لم يعد الحديث عن صعود التيار اليميني المتطرف في ألمانيا يمثل نوعا من الترف الأكاديمي، بقدر ما أصبح واقعا مفروضا علي الحياة السياسية والاجتماعية الألمانية، ليس فقط علي مستوي صعود الأحزاب اليمينية علي المستوي الرسمي، بل أيضا علي مستوي تنامي النزعة اليمينية علي مستوي الشارع الألماني، وظهور حركات اجتماعية متطرفة في أفكارها وسلوكها.
وبرغم محاولات الحكومة الألمانية حظر تلك الأحزاب اليمينية، نظرا لتخوفها من عودة صورة الماضي الهتلري من جديد، والذي تحاول التخلص منه بجميع السبل، فإن جميع تلك المحاولات باء أغلبها بالفشل، نظرا لعدم دستوريتها.
وبالتزامن مع تنامي الرفض الشعبي للمهاجرين، وتزايد النبرة القومية، وفي ظل سياسة التقشف التي تتبعها الحكومة الألمانية منذ سنوات، أضحي الحديث عن إمكانية عودة النازية محل جدل وتخوف في الداخل الألماني، بل وقد حدا الأمر بالبعض إلي أن يعدّ وجود اليمين المتطرف داخل ألمانيا ليس تعبيرا عن التعددية الديمقراطية، بقدر ما أصبح تهديدا للدولة الألمانية نفسها.
أولا- فرص الأحزاب اليمينية في ألمانيا:
لم تمنع محاولات ألمانيا المستمرة للتخلص من إرث الصورة الذهنية السلبية، عنها بعد الحرب العالمية الثانية، وسعيها إلي الحفاظ علي النموذج الديمقراطي التعددي المتسامح مع الآخر من ظهور أحزاب متطرفة تنتهج أفكارا عنصرية تؤمن بسيادة الجنس الألماني، وترفض الآخر بعنف، ولا تقبل فكرة أوروبا الموحدة، ذات العملة المشتركة، وأفكار من هذا القبيل. ولعل نظرة سريعة علي ظهور مثل تلك الأحزاب قد تسهم في التعرف علي ما يمر به المجتمع الألماني في الوقت الحالي، في ظل التطورات المختلفة في السنوات الأخيرة، وما قد يحدث مستقبلا في حالة وصول تلك الأحزاب للسلطة. (للمزيد طالع المجلة)