انتهى الأسبوع الماضي التدريب البحري الجوي المشترك بين مصر واليونان (ميدوزا – 5) في المياه الإقليمية للبلدين، وحققت تلك التدريبات العديد من الأهداف التي وضعت، خاصة عمليات الإرهاب العابر للحدود، والهجرة غير الشرعية، وتأمين المناطق الاقتصادية، فى إطار التقارب المصرى-اليونانى، فى ظل التهديدات التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة البحر المتوسط الذى تتشارك مصر واليونان فيه مع الدول الأخري، وأيضاً فى ظل تبادل الاستراتيجيات والرؤى التى تحقق الأمن للطرفين فى الوقت الحالي. كما تمثلت أهمية الزيارة فى زيادة فرص التعاون العسكرى وتصنيع السلاح بين البلدين، والتعرف على الخبرات المصرية فى هذا المجال، من خلال وزارة الإنتاج الحربى، والمصانع التابعة لها، والهيئة العربية للتصنيع.
إن منطقة البحر المتوسط أصبحت فى الوقت الراهن من أخطر المناطق، حيث أصبحت مرتعا لعمليات تنقل الإرهابيين، وأيضا الهجرة غير الشرعية، والتى أصبحت عبئا حقيقيا على دول شمال المتوسط. أيضا هناك أطماع عديدة من قبل القوى الغربية للسيطرة على المجرى الملاحى، وتسعى كل قوى لفرض نفوذها عليه، فى ظل وجود الثروات التى تتمتع به، خاصة الغاز الطبيعى، والذى تم اكتشافه فى الحدود البحرية المصرية بعد الترسيم مع اليونان وقبرص.
وضعت السياسة العسكرية المصرية استراتيجيتها للانفتاح على جميع المدارس العالمية للاستفادة من الخبرات المختلفة، بالاضافة الى تنوع مصادر السلاح، ونقل التكنولوجيا الحديثة إلى مصر. ومن الأهمية بمكان فى التعاون مع اليونان والتقارب عسكريا معها، أنها شريك فى المتوسط والترتيبات الأمنية التى تسعى مصر إلى تنفيذها لحماية أمنها القومى. لذا، يجب أن تكون اليونان ودول أخرى فى شمال المتوسط فى تنسيق كامل معها.
إن اليونان من الدول صاحبة القدرة العسكرية العالية، وهى عضو فى حلف شمال الأطلنطى )الناتو) وخبراتها عالية فى مجال القوات البحرية والجوية، لذا فقد نفذت القوات المسلحة المصرية العديد من المناورات البحرية والجوية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وحققت المناورات أهدافها كاملة، وهى لاتزال مستمرة.
وقد حان الوقت لتبادل الخبرات فى مجال نقل الخبرات فى مجال تصنيع السلاح. فمصر تمتلك قدرات عالية فى مجال التصنيع العسكري، وتحقق العديد من الطفرات فى هذا المجال الذى أصبح ضرورة ملحة. فالدولة التى لا تستطيع أن تصنع سلاحها لن يكون لها القدرة على حماية اقتصادها وأمنها القومى، فى ظل التوترات والحسابات الجديدة التى تطرأ على العالم، وعلى منطقة الشرق الاوسط بالتحديد. لذلك فمصر دائما تسعى الى الاستفادة من خبرات بعض الدول فى هذا المجال، خاصة اليونان فى الوقت الراهن.
لقد استطاعت مصر خلال الأعوام التى تلت ثورة يونيو أن تحقق قفزات غير مسبوقة فى مجال التسليح حتى اصبحت الآن القوة البحرية الأولى فى الشرق الأوسط، بعد امتلاكها حاملتى مروحيات والعديد من القطع البحرية الحديثة، التى تستطيع من خلالها حماية السواحل الممتدة من البحرين المتوسط والأحمر، من أية اعتداءات، وخاصة الإرهاب العابر للحدود، والذى أصبح ظاهرة، ويتم تمويله من دول كبرى لشن حرب بالوكالة فى المنطقة، لذا نجح الفكر المصرى العسكري، فى امتلاك سلاح يتم من خلاله الوصول الى العدو قبل تسلله الى داخل الدولة.
تتعرض الدول المطلة على المتوسط للعديد من التهديدات التى تؤثر فى أمنها القومى، ومنها تجارة المخدرات التى تنشط فى المجرى الملاحى، وتهدد بشكل مباشر الأمن الاجتماعى. وقد وضع العديد من الدول خططها للقضاء على عمليات التهديد، وكان لحلف شمال الأطلنطى العديد من الخطط لمواجهة تلك الظاهرة، بالتعاون مع دول جنوب المتوسط، وأيضا عمليات الهجرة غير الشرعية التى أصبحت آفة حقيقية تهدد استقرار الدول .
يعد التقارب المصرى-اليونانى فى الوقت الراهن إضافة قوية للدولة المصرية، خاصة فى المجال العسكرى، لبحث جميع التهديدات التى تحدق بالمنطقة، كما أن اليونان هى الأخرى ستستفيد كثيرا من هذا التقارب مع القوات المسلحة المصرية، ولا يمكن أن ننسى أن الدول القوية هى التى تتسارع الدول الأخرى لتنفيذ تقارب عسكرى معها. ومع زيادة القدرة العسكرية المصرية، نجد هناك سعى بعض الدول للتقارب العسكرى مع مصر. إذ هناك روسيا، وفرنسا، وحلف شمال الأطلنطى، واليونان، وغيرها من الدول العربية.
إن التهديدات والتحديات فى الوقت الراهن أصبحت مختلفة تماما عن السابق. فالاعتداءات باتت مختلفة، والخطط العسكرية القديمة لم يعد لها مكان فى ظل اختلاف العدو، لذا فمصر تسعى إلى الانفتاح على معظم دول العالم الصديقة والشقيقة من اجل الحصول على اكبر استفادة، والوصول للصيغة المناسبة للوقوف بقوة أمام اى تهديد.