجعة علاقات بلاده بمستعمراتها القديمة في إفريقيا، وإدخال بعض التعديلات عليها، بحيث ترتكز على الدبلوماسية المتعددة الأطراف والمنطق القارّي، بدلاً من إرث ما بعد الكولونيالية الذي قامت عليه السياسة الخارجية للجمهورية الخامسة بركائزها الثلاث ( الوجود العسكري، والمناطق الحرة، والمساعدات من أجل التنمية).
لكن شتان بين الرغبة والطموح من جهة، وتعقيدات البيئة الإقليمية للسياسة الخارجية الفرنسية من جهة أخرى. فما زالت "فرانسافريك" المحدد الرئيسى للسياسة الإفريقية لفرنسا؛ وهي علاقة بينية تقوم على القابلية للاستعمار، وعلى تبعية هيكلية للدول الإفريقية الفرانكوفونية لفرنسا في المجالات كافة. كما أنها شكل من أشكال الوصاية، تمارسها فرنسا على هذه الدول؛ حيث تقوم باريس بموجب "فرانسافريك" بحماية مصالحها (السياسية، الاقتصادية، والعسكرية والثقافية)، وتفضيلها على مصالح شعوب تلك الدول. وبعبارة أخرى، تتجلى "فرانسافريك" في علاقات اقتصادية غير متكافئة، واستئثار الشركات الفرنسية بحصة الأسد من السوق الإفريقية الفرانكوفونية. أما على الصعيد العسكري، تعد "فرانسافريك" بمثابة المظلة الأمنية لحماية النخب الحاكمة في تلك الدول.
وتنطلق فرنسا في هذا الاتجاه من قناعة راسخة في نفوس القادة الفرنسيين من أن حكومات دول الساحل عاجزة عن مواجهة التحديات الداخلية بمفردها، ومن ثمة فهي بحاجة دائمة إلى فرنسا لإدارة شئونها.
وإذا كان البعض لا يشكك في صدق نوايا الرئيس الفرنسي في إعادة رسم السياسة الأفريقية لبلاده بعيداً عن "فرانسافريك"، إلا أن فك الارتباط بين فرنسا ومستعمراتها القديمة ليس بالأمر الهيّن، ليس فقط بالنسبة لباريس، بل حتى بالنسبة لقادة الدول الإفريقية الفرانكوفونية. وهنا تتجلى جدلية العلاقة بين الغالب والمغلوب وولع هذا الأخير بإتباع الغالب.
بيد أن ظهور طرف ثالث في معادلة العلاقات الفرنسية – الإفريقية جعل "فرانسافريك" على المحك، فقد تعلق الأمر بجيل جديد من الشباب متعلم وعلى قدر كبير من الوعي، صار منفتحاً على ما يجري في العالم وفي الإقليم. ويرى الشباب الرافض للوجود الفرنسي في إفريقيا أن الوقت قد حان لتغيير الوضع القائم، وإدخال تغييرات عميقة على نمط الحكم في الدول الإفريقية الفرانكوفونية، اعتقاداً منهم بأن النخب الحاكمة في الدول الأفريقية الفرانكوفونية متواطئة مع فرنسا، حيث تستمد منها قوتها وشرعيتها.
ومن هذا المنطلق، يرى الجيل الجديد من الشباب في الدول الإفريقية الفرانكوفونية أن نهضة بلدانهم تمر حتماً عبر فك الارتباط مع فرنسا، التي تعمل على توفير الدعم والحماية للأنظمة، وهو ما ترتب عليه اختلال في علاقة تلك الدول بمجتمعاتها.
ثانياً- أسباب تنامي مشاعر العداء تجاه فرنسا:
• فشل عملية برخان ومسئولية فرنسا عن الفوضى الأمنية:
تشهد منطقة الساحل الإفريقي (مالي وبوركينافاسو) تحديداً تنامياً لنشاط الجماعات الإرهابية التي نفذت عديد الهجمات المسلحة، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا من المدنيين والقوات النظامية، الأمر الذي أثار سجالات واسعة في تلك الدول حول الجدوى من وجود قوات فرنسية هناك، وهو ما استغلته النخب الوطنية للتحريض ضد الوجود العسكري الفرنسي، وتحميل باريس مسئولية الفوضى الأمنية في الإقليم.
وترّكز الخطابات التحريضية على تناقضات الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في الساحل، وتحديداً عملية برخان. كما يسخر الرافضون للوجود العسكري الفرنسي في تلك الدول من التصريحات الفرنسية التى لا تتوقف عن الافتخار بسقوط جنود فرنسيين من أجل إرساء الديمقراطية في إفريقيا، وهو ما تفنده الشواهد الميدانية.
ففي تشاد، على سبيل الذكر، دعمت فرنسا الرئيس إدريس ديبي طول ثلاثة عقود، وكانت نهايته مأسوية؛ حيث مات مقتولاً. وبدلا من أن تعيد باريس النظر في سياستها تجاه هذا البلد، فضلت بدلاً من ذلك دعم مشروع توريث الحكم لنجل ديبي، وهو ما يتعارض مع أحكام الدستور التشادي الذي ينص على تولي رئيس البرلمان مقاليد الحكم في البلاد في حالة وجود مانع يحول دون استمرار الرئيس في أداء مهامه. وهو ما أدى إلى اندلاع مظاهرات في العاصمة، رفع خلالها المتظاهرون لافتات كتب عليها " لا للاستعمار الفرنسي الجديد.. رسول الفرانسافريك".
وجدير بالذكر أنه حين تم إطلاق عملية برخان فى أول أغسطس 2014، كانت شعوب المنطقة تنظر إلى القوات الفرنسية باعتبارها قوات تحرير جاءت لتخلصهم من جحيم الجماعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة. لكن هذه النظرة تغيرت اليوم، وصار الوجود العسكري الفرنسي مرادفاً لاستعمار من نوع جديد، وهو ما ترتب عليه تنامي مشاعر العداء ضد الانتشار العسكري الفرنسي في إفريقيا الفرانكوفونية؛ وتجلى ذلك في عديد المظاهرات الداعية إلى رحيل القوات الفرنسية من الإقليم.
ولم تعد دولة مالي البلد الوحيد الذي يشهد مظاهرات رافضة للانتشار العسكري الفرنسي، بل انتقلت إلى الدول التي تنتشر فيها القوات الفرنسية بكثافة (منطقة لييبتاكو- جورما).
وبفضل منصات التواصل الاجتماعي، تحولت مشاعر الرفض للوجود العسكري الفرنسي في إفريقيا إلى قضية رأي عام، استغلها الناشطون في المجتمع المدني للضغط على الحكومات من أجل دفعها إلى إعادة النظر في الاتفاقيات العسكرية مع باريس، باعتبارها تتعارض مع المصالح الوطنية لتلك الدول. ويعتقد الرأي العام المحلي أن الانتشار العسكري الفرنسي في إطار عملية برخان لم يمنع الجماعات الإرهابية من تنفيذ هجماتها ضد المدنيين وضد القوات المسلحة لدول مجموعة الخمس الساحل، وتحديداً (مالي، والنيجر وتشاد). فشعوب المنطقة لا تستوعب كيف لقوة إقليمية مثل فرنسا تملك قدرات عسكرية جد متطورة، وجنودها على أعلى مستوى من التدريب، لكنها لم تتمكن من القضاء على الإرهاب، فالجماعات الإرهابية ما زالت تحتفظ بقدرتها على إلحاق الضرر وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة.
هذا الأمر جعل جمعيات المجتمع المدني في تلك الدول تعتقد بأن القوات الفرنسية عاجزة عن حمايتهم، بل إنها مسئولة عن تفشي الإرهاب في الإقليم، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الاحتقان، وساهم في تأجيج مشاعر الغضب من فرنسا وكل ما يرمز لها في مستعمراتها القديمة.
• خرق الدستور ودعم مشاريع التوريث:
تشترك الحركات الاحتجاجية الرافضة للوجود الفرنسي، والتي ظهرت منذ 2010، وهي حركة "يونامار" في السنغال (2011)، وتعني طفح الكيل أو كفاية. وحركة "فرنسا ارحلي" في بوركينافاسو (2017)، وحركة "فيليمبي" في الكونغو (2014)، وحركة "لينا" في تشاد. وترفع هذه الحركات شعارات تطالب بإنهاء الوصاية الفرنسية، مثل "تسقط فرنسا"، "برخان ارحلي"، " أوقفوا مجازر فرنسا في مالي". وتطالب هذه الحركات بفرض احترام الدستور خصوصاً فيما يتعلق بالتداول السلمي على السلطة ورفض مشاريع توريث الحكم.
وتشترك هذه الحركات في سمة تتمثل في أنها لا تثق في الخطاب الرسمي لحكومات بلادها؛ حيث تعتبرها وكيلة عن مستعمر الأمس وتنوب عنه في حكم البلاد. وتعتقد هذه الحركات أن المعركة ضد الاستعمار الفرنسي ما زالت مستمرة، وأن نضالها ضد الوصاية الفرنسية هو امتداد لنضال حركات التحرّر في الستينيات والسبعينيات من القرن المنقضي. وهو ما يعني، حسبهم، أن ما تعيشه هذه الدول هو استعمار جديد، وأكبر دليل على ذلك انتشار القواعد العسكرية الأجنبية والفرنسية تحديداً.
ويمكن إضافة سبب آخر لتنامي مشاعر العداء ضد الفرنسيين في منطقة الساحل ويتمثل في السلوك الاستعماري الجديد للفرنسيين، إذ لم يكتفوا بنهب ثروات مستعمراتهم القديمة، بل إنهم متغطرسون ويتصرفون مع دول المنطقة بذهنية استعمارية. وهو ما جعل المجتمع المدني في تلك الدول يطالب الحكومات بالانفتاح على شركاء خارجيين آخرين من غير فرنسا (روسيا والصين)، إلى جانب الخلاف حول العملة الإفريقية، وسياسة الهجرة وشروطها القاسية.
بيد أن الفرنسيين لهم وجهة نظر مغايرة للأوضاع في المستعمرات القديمة. فأولويتهم سياسية وليست أمنية، على اعتبار أن المشكلات الأمنية هي من صميم صلاحيات دول الإقليم. وبعبارة أخرى، فإن حكومات الدول الفرانكوفونية حيث تنتشر القوات الفرنسية، تتحمل الجزء الأكبر من مسئولية تردي الأوضاع الأمنية في إقليمها بسبب عدم قدرتها على فرض الأمن في أقاليمها.
ثالثاً- مستقبل الوجود الفرنسي في الإقليم:
في عام 1957، أصدر الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران كتاباً بعنوان "الحضور الفرنسي والتخلي"، وقد كان حينها وزيراً للعدل، أكد فيه على أهمية إفريقيا بالنسبة لمستقبل فرنسا ومكانتها كقوة إقليمية في النظام الدولي. إن الهاجس الذي سيطر على تفكير الرئيس الفرنسي السابق توارثه الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم فرنسا، وهو ما يؤكد مكانة أفريقيا على رأس مأمورية السياسة الخارجية الفرنسية. ويمكن تفسير ذلك بقناعة راسخة لدى النخب الحاكمة في فرنسا، مفادها أن الوجود الفرنسي في إفريقيا هو أحد عناصر القوة الفرنسية، وأحد العوامل الرئيسية في تأثيرها وإشعاعها.
وعملية "برخان" العسكرية هي أحد تجليات القوة الفرنسية في مناطق نفوذها، لكنها لم تحقق الأهداف المرجوة منها، وعلى رأسها استئصال التنظيمات الجهادية في منطقة الساحل وفي إفريقيا جنوب الصحراء (مالي، بوركينافاسو، النيجر، ساحل العاج)، وتأسيساً على ما سبق، لم تؤد "برخان" إلى استتباب الأمن، بل تحولت إلى عامل اضطراب أمني في الإقليم. فقد لقي ما لا يقل عن 500 شخص بين عسكري ومدني مصرعهم منذ 2021 في منطقة الساحل، وهو ما دفع بالرئاسة الفرنسية إلى إعلان نهاية العملية في 10 يونيو 2021.
بل إن هناك من الخبراء العسكريين الفرنسيين من يرى أن قرار إطلاق هذه العملية كان خطأ فادحا، تزامن مع نشوة الانتصار في عملية "سرفال" التي سبقتها، ومغامرة أشبه ما تكون بمطاردة السراب والبحث عن الأوهام في إفريقيا جنوب الصحراء.
والسؤال الذي يثار هنا هو: هل ينتهي الوجود العسكري في الساحل بانتهاء "برخان"؟ لكن العارفين بالسياسة الخارجية يؤكدون أن فرنسا ليس لديها استعداد للانسحاب عسكريا من إفريقيا، ولا تنوي التخلي عن مناطق نفوذها التقليدية. بل إنها تتجه إلى إعادة الانتشار في منطقة الساحل وفي إفريقيا جنوب الصحراء، لكن تحت غطاء أوروبي. ومن ثم، فإن نهاية "برخان" لا تعني بالضرورة نهاية الوجود العسكري الفرنسي في الساحل، بل إنه سيأخذ طابعاً قارياً تحت مظلة الاتحاد الأوروبي. أي أن الانتشار العسكري الفرنسي في إفريقيا سيستمر لكن في إطار قوة أوروبية تعرف باسم "تاكوبا"، تأسست في يوليو 2020 و تضم 600 جندي نصفهم من فرنسا، بالإضافة إلى جنود من استونيا، وجمهورية التشيك، والسويد، وايطاليا. وبذلك تتجه فرنسا إلى خفض عدد قواتها في المنطقة من 5100 جندي إلى 2500 أو 3000.
وتسعى قوات "تاكوبا" إلى تحقيق هدفين؛ الأول هو القضاء على التنظيمات الإرهابية. والهدف الثاني هو دعم جيوش دول المنطقة، التي تظل عاجزة عن بناء جيوش وطنية من حيث الجاهزية والتسليح، وذلك في ضوء الصعوبات التي تحول دون تجسيد برامج التكوين العسكري الفرنسية الموجهة لجيوش دول الساحل بسبب صعوبة تحقيق نتائج جيدة على الصعيد العسكري في مواجهة التحديات الأمنية اللا تماثلية.
ختاماً، يمكن القول إن تنامي مشاعر العداء ضد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل وفي إفريقيا جنوب الصحراء مرده تناقضات الاستراتيجية العسكرية الفرنسية في الإقليم؛ لاسيما ما تعلق منها بالحرب على الإرهاب، وهو ما خلّف شعوراً لدى شعوب المنطقة بأن فرنسا لا تبذل ما يكفي من الجهد للتصدي للجماعات الإرهابية، كما أثار شكوكاً لدى الرأي العام المحلي حول طبيعة المأمورية العسكرية والأمنية الفرنسية. كما ساهمت الذهنية الاستعمارية التي ما زالت تهيمن على إدراك النخب الحاكمة في فرنسا، إلى جانب مفردات الخطاب الرسمي الفرنسي الموجه لدول الساحل وإفريقيا جنوب الصحراء، في تأجيج هذه المشاعر، وهو ما أفرز شعوراً قومياً معادياً لكل ما هو فرنسي؛ انتشر في جميع الدول التي تنتشر بها قوات فرنسية.
وتخشى فرنسا من أن تنتقل موجة العداء ضدها من منصات التواصل إلى فضاءات أخرى؛ قد تأخذ أشكالا أكثر تطرفاً وعنفا بما قد يؤثر في العملية العسكرية الأوروبية في الإقليم، خصوصاً أن المنطقة تشهد اضطراباً سياسياً مستمراً، وصراعاً على السلطة لا أحد يعرف مداه.