بما أن الفرد هو المكون الرئيسي لأي دولة، وإذا كان الشباب هو عماد الدول والحامي والمدافع عنها عبر التاريخ، فإنه فى الوقت الحالي يتم استهداف الشباب لتغييبهم، أو لتشويش أفكارهم بمعلومات مغلوطة. ومع التطور التكنولوجي بشكل مذهل، ظهرت حروب الجيل الرابع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، والتي من خلالها يتم بث معلومات مغلوطة، تؤثر بشكل مباشر فى عقول الشباب، بل يجعلهم يتخذون مواقف عدائية ضد دولتهم. وعلى الجانب الآخر، يتم إغراق الدولة بالمخدرات التي تُذهب عقول الشباب بالكامل، مع إدخال أنواع جديدة تؤدي الى الإدمان، فلا يستطيع الشاب أن يلتفت الى تحصيله العلمي أو العملي. بل إن الإدمان يؤثر فى القدرة العسكرية للدولة، لأنه يستهدف الشباب في تلك السن التي معها التجنيد الإلزامي، للدفاع عن الدولة، ومن هنا يحدث الخلل والتدمير الداخلي للدول.
إن ما يحدث الآن في سيناء من حرب شاملة على الإرهاب يوضح مدى الخطورة التي كانت ستتعرض لها الدولة المصرية وشباب مصر. فإلى جانب الإرهاب، كان سيتم إغراق الدولة بكميات ضخمة من المخدرات. ولو نظرنا الى الكميات التي يتم ضبطها يوميا من مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، لدلّ ذلك على المخطط الذي كانت تنتوي الجماعات الإرهابية، والدول التي خلفها، عمله لتدمير فئة من شباب مصر، في سن التجنيد والالتحاق بالكليات والمعاهد العسكرية.
لقد استطاعت القيادة المصرية والقوات المسلحة أن توقف ذلك المخطط، وتعمل فى سبيل المحافظة على الأمن الاجتماعي بصفته من أهم مجالات الأمن القومي المصري.
إن القوة العسكرية تتصف بالنظام والانضباط الشديد والصرامة أيضا وكذا الترابط والتماسك، حيث البناء التنظيمى القوى والإعداد الجيد تدريبيا ومعنويا للانتصار فى الحروب، وليس من السهل التأثير فيها، أو عليها بالسلب إلا فى حالات خاصة، مثل التركيب التنظيمى لها، فى حالة بنائه على أساس عرقى، أو دينى، أو مذهبى يمكن التأثير فيها .
كما أن القدرة الاقتصادية قائمة أساسا على بنيان وهياكل صناعية إنتاجية كبيرة وصغيرة تعتمد فى المقام الأول وأساسا على القوة البشرية للدولة والمؤهلة والمنتجة، وذلك لأن الدولة فى حاجة ملحة لتحقيق الإنتاج العالى والجيد لتغطية مطالب واحتياجات الشعب، وكذا للتصدير للخارج والحصول على العائد المادى للإنفاق على عناصر التنمية الشاملة للدولة.
ولدى النظر الى القوتين العسكرية والاقتصادية السابقتين نجد أنهما يعتمدان بشكل أساسى على القوة البشرية لهذه الدولة، والتى تتأثر وتؤثر فى الحالة الإجتماعية للدولة، وهى التى تمثل المجال الاجتماعى للأمن القومى لهذه الدولة، وبالدراسة والبحث فى هذا المجال الاجتماعى، أن التكوين الرئيسى له يكمن أولا فى القوة البشرية وأساسها الفرد، كما يكمن فى السكان حيث توجد الكتلة الحيوية لقوة الدولة الشاملة. وثانيا، يكمن فى السلوك والممارسات والأنشطة الاجتماعية لهذه القوة البشرية (السكان) توجد القوة السياسية الداخلية لقوة الدولة الشاملة وترتيبها (الخامسة) فيها و(الثانية) فى القوة الناعمة.
كما أن دراسة القوة السياسية الداخلية للدولة لمعرفة تلك الممارسات والنشاطات الاجتماعية والسياسية للقوة البشرية والسلوكيات السكانية نجد أنها تحتوى على كل ما يحقق للفرد آليات ونظام ومسئوليات للعمل، سواء فى مجال اختيار نظام الحكم، أو الحاكم نفسه، أو المجالس التشريعية مثل مجلس النواب والتى يختار ما يمثله فيهما من نواب وكذلك الاحزاب والنقابات العمالية والمهنية والجمعيات والمنظمات الحقوقية وجمعيات العمل الخيرى، وفى مجال التعليم نجد حقه فى الالتحاق بدءا من المدارس والمعاهد الى الجامعات، وفى مجال الثقافة من خلال التلفزيون والاذاعة والسينما والمسرح والمكتبات العامة لزيادة الوعى الثقافى له، وفى المجال الدينى والعقائدى يقوم بهما الأزهر والكنيسة، وفى المجال الرياضى نجد النوادى ومراكز الشباب، واخيرا الجهاز الإدارى للدولة الذى يقوم على تأدية الخدمات الحكومية للشعب، وكل ما سبق هو لتأهيل الفرد وبنائه لأنه الركيزة الأساسية للأمن القومى.
إن الإنسان هو العامل المؤثر في الأمن القومي، فهو القوة الفاعلة لمجالاته، وهو المَعْنِي بتحقيق أمنه، فرداً كان أو جماعة أو مجتمعاً. ويعطي هذا المفهوم أهمية بالغة للبعد الاجتماعي للأمن القومي، حيث يكون المطلوب هو حسن إعداد المواطن، ليؤمن ذاته وغيره. ويتضمن إعداد المواطن في صحته وعقله (ثقافته) وأخلاقياته وتقاليده (تراثه).وحتى يمكن تحقيق مطالب هذا المجال، فمن الضروري بحث مقوماته، وتحليلها، ودراستها، والتخطيط لتنمية جوانب القوة فيها، وعلاج نقاط الضعف.
وتدور دراسات هذا المجال حول الإنسان في خصائصه العددية، وخصائصه النوعية (كماً وكيفاً). أما خصائصه العددية، فهي تبحث نسبة تعداد السكان إلى مساحة الأرض، ومناطق التركيز السكانية، ومعدلات النمو، والتركيب العمرى، ودرجة التحضر ونسبة واتجاهات الهجرة الداخلية من الريف إلى المدن، ونصيب الفرد من الدخل القومي، ودرجة التماسك القومي، ونسبة الطوائف الأخرى (عرقية – أيديولوجية - مهنية)، والتركيبات المختلفة الأخرى المكونة للشعب، كل ذلك يتم حسابه فى الكتلة الحيوية فى قسم السكان، وهذه الكتلة الحيوية هى القوة الأولى فى قوة الدولة الشاملة.
ويهدف هذا المجال إلى إيجاد حالة استقرار للمجتمع، وإلى تماسك نسيجه، مع توازن العوامل السكانية والاجتماعية المختلفة. ويلحق بهذا المجال الشخصية المميزة للمجتمع، وميراثه الحضاري، وعاداته وتقاليده، والإطار الديني والثقافي للمجتمع.
ويتطلب تحقيق هذا المجال دراسة شاملة للمجالات الأخرى، والإمكانات التي تقدمها للبعد الاجتماعي لتهيئة المواطن الصالح، وكيفية استغلال عائد المجال الاجتماعي لمساندة المجالات الأخرى. وتنعكس الدراسة في شكل تحديد لخصائص المجتمع، شاملة مشكلاته السكانية وخصائصه.
وستظل القوات المسلحة المصرية تحمي الأمن القومي بمفهومه الشامل لتكون الدرع والسيف لهذا الوطن.