الحرب الشاملة التي تخوضها القوات المسلحة المصرية "سيناء 2018" تدور رحاها على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة للدولة، وتحقق يوما بعد يوم نجاحات وتقدم ضد العناصر الإرهابية التي تم زرعها في سيناء بعد أحداث 25 يناير 2011، وإبان حكم الجماعة الإرهابية لمصر، وضد بعض القوى الخارجية التى تقوم بتسريب بعض العناصر الإرهابية الى مصر، بعد القضاء على تنظيم داعش في العراق وسوريا، من أجل إدخال مصر في حرب جديدة مع تلك الجماعات، كما تقديم الدعم للعناصر الإرهابية في سيناء والتي تم حصارها خلال العامين الماضيين.
وإذا تتبعنا ما يحدث في تلك العملية الشاملة سنجد العديد من النقاط المتميزة، التي نفذتها القوات المسلحة المصرية، وهي كالآتي:
أولا- إن سيناء "2018" هي أضخم عملية عسكرية للقوات المسلحة المصرية بعد حرب أكتوبر، بل إنها تفوقت عليها في الانتشار على الأرض، حيث لم تشهد سيناء هذا الكم من القوات من الأفرع الرئيسية، والأسلحة المشتركة على مدار التاريخ، مما يثبت أن الجيش المصري مسيطر بالكامل على الأرض .
ثانيا- العملية العسكرية الأضخم لم تأت بشكل مفاجئ، ولكن تم التخطيط لها جيدا. فمنذ الأول من يوليو 2015، وهو تاريخ محاولة هجوم بعض التنظيمات الإرهابية في سيناء على 11 كمينا للقوات المسلحة في نفس التوقيت، تمت إبادة تلك الجماعات بالكامل، واتخذت القيادة العامة للقوات المسلحة قرارا بتنفيذ العملية العسكرية حق الشهيد بمراحلها الأربع، والتي استطاعت أن تكبد الجماعات الإرهابية خسائر كبيرة واستطاعت فرض طوق عسكري حول تلك الجماعات، ومهدت الأرض للحرب الشاملة.
ثالثا- انتشار القوات على الحدود الاستراتيجية المختلفة تم التدريب عليه منذ فترة كبيرة من خلال مناورة "بدر الكبرى" التي انطلقت في عام 1994، وكانت تنفذ كل أربع سنوات، وآخرها بدر 2016، وشاركت فيها جميع الأفرع الرئيسية المشتركة، والأسلحة المشتركة على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة ونفذت فيها عمليات النقل، وإدارة المعارك والفتح الاستراتيجي، والدعم اللوجيستي للقوات على جميع المحاور في نفس الوقت، وهو ما ينفذ الآن في الحرب الشاملة على الإرهاب.
رابعا- اكتشاف القوات المسلحة لهذا الكم من الأسلحة والمعدات العسكرية والمتفجرات ووسائل الاتصالات الحديثة ومراكز الإعلام تابعة للتنظيمات الإرهابية دليل دامغ على تورط بعض الدول وأجهزة استخبارات تسعى الى دعم تلك العناصر الإرهابية على الأرض، من خلال مئات الملايين من الدولارات التي يتم إنفاقها.
خامسا- هناك تحالف واضح بين تجارة المخدرات والإرهاب، والاثنان يعملان معا بشكل متواز، بدليل ضخامة كمية المخدرات التي يتم ضبطها يوميا، وإذا ما تم تهريبها الى الدلتا فسيكون لها أثر كبير على تدمير الشباب المصري، الذي هو عماد الدولة في الوقت الحالي، كما يتم الاستفادة من عائد بيع تلك المواد المخدرة في دعم الجماعات الإرهابية.
سادسا- استمرار استخدام الإنفاق في عمليات التهريب. فعلى الرغم من تدمير أكثر من 4200 نفق خلال الأعوام الماضية وإغراقها بالمياه، إلا أنه يتم يوميا اكتشاف إنفاق جديدة تؤثر بشكل مباشر في دعم تلك التنظيمات.
سابعا- وجود عناصر أجنبية بكميات كبيرة يتم إلقاء القبض عليهم يوميا دليل على محاولة توطين الجماعات الإرهابية العابرة للحدود منذ فترة في أرض سيناء، وقد تم من قبل في عملية كمائن الرفاعي قتل أعداد كبيرة من المرتزقة الأجانب.
ثامنا- السيطرة المصرية الكاملة على البحر المتوسط، من خلال نشر القطع البحرية لحماية السواحل وأيضا المياه الإقليمية والاقتصادية والدولية أيضا، ويأتي ذلك طبقا للقانون البحري الذي يجيز لأي دولة في حالة حرب أن تنفذ قانون حق الزيارة والتفتيش لأي سفن تشك الدولة في حمولتها، ومن الممكن أن تؤثر على سير عمليات القتال. إذن فالقوات البحرية المصرية تمنع أي سفينة تشك في حمولتها من سلاح أو أفراد ولها الحق في مصادرة السفينة لحين الانتهاء من التحقيقات، وبذلك قطعت أي دعم لوجيستي عن طريق البحر، حتى ولو عن طريق دولة أخرى تذهب إليها السفينة.
إضافة إلى ذلك، فالتدريبات التي تنفذها القوات البحرية في مياه المتوسط، ومشاركة حاملة الطائرات وقوات الصاعقة البحرية، وإطلاق الصواريخ (أرض/بحر) و(بحر/أرض) و(سطح/سطح) من القطع البحرية المختلفة الطرازات، هي رسالة ردع لاي قوة تفكر في تهديد الأمن القومي المصري، أو المنشات الاقتصادية المصرية في المتوسط.
وما ينطبق على المتوسط ينطبق على البحر الأحمر، من خلال السيطرة الكاملة على المجرى الملاحي لقناة السويس وتأمينه، وايضا السيطرة على باب المندب من خلال القطع البحرية الموجودة هناك منذ بدء عملية عاصفة الحسم في اليمن، وأيضا وجود الأسطول الجنوبي في سفاجا والذي تم تدشينة العام الماضي.
تاسعا- رسائل الردع التي تم توجيهها للجماعات الإرهابية الموجودة في ليبيا، وأنها أصبحت في مرمى النيران إذا ما حاولت التسلل مرة أخرى إلى الأراضي المصرية، وبالفعل تم تدمير عدد من السيارات المحملة بالأسلحة مع بدء العملية سيناء 2018، بواسطة القوات الجوية، وأن القوات المسلحة المصرية قادرة للوصول إلى أبعد نقطة في اي مكان لضرب الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى تهديد الحدود المصرية.
عاشرا- إدارة العمليات العسكرية على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، والتنسيق المستمر وسرعة رد الفعل، دليل على القدرات العالية للجيش المصري في إدارة أعمال القتال باحترافية عالية.
إن الحرب التي تخوضها مصر حاليا هي من أقوى الحروب وأشرسها، لأنه يتم قتال جماعات إرهابية غير واضحة المعالم والتحركات وتتخذ من المدنيين دروعا بشرية، وتتطلب احترافية عالية في الأداء، لعدم تعريض المدنيين الأبرياء للخطر وقت التنفيذ، كما أنه يصعب على الجيوش النظامية مواجهة تلك الجماعات، وهو ما فشلت فيه أعتى جيوش العالم، إلا أن القوات المسلحة المصرية قامت بالتدريب بشكل احترافي عالٍ من خلال إنشاء قوات التدخل السريع ورجال العمليات الخاصة والمظلات، التى تقدم يوميا ملحمة بطولية في تنفيذ تلك المهام، وستكلل بالنجاح بمشيئة الله.
وكما أذهلت حرب اكتوبر المجيدة العالم، أيضا ستذهل "عملية سيناء 2018" العالم مرة أخرى، وسيتم تدريس جميع الخطط في المعاهد العسكرية العالمية في كيفية تنفيذ عمليات عسكرية ضد جماعات الإرهاب العابر للحدود.