أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، مساء 20 يناير 2019، اتفقا فيه على اتخاذ كل الترتيبات الأمنية بشمال سوريا للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي، وحفظ الأمن، حيث يرغب ترامب في إقامة منطقة آمنة بعمق 20 كم داخل سوريا، ويرغب أردوغان في الإشراف عليها، وتولي مهام حفظ الأمن في منبج. يأتي هذا الاتصال في ظل "دبلوماسية الهاتف" التي يعتمد عليها الرئيسان للتشاور فيما بينهما بشأن الوضع السوري، حيث إن هذا هو الاتصال الثاني في غضون أربعة أيام، وسابقه كان فى 17 يناير 2019 لبحث تداعيات تفجير "منبج" واحتواء التوتر الذي ساد العلاقات بين أنقرة وواشنطن بفعل تهديد ترامب بشن حرب اقتصادية على تركيا، إثر تصاعد الخلافات بين الدولتين حول الدعم الأمريكي للقوات الكردية بسوريا، مما يشير إلى أن الملف السوري أصبح أهم المحددات لمستقبل العلاقات التركية - الأمريكية خلال المرحلة المقبلة.
تحالف مضطرب:
منذ إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في 19 ديسمبر 2018 عن سحب القوات العسكرية الأمريكية من سوريا، البالغ عددها 2000 جندي، بعد محادثة هاتفية مع نظيره التركي "رجب طيب أردوغان"، وتعهد الأخير بإكمال مهمة القضاء على جيوب "داعش" بشمال سوريا، والقضاء كذلك على الإرهابيين، وهم (الفصائل الكردية من قوات حماية الشعب الكردي، وقوات سوريا الديمقراطية)، ساد التفاؤل أنقرة ببدء مرحلة جديدة في العلاقات التركية – الأمريكية، تنهي موجات التوتر التي شهدتها سابقًا، بيد أن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد عقب التذبذب الذي ساد تلك العلاقات خلال شهر واحد.
* تصعيد أمريكي: في 8 يناير 2019، قام مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" بزيارة تركيا لمناقشة استراتيجية الانسحاب الأمريكي من سوريا، ورافقه فيها الجنرال "جوزف دانفورد"، رئيس قيادة الأركان المشتركة، والموفد لدى التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "جيمس جيفري". وأكد "بولتون" قبل الزيارة رفض واشنطن مهاجمة تركيا للأكراد في سوريا، وضرورة التنسيق الأمني المسبق بين واشنطن وأنقرة قبل شن أى علمية عسكرية تركية جديدة في شمال سوريا أو شرق الفرات، على غرار العمليات التركية السابقة في سوريا (غصن الزيتون 19 يناير 2018، ودرع الفرات أغسطس 2016)، كما حذر "بولتون" من قيام أنقرة "بقتل الأكراد" حال مغادرة القوات الأمريكية من سوريا، وهو ما احتج عليه "أردوغان" بشدة، وأكد أن بلاده لا تقوم بقتل الأكراد، بل تتعاون لحمايتهم، وأوضح إن تركيا "هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بالنفوذ والالتزام" لإرساء الاستقرار في سوريا بعد الانسحاب الأمريكي. ورفض الأخير لقاء "بولتون" الذي غادر أنقرة في اليوم نفسه. كما لم تشمل جولة وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" للشرق الأوسط التي قام بها إلى ثمانى دول، تركيا وطالب "بضمانات لعدم قيام الأتراك بذبح الأكراد". ثم في 14 يناير 2019، كتب "ترامب" على تويتر تغريدة أثارت الكثير من الجدل نصت علي "سندمر تركيا اقتصادياً إذا هاجمت الأكراد"، داعياً إلى إقامة منطقة آمنة يبلغ عرضها 30 كم داخل سوريا لحماية الأكراد، وطالب الأكراد بعدم استفزاز تركيا.
*تراجع تركي: لم يحتمل الاقتصاد التركي تغريدة "ترامب"، وهوت الليرة التركية على الفور بنسبة 30%، ثم صدر الكثير من التصريحات عن "أردوغان" وحكومته تعبر عن التراجع الحاد في مواقفهم، وتعتمد لغة تصالحية هادئة لإرضاء "ترامب"، وإنقاذ الاقتصاد الذي يعاني أزمة بالفعل، ولا يرغب "أردوغان" في مضاعفتها قبل الانتخابات المحلية المقبلة المقررة في 31 مارس 2019 التي يطمح في الفوز بها. فخطب "أردوغان" أمام الكتلة البرلمانية لحزبه بأن "ما قاله ترامب أحزننا" ثم تضمنت تصريحاته ووزير خارجيته "مولود جاويش أوغلو" بعد ذلك مخاطبة الأكراد بكلمة "الإخوة" للتعبير عن التضامن معهم، وتعهد "أردوغان" بحمايتهم وحماية جميع القوميات الموجودة بشمال سوريا، لأن المستهدف من العمليات العسكرية التركية المقبلة، ومن المنطقة الآمنة قيد الدراسة هم الإرهابيون فقط، وهذا الخطاب ربما يقنع "ترامب"، لأنه غير مدرك لحقائق الأمور بتلك المنطقة. بيد أنه لم يخدع الأكراد الذين يعانون من اضطهاد "أردوغان" لهم، لاسيما أنه يسعى لتعزيز الوجود التركي الاستراتيجي في شمال سوريا قبل التسويات النهائية للملف السوري التي ستبدأ قريبا، وكذلك يرغب في تعبئة الداخل التركي قبل الانتخابات المحلية المقبلة، حيث دأب علي شن عمليات عسكرية ضد الأكراد قبل أي انتخابات لاستقطاب التيارات القومية المعادية للوجود الكردي، فضلا عن رغبة "أردوغان" (المرفوضة) في استعادة السيطرة على أراضي الدولة العثمانية بشمال سوريا والعراق وبسط نفوذه السياسي والاقتصادي عليها.
* احتواء الأزمة: مثّل تفجير منبج فى 16 يناير 2019، والذي وقع في مطعم بوسط المدينة، وأسفر عن مقتل 16 شخصاً، من بينهم أربعة أمريكيين ويعد أول تفجير يستهدف القوات الأمريكية منذ دخولها الساحة السورية في 2015، طوق النجاة التركي من الغضب الأمريكي، حيث إن التفحير أدي لإقناع "ترامب" بضرورة الإسراع في الانسحاب الأمريكي للحفاظ على حياة الجنود، وترك إكمال المهمة للحليف التركي. وذلك رغم أن مجلس منبج العسكري الكردي أصدر بيانا أكد فيه أن التحقيقات الأولية تشير لتورط خلية مدعومة من تركيا في التفجير. وفي 18 يناير 2019، قام السيناتور الجمهوري "ليندسي جراهام" (أكثر المقربين من ترامب والمدافعين عنه) بزيارة أنقرة، والتقي "أردوغان" وكشف عن أنه سيطلب من "ترامب" إبطاء الانسحاب الأمريكي من سوريا لتحقيق عدة أهداف تتمثل فى هزيمة "داعش" ومنع انتصار إيران، وحماية تركيا وحل مشكلة "وحدات حماية الشعب الكردي" و"حزب العمال الكردستاني" (وهي الفصائل الكردية المسلحة التي تصنف في تركيا كجماعات إرهابية). وأوضح أن الخطة الأمريكية لإقامة المنطقة الآمنة في شمال سوريا تتضمن ثلاث مراحل هي: انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من الحدود التركية نحو الداخل - استعادة الأسلحة الثقيلة الممنوحة إلى قوات سوريا الديمقراطية، ثم إنشاء منطقة عازلة لاحقا. وقد رحبت أنقرة كثيرا بهذه التصريحات رغم أن "جراهام" ليس مسئولا رسمياً ولا يعبر عن رأى الإدارة. بيد أنه يعبر عن موقف "ترامب" من الملف السوري.
قضايا خلافية:
رغم احتواء التوتر الناجم عن اختلاف الأهداف في تسوية الملف السوري بين أنقرة وواشنطن، فإن ملف العلاقات بينهما يشمل العديد من القضايا والنقاط الخلافية الأخرى، التي ربما تفجر أزمة في أي وقت، ولعل نقطة البدء فيها هي الملف السوري رغم الاتفاق الظاهر بين "أردوغان – ترامب"، ولعل أبرز الملفات الخلافية بينهما تتمثل في:
*الترتيبات الأمنية بسوريا: اتفق ترامب وأردوغان على إقامة منطقة أمنية بشمال سوريا. فيما عدا ذلك، هما مختلفان. فأنقرة تريد أن يمتد عمق المنطقة إلى 32 كم داخل سوريا، بطول 460 كم أي علي نصف طول الحدود السورية - التركية البالغة 900 كم، بينما "ترامب" يرغب أن تبلغ المنطقة 20 كم فقط. كما تتمسك أنقرة برفض أي وجود لقوات الجيش السوري في تلك المنطقة، حتى لا تتعاون مع القوات الكردية ضد أنقرة. وتريد الأخيرة إجراءات وترتيبات تبعد هذه المناطق عن سلطة الدولة السورية المركزية، بحيث تخضع للنفوذ التركي، بغية نشر قوات "الجيش السوري الحر" فيها بعد ذلك، وأنقرة بهذا تريد فصل منطقة شمال سوريا، التي تمثل ربع مساحة سوريا فعليا عن الدولة السورية، ووضع قوات أمنية ومجالس محلية خاضغة لأنقرة لتضفي شرعية على احتلالها لتلك المنطقة الذي نفذته عبر عملية "درع الفرات" العسكرية في أغسطس 2016، وعملية "غصن الزيتون" في يناير 2018.
كما تعارض تركيا أى وجود للقوات السورية داخل مدينة منبج، وهو ما يمثل معضلة أمنية في التسويات النهائية للملف، لاسيما بعد انسحاب 400 جندي من قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي كانت مسيطرة على المدينة منذ منتصف 2012، وانتشار قوات تابعة للجيش العربي السوري بمحطيها الخارجي في 3 يناير 2019. أى أن أي تدخل عسكري تركي في هذه المدينة سيسفر عن مواجهة بين الجيش التركي والسوري، حيث تطالب أنقرة بتنفيذ "خارطة طريق منبج" التي وضعتها مع أنقرة في 4 يونيو 2018، وتنص على أن "تنسحب وحدات حماية الشعب الكردية، وهي الفصائل الكردية المنضوية في "قسد" من منبج وتسلم واشنطن الأسلحة"، ثم يتم انتخاب مجلس محلي لحكم المدينة. كما تطالب أنقرة واشنطن بتسليمها المناطق التي ستنسحب منها القوات الأمريكية، حيث تملك واشنطن 16 قاعدة عسكرية بسوريا، وكذلك تطالب أنقرة باسترداد السلاح المقدم لقوات "قسد". وهذا الخلاف نابع من اختلاف الأهداف فـ "أردوغان" يريد القضاء تماما على أى جماعات كردية مسلحة، بينما يرغب "ترامب" في الحفاظ على وجودهم، وعلى أمنهم بمناطق شمال سوريا.
* تسليم "فتح الله كولن": أعلنت الحكومة التركية غير مرة أن هناك مشاورات مستمرة مع واشنطن لتسليم المفكر الإسلامي التركي المقيم بولاية بنسلفانيا "فتح الله كولن"، والمتهم من أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب بـ15 يوليو 2016. بيد أن واشنطن نفت ذلك وأكد ترامب في مطلع يناير 2019 أنه لن يصدر هذا القرار لأنه يتعلق بالقضاء الأمريكي الذي لم يوجه أى اتهام لكولن، فضلا عن عدم اقتناع واشنطن بالأدلة المقدمة من أنقرة لإدانة الأخير.
* قضية الأرمن: من القضايا التي تزعج القيادة السياسية التركية هي إثارة قضية الإبادة الجماعية التي تعرض لها الأرمن على يد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وفي أبريل 2017 وصف "ترامب" مجازر الأرمن في 1915 بأنها "إحدى أسوأ الفزاعات الجماعية في القرن العشرين"، مما اعترضت عليه أنقرة لأنه "معلومات خاطئة" لترامب.
* خرق العقوبات الإيرانية: بدأت في 4 نوفمبر 2018 حزمة جديدة وقاسية من العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني. وقد أعلن "أردوغان" أنه لن يلتزم بها حرصا على الاقتصاد التركي والإيراني، حيث شهدت السنوات القليلة الماضية مضاعفة حجم التبادل التجاري بينهما. بيد أن ذلك تم بطرق غير قانونية من خلال خرق العقوبات الدولية على طهران، مما يعرض أنقرة للمساءلة الدولية. وهو ما يتم بالفعل حيث أدين في واشنطن رجل الأعمال الإيراني - التركي المتهم بقضايا فساد بأنقرة "رضا ضراب" لإتهامه في قضايا تتعلق بخرق العقوبات الأمريكية الاقتصادية المفروضة على إيران. وخلال التحقيقات تبين أن "ضراب" متورط مع الحكومة التركية نفسها وأفراد من عائلة الرئيس "أردوغان"، ولا تزال القضية قيد المحاكمة، فضلا عن رفض واشنطن للعلاقات المتميزة بين تركيا وإيران والتنسيق والتشاور المستمر بينهما في عدة قضايا لا تصب في المصالح الامريكية، ومنها الملف (السوري، والعراقي، ومحاربة الأكراد، ودعم جماعات الإسلام السياسي بالشرق الاوسط)، فضلا عن الموقف التركي الغامض من بسط النفوذ الإيراني بالدول العربية، وهو ما أعلن "ترامب" أنه سيعمل على تقليصه. فهل سيضحي أردوغان بمصالحه مع طهران لإرضاء حليفه الأمريكي؟
* صفقة (إس400) الروسية: أعلنت واشنطن رفضها لامتلاك أي من حلفائها الاستراتيجيين أسلحة روسية متقدمة. ورغم ذلك، وقعت أنقرة في 2018 عقداً مع موسكو لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس400)، وكذلك وقعت عقدا لشراء صفقة طائرات مقاتلة من طراز (إف35) الأمريكية وطلبت شراء صواريخ باتريوت الأمريكية بقيمة 3.5 مليار دولار. بيد أن وزارة الدفاع الأمريكية هددت أنقرة بفرض عقوبات جسيمة إذا أصرت على اقتناء صواريخ "إس400" الروسية. وأكد "أوغلو" أن بلاده ستحصل على الصفقات الروسية والأمريكية وترفض أي إملاءات أو شروط أمريكية في المقابل. بيد أن هذا مستبعد كثيرا، كما تنتقد النخبة الأمريكية التحالف الاستراتيجي الآخذ في التصاعد بين موسكو وأنقرة، مما يهدد المصالح الامريكية مع تركيا.
تحديات مستقبلية:
هناك العديد من التحديات الآنية والمستقبلية لتنفيذ التفاهمات التركية - الأمريكية حول إقامة منطقة آمنة بشمال سوريا، وهذا حال استمرت العلاقات التركية - الأمريكية المتذبذبة في مرحلة التحالف ولم تنجرف مرة أخرى للصدام، ومن بين هذه التحديات.
* تخبط الإدارة الأمريكية: لا تزال الإدارة الأمريكية تعاني التخبط عقب قرار "ترامب" بالانسحاب من سوريا وهناك مطالبات بإطالة أمد الانسحاب أو إلغائه، لاسيما في ظل تكرار استهداف القوات الأمريكية هناك. ففي يوم 21 يناير 2019، وقع تفجير استهدف رتل عسكري أمريكي كردي في الحسكة تبتنه "داعش"، مما يؤكد أن التنظيم باق ولم يهزم. كما تعالت الأصوات التي تشكك في قدرة تركيا على مواجهه بقايا التنظيم، ومنها الموفد السابق لواشنطن لدى التحالف الدولي ضد "داعش" "بريت ماكجورك" الذي كتب مقالا بصحيفة "واشنطن بوست" انتقد فيه قرار ترامب بالانسحاب من سوريا وأكد أن تركيا لا تملك الوسائل العسكرية اللازمة للقضاء علي "داعش" لأنها ليست شريكا يعتمد عليه في سوريا"، وكذلك رئيس مجلس النواب "نانسي بيلوسي" التي أكدت أن تهديدات التنظيمات الإرهابية لا تزال قائمة، وتستدعي التحرك بشكل أفضل من قبل الإدارة الأمريكية. هذه المطالبات تمثل قيدًا على تحرك "ترامب" الذي يعاني أزمة داخلية ناتجة عن الإغلاق الحكومي، فضلا عن تصاعد المواجهات بينه وبين الحزب الديمقراطي الذي فاز بانتخابات التجديد النصفي بالكونجرس في نوفمبر 2018، ويعترض علي قرار "ترامب" بالانسحاب من سوريا. ولذا، فربما يعرقل الكونجرس أي قرار يتخذه "ترامب" مستقبلًا بشأن علاقاته مع تركيا ووضع القوات الأمريكية في سوريا.
* مواقف دولية رافضة: أكد وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" رفض بلاده لإقامة منطقة آمنة بشمال سوريا وطالب بإعادتها لسيطرة الحكومة السورية وقوات الأمن السورية، واقترحت موسكو أن يكون عمقها حال نفذت 5 أو10 كم فقط، وبالطبع سيكون من الصعب جدا تنفيذ أي خطط أمنية في سوريا دون موافقة روسيا، أو دون تقديم تنازلات مناسبة لموسكو لتقبل بما ترفضه الآن، ومنها على سبيل المثال موافقة أنقرة على بدء العملية العسكرية بإدلب لتصفية البؤر الإرهابية فيها بعد سيطرة حركة "فتح الشام" علي المحافظة، وهذا سيؤدي لاستعادة دمشق السيطرة علي آخر معقل للفصائل المسلحة. ولذا، فإن هذا الملف سيصبح محور القمة التركية - الروسية المقررة في 24 يناير الحالي بموسكو. فالموقف الروسي الرافض لتمدد الوجود العسكري التركي بشمال سوريا كان سمة مشتركة مع ألمانيا وفرنسا اللذين رفضا أي عمليات عسكرية تركية جديدة في سوريا وتمسكت باريس ببقاء قواتها هناك لمحاربة "داعش".
* مقاومة سورية كردية: طالب قائد "وحدات حماية الشعب الكردية" "سيبان حمو" بأن تكون المنطقة الآمنة داخل الحدود التركية، وأكد أن قوات "قسد" ستحتفظ بذخائرها الأمريكية للرد علي أي هجوم تركي مستقبلي. هذا الموقف يتسق مع موقف الحكومة السورية التي رفضت إقامة منطقة آمنة وتعهدت بالتصدي لأي هجوم تركي مستقبلي علي الأراضي السورية، مما ينذر بتحالف كردي - سوري ضد العمليات التركية في شمال سوريا وشرق الفرات.
صفوة القول، نجد أن التفاهمات الأمنية الأمريكية التركية لشمال سوريا لا تزال قيد الدراسة، ومن المقرر قيام وزير الخارجية التركي "جاويش أوغلو" بزيارة لواشنطن في 5 فبراير 2019 لبحث ذلك الملف الذي سيحدد مستقبل التقارب الأمريكي- التركي الراهن. هذا التقارب يمثل معضلة في كل الحالات لأنقرة، فربما يتراجع "ترامب" عن تلك التفاهمات، إثر تصاعد استهداف قواته بسوريا مما يمنع إنشاء منطقة آمنة بشمال سوريا، وهذا سيؤدي إلى أزمة فى العلاقات بين أنقرة وواشنطن، أو ربما ينفذ تعهده "لأردوغان" ويفشل الأخير في القضاء علي العمليات الإرهابية، وحال نجاحه فإن أنقرة ستواجه معضلة جديدة، وهي الموقف الروسي والمقاومة الكردية التي ستنتقم من القوات التركية المنتشرة بشمال سوريا.