تمثل إشكالية العلاقة بين تحولات الرأي العام والتغير في هيكل الفرص السياسية لدي فاعل سياسي ما في مراحل التغير السياسي، الكلي أو الجزئي، واحدا من الاتجاهات الرئيسية السائدة في حقل النظم السياسية المقارنة. وقد برزت أبعاد تلك العلاقة جلية في مراحل الحراك الثوري في المنطقة العربية، بالتطبيق علي حالات عدة، بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة. وتعد حالة تنظيم الإخوان -كفاعل سياسي يحاول توظيف تلك الفرصة بعد ثورة 25 يناير 2011- خير مثال علي تلك العلاقة، لاسيما أن هناك ارتدادا عكسيا لهيكل الفرصة للفاعل نفسه (رغم تغير السياق الداخلي) بعد ثورة 30 يونيو 2013، فيما يطلق عليه في الأدبيات "الأثر المزدوج للفرصة السياسية"(1).
فقد شهدت الأعوام الثلاثة، التي تلت الانتفاضة الشعبية المصرية في يناير 2011، عدة تغييرات كبري سريعة شملت صعود الدور السياسي لتنظيم الإخوان، وكان أحد أهم مظاهرها استحواذ الجماعة علي أكثر المقاعد في انتخابات مجلس الشعب لعام 2011-2012، ووصول مرشح حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لها، د. محمد مرسي، إلي مقعد رئاسة الدولة في الانتخابات الرئاسية بعد فوزه علي منافسه الفريق أحمد شفيق، علي نحو أدي إلي انتقال الإخوان المسلمين من جماعة معارضة إلي جماعة حاكمة. ولكن سرعان ما تحول المشهد السياسي تماما بنشوب مظاهرات عارمة في 30 يونيو 2013، وتبلورت في صورة ثورة شعبية انتهت بتدخل الجيش، وعزل الرئيس، وبدء مرحلة جديدة من التطور السياسي لمصر.