اختلفت ردود فعل القوي الدولية والإقليمية الأخري تجاه هذا الصعود الصيني. فعلي حين تعتبره الولايات المتحدة تهديدا مباشرا لأمنها ومصالحها وإخلالا بتوازن القوي في القارة الآسيوية لغير صالحها وحلفائها التقليديين، وفي مقدمتهم اليابان وكوريا الجنوبية، فإن روسيا، ورغم ما ينتابها من قلق نسبي، بالطبع، من تنامي قدرات الصين المجاورة - وما قد يصاحب ذلك من توسع اقتصادي وديموجرافي صيني في الشرق الأقصي الروسي قد يشكل فيما بعد خطرا علي سيادة روسيا - فإنها أكثر قبولا بالصعود الصيني، وتري أن الشراكة والتحالف هو السبيل الأمثل للتعامل مع الصين، وهو ما يمكن إيجازه بمقولة 'فلنصعد معا'.
وقد أكدت القيادة الروسية دوما هذا، فوصف الرئيس الروسي السابق ورئيس الحكومة الحالي، فلاديمير بوتين، العلاقات الروسية - الصينية بأنها: 'تحمل طابعا استراتيجيا وتتميز بالثقة، وارتقت إلي أعلي مستوي'. وأكد في أكتوبر 2010 أن 'الشراكة الاستراتيجية الحقيقية القائمة بين البلدين تستجيب لمصالح الشعبين علي المدي الطويل، وتساعد علي ضمان الأمن والاستقرار الدوليين، وأن العلاقات بين روسيا والصين قد بلغت أعلي مستوي لها حاليا علي مر تاريخها كله، وهي تتصف بتنمية التعاون الديناميكي والمتبادل المنفعة في جميع الميادين، وأن العلاقات الممتازة بين روسيا والصين تساعد علي توطيد الأمن والاستقرار في العالم'.
وأكد الرئيس ميدفيديف أن 'الصين التي باتت اليوم واحدة من القوي الدولية البارزة تلعب دورا مهما في تعزيز علاقات حسن الجوار والاستقرار والأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادي وعلي الصعيد العالمي برمته، وأن العلاقات الروسية - الصينية تتميز اليوم بطابع الشراكة الاستراتيجية بعد أن ارتقت إلي مستوي لم يسبق له مثيل من ذي قبل'.
ولعل تبادل 'العامين الوطنيين' بين روسيا والصين، وعقد فعاليات 'عام روسيا في الصين' ثم 'عام الصين في روسيا' تبادليا، منذ عام 2006، أحد أبعاد الشراكة متعددة الأبعاد ومتعمقة الجذور بين روسيا والصين. فروسيا تدرك جيدا التغير في ميزان القوي في العالم الذي بدأ يميل بقوة لصالح الشرق، وكون آسيا ساحة استراتيجية رئيسية للقرن الحالي من النواحي الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وأنه إذا لم تتمكن موسكو من توسيع نطاق حضورها في هذه القارة علي نحو كيفي، فإنها مهددة بأن تكون لاعبا ثانويا، ليس فقط في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وإنما علي الصعيد الدولي أيضا.