تشكل ظاهرة "الإرهاب السيبراني " إحدي أبرز الظواهر التي نتجت عن اتساع استخدام الفاعلين من غير الدول، سواء أكانوا من الأفراد أم الجماعات للفضاء السيبراني Cyberspace، والذي يشكل عالما افتراضيا نشأ عن التربيط بين الحواسب،
وأجهزة الاتصال، والخوادم وغيرها من مكونات البنية التحتية للإنترنت.
فعلي الرغم من القيم الإيجابية والتعاونية التي ارتبطت ببزوغ الفضاء السيبراني، فإنه سرعان ما ظهرت استخدامات "غير سلمية" كشفت وجها سلبيا لتلك التطورات المذهلة، لاسيما مع تصاعد استغلال الجماعات الإرهابية للتكنولوجيا الحديثة، ليس فقط علي المستوي الميداني، وإنما علي صعيد الإعلام والتواصل، وبث الأفكار، وتجنيد المتعاطفين. وأفرز ذلك جدالات نظرية عديدة بشأن ما سمي "الإرهاب الإلكتروني" أو السيبراني، وكيفية توظيف الجماعات الدينية المسلحة المصنفة كجماعات إرهابية لأدوات الفضاء السيبراني وتطوراتها، مثل حالتي تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية "داعش".
أولا- "الإرهاب السيبراني" .. جدل المفهوم ومقارباته:
صعد مفهوم الإرهاب السيبراني Cyberterrorism ليعبر عن العلاقة بين الجماعات الإرهابية، وأدوات الفضاء السيبراني، وهو المصطلح الذي صكه لأول مرة الباحث الأمريكي باري كولين في منتصف ثمانينيات القرن العشرين، بحسبانه يمثل حالة من الاندماج بين العالمين الواقعي والافتراضي، بحيث تسفر الأفعال علي الشبكات والوسائط التقنية، التي تكون في مجملها عالما افتراضيا، عن أثر ملموس وضار في واقعنا الحقيقي، يتجاوز حدود القرصنة الإلكترونية التقليدية إلي تحقيق أهداف إرهابية ضد المصالح العامة. (للمزيد طالع المجلة)