تتجه أنظار العالم لألمانيا خلال منتصف شهر فبراير من كل عام، حيث تشهد انعقاد مؤتمر "ميونخ للسياسات الأمنية-MSC"، وهو تجمع دولي غير رسمي أنشئ عام 1963 لبحث القضايا الأمنية الدولية. وقد شارك الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" في الدورة الحالية للمنتدى، وألقي كلمة مهمة في الجلسة الافتتاحية، طرح فيها رؤية مصر لحل أزمات المنطقة العربية، وتطوير التعاون الإفريقي- الأوروبي كرئيس للاتحاد الإفريقي لعام 2019. كما شارك في مختلف فاعلياته، وعقد عددا من اللقاءات مع القادة الأوروبيين، على رأسهم المستشارة الألمانية "إنجيلا ميركل" التي أكدت أهمية الدور المصري في استقرار الشرق الأوسط. ورغم أن المنتدى غير رسمي، فإنه يعد ساحة دولية لبحث مقترحات عدة بشأن الترتيبات الأمنية والسياسية التي تعيد رسم توازن القوى بالعالم، لاسيما في ظل تحديات أمنية إقليمية ودولية غير مسبوقة تتمثل في مخاطر الإرهاب والهجرة غير الشرعية والأمن الإلكتروني، فضلا عن الخلاف الأوروبي- الأمريكي المتصاعد وتداعياته على ضفتي الأطلسي.
أبعاد مشاركة الرئيس "السيسي":
يعد الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" أول رئيس دولة من خارج القارة الأوروبية يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر "ميونيخ للسياسات الأمنية" منذ نشأته، وذلك بعد توجيه دعوة خاصة له من قبل رئيس المؤتمر "فولفجانج إيشينجر"، خلال زيارتها السابقة لبرلين فى 28 أكتوبر2018.
*دلالات مهمة: هناك العديد من الدلالات التي يمكن استنتاجها من خلال مشاركة الرئيس "السيسي" في المنتدى، فهي تمثل اعترافا دوليا بنجاح الدولة المصرية في مواجهة الأزمات البنيوية التي مرت بها منذ عام 2011، كما تمثل اعترافا أوروبيا بالدور المصري الإقليمي الناجح في الدائرة المتوسطية والعربية لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، حيث لم تسجل حالة هجرة واحدة تعبر من مصر منذ سبتمبر 2016. كما أن الدور المصري، خلال رئاسة الاتحاد الإفريقي، أصبح يعول عليه لتطوير التعاون بين ضفتي البحر المتوسط. وثمة دوافع أوروبية في دعوة مصر للمشاركة تتمثل في رغبة دول الاتحاد، لاسيما ألمانيا، في تعزيز تحالفات عابرة للتحالف الأوروبي- الأمريكي الذي يشهد المزيد من التصدعات حاليًا، حيث تسعى برلين لبناء تحالفات جديدة تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط التي تعد مًصدر تهديد للأمن الأوروبي من خلال انتقال العناصر الإرهابية والهجرة غير الشرعية منها لدول الاتحاد.
*ثوابت مصرية: خلال كلمة الرئيس "السيسي" بالجلسة الافتتاحية للمنتدى التي عقدت يوم 16 فبراير 2019 ، جدد تأكيد ثوابت السياسة الخارجية المصرية، التي تتمثل في الحفاظ على الدولة الوطنية وترسيخ تماسك مؤسساتها وقواتها الوطنية النظامية، واحترام سيادة الدول على أراضيها وسلامتها الإقليمية كأساس للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بعد ما عرف "بثورات الربيع العربي" وما يتطلبه من القضاء على جميع أشكال الفاعلين من غير الدول كالتنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، ومحاربة الإرهاب عبر المواجهة المسلحة والفكرية من خلال تصويب الخطاب الديني، وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول، واحترام الخصوصية الثقافية لكل دولة، واحترام حقوق الإنسان والأديان.
كما جدد الرئيس "السيسي" دعوته لبدء مراقبة دولية لأنظمة الاتصال الحديثة فى نشر الفكر المتطرف عبر مواقع التواصل الإجتماعى لمنع استخدامها في نشر الفكر المتطرف، وأكد تمسك مصر بالمسار السياسى لحل أزمات الدول مثل الأزمات السورية واليمنية والليبية. وأوضح أهمية الحوار الدولي اتصالاً بقضايا الأمن والسلم، الذي كان دافعاً لتدشين "منتدى أسوان للأمن والتنمية المستدامة" الذي ستعقد دورته الأولى، نهاية 2019، ليكون منصة دولية لبحث سبل تعزيز الترابط بين السلام والتنمية، وبلورة تصورات مفاهيمية وأطروحات عملية، لبرامج تنموية انتقالية لتعزيز ثقافة السلام، ودفع جهود إعادة البناء والإعمار في مرحلة ما بعد النزاعات.
*قمة مصرية- ألمانية: عقد الرئيس "السيسي" قمة مع المستشارة الألمانية "إنجيلا ميركل" يوم 16 فبراير 2019 هي الثانية له في غضون 4 أشهر. وقد كان لها بعدان، الأول ثنائي، حيث بحث الطرفان سبل تعزيز العلاقات المصرية- الألمانية، لاسيما في الجانب الاقتصادي منها، وتنفيذ ما اتفق عليه خلال زيارة الرئيس السابقة لبرلين في 28 أكتوبر 2018(وقد مثلت تلك الزيارة نقطة تحول في العلاقات بين البلدين حيث جددت الدولتان أهمية استمرار التنسيق والتشاور السياسي والأمني بينهما لمواجهة تحديات منطقة الشرق الأوسط). والآخر إقليمي، حيث بحثا الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملفا ليبيا وسوريا، وكذلك رؤية مصر بشأن سبل تعزيز العمل الإفريقي وما يمكن لألمانيا أن تقوم به من دور فاعل فى هذا الإطار، عبر إطلاق مشروعات للتعاون الثلاثي بين مصر وألمانيا بالقارة الإفريقية، فضلاً عن أهمية تعزيز السلم والأمن في إفريقيا، وتسوية النزاعات فى إطار مبادرة "إسكات البنادق" بإفريقيا بحلول عام 2020.
*دوائر سياسية جديدة: عقد الرئيس "السيسي" اجتماعين لهما أهمية خاصة في فتح آفاق جديدة للسياسة الخارجية المصرية، الأول كان مع مع رئيسة استونيا "كيرستى كاليوليد"يوم 15 فبراير لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي في مجال الحوكمة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا النقل والشحن البحري والخدمات اللوجيستية التي تمتلك فيها استونيا خبرات تقنية، فضلاً عن التعاون فى مجالي إنتاج الطاقة من النفايات واستخراج البترول الصخري، واللذين تعد فيهما استونيا من الدول الرائدة على مستوى العالم. والثاني مع الرئيس الأوكراني "بوروشينكو"، حيث ثمّن الطرفان التقدم الحالي في العلاقات الثنائية، لاسيما بعد تشغيل الخطوط الجوية الأوكرانية لخط طيران مباشر بين القاهرة وكييف، كما تعد مصر الشريك التجاري الأول لأوكرانيا في إفريقيا والشرق الأوسط.
قضايا جدلية محل المناقشات:
تكتسب دورة العام الحالي من مؤتمر "ميونخ للسياسات الأمنية 2019MSC" أهمية خاصة من حيث كثافة الحضور، فشارك فيها 35 رئيسا، و50 وزير خارجية، و30 وزير دفاع، و600 من الخبراء العسكريين والأمنيين والدبلوماسيين والاستراتيجيين. وقد تم بحث الخلافات حول القضايا المطروحة التي تتناول الإنفاق الدفاعي الأوروبي، والملف النووي الايراني، وقضايا الشرق الأوسط، فضلا عن بحث تأثير التغييرات المناخية والابتكار التكنولوجى فى الأمن الدولي، وهو ما دفع رئيس المؤتمر "فولفجانج إيشينجر" لتأكيد أن الدورة الحالية لعام 2019 للمنتدى هى الأكبر والأهم منذ إنشائه قبل 50 عامًا.
*الخلاف الأوروبي- الأمريكي: كثرت القضايا الخلافية بين ضفتي الأطلسي بدءًا بالانتقادات الأوروبية للانسحاب العسكري الأمريكي من سوريا ومخاطره، لاسيما بعد رفض بعض الدول الأوروبية مطالبة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" باسترداد مواطنيها المنضمين للجماعات الإرهابية والموجودين بمدينة إدلب السورية ويطلق عليهم "المقاتلون الأجانب". وهناك الخلاف الخاص بالملف النووي الإيراني، حيث دعا نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس" خلال كلمته بالمؤتمر الأوروبيين للتخلي عن الاتفاق النووي الإيراني بعد انسحاب واشنطن منه، وهو ما ترفضه مجموعة الترويكا الأوروبية (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا)، فضلا عن دعوة "ترامب" المستمرة للدول الأوروبية أعضاء الحلف شمالي الأطلسي (ناتو) إلى مضاعفة الإنفاق الدفاعي لها، وهو ما استجابت له برلين، وتعهدت "ميركل" برفع الإنفاق إلى 2% من إجمالي الناتج القومي الألماني. بيد أن ذلك القرار لم يقنع "ترامب"، مما يثير المخاوف حول عزم الأخير الخروج من "الناتو" أو إعلان تنصله من (المادة5) من ميثاق الحلف، وهى مبدأ ثابت ينص على "أنه إذا وقع هجوم مسلح ضد واحد أو أكثر من الحلفاء فى أوروبا أو أمريكا الشمالية، فإنه سيعد هجومًا ضدهم جميعًا". هذه المخاوف دفعت الدول الأوروبية لاتخاذ خطوات تنفيذية نحو صوغ سياسة دفاعية وأمنية مشتركة ومستقلة بعيدا عن "الناتو" وواشنطن، مما يؤكد فقدان الثقة في الشريك الأمريكي ورغبة الدول الأوروبية في الاعتماد على أنفسها لتشكيل سياسة دفاعية مستقلة عن واشنطن، لأن تهديدات الأمن الأوروبي ليست متسقة مع مثيلاتها الأمريكية. وتمثلت تلك الخطوة في إقرار اتفاقية "بيسكو" بنوفمبر 2017 حيث وقعت 23 دولة في الاتحاد الأوروبي مذكرة التعاون "الهيكلي الدائم في الأمن والدفاع" (بيسكو- PESCO)، التي تعنى بالتزامها بتعاون أمني ودفاعي استراتيجي طويل المدى ودائم، مما يتيح للدول الأوروبية الموقعة التعاون بشكل أوثق لبناء القدرات الأمنية والعسكرية.
وحال أعلنت واشنطن الانسحاب من "الناتو"، ستكمل بذلك سلسلة الانسحاب من الاتفاقيات الدولية التي شملت الانسحاب من (المجلس الدولى لحقوق الإنسان، واتفاقية باريس للمناخ، والمحكمة الجنائية الدولية، والاتفاق النووي الإيراني) مما ينذر بتخلى واشنطن تدريجيا عن دورها كمظلة أمنية للدول الاوروبية منذ إنشاء الناتو في 1949، وكذلك تخليها عن دورها لضمان الأمن الدولى، وستلتزم بسياسة أحادية الجانب تركز على الشئون الأمريكية فقط، وتتبع سياسة "الفناء الخلفي" التي تركز على بسط نفوذها على دول أمريكا الجنوبية. وربما يكون "ترامب" بدأ ذلك بعد خطابه الأخير الذي ألمح فيه لعزمه تغيير النظام السياسي في (فنزويلا، وكوبا). وهذه السياسة الأمريكية تمثل تحديًا جديًا للاتحاد الأوروبي، فهي فرصة، حال توافقت دول الاتحاد، ليظهر كقطب دولي مؤثر منوط به حل النزاعات في الدائرة الشرق أوسطية والمتوسطية. وحال استمر الانقسام الأوروبي الحالي، فإن الاتحاد نفسه كمنظمة إقليمية مهددة بالتفكك في ظل الأزمات التي يمر بها، ومنها صعود التيار اليميني الشعبوي وتأثيره فى أزمة الهجرة غير الشرعية، والإرهاب، وظهور "الذئاب المنفردة" بعد عودتهم من سوريا والعراق، وأزمة البريكست، والخلاف الفرنسي- الإيطالي، والتدخلات الروسية، وضعف البنية العسكرية الأوروبية، وبدء مرحلة فتور فى العلاقات الألمانية- الفرنسية، إثر قرار الرئيس الفرنسى "إيمانويل ماكرون" مقاطعة المؤتمر بسبب خلافه مع ألمانيا حول مشروع "السيل الشمالي-2" الروسي- الألماني، وذلك رغم توقيع رئيسى البلدين أخيرا اتفاقية دفاعية تعزز من عزمهما بناء جيش أوروبي موحد.
*الملف النووي الإيراني: شارك وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" بالمؤتمر، واتهم "إسرائيل بالسعي لشن حرب واسعة بالمنطقة"، في إشارة واضحة للغارات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية بسوريا. وبرر "ظريف" وجود مستشارين عسكريين لبلاده في سوريا بأنه "جاء بناء على طلب الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب"، وانتقد "ظريف" الآلية الأوروبية للتجارة مع إيران، لأنها لا تفي بالغرض، وطالب (ألمانيا وفرنسا وبريطانيا) ببذل جهد أكبر لإظهار التزامها بالاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، في مؤشر على استمرار النهج الإيراني في دعم الجماعات المسلحة، وإشعال الفتن الطائفية بالمنطقة، واستغلالها كذريعة للتدخل في الشأن الداخلي للدول، فطهران تتجاهل عمدًا نتائج دعمها لميليشيات "حزب الله" في لبنان "الحوثي" باليمن، و"الحشد الشعبي" بالعراق وتأثيرات ذلك فى عدم الاستقرار بالدولتين.
*الأزمة القطرية: شارك وزير خارجية قطر "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" بالمؤتمر، ونفى وجود "حوار بين الدوحة والرياض وأبوظبي" حالياً، وأوضح أن الدوحة ليس لديها أي مانع لبذل أي جهود لحل الأزمة القطرية مع الرباعي العربي (السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وذلك بعد قرارها بمقاطعة قطر دبلوسيا وتجاريا منذ 5 يونيو 2017). وأشار إلى استمرار تمسك قطر بالوجود ضمن الإطار الاقليمي لمجلس التعاون الخليجي ونفي سعيها للخروج منه، أو إنشاء كيانات بديلة عنه، وذلك رغم مقاطعة أمير قطر للقمة الخليجية الاخيرة التي عقدت بالرياض في ديسمبر 2018. ورغم ذلك، جدد "آل ثاني" تمسك بلاده بالعلاقات التحالفية التي نسجتها بعد المقاطعة العربية لها مع إيران وتركيا، وهذا مؤشر على استمرار المقاطعة، حيث ترهن دول الرباعي العربي بدء الحوار مع الدوحة بوقف الدعم القطري للجماعات الإرهابية، وإنهاء الوجود العسكري الإيراني والتركي بالدوحة.
*الملف السوري: عقد وزراء دفاع دول التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي اجتماعًا، على هامش مؤتمر "ميونيخ" يوم 15 فبراير2019، لمناقشة مستقبل التحالف بعد الإعلان نهائيا عن هزيمة "داعش"، وانسحاب القوات الأمريكية من سوريا، حضره 20 وزيرا للدفاع. وقد طالبت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية "فلورنس بارلي" بضمان عدم عودة "داعش" إلى سوريا مرة أخرى بعد هزيمته، مما يتطلب بقاء قوات التحالف بسوريا حتى الانتهاء من المرحلة الانتقالية، وهو عكس القرار الأمريكي بالانسحاب. كانت فرنسا قد نشرت 1200 جندي بشمال سوريا، وأعلنت بقاءهم بعد الانسحاب الأمريكي. هذا بينما تعتزم واشنطن إنشاء "قوة مراقبين" تضم حلفاءها في منطقة عازلة في شمال شرق سوريا لحماية حلفائها من القوات الكردية (قوات سوريا الديمقراطية "قسد") ولتجنب أي هجوم تركي محتمل عليها، وهو ما ترفضه أنقرة وموسكو، حيث تشكك الأخيرة في جدية الانسحاب، وتطالب الأولى بإنشاء منطقة آمنة تحت سيطرتها بعمق 30 كم في سوريا.
*التنافس التجاري الصيني- الأمريكي: قبيل انطلاق مؤتمر ميونيخ، أصدر القائمون عليه تقريرهم السنوى بشأن القضايا الأمنية العالمية، وصنفوا التوترات بين بكين وواشنطن كواحدة من أكبر 10 قضايا أمنية لعام 2019. وقد حظيت تلك القضية بجزء من مناقشات المؤتمر الذي حضره للمرة الأولى منذ نشأته مسئول صيني رفيع المستوى، هو عضو المكتب السياسى للحزب الشيوعى "يانج جيتشى"، وقد بحث خلاله وضع تايوان وسياسة "الصين الواحدة", وتداعيات الحملة الأمريكية لاستبعاد الشركات الصينية من بناء شبكات الهواتف النقالة من الجيل الخامس فى أوروبا، حيث يسعى "جيتشي" للتخفيف من مخاوف الأمن السيبرانى الغربى بعد اتهام واشنطن لبكين بأنها تسعى للتجسس على الدول الغربية عبر شبكات الهواتف.
خلاصة القول إن مباحثات مؤتمر "ميونيخ 2019" كشفت عن تصدع النظام الدولي الحالي القائم منذ تفكك الاتحاد السوفيتي 1990، إثر تغير توازن القوى المتعارف عليه في عدد من الأقاليم المهمة والمؤثرة بالعالم. فالشرق الأوسط شهد تكثيفا للوجود العسكري، والنفوذ الروسي الذي اتخذ من الأزمة السورية معبرًا له، وكذلك توسع النفوذ الصيني سياسيًا وتجاريًا في منطقة جنوب شرق آسيا. وقد تصاعدت التهديدات والاعتراضات الأمريكية على تلك التحركات الروسية والصينية، مما قد يهدد الأمن والسلم العالميين، حال تحول التنافس السياسي بين الأقطاب الكبرى لصدام عسكري مباشر. هذه التهديدات كانت دافعًا للدول الأوروبية للبحث عن سبل لتعزيز أمنها عبر إنشاء منظومة دفاعية جديدة، وتعزيز تحالفات جديدة بالمنطقة. ومن هنا، تنبع أهمية مشاركة الرئيس"السيسى" بالمؤتمر مما ينذر بأن مصر سيكون لها دور إقليمي ودولي في تعزيز الأمن الأوروبي، والشرق أوسطي، والإفريقي، وكذلك في صوغ نظام دولي جديد.