منذ أربع سنوات وأنا أحاول جاهدا بشكل فردى نقل الصورة الصحيحة عن مصر، وعما يحدث داخلها، ولكني دائما كنت أطمع في تكوين لوبي مصري وطني يحافظ ويدافع عّن مصالح مصر في الخارج، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توجد دوائر صناع القرار التي لا تؤثر فقط في السياسات الثنائية بين البلدين، مصر والولايات المتحدة الأمريكية، بل أيضا تؤثر بشكل قوي في السياسات الدولية والعالمية، نظرا لقوة وأهمية الولايات المتحدة كأكبر الدول العظمي علي الأقل في هذه الحقبة من التاريخ.
كنت أتمني أن يتحد المصريون في الخارج للتصدي لمخططات تقسيم الوطن والدفاع عن مصالحه، لكن للأسف كانت هناك عوامل كثيرة تحول دون تحقيق هذا الهدف لاحقا.
بدأت الفكرة تراودني، حينما قررت الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة باراك أوباما إدارة ظهرها لمصر إبان ثورة ٣٠ يونيو، برغم احتياج مصر إلى كل الدعم من حليف استراتيجي مثل الولايات المتحدة. لكن للأسف، كانت الأخيرة قد أبرمت صفقاتها مع الشيطان، وأصرت علي وصول جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية إلى سُدة الحكم في مصر، كما دعمتهم ماديا ولوجيستيا.
قررت أن اذهب إلى دوائر صناع القرار الأمريكي من أعضاء الكونجرس، وغيرهم من السياسيين والإعلاميين الأمريكيين، وحاولت بمجهودي المتواضع أن أنقل الصورة الحقيقية عن ثوره ٣٠ يونيو، بعد الصورة المغلوطة التي نقلتها شبكات الأخبار العالمية، مثل CNN عن مصر والتي أثبتت الأيام أنها قناه مسيسة ليس لها أي نوع من المصداقية في حرية الصحافة وغيرها من الشعارات التي يدعو إليها الغرب.
وعلي مدى أربع سنوات من العمل في هذا الملف، قمنا بسلسلة من المؤتمرات والندوات، فضلا عن برامج التليفزيون في موضوعات مهمة يأتى علي رأسها محاربة الإرهاب في "سلسلة معا نقف متحدون united we stand"، وأيضا سلسلة مؤتمرات وندوات العلاقات المصرية - الأمريكية تحت عنوان: "فصل جديد في العلاقات المصرية - الأمريكية".
وتكلل هذا المجهود بتنظيم جلسة استماع منذ أيام قليلة داخل الكونجرس الأمريكي، تحت عنوان "محاربة الإرهاب"، والتعليق علي ما طلبه الرئيس عبدالفتاح السيسي بإدراج محاربة الإرهاب علي رأس قائمة حقوق الإنسان في منتدى شباب العالم، وأيضا مناقشة قضايا الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، ودور مصر في محاربة الإرهاب ومواجهته وجها لوجه. أضف إلى ذلك، شرح دور جماعة الإخوان المسلمين في نشر الفكر التكفيري في المنطقة، وأيضاً تأكيد أهمية العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر كحليف استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، وموقف مصر من الدول الداعمة للإرهاب، والتي لابد وأن تتخذ الإدارة الأمريكية والكونجرس موقفا جادا بشأنها لمنع تمويل هذه الدول للجماعات الإرهابية في المنطقة، وعلي رأسها، قطر، وتركيا و إيران.
وأوضحت في هذه الجلسة بأن مصر اختارت أن تواجه الإرهاب وجها لوجه على أراضيها، وبالنيابة عن العالم، دون مساعدة من أحد، كما تطرقت إلى مخاطر الإرهاب على الإنسانية، ومخاطر دعمه لمصلحة أجندات دول على حساب دول أخرى.
كما استنكرت في كلمتي التخبط في قرارات الكونجرس الأمريكي تجاه حليف استراتيجى في منطقة الشرق الأوسط، مثل مصر التي تواجه أعنف الهجمات الإرهابية، وسردت مواقف غير مفهومة للإدارة الأمريكية السابقة تجاه مصر، وأشرت إلى أنه رغم تحسن العلاقات بين الإدارة الحالية ومصر، فإن هناك بعض المؤسسات الأمريكية والمشرعين الأمريكيين يتعاملون معها بشكل لا يتناسب مع العلاقات الآنية.
ومن الواضح أن بعض الديمقراطيين والليبراليين يواصلون عرقلة قرارات الرئيس دونالد ترامب تجاه السياسات الخارجية، وخاصة الشرق الأوسط، تأثرا بما يحدث في الداخل، حيث إنه لابد ألا تؤثر الخلافات الداخلية فى سلامة الإنسانية، وفى اتخاذ قرارات صحيحة تحمى المواطن الأمريكي والديمقراطيات في العالم.
وطالبت الكونجرس أن يتخذ إجراءات قانونية سريعة تجاه المنظمات والكيانات الإرهابية التي تستغل مبادئ وقيم المجتمع الأمريكي، والتسهيلات التي تمنحها الولايات المتحدة للأجانب، ولتسئ استخدام الحريات وترسخ مبادئها العدائية للبشرية.
وفيما يخص المعونة الأمريكية، فلا أجد سببا مقنعا لقرار خفضها، كما طالبت أيضا الكونجرس بدعم مصر بشكل مباشر استراتيجيا، واستخباراتيا، وماديا، وتفُهم أن ما يحدث في مصر هو مرحلة انتقالية تستوجب على القيادة السياسية خلال تعاملها مع الإرهاب الحفاظ على الأمن القومي، بما لا يتعارض مع حقوق الإنسان، لأنه ليس من المعقول أن يتجاهل المجتمع الدولي حقوق من ماتوا، ومن شردوا، ومن تيتموا بفعل جرائم الإرهاب وينتبه فقط لبعض التجاوزات، أو بعض التقارير غير الدقيقة، والموجهة، والمدفوعة الأجر في بعض الأحيان، لتشويه صورة مصر في الخارج، واستدللت بمقولة الرئيس عبدالفتاح السيسي: إن محاربة الإرهاب حق من حقوق الإنسان
وفي هذه الجلسة، تحدث بعض الأعضاء من مجلس الشيوخ، والكونجرس، ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، وكلهم أجمعوا على الدور الكبير الذى تقوم به مصر في محاربة الإرهاب، وسط إشادات بالغة بالرئيس عبدالفتاح السياسي وحكمته ودبلوماسيته وأكدوا ضرورة إدراج جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب، كما وقف الجميع حدادا على أرواح شهداء حادث مسجد الروضة، وحوادث الإرهاب في العالم.
واستفاض السيناتور الأمريكي ريتشارد بلاك، عضو مجلس الشيوخ، خلال الجلسة في الإشادة بما تقوم به مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، ووصفه بأنه أحد قادة العالم العظماء، وأنه رجل حكيم، ودبلوماسي، وواقعي وأشاد بقيادته الحكيمة في الحرب على الإرهاب.
وهاجم السيناتور بلاك جماعة الإخوان المسلمين، وأكد أن مصر كانت ضحية نظام الإخوان، وشدد على ضرورة إدراجها في قوائم الإرهاب، وقال: إذا كانت القاعدة هي الذراع المسلحة للتنظيمات الجهادية المسلحة، فإن الإخوان هم الذراع السياسية.
كما ثمَّن موقف ورؤية وبصيرة السيسي، حين لم يستمع لما كان الرئيس المعزول محمد مرسي يعتبره تعليمات باستخدام العنف ضد المظاهرات التي خرجت ضده، والتي طالبت بعزله.
وسرد تاريخ الإرهاب مع الولايات المتحدة، الذي بدأته في السبعينيات، حيث كلفت الولايات المتحدة السعودية بتدريب الشباب الفقير من باكستان على السلاح ودرَّسوا لهم الفكر الوهابي، وكان من الطبيعي أن تكتوى بالنار التي أشعلتها.
صحيح أن أمريكا استفادت، وفككت الاتحاد السوفيتى، لكنها دفعت الثمن غاليا، لأنها أحضرت العفريت ولم تستطع صرفه. فمثلا، الولايات المتحدة هى من دربت أسامة بن لادن، الذي أسس القاعدة، ودبر أحداث ١١ سبتمبر.
أيضا، استفاض السيناتور الأمريكى، ريتشارد بلاك، في تفاصيل حول كيف تسهم الولايات المتحدة في زعزعة استقرار الشرق الأوسط، وشنت حروبا في عدة دول عربية كانت مستقرة، لكنها لم تحقق أى مكسب، وأشار إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها "داعش"، تم دعمها في البداية من بعض الدول العربية، وتم إطلاق داعش على بعض الدول، مثل العراق، وسوريا، وليبيا. وكانت جميعها فى هذا الوقت مستقرة.
إذن، كما يقول بلاك، أمريكا هي السبب في دعم وتوسيع دائرة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، وساعدت التنظيمات الإرهابية بالأسلحة، والدعم المادي واللوجيستى، والتدريب، بالإضافة لدور دول أخرى كبريطانيا وفرنسا وبعض الدول العربية.
أحد الحضور في الجلسة المشار إليها كان المستشار باد ماكفارلن، مستشار الأمن القومي الأسبق، خلال فترة رونالد ريجان، الذي يعد شخصية سياسية مخضرمة. فقد وجه هذا الرجل دعوة صريحة لمؤسسات الولايات المتحدة بمساندة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس مصر، والتي يبلغ تعدادها ١٠٠ مليون نسمة، كما دعا إلى إدراج جماعة الإخوان المسلمين، كجماعة إرهابية، لافتا إلى أن إدراج الإخوان كجماعة إرهابية سيؤدي لتسهيل المعاملات المالية والقروض، وسيساعد الرئيس المصري في خططه لإعادة بناء الاقتصاد المصري.
وحذر ماكفارلن من أن أكبر خطر يهدد منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة والبشرية هو الإرهاب، وأشار إلى أن الشرق الأوسط يواجه ثلاثة تحديات هى الاستقرار في المنطقة، والعنف والتطرف، والخطر الذي تشكله إيران، من خلال أحلامها التوسعية وخطط روسيا بالمنطقة.
من جانبه، وجه النائب دانا روهرباكر، عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، دعوة صريحة بدعم الرئيس المصري، وشدد على أن الولايات المتحدة يجب أن تتعاون مع قادة، مثل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في محاربة الإرهاب
ودعا الجميع للوقوف مع المسلمين المعتدلين الذين لا يؤيدون قتل الآخرين، لمواجهة شر الإرهاب الذي يهدد كوكب الأرض والإنسانية، والذي يزداد وحشية كل يوم، وقال يجب أن ندعم القادة المؤثرين، وأيضا الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي يحارب الإرهاب، ولابد من التواصل مع هذه القيادات، وأتمنى القضاء على الإرهاب قبل أن أغادر كوكب الأرض.
أما النائب لوى جومارت، عضو الكونجرس عن ولاية تكساس، فكشف عن مفاجأة سارة في مصلحة مصر، وهى أن عددا من أعضاء الكونجرس عقدوا اجتماعا وأرسلوا خطابا إلى البيت الأبيض يتضمن طلب تجميد شيكات مالية تقدم كدعم من الدولة موجهة لمصلحة بعض الجمعيات التي تدعى أنها تحارب الفكر الإرهابي.
وتضمن الخطاب المطالبة بالتحقيق، والتأكد من مصداقية هذه الجمعيات. واللافت أن هذه الجمعيات تم اختيارها خلال فترة الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي كانت ميول إدارته للإخوان.
أيضا، شهدت الجلسة رجل الأعمال محمد شفيق جبر، رئيس مؤسسة جبر لفن الحوار بين الشرق والغرب، حيث حملت رسائل مهمة بضرورة التعاون بين مصر والولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب لعدة أسباب، أولها: أن الإرهاب لا رب ولا دين له، وثانيها: التطور التكنولوجى المذهل يمكن الإرهابيين من استخدامهم للشر، وإذا لم نتحرك سريعا سندفع جميعا الثمن.
ووجه رسالة تذكير بأهمية دور مصر في الشرق الأوسط، فإذا كانت أمريكا دولة عظمى في العالم، فإن مصر دولة عظمى في الشرق الأوسط، وهى رمانة الميزان.
ووجه رسائل تذكرة للأمريكان للتحذير من خطر الإخوان، حيث قال إنه يود أن يذكِّر الجميع أن الإخوان المسلمين قالوا إنهم سيبذلون ما في وسعهم لتحطيم الدولة المصرية، لكن الشعب المصري أدرك المخطط ويقف خلف الرئيس كي لا يعود هذا التنظيم الإرهابي الذي حاول تغيير هوية المصريين. وقال أيضا: لا تنسوا أن مرسي تم تجنيده لجماعة الإخوان في كاليفورنيا، وطالب الكونجرس بإدراج الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية. لكن جبر انتقد في كلمته عدم وجود تفاعل كامل بين القاهرة وواشنطن، وأن رسائل واشنطن، في بعض الأحيان، تكون بعيدة عن أرض الواقع.