مما لا شك فيه أن ارتباط قطر بالإرهاب أصبح يقينا لدى العالم أجمع، وليس فقط دول المقاطعة الأربع ( السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين)، اتساقا مع أحداث الإرهاب التي يتورط فيها نظام الدوحة تمويلا، وتخطيطا، وتدريبا، وتسليحًا، وإيواء، بالإضافة إلى الدعم الإعلامى الممنهج، من خلال قناته المأجورة.
من هنا، تأتي العملية الإرهابية في سيناء صباح الجمعة 7 يوليو 2017 ،التي واجهها أبناء قواتنا المسلحة، معبرة عن ملحمة جديدة، تضاف إلى سلسلة بطولاتهم على أرض الفيروز، والتى قدموا فيها أرواحهم فداء لأبناء وطنهم بكل تجرد وإباء، بل ودون مزايدة على أحد.
فعندما جاءت الرابعة فجرًا، تقدمت عناصر الإرهاب، وطوقوا نقطة الارتكاز الثابتة بمنطقة البرث في سيناء بأسلحة مضادة للطائرات لمنع تدخل القوات الجوية، ونشروا العبوات المتفجرة على طرق الاقتراب لمنع تدخل الدعم البرى لنقطة الارتكاز. لكن بسالة أبناء مصر قاومت كل هذا، وقتلت 40 تكفيريا وإرهابيا، بالإضافة إلى تدمير 6 من المركبات المدرعة.
لكن إحدى هذه المركبات، والتى كانت تحمل كميات كبيرة من المفرقعات، اقتحمت الكمين فجأه وانفجرت، فكانت خسائر الأبطال الذين ضحوا بأرواحهم، دونما أى تملص أو تردد.
السؤال هنا: لماذا هذه العملية الإرهابية الآن؟ الإجابة على هذا السؤال تكمن في طبيعة المشهد السياسى الإقليمى والدولى، إذ نجد أن هناك أدلة دامغة على تورط النظام القطرى فى بعض الأعمال الإرهابية فى العديد من البلدان العربية، بالإضافة إلى محاولة قلب أنظمة حكم فى بلدان عربية أخرى، كما أن قطر أسهمت فى دعم مرشح على آخر فى الانتخابات الأمريكية.
بل إن هناك دلالات أخرى على تورط تركيا وإيران فى كثير من الأحداث، سواء فى سوريا، أو ليبيا، أو العراق. فلا يخفى على أحد دعم قطر للعناصر الإرهابية فى ليبيا، بما يعادل 8 مليارات دولار، ودعم "داعش" فى العراق وسوريا بمبالغ مقاربة، خلافا للدعم اللوجيستى. ولعل مشهد "داعش" فى كل مناطق تمركزها يدلل على ذلك، فالعربات، وتسليحها، والشكل، والزى الذى يرتديه هؤلاء الدواعش يدلل على دعم قوى إقليمية مدعومة من قبل أجهزة مخابرات.
إذن. تورط قطر، وتركيا، وإيران بالأدلة فى العمليات الإرهابية يمكن أن يتجه بنا نحو ما حدث صباح الجمعة في سيناء، لاسيما إذا أضيف لذلك النجاحات التى تحققها الجيوش العربية والشرعية فى كل من العراق بتطهيرالموصل، وسوريا فى دير الزور والرقة، وليبيا فى درنة وبنغازى. ومعلوم أن الشبكة الإرهابية متواصلة ومرتبطة ببعضها بعضا، وقد يكون هذا سببا آخر.
أيضا، فإن قواتنا المسلحة المصرية، من قوات جوية وحرس حدود، نجحت فى إفشال محاولة اختراق الحدود الغربية المصرية من قبل بـ 12 مركبة محملة بالأسلحة، والذخائر، والمفرقعات وتدميرها، مما قد يكون دلالة أخرى، فضلا عن النجاحات التى تتحقق فى ملف السياسة الخارجية المصرية، والزيارات الناجحة للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومشاركة مصر فى كل المنتديات الاقتصادية، والنجاح المصرى في حل الأزمات الاقتصادية.
ولا ننسى، هنا، النجاحات التى نفذتها عناصر الأمن الوطنى، فقد كشفت عن خلايا إرهابية بين ثنيات المجتمع المصرى، وفى بعض الأماكن غير المتوقعة، وآخرها خلية الدقهلية. زد على ذلك أيضا محاربة فساد الداخل، والإصرار على استرداد حق الشعب فى أراضى الدولة.
كل هذا قد يكون سببا، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فيما حدث فجر الجمعة في سيناء، ولكن تأتى ردة فعل الشعب المصرى على ذلك، حيث تجمع عن بكرة أبيه، رافضا كل أساليب الدمار التى تنتهجها قوى الشر، مطالبا بالثأر، وأكد أنه لا مجال للمصالحة مع قطر، أو التنازل عن الشروط التى وضعتها الدول العربية مجتمعة لعودة قطر إلى رشدها.
لكن استمرار قطر فى عنادها لا يعود إلى قوة تمتلكها، ولكن بحجة استقوائها بالقواعد الأجنبية على أراضيها ، سواء أكانت تركية أم أمريكية، وهذا يدل على أنها مسلوبة الإرادة والسيادة، وتنفذ ما يملى عليها، وليس لها قرار حر أو نابع من اقتناعاتها، ولكنها دولة خائنة ومشوشة تدور فى فلك من يقودها.
ولعل استعراض كيفية دخول مركبات الإرهابيين إلى سيناء، وأماكن اختبائها، وكيف تحركت إلى أن وصلت إلى مشارف الكمين، كل ذلك يؤكد أهمية أبطال مصر فى سيناء من القبائل والعشائر، الذين لا يزايد أحد على وطنيتهم، فهل يتركون أهلهم من المصريين دون دعم معلوماتى ضد فئران الإرهاب؟ لا أعتقد.
نعول عليكم كثيرا فى منع حدوث نجاحات للأعداء على مصر، فأنتم الرادارات الكاشفة، والعيون الساهرة، والوطنية المخلصة، هذا ما عهدناه عليكم كمصريين على خط المواجهة.
إن الحرب على الارهاب لاتزال مستمرة، بل ومتوقع حدوث عمليات أخرى، خصوصاً بعض النجاحات المطردة للمقاتل المصرى، وعناصر المعلومات بأجهزة الأمن، وما تم كشفه من خلايا إرهابية، والقبض على بعض العناصر التكفيرية.
ولن نبتعد عن سياق الحديث، فلقد خاضت مصر - ولا تزال - خضم معركة فى كل الاتجاهات لبقاء الدولة. لذا، وجب على الشعب المصرى الالتفاف خلف قيادته السياسية، والتعامل مع الموقف بأفكار من خارج الصندوق لاستعادة البناء والتقدم للوصول بمصر إلى ما يرجوه كشعب محب للسلام، ومتطلع للرفاهية .