استدعت قطر أطرافا غير عربية كتركيا وإيران لمواجهة أزمتها الراهنة مع كل من السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين. في الوقت نفسه، اهتمت إسرائيل بهذه الأزمة، حيث عدّتها العديد من التقارير والتقديرات الأعنف بين دول الخليج العربي، منذ نشأة مجلس التعاون الخليجي.
تباينت وجهات النظر الإسرائيلية حول التداعيات الإقليمية لتصعيد الإجراءات العقابية ضد قطر التي انتهجتها الدول الأربع ضد قطر لتعديل سلوك نظام الدوحة، خاصة في قضية تمويل الإرهاب، وذلك على النحو الآتي:
أولا- تفكك التحالف السني، إذ رأت التقديرات الإسرائيلية أن الخلاف بين الدول العربية ذات الأغلبية السنية يعكس شرخاً عميقًا بين حلفاء الولايات المتحدة، مما يعوق الجهود الرامية إلى الحفاظ على استقرار المنطقة عبر محاربة "داعش" ، واحتواء السلوك الإقليمي الإيراني. أي أن الأزمة القطرية – بحسب وجهة نظر إسرائيلية - تشير إلى عدم وجود كتلة سنية موحدة في الإقليم في مقابل المعسكر الذي تقوده إيران.
ثانيا- تدهور أوضاع غزة، وتقارب إيران وحماس، إذ تخشى بعض التقديرات الإسرائيلية من التأثير السلبي لحصار قطر على قطاع غزة والقضية الفلسطينية، لاسيما في العلاقة الوطيدة بين حركة حماس وقطر.
فبرغم الطموح القطري للعب دور في غزة، وترتيب الأوضاع لا يتوافق مع السياسة الإسرائيلية، حيث تمول قطر حماس، وتدعم قياداتها، وتؤثر سلبا فى محاولة رأب صدع الخلاف مع حركة فتح. إلا أن تل أبيب ترحب في الوقت ذاته بتدفق المال القطري إلى غزة، سواء لدعم مشروعات إعادة إعمار القطاع، أو الإسهام في دفع بعض المساعدات النقدية، والرواتب لموظفي الحركة، حيث تنظر إسرائيل إلى هذه التمويلات القطرية على أنها قد تحول دون تدهور الأوضاع في غزة، مما يمنع وقوع موجات عنف في القطاع ضد إسرائيل.
من جانب آخر، ترى إسرائيل أن استمرار دعم نظام الدوحة لحماس يقلص احتمالات لجوء الحركة إلى إيران لتعويض غياب الدعم القطري. وفي هذا السياق، انصبت التوصيات الإسرائيلية على توجيه النصيحة لدوائر القرار الأمريكية بتخفيف الضغوط العربية والخليجية على قطر.
في الوقت نفسه، فإن حماس تسعى أخيرا لتحسين العلاقات مع مصر لأهمية دور القاهرة كوسيط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن أن مصر تعمل على تحييد مشاركة قطر وتركيا في غزة لتظل القضية الفلسطينية بعيدة عن سياسة الأحلاف والمعسكرات الإقليمية. وفي هذا السياق، تخشي إسرائيل من أن رفع يد قطر عن غزة، ومن ثم الحضور الفعال للدور المصري، يترتب عليه التقارب بين حماس والسلطة الفلسطينية، الأمر الذي يمكن أن يخفف الحصار عن القطاع على حساب إسرائيل.
ثالثا- التنافس بين معسكري الاستقرار والأيديولوجي، حيث نظرت بعض التحليلات الإسرائيلية إلى أن الأزمة القطرية ترجع في جزء منها إلى الصراع بين معسكر الاستقرار في المنطقة، والذي تمثله مصر والسعودية، في مواجهة المعسكر الداعم للتنظيمات الأيديولوجية، كالتحالف القطري – التركي، المتقارب أيديولوجيا مع جماعة الإخوان المسلمين، والمساند لأجندتها، والداعم لبعض التنظيمات الإرهابية في بعض الدول كسوريا وليبيا بالأساس، وأن تلك الدول لم تعد على استعداد للتسامح مع الدور القطري في دعم التنظيمات والقوى الإسلامية التي تزعزع الاستقرار، كما الحال في ليبيا. من جانب آخر، لم يعد هناك تسامح عالمي مع الدور القطري بعد سلسلة الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها دول أجنبية عدة كفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، وكذلك في ظل أن تقارير دولية تشير إلى تورط قطر في تمويل جماعات إرهابية.
في سياق التداعيات المحتملة للأزمة القطرية، تدفع الدوائر الإسرائيلية إلى تبني نهج يسعى إلى إقناع الولايات المتحدة بتخفيف الضغوط على قطر، لاسيما أنها تعد إحدى الأدوات الأساسية في بنية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط على الأقل عسكريا(القاعدة الجوية الأمريكية في العديد بقطر). ومن ثم، توصى تقديرات إسرائيلية بضرورة اتباع نهج يقوم على إقناع قطر بتخفيف العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، وإيران.