الأخبار القادمة من سواحل اليمن محزنة، فالمأساة الناتجة عن وفاة عشرات المهاجرين الأفارقة غرقاً على أيدي مهربين أجبروهم على القفز إلى البحر، ليست جديدة، فأحداث شبيهة وقعت خلال السنوات القليلة الماضية، حيث انتهى المطاف بالعشرات من اللاجئين غرقاً في شواطئ اليمن، خاصة في أبين وشبوة وعدن، حيث يلجأ الفارون من نار الأوضاع في القرن الإفريقي إلى عبور اليمن، للوصول إلى دول الخليج أو إلى أوروبا في وقت لاحق، إذا ما نجحوا في الوصول إلى مكاتب المنظمات الأممية العاملة في اليمن.
يلقى فرع منظمة الهجرة الدولية في اليمن صعوبات جمة في مواجهة التدفق الكبير من المهاجرين القادمين من إفريقيا إلى المناطق الساحلية اليمنية، التي تعاني هي الأخرى من مشاكل وأزمات منذ عام 2011، حيث ينشط تجار ومهربون في كل من إثيوبيا والصومال في استغلال رغبات الناس في الهجرة، ثم يلقون بهم في البحر قبل الوصول إلى الشواطئ اليمنية، بعضهم ينجح في الوصول إلى مبتغاهم فيما يلقى العشرات حتفهم، فيصلون إلى الشواطئ جثثاً هامدة.
خلال يومين من الشهر الجاري تم العثور على جثامين 34 مهاجراً من بين 150 أجبرهم مهربون على القفز إلى المياه عندما رأوا دورية بحرية تقترب منهم، حيث كان يأمل هؤلاء في الوصول إلى اليمن ومن ثم الانتقال إلى دول الخليج أو أوروبا.
يقول مسؤول في منظمة الهجرة الدولية إن معاناة المهاجرين عبر البحر شديدة للغاية؛ فالكثير من الشباب يدفعون الأموال للمهربين على أمل كاذب في مستقبل أفضل، فهم ينظرون إلى اليمن كبوابة إلى دول الخليج الغنية أو أوروبا.
حسب إحصائية المنظمة فإن ما يقرب من 55 ألف مهاجر غادروا القرن الإفريقي إلى اليمن خلال العام الجاري، ولا يزال الآلاف ينتظرون العبور إليه، أملاً في النجاة، وبالتالي تحقيق حلمهم في الفرار من الأوضاع التي يعيشونها.
يصل المهاجر الإفريقي إلى اليمن، فلا يبقى فيها إلا فترة قصيرة، يبدأ بعدها رحلة شاقة أخرى عبر المناطق اليمنية الوعرة للوصول إلى السعودية، فيواجهون الكثير من التحديات، من أبرزها استغلالهم من قبل الأطراف المتقاتلة للانضمام إلى صفوفها، وقد وجدت جثث الكثير منهم في جبهات الحرب، خاصة في صعدة وحجة، حيث يتم استغلالهم من قبل المتمردين بمقابل مادي ضئيل.
المهاجرون الذين يلجؤون إلى المخيمات التي تشرف عليها منظمة الهجرة الدولية، الواقعة في منطقة خرز بمحافظة لحج، شمال مدينة عدن، يكونون أكثر أماناً، حيث يجدون بعض الاهتمام والرعاية، قبل أن يعاد ترحيلهم مجدداً إلى بلادهم وفق مبادرة «العودة الطوعية»، خاصة وأن إمكانية دمجهم في بيئة العمل في اليمن لم تعد مجدية كما كانت سابقاً، في ظل الأوضاع التي يعيشها اليمن اليوم، على عكس السنوات السابقة، حيث كانوا يدمجون في هذه البيئة عبر وسائل مختلفة، مع أنها كانت تتعارض مع فكرة قبولهم لاجئين في مخيمات تابعة للأمم المتحدة، ما سبب مشكلة اجتماعية وأمنية للسلطات اليمنية، خاصة في عدن ولحج، الأكثر تضرراً من موجة الهجرة الإفريقية.