جاء اختيار أبناء جنوب السودان الانفصال عن الدولة السودانية في عام 2011، نتيجة تطلعهم لمستقبل أفضل في ظل دولتهم المستقلة، ولكن آمالهم سرعان ما تبددت إثر ازدياد حدة الانقسامات الداخلية في البلاد، واندلاع صراع داخلي للاستحواذ علي السلطة بين رموز النخبة السياسية للحركة الشعبية لتحرير السودان، SPLM، وتحول الصراع السياسي إلي صراع مسلح عنيف في منتصف ديسمبر 2013، وذلك بعد إعلان الرئيس سلفاكير Salva Kiir عن وقوع محاولة انقلاب فاشلة للإطاحة به بقيادة نائبه السابق رياك مشارRiek Machar ، وازدادت وطأة الصراع واتسع نطاقه مع اقحام البعد القبلي فيه.
وقد بذلت جهود عديدة لرأب الصدع وتسوية الصراع الذي تفاقمت آثاره وامتدت إلي خارج حدود الدولة الوليدة. وتركز الدراسة علي الجهود الإفريقية التي قامت بها الهيئة الحكومية للتنمية "الإيجاد IGAD"، والاتحاد الإفريقي لتسوية وإنهاء الصراع في جنوب السودان. فالإيجاد تتحمل قدرا من المسئولية حيال جنوب السودان من منطلق دورها المحوري في ظهورها كدولة إلي حيز الوجود، وبحكم أنها إحدي دولها الأعضاء. كذلك، فإن الاتحاد الإفريقي هو المنظمة القارية المخولة بالحفاظ علي السلم والأمن والاستقرار في جميع الدول الإفريقية، ويسعي لمنع وإدارة وتسوية الصراعات بطريقة سلمية. ويقصد بتسوية وإنهاء الصراع في هذا المقام وقف الأعمال القتالية بشكل كامل ودائم، والوصول لاتفاق شامل ومقبول من جانب الأطراف المتصارعة، يتم في إطاره معالجة أسباب الصراع وتداعياته، والحيلولة دون نشوبه مرة أخري.